أن للجمال إتصالية والهة بمعشوقته الأثيرة (الروح الفنية) .. إذ أن النتاج الإبداعي يكون ميدانه ( الصورة الفنية ) .. التي تفصح عن المنطق والحدس الجماليين .. للكشف عن الرؤي من خلال إضاءة ( المتخيل ) ومقاربته .. غير ان البعد المادي للصورة ينبغي توافره لتتجه بحركة جوهرية نحو الجمال - ( أن المادة تمتلك في جوهرها حركة مستمرة بواسطتها ترقي الي الكمال ) - لكن التوجس من مضاعفات النظريات العلمية والأفكار الفلسفية في الفن ، وجعلها مسوغاً شـــــكلياً عن خوض الجدل فيــــها ، لا يــــــؤدي إلا الي تشرذم مكونات التجربة الجماليـــــة .. والاكتفاء بالجانب العلمـــــي المجرد عن محتوي الفـــــن وشاعريته . ذهب أصحاب النظرة المادية القديمة الي أن الجمال ليس صفة من صفات الطبيعة .. ويرون إليه بمنأي عن اكتشاف حقائق الطبيعة .. إذ أنه في نظرهم لايمكن أن يلج ميدان الجدل العلمي .. ومع أن الجمال خاصية الفنون البديعة إلا أن الماديين نفوا أن تكون قواسم مشتركة بين الفنون والعلوم .. ويشيرون الي واقعية العلوم مع أنها قريرة المشاعر .. فيما يسِمون الفنون بدفء المشاعر .. لكنهم يفرغونها من أي مضمون .. وحيث أن هؤلاء يقصرون الخواص الكمية علي المادة .. ويجردونها من أية سمات أخري فأنهم يرققون الجمال الي درجة أن جعلوه صناعة ذاتية - تختلقها ذات الأنسان -لاصفة من صفات الطبيعة ، يقول رينيه ديكارت (1596-1650) : ( لايدل الجميل ولا البهيج علي أكثر من موقفنا في الحكم علي الشيء المتكلم عنه ) .. ويشاطره باروخ سبينوزا (1632-1677) الرأي ذاته: (الجمال ليس صفة في الشيء المدروس بقدر ماهو الأثر الذي ينشأ في الإنسان نفسه الذي يدرس ذاك الشيء) .. ونحا المنحي نفسه تشارلز داروين (1809-1882) معبراً عن وجهة نظر هؤلاء الماديين وموقفهم من الجمال : ( من الجلي أن الإحساس بالجمال يتوقف علي طبيعة العقل بصرف النظر عن صفة حقيقية في الشيء محل الأعجاب ) .. أما سيغموند فرويد (1856-1939) .. فأنه وجد نفسه منصاعاً الي عد الجمال أسير الغريزة الجنسية : ( من دواعي الأسف أن التحليل ليس عنده مايقوله عن الجمال وكل ما يبدو مؤكداً أنه مستمد من مجال الشعور الجنسي ) .. وبذلك فأن أصحاب النظرة القديمة يعتقدون بأن عناصر الجمال هي ليست من قوانين الطبيعة .. بل هي من قوانين العقل البشري .
الجمال بين العلم والفن - ضمد كاظم وسمي
أدوات
شكل العرض
- أصغر صغير متوسط كبير أكبر
- نسخ كوفي مدى عارف مرزا
- شكل القراءة