توقف عن شعاراتك الرنانة وخطبك البراقة، لا يمكنها إحياء الموتى ولا حتى إشباع الجوعى.. حروفك المبعثرة فوق ورقتك البيضاء، لن تخلخل ركائز الخزي الصامدة وبيوت العار الواقفة…
لا تقل شيئا، أعلم أن صدرك يضيق بما حولك، ومن شدة حزنك تحتج، ومن حبك الفياض تصرخ، ومن بريق أمل في قلبك تكتب.. لكن مثل هذا، أشك أن ينفع.. لماذا لا تبحث لك عن منبع للحياة، وتخلع عنك رداء الموت الذي انغمست فيه ونسيت متعة الوجود؟
أتقصد أن أتوارى عن عيون أحبتني، وأختفي بين أحراش الذل، وأهجر تلك القلوب المتألمة وجميع تلك الأماني والأحلام...؟ ماذا عن تضحيات الأجداد؟ ألم تكن دماؤهم نهرا ما زال يروينا؟
ها أنت تعزف سمفونية تعلم جيدا أنها مشروخة، تقنع نفسك بوهم متبخر كدخان.. لقد ثاروا من أجل وطن كانوا يعرفونه.. أما أنت، قل لي ما هذا الذي تمزق طبلات أدانينا من أجله؟ أخبرني لما تكتب تلك الأشعار؟
أنظر إلى تجاعيد وجهك، ومنحوتات الزمن فوق جسمك، ومقدمة رأسك العارية.. كأنك لا تدرك أنك تعيش على هامش العمر...
هيا خد آهاتك معك وكل أحزانك وجروحك وجميع أحلامك وآمالك، ودعك من هذا الوطن.. لعله يصنع تاريخه وحيدا. لقد وجدت لك مكانا لا شرقيا ولا غربيا، بين الشمال والجنوب، بين السماء والأرض.. لعلك هناك تجد شذرات وطنك المنشود.