anfasse09127يعد الحديث عن مفهوم الذات في عرف "بول ريكور" المنطلق الأساسي لإعادة هذا المفهوم  إلى سكته المرنة والفاعلة ضدا على كل النزعات التقويضية والتفكيكية، التي هيمنت على الفلسفة الفرنسية بدءا من "ديكارت" Descarte (1696-1750) ، حيث أن هذه الأخيرة انطلقت من مقاربة تعتمد طريق مباشر للأنا التي تدعي أنها قادرة على النفوذ إلى أعماق الطبيعة الإنسانية، كما أنها تدعي القدرة على  تأسيس يقين العلم الحديث على حد ما صرحت به تأملات ديكارت الميتافيزيقية. هذا بالإضافة إلى تعظيمها من قبل  فينومينولوجيا "هوسرل Huserl "(1859-1938 غير أن هذا التعظيم لم يعمر طويلا ،حيث طالته الانتقادات من عدة فلاسفة "كـألتوسير" Althusser (1918-1990) "دريدا" Derrida(1930-2004)  "فوكو Foucault" (1926-1984)، الذين أعلنوا موت الذات، وإن كان قصب السبق في ذلك إلى "نيتشه"Nietzsche  ( 1844-1900) في محاولة منه لتحطيم الكوجيتو الديكارتي وانتصاره لإرادة الحياة وغرائزها.

               الذات إذن؛ هي بين المطرقة والسنداد  بين التعظيم والتحطيم، ولعل هذا ما جعل ريكور يتخذ موقفا مخالفا لما تم تداوله، فهو لا مع موت الذات ولا مع بقائها كما كانت مع ديكار ت والتابعين له، نظرا لبروز علوم جديدة كالعلوم الإنسانية، التي أغنت مفهوم الذات هذا من جهة ، ومن جهة أخرى  اختلفت طريقة معالجته للذات، عما كانت عليه فيما سبق، وأقصد الطريق المباشر في مقاربته للمفاهيم .

anfasse09123أعرف أن عش الدبابير سيثور، وأننا سنُتّهم من جانب حرّاس الكهنوت الماركسي -الذين لا يقلّون بأسًا عن حرّاس الكهنوت الديني- بقصور الفهم للنظرية التي لا يأتيها الباطل؛ فأنّى للماركسيين أن يقبلوا بالاستبدال بماركس أبا الحسن الأشعري الذي يعدّونه أحد ممثلي تراث أكل عليه الدهر وشرب، وقد استحال في نظر كثيرين منهم إلى علّة من علل الفوَات التاريخي!
ولكنّ ما نراه من فشل للماركسية العربية في تثبيت أقدامها، على الرغم من كل ادّعاءات القبض على قوانين المادة والتاريخ، وما نشهده من ارتداد إلى الوجه المظلم من التراث في مجتمعاتنا، بلْهَ الوجه المعتدل، يتيح لنا أن نقدّم رؤية، نظنها الأمسّ رحمًا بالواقع، الذي لا ندعي -كما يدعي المؤدلجون إمكانية امتلاكه.

كان الصراع بين الفلسفتين: الواقعية والاسمية، في الغرب سببًا في تكريس الفردية التي تعدّ جذر الليبرالية، وعلى الرغم من أن الصراع قد انتهى بانتصار الفلسفة الاسمية التي تنكر وجود الكليات، وتعدّها لا وجود واقعيًا لها؛ ما يجعل علم الفرد، وعمله نسبيين، لا يسعيان إلى التطابق مع موجود مطلق خارجي، فإن الواقعية بعدّها نفس الانسان لا مادية، وقادرة على إدراك الكليات الموجودة وجودًا واقعيًا، قد استعانت؛ من أجل إدراك الكليات، بالمجاز، وبفتح آفاق الخيال الشعري، والشطح الصوفي اللذين لا يمكن أن يكونا إلا تجربتين فرديتين، يمارسهما الشاعر والصوفي.

