انتهيت من كتابة قصتي. ضمنتها عصارة ما أملك من الجمل والتعابير الفاتنة .عشت مع أبطالها مآسيهم. تحولت إلى بطلة في النص .قرأت القصة مرارا وتكرارا وقلت: ما ينقصها؟ فضاء وشخصيات وحبكة .إنها عبقرية فذة .والأهم هو أنني قدمت الواقع وتناقضاته بشكل خيالي .فرحت وباركت المولود الأول. قبلتها مرارا وتكرارا.قلت سيصبح لدي اسم بينهم.أعرف أنني امرأة وحظي ضيق. علمتني أمي أن أحترم الرجال وأخبرتني أنهم أفضل منا بكثير .انصعت إلى أوامرها ردحا من الزمن، لكن تبين لي أن أمي على غير حق .أتذكر يوم طلب مني ابن عمي وبعض أفراد عائلتي من الرجال أن أصلي وراءهم . قبلت الفكرة .وسألتهم عن كيفية الصلاة مع الجماعة. أمروني أن أتبع خطواتهم .أعجبتني الفكرة من جديد. ستصبح الصلاة أكثر سهولة . وقفت وراءهم ووجدتهم يرتلون بأعلى صوت وأنا صامتة أترقب وقت سجودهم وركوعهم وقيامهم . لم أتمكن من متابعة الصلاة .بدا لي الأمر غريبا . سلمت وقمت .أخبروني أنني قد أبطلت صلاتهم ، وضيعت الأجر على نفسي .حمدت الله أنهم لم يصدروا فتوى تكفيري.لم أتعمد قطع الصلاة ، لكن عقلي الباطن ربما تصرف دون استشارتي . أو ربما لم استسغ أن أقف حاضرة غائبة وراءهم. المهم أنني سلمت ، وقمت من الصلاة .لم يكن عصيانا لأوامر الله. لكن كان انسجاما مع عقلي المتيقظ .كنت أعرف أن بمجرد ما يصلى العشاء، تتفرق الوفود النسائية والرجالية .النساء يتممن ما قد بدأنه من أشغال منزلية، والرجال يتوزعون على الحانات والمقاهي . بعضهم يشبع رغباته الجنسية ويعود محملا بغضب طارئ استعدادا لردع أي احتجاج نسائي، والآخرون يضعون أمامهم كؤوس القهوة يتلذذون بسماع مغامراتهم أو شهواتهم المكبوتة .
أعتذر أنني سرحت بكم في متاهة كلام عابر .أعود إلى قصتي... .قرأتها ، كانت تحكي معاناة رجل يعود إلى بلده بعد غيبة طويلة . محملا بشوق إلى الأهل والأحباب وحاملا لطموح جياش ينتظر الفرصة ليتحقق عطاء كريما .وبمجرد ما يصل إلى بيته ، يجد استدعاء من البوليس .نعيش معه انفعالاته وحيرته:كيف يصل الاستدعاء قبل أن يصل هو . روحه العملية التي حملها معه من هناك، تحثه على الإسراع والتوجه على التو إلى مركز الشرطة درءا لكل خطر محدق. يعرف أنه لا بالسياسي ولا بتاجر المخدرات .إنسان عاد ذهب في مهمة علمية وعاد بعد نجاح . عاد ليرى ابتسامة الأحباب واعتزازهم به .
يستقبله الضابط في المركز عابسا ويسأله عمن رافقه أثناء سفره . يستغرب الرجل... فيجيب مازحا :كانت الحافلة غاصة بالرجال والأطفال والنساء . ينهره الضابط ويطلب منه أن يجيب بكل جدية .لا يفهم العائد السؤال. عما يبحث الضابط. ؟ يختلي الضابط برئيسه ويسأله عن حقيقة الزائر .فيخبره أن الروتين يستدعي أن يسجن أحد ما ويتهم بالعنف والتخريب .وهذا القادم من الغرب فريسة جميلة.لا بد وأنه سيتحدث عن الديموقراطية والحرية والعدالة .لا بد وأن يحكي لأهله عن النظام والقوانين هناك.ألا تراه بذلك ينتقد بلادنا ونظامها .ألا تراه سيوقد شرارة غضب حتى ولو كان آنيا لا بد وأن يترك آثاره على نفسية المستمع . كل شيء محتمل. علينا إذا ردعه قبل أن يتحول إلى ثائر .
