ألفت وجوههم حتى بدت لي بالرغم من بشاعتها مألوفة، تعودت على رماح نظراتهم تخترق جلدي و كلماتهم تخدش آذاني و أنا أحتمي خلف أسوار نظارتي السوداء و أنظر إليهم فيقشعر بدني عند رؤية وجوه مختومة بطابع الشقاء.
كان موعدهم الصباحي مع ذلك المكان "الموقف " كما الصقور على قمم الجبال، عيونهم جاحظة لا حياة فيها كرسوم للشقاء معلقة على جدار الحياة، نظراتهم متربصة بفريسة مرتقبة، حتى إذا لاحت انقضوا عليها كما الذئاب الجائعة دون رحمة أو شفقة فتفر بجلدها تحملها رياح الخوف بعيدا لتترك خلفها معارك حامية من الكلمات الساقطة و أحيانا اشتباكات بالأيدي و لكمات.
تراهم تارة مجتمعين و أخرى متفرقين، شباب فقدت ملامحهم بهجة الحياة و شيوخ انهكتهم نوائب الدهر و رسمت أخاديدها العميقة على وجوههم...إنها معركتهم اليومية من أجل البقاء..بقاء للأقوى بل للأسرع..
إنها "الحلقة" بدون راو يمتعنا بحكايات من نسيج خياله، بل "حلقة" بشخوص من الواقع و وجوه بأرواح شاردة، حكاياتهم حكايات ألم معتق مشحون بالحزن و الألم.. حكايات معارك بدون سلاح ... رحلة يومية مع الشقاء.. من أجل البقاء..