Anfasse02137ملخص
تعتبر الفلسفة  تراثا  انسانيا؛ فهي حوار  وجدال  ومواجهة  أكثر  من كونها  موضوعا  أو تيار ا معرفيا  محددا،  ولما كانت الفلسفة تمثل اتجاها  معينا ينشد الوصول إلى  المعرفة ، فهي  من الكثرة والاتساع  يجعلها  مفهوم كلي  للطبيعة والإنسان والتاريخ في زمان ومكان معين ، لأنها – أي الفلسفة – تعبير  عن مصالح اجتماعية وقوى معينة، وبالتالي فهي ليست اضافة يسعى  اليها الإنسان  أو يرفض السعي  اليها وفق ارادته ، بقدر ما هي  وظيفة حتمية  في عملية  وعي الإنسان بعالمه. وبمعنى آخر هي نشاط فكري  ينشأ استجابة  لحاجة اجتماعية  تتأثر وتتلون بظروف المجتمع  وأحداثه.  هكذا فلن يكون مدار نقاشنا في  هذا المقال؛  الوقوف على المسار الطويل  الذي قطعته الفلسفة  واختلاف  مدلولاتها من بيئة إلى اخرى  أو تلونها  بألوان عصرها، بقدر ما  سنتوقف عند مسالة حساسة في تراثنا الفكري تهم الصلة بين الدين' -الاسلام- والفلسفة، وطبيعة الصلة التي جمعت بين المكونين (الفقهاء – الفلاسفة )  على  ارض  الاسلام ( الدين)  وإمكانية  نمو التفكير الفلسفي  في  تربة الدين . 
في البدء  كانت الترجمة

تجدر الإشارة إلى انه في صدر الاسلام كان الرسول  يجلس إلى اصحابه يتلو عليهم ايات القران ويحدثهم في شؤون الدين والدنيا، ويجيب عن اسئلتهم  ويفتح امامهم ابواب التأمل والتفكير في الآيات   والأحاديث مفسرا لهم  ما خفي عنهم من امور العقيدة والتشريع  والفقه والمعاملات، فكان القران والأحاديث وقتئذ عماد الدراسات الإسلامية الأولى؛ مما ادى إلى الاهتمام بتدوين القران ونسخه في  عدة نسخ  وجهت إلى الولايات الإسلامية  في  عهد عثمان  بن عفان.  غير  أنه لما  خرج  المسلمون من الجزيرة العربية لنشر  الاسلام في الولايات والأمصار وبلاد فارس وبلاد الشام ومصر وجدوا ثقافات غريبة عن ثقافتهم الام؛ منها المذاهب الدينية الوثنية والمسيحية واليهودية  المختلطة بالفلسفة اليونانية  التي انتشرت في الشرق على يد فلاسفة اليونان حينما فروا من اضطهاد الرومان، حيث نشأت مدارس فلسفية في الإسكندرية وأنطاكية وحران وجنديسابور.

Anfasse02132نفتتح موضوع الهوية بسؤال: من هو مدرس الفلسفة؟ تعلمون جيداً من هو مدرس الفلسفة ولكنني أريد من وراء هذا السؤال التنبيه إلى تعدد جسم تدريس الفلسفة بحيث تشمل هيئة تدريس الفلسفة مختلف من يدرسون الفلسفة في: التعليم الجامعة، التعليم الثانوي التأهيلي، مراكز التكوين، المدارس العليا، مؤسسات التعليم الخصوصي...
في الحقيقة يشكل هذا التعدد غنى لتدريس مادة الفلسفة، وعلى الرغم من اختلاف درجات المدرسين في سلم الأجور والتعويضات، وطبيعة المناهج والبرامج التي يدرسونها وتنوع الفئات التي يعلمونها، فإنهم يشتركون جميعا في مهمة التدريس والتأطير والتي تتمحور أساساً على عملية إعادة إنتاج الأفكار والمعارف الفلسفيّة والحفاظ على التقاليد العريقة للدرس الفلسفي.

1 - عملية إعادة الانتاج:
تتم في نظرنا عملية إعادة الإنتاج تلك في أشكال مختلفة:
·        التكرار: من جهة أن الترداد الممل للأطروحات الفلسفيّة ومناهج الفلاسفة ومذاهبهم ومدارسهم وسيرهم وأهم أعمالهم ومساهماتهم ومقولاتهم الأبرز، شرحاً وتحليلاً وتأويلاً في الدروس المدرسيّة والجامعيّة أو في الكتب والمقالات والندوات، لا يخدم إلا وظيفة واحدة هي الحفاظ على الارث الفلسفي في عراقته وأصالته.