- ولكن ،عقب الضابط الصغير، وما تهمته أمام العدالة؟
- أجابه الرئيس : ستتحقق انتظر قليلا وسترى .
حدث ما توقعه الرئيس .بعد طول انتظار، انتفض الزائر متسائلا بانفعال زائد عن سر وجوده. لم يستسغ انتظاره العبثي. سبه الرئيس . بدأ التراشق بالكلام ، فإذا بالضابط يصبح شاهدا والرئيس معتدى عليه والزائر معتد ثم سجينا. ولكنه لن يصبح سجينا سياسيا لأن ذلك شرف لا يحصل عليه المرء بسهولة. سجل في المحضر: اعتداء وسب في حق مسؤول كبير في جهاز الدولة. وتنتهي الحكاية باختفاء الرجل، ولن يعرف أحد أين ذهب .
توجهت بقصتي إلى إحدى المسابقات وأنا فرحة . لما لا؟ لقد كتبت موضوعا ملتزما بكل حرارة وصدق. لم يحالفني الحظ. قلت فلأقدمها إلى ناقد يقرأها. كنت أعرف جدا عدم تمكني من ذلك أنا لست نجيب محفوظ أو منيف ليقبل أحدهم ممن يجالسون العباقرة في الشعر والسرد أن يقرأ قصتي . التقيت بأحد الأصدقاء وحدثته بشأنها، فأخبرني أنه الليلة على موعد مع مجموعة من "المثقفين" وأن بإمكاني الالتحاق بهم وعرضها على أحدهم. خفت على قصتي من الاغتصاب. كنت أعرف أن العلم لا يتداول بالليل.
فكرت أن انتحل اسما، لن يكون اسم شهرة... ولكن اسم أحد المشاهير .حرت أيهما أختار اسم امراة أم اسم رجل .أنبني ضميري. قلت هذا انتحال وسرقة قد يعاقب عليها القانون .تراءت أمامي قضيا الاختلاس العديدة التي طالت جميع القطاعات في بلادي .حتى وزير التعليم الذي لم يجد ما يسرقه سرق سنوات خدمة أقدمية الأساتذة. ماذا حدث لهم .فلما سأعاقب؟ . عدلت مع ذلك عن الفكرة .علمني أبي أن أقدس القيم .عاهدته على ذلك ولم أشأ تشويه اسم عائلتي .لا شيء يميز هذا الاسم لا المال والجاه ولكن سنوات من السجن من أجل الوطن .كنت أعتقد فيما مضى أن اسمي متميز. أخبرني أحد الضالعين باللغة الإسبانية أن لاسمي أصلا إسبانيا وبالتالي فأنا من العرب المهاجرين .فرحت لا لانتمائي العربي وإنما لأن اسمي عاش في مرحلة ازدهار .تغاضيت عن الهزيمة وقلت المهم أن اسمي كان له شرف معرفة ابن رشد .صادفني أحدهم ذات يوم وأخبرني أن لاسمي أصولا أمازيغية فبالتالي أنا مغربية قحة. أخبرته بتأويل زميلي السابق لاسمي فقال : هو لا يعرف الأمازيغية ،وأنا على يقين أن الأمازيغ الذين رافقوا الفاتحين هم الذين أشاعوا المصطلح في إسبانيا .خفت على نفسي: هؤلاء سيقولون عني عربية وأولئك سيقولون أمازيغية غير حقيقية .اكتفيت بشرف انتماء الاسم إلى أرض الوطن .
أعود إليكم وأقول : قررت أخيرا أن حفر حفرة وئدت فيها قصتي. ومن يومها وأنا أبكيها دون أن يعرف أحد ما بي .لأنني خفت أن أعترف بدفنها وأساق إلى السجن بتهمة القتل العمد.