Anfasse02129يرتبط مفهوم النص، بمجموعة من الحقول المعرفية والعلمية؛ فهو مفهوم عابر للحدود بين التخصصات الأدبية، والفلسفات والعلوم الإنسانية والفنون وغيرها. ولا ينفصل النص، نظريا وعمليا، عن فعلي الكتابة والقراءة وسياقهما. من هذا المنطلق المركب، سنعمل على الكشف عن معنى النص وتعالقه مع فعلي القراءة والكتابة من منظور فلسفي تأويلي، بغرض التأسيس لعدة ديداكتية ممكنة للمفهوم.
ما الكتابة؟ وما القراءة؟ وما وظائفهما؟ وكيف تتحدد طبيعة العلاقة بينهما؟ وهل تعتبر القراءة المنبع الوحيد للكتابة؟ إن الكتابة بناء من العبارات، والنصوص تعكس هواجس المرء ومعاناته ومأساته وخوفه من الموت والمصير، وتترجم عالم الرغبة، وحالات الوجود والمسارات والدروب، وتنهل من المأمول وتخوم المتخيل والمجهول، وتكرس، في المدى البعيد، "الخلود". فهي تعبير عن تجارب الواقع وتفاصيله ومعاناة الإنسان فيه، وما يسمعه، ويلاحظه...، وما ينسجه الذهن من خيال وأحلام. في الكتابة الرتابة والملل، وفيها الصناعة والإبداع. وبذلك فهي تحمل الإنسان على تأمل آلامه وآماله، وتضع مسافة عقلية بينه وبينها.

Anfasse02126يبدو أن كل تأمل في الوجود الإنساني يكشف عن توتر و مفارقة تتلخص في الأزواج المفهومية التالية: الحرية/الضرورة أو التناهي/اللاتناهي أو الذاتي/الموضوعي ...يتجسد ذلك في هذا الشعور الذي يتملكنا بين الفينة و الأخرى، و يجعلنا نعتقد أننا نملك مصيرنا و نبني ذواتنا وتاريخنا و مجتمعنا بإرادتنا...فجأة - و على حين غرة - ننصت لصوت آت من بعيد، و كأنه يخاطبنا بنبرة حادة داعيا إيانا إلى التخلص من وهم الحرية، و الإلتفات صوب كل ما يحطم هذا "السراب" الذي خلقه الخطاب الفلسفي و الميتافيزيقي لغايات أخلاقية ربما ( إقرار المسؤولية الأخلاقية و القانونية ...)، أو استجابة لنرجسية ( متوهمة ) تسمو بنا فوق الموجودات الأخرى، و تثبت أفضليتنا مقارنة بها.
ها نحن قد سقطنا في شرك الحيرة و القلق الذي تعمقه هذه الأبيات الشعرية لإيليا أبي ماضي، و التي تبرز ببساطة شفافة المفارقة التي أتينا على ذكرها : " هل أنا حر طليق أم أسير في قيود هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود" قد تتخذ الحرية الإنسانية صيغة إقرار ديكارتي إيجابي تسنده قناعة فلسفية راسخة قائمة على النظر إلى الإنسان كذات مفكرة واعية،وقد تتبدى على شكل مسلمة كانطية ضرورية لتأسيس الأخلاق، و يمكن اعتبارها كمبدأ معتزلي غايته نفي الظلم عن الذات الإلهية التي منحتنا حرية الإختيار، و التي تستوجب بالتالي تحمل المسؤولية. و ربما تتجسد هذه الحرية على شكل مطلب حقوقي حداثي بدونه لا يستقيم بناء الدولة المدنية الحديثة، أو على هيئة إجماع عالمي يتصدر المبادئ الأولى للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( الذي يعتبر ثمرة تلاقح أنساق فكرية حداثية ليبرالية و اشتراكية...). و يذهب البعض أبعد من ذلك مبرزا أن تطور العلوم المعاصرة يجعل الوعي بالحتميات الطبيعية سبيلا للتغلب عليها أو على الأقل فتح الطريق لمناورتها أو استثمارها ( و تلك حالة الهندسة الوراثية التي مكنت الإنسان من التدخل لتغيير "القدر الوراثي" (على سبيل المثال).