يستقبله الضابط في المركز عابسا ويسأله عمن رافقه أثناء سفره . يستغرب الرجل... فيجيب مازحا :كانت الحافلة غاصة بالرجال والأطفال والنساء . ينهره الضابط ويطلب منه أن يجيب بكل جدية .لا يفهم العائد السؤال. عما يبحث الضابط. ؟ يختلي الضابط برئيسه ويسأله عن حقيقة الزائر .فيخبره أن الروتين يستدعي أن يسجن أحد ما ويتهم بالعنف والتخريب .وهذا القادم من الغرب فريسة جميلة.لا بد وأنه سيتحدث عن الديموقراطية والحرية والعدالة .لا بد وأن يحكي لأهله عن النظام والقوانين هناك.ألا تراه بذلك ينتقد بلادنا ونظامها .ألا تراه سيوقد شرارة غضب حتى ولو كان آنيا لا بد وأن يترك آثاره على نفسية المستمع . كل شيء محتمل. علينا إذا ردعه قبل أن يتحول إلى ثائر .
- ولكن ،عقب الضابط الصغير، وما تهمته أمام العدالة؟
- أجابه الرئيس : ستتحقق انتظر قليلا وسترى .
حدث ما توقعه الرئيس .بعد طول انتظار، انتفض الزائر متسائلا بانفعال زائد عن سر وجوده. لم يستسغ انتظاره العبثي. سبه الرئيس . بدأ التراشق بالكلام ، فإذا بالضابط يصبح شاهدا والرئيس معتدى عليه والزائر معتد ثم سجينا. ولكنه لن يصبح سجينا سياسيا لأن ذلك شرف لا يحصل عليه المرء بسهولة. سجل في المحضر: اعتداء وسب في حق مسؤول كبير في جهاز الدولة. وتنتهي الحكاية باختفاء الرجل، ولن يعرف أحد أين ذهب .
توجهت بقصتي إلى إحدى المسابقات وأنا فرحة . لما لا؟ لقد كتبت موضوعا ملتزما بكل حرارة وصدق. لم يحالفني الحظ. قلت فلأقدمها إلى ناقد يقرأها. كنت أعرف جدا عدم تمكني من ذلك أنا لست نجيب محفوظ أو منيف ليقبل أحدهم ممن يجالسون العباقرة في الشعر والسرد أن يقرأ قصتي . التقيت بأحد الأصدقاء وحدثته بشأنها، فأخبرني أنه الليلة على موعد مع مجموعة من "المثقفين" وأن بإمكاني الالتحاق بهم وعرضها على أحدهم. خفت على قصتي من الاغتصاب. كنت أعرف أن العلم لا يتداول بالليل.
فكرت أن انتحل اسما، لن يكون اسم شهرة... ولكن اسم أحد المشاهير .حرت أيهما أختار اسم امراة أم اسم رجل .أنبني ضميري. قلت هذا انتحال وسرقة قد يعاقب عليها القانون .تراءت أمامي قضيا الاختلاس العديدة التي طالت جميع القطاعات في بلادي .حتى وزير التعليم الذي لم يجد ما يسرقه سرق سنوات خدمة أقدمية الأساتذة. ماذا حدث لهم .فلما سأعاقب؟ . عدلت مع ذلك عن الفكرة .علمني أبي أن أقدس القيم .عاهدته على ذلك ولم أشأ تشويه اسم عائلتي .لا شيء يميز هذا الاسم لا المال والجاه ولكن سنوات من السجن من أجل الوطن .كنت أعتقد فيما مضى أن اسمي متميز. أخبرني أحد الضالعين باللغة الإسبانية أن لاسمي أصلا إسبانيا وبالتالي فأنا من العرب المهاجرين .فرحت لا لانتمائي العربي وإنما لأن اسمي عاش في مرحلة ازدهار .تغاضيت عن الهزيمة وقلت المهم أن اسمي كان له شرف معرفة ابن رشد .صادفني أحدهم ذات يوم وأخبرني أن لاسمي أصولا أمازيغية فبالتالي أنا مغربية قحة. أخبرته بتأويل زميلي السابق لاسمي فقال : هو لا يعرف الأمازيغية ،وأنا على يقين أن الأمازيغ الذين رافقوا الفاتحين هم الذين أشاعوا المصطلح في إسبانيا .خفت على نفسي: هؤلاء سيقولون عني عربية وأولئك سيقولون أمازيغية غير حقيقية .اكتفيت بشرف انتماء الاسم إلى أرض الوطن .
أعود إليكم وأقول : قررت أخيرا أن حفر حفرة وئدت فيها قصتي. ومن يومها وأنا أبكيها دون أن يعرف أحد ما بي .لأنني خفت أن أعترف بدفنها وأساق إلى السجن بتهمة القتل العمد.
انتهت