anfasse20119يمكن القول مجازا ان الفكر السائد في مجتمع معين هو فلسفة ذلك المجتمع. لأن الفلسفة اساسا هي فكر ومنهج للتعامل مع مختلف القضايا الانسانية. هنا لا بد من القول ان مهمة الفلسفة ليس الحفاظ على واقع يعاني من مشاكل التقدم والتطور والرقي في حياة الانسان.. بل تنوير الفكر السائد وانفتاحه على الحضارات والتفاعل معها. لذلك قال الأديب والفيلسوف الألماني يوهان غوته من القرن الثامن عشر بأن "الذي لا يعرف أن يتعلم دروس الثلاثة آلاف سنة الأخيرة يبقى في العتمة" ولا بد من التأكيد ان الأداة لنتعلم دروس الثلاثة آلاف سنة الأخيرة وما يليها هي الفلسفة!!
يمكن اعتبار الفيلسوف الإغريقي سقراط، بأنه أول من أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض ، وذلك بسبب تحويله الفلسفة من التفكير المجرّد بالكون وكل ما يتعلق به من ظواهر وتخيلات وخرافات، إلى عمليّة البحث في الذات الإنسانيّة، وإعطاء الأجوبة الواقعية للظواهر المختلفة، وهذا الأمر أدى إلى تغيير الكثير من المعالم الفلسفيّة، عن طريق تحويل النقاش إلى ماهية وطبيعة الإنسان وتكوينه والطبيعة وظواهرها بالاعتماد عل التفكير المنطقي وليس العجائبي. 
 اما أفلاطون، وهو أستاذ سقراط، فقد دعا من جهته إلى اعتماد العقل والمنطق، بصفتهما أهم أسس التفكير العقلاني الواعي والسليم للنهج وفق عددٍ من القواعد والقوانين.

anfasse14115مقدمة
    تراوح النظر إلى الأنا والآخر في الفكر الفلسفي الحديث بين التأكيد على منطق الهوية ومفهوم الغيرية. فالأنا هي حصيلة تركيب فاعل، والآخر هو مفهوم أساسي أيضا في تشكيل الهوية، والتقريب بين الآنا والآخر يتحول إلى رغبة في الإعتراف. تنم هذه المراوحة على صعوبة التفكير في الآخر بمعزل عن الأنا كحضور قبلي قائم وممتلئ، في الوقت الذي يظهر الآخر رغبته القوية في التحول إلى أنا مستقل وحر. هكذا يطرح مفهوم الغيرية مشكلة العلاقة بين الأنا والآخر وإمكانية صياغة نمط وجود قابل لأن يعاش.
فهل تكفي الطيبوبة والمسؤولية ورغبة الإعتراف في تحديد حقوق وواجبات الأنا وتأسيس امتياز الآخر؟
أم هناك إمكانية لتجاوز منطق الهوية وارتكاسات التحنيط الأخلاقي نحو إبداع حقول للتلاقي والصيرورة؟
1-عودة إلى مفهوم الإعتراف
     اكتشف فرانسيس فوكوياما متأخرا مفهوم الإعتراف عند هيغل، باعتماده على تأويل ألكسندر كوجيف. واعتبر تحقيق ماهية الإنسان مقرونة برغبته في «رغبة» الناس الآخرين، فهو يريد الإعتراف به ككائن إنساني، أي كائن مزود بكفاءة معينة وكرامة. يرى فوكوياما مع هيغل في الصراع من أجل الإعتراف، النور الأول للحرية الإنسانية. يتوافق مفهوم الإعتراف هذا، مع نهاية مرحلة طويلة من الصراع مع الفكر الإشتراكي ومنظومته السياسية، انتهت بإعلان انتصار الفكر الليبرالي ومنظومته الرأسمالية وتمجيد إديولوجيته المبنية على الإعتراف ببعض الحقوق...، واعتبار الحقوق غاية في حد ذاتها كما أكد هيغل، لأن ما يرضي الكائنات الإنسانية كليا ليست الرفاهية المادية بقدر ما هو الإعتراف بمقامهم وبكرامتهم(1). المثير أن هذا الإغراء النظري شكل أرضية للتمادي في تمجيد الليبرالية والرأسمالية، واعتبار منظومتها القيمية والأخلاقية والحقوقية، خيرا في حد ذاته، وجب  الدفاع عنه.

Aanfasse03117يؤشر السياسي في علاقته بالفلسفي  على تاريخ مرير وملغوم . توجس الفلسفي من السياسي المتربص به مثل ظله جعل الفلسفي يترنح في شباك السياسي ويسقط في متاهته.
ابتلع الفلسفي طعم السياسي الى حد الانحلال والحلول فيه . بدل أن يحاكم الفلسفي السياسي أضحى السياسي القاضي والفلسفي الضحية المتهم . لم يقف الأمر عند مرافعةالفلسفي عن العار الذي لحقه من لعنة السياسي وفي محكمة السياسي بل سينصب الفلسفي من نفسه المشرع للسياسي والحامي لعرشه .
تلك كانت البداية كما دشنتها الذاكرة اليونانية مع المحاكمة السقراطية التي تفننت العبقرية الافلاطونية في رسم معالمها الملحمية الأشد إثارة لحكاية الفلسفي والسياسي .

 قد تكون تلك البداية بمثابة إعلان عن النهاية المأساوية للفلسفي والسياسي وإيذانا بشريعة العنف والقتل  في نفس الآن...!
لعل ما تلى ذلك من قرون لم يكن ذَا أهمية تذكر اللهم إلا مشاهد من فصول تلك المسرحية. تتعدد فيها الأدوار، يتبادل خلالها الفلسفي والسياسي المواقع . احيانا كي تتحركتلك المحكمة وتحرك دواليب اجهزتها وتحشد عتادها، من دعاوى ومتكآت حجاجية ، تستنفر همم الفلسفي لكي يطلق العنان لمخيلته قصد السبح في عالم الميتافيزيقياتوالمجردات ويصطاد ماندر من المعزوفات والمرويات والكائنات المفاهيمية ومن الشخصيات المفهومية  ...لتزيين ممالك السياسي وترصيع أركان تلك المحكمة حتىلايصيبها الاهتراء والتآكل .

Aanfasse03115  تصميم الموضوع:

1-    النقد عند أركون ومقاصده
2-    الآليات المنهجية المعتمدة في قراءة التراث
أ‌-     المنهج النقدي التاريخي
ب‌-المنهج الألسني السيميائي
ت‌-منهج علوم الإنسان والاجتماع
   3-استنتاجات

الملخص التنفيذي:
شكل النقد عند محمد أركون آلية جوهرية في بناء مشروعه الفكري. إنه نقد يسعى من خلاله إلى تأسيس شروط الخطاب الإسلامي التنويري، من خلال تفكيكه والبحث عن القوى الارتكاسية التي أدت إلى هيمنة خطاب فكري عدمي يحد من إبداعية الفكر ويقدم الصورة الوثوقية التي تجعل من ثقافة التحريم والتحليل المقصد الأساس من الدين، لذلك استدعى عدة مناهج حديثة غايتها الأساس إعادة تجديد التراث الإسلامي بما يستجيب لمتطلبات العصر. وقد شكلت كونية المعرفة ونسبيتها الموجهان الأساس في دراسة أركون للتراث، معتمدا في ذلك على النقد البناء ومناهج حديثة لتجاوز سوء الفهم في قراءة التراث.
إن قراءة أركون للتراث ليست مجرد إجابات لأسئلة عالقة، بقدر ما أنها مشاريع مقدمة للباحثين، للأخذ بالوسائل والمناهج المعاصرة التي يمكن أن تبسط على التراث الإسلامي لاستجلاء مآزقه وفي نفس الآن الوقوف على مكاسبه الإيجابية قصد استعادته للرقي بالعالم الإسلامي.

Aanfasse03111   لا تخرج كتابات "طه عبد الرحمن "عن  نطاق بناء مشروع فكري ثقافي إسلامي مرتبط بالمجال التداولي؛ لأنه كلما كان  متصلا بمجاله التداولي؛ يمكن أن ينتج معرفة؛ومن ثم يتحرر من التقليد، وقد اكتسب هذا المفكر من هذا المجال خبرة معرفية ولغوية وروحية خاضها مند عقود،فمشروعه الفكري واسع ومتسق؛وأبحاثه تدور كلها حول مجالات معرفية عديدة أبرزها التداوليات،والترجمات،والأخلاقيات،مما جعلنا نفترض مند البداية أن  هناك بعدا روحيا يعالج من خلاله اشكاليته في ما بين الدين والسياسة.  

    لا أحد يجادل بأن هناك صعوبة للإحاطة بمجمل القضايا التي قدمها "طه عبد الرحمن "في كتابه "روح الدين"، ولاسيما مقاربته الروحية التي يحاول من خلالها إعادة النظر في الاعتقادات الراسخة والمسلمات المقررة ؛إذ يقول "أن مقاربته هذه؛ ليست بتاريخية،ولا سياسية ولا  اجتماعية ولا قانونية،ولا فقهية ،ولا فكرانية ،وإنما روحية، أو قل مقاربة ذكرية غير أفقية .." من خلال هذا القول يظهر أن مشروع "طه عبد الرحمن" الجديد يسعى من خلاله إلى إعادة النظر في الاعتقادات التي يضمرها الطرف الآخر؛ والتي من خلالها يجدد تعريف الدين ووظيفته الاجتماعية والسياسية والثقافية في مجال تدبير الصلة بين فعل التعبد وفعل التدبير .