الأفق وهج حرائق والحشود بظلالها تتهادى
والأرض تضيق والدروب استحالت وهادا
ها هم المغول يدكون الأرض وينثرونها رمادا.
إنهم يعيثون الفساد، ويسيجون الأوطان ويهلكون العباد
يخنقون الأفق ويمطرونه حرائق تقتات الأخضر اليانع والجماد.
الموت خلفك والبحر أمامك وجيادك مغلولة في المعابر
وبنادق العرب جلاها الصدأ ورانت عليها العناكب في المقابر.
غزة وحدها تسيجها الدماء
لكنها تنفض عنها الغبار وتنهض شاهرة سيفها
غير أبهة باليعاسيب التي تحاصر خصلاتها الشاردة.
*************

1
عند أسوار التاريخ
انتظرت تفسيرا لشعور يداهمني بإلحاح
ودخلت في مفاوضات سرية مع عرّافة من كندة
أضاعت وِدْعها في ليلة ظلماء
  بقصبة "بولعوان"[1]
أخبرتني أن ريح العشيرة تنفخ في صدري
نَزعة العصبية
وأن جينات الأسلاف تخنق  خلايا دماغي
وتجبرني على التصرف بغموض يفتك بمصداقيتي
ويوصد أبواب الحقيقة في وجهي

أنت الآن وحدك
ووحدك الآن أنت
حجر في صحراء منسية، بلا أنس أو أنيس
موجة في نواة عاصفة مخنوقة بالملح
تطحنها الرياح ويفتتها الرذاذ
وردة يتيمة في جليد، تلفحها سوافي الثلوج
تجمدها البرودة، فيكسرها النباح
يحملها مجهول في قوس قزح
يواريها سُدًى عبثي الملامح
حولك الضباب والرماد والفراغ
الضياع والتيه والخواء

فِـي قَلْـبِ الغَيْهَبَـان
والزَّمْهَرِير شَدِيد
لاَحَتْ خَلَفَ سِتَارَةِ الكُوَّة المُلَوَّنَة
حُورِيَةُ
الأَسَاطِير
عَلَى الأَثَرِ، حَدَسْتُ أنَّهَا سَتَقُصُّ عَلَيَّ سِرًّا؛
سِرًّا
عَظِيماَ.
مِنْ حَوْلِي سَاحَتْ حُورِيَتِي
وَكَانَتْ عَلَى بِسَاطٍ فِرْدَوْسِي.
فَتَسَاءَلْتُ إِذْ حَدَجْتُهَا:

في ليلة العيد مزق الفقراء
بطائق هويتهم
وشرِبوا نَخْبَ فقرهم
ممزوجا بالعبرات المالحة
قالوا لبعضهم إنهم مجرد رقم
في سجلات الهوية
لا اعتبار لهم في زمن الردّة
وتخمةِ البلداء
في ليلة العيد اندلعت شرارة الكرب
في قلوب الفقراء
وأومض الفزع في عيونهم

لن أبتديء من حيث انتهيت،
وأنتهي حيث بدأت،
سأخسر الزمان رهانه حول تاريخ ولادتي،
أجعل العرافات يدركن، أن رملهن كاذب،
وأن الغجر مروا من هنا؛
يوم اشتد مخاض أمي،
أخذوني معهم سبية،
ولم يقطعوا الحبل السري .
لماذا لا أحمل ملامح الغجر؟
مع أني أقرأ خطوط الكف،
أفك هدير البحر،

قصيدة
في الخاصرة تتألم،
في ظهيرة صيف،
ترقد على صدرها
الكلمات،
يرعات تطفوا على شفتيها.
تقول
أحزانك تبعت أحزاني.
يا حبيبتي
أحزانك رعدية الصمت.
بعد خمس سنوات من الميلاد،

التاريخ يسخر منا
والجغرافيا تنحسر
تتحول إلى مجرد كأس قهوة باردة
على طاولة مهترئة
في مقهى طاعن في السّن
ونصف سيجارة في منفضة
قديمة
الأمر يشبه اليوم حربا على طواحين الهواء
دعوني أعلن تذمري بل تمردي
على شرائع الغاب ولغة الخساسة
دعوني أجهر بعقوقي لسادة الظلام

كيف حالك :
وقد غادرك الحلم ؟
ارتدى الليل عباءة الضجر
انتحلت الجهات عويل الريح ؟
كيف لياليك
و سهم الغدر أصاب كبد الحنين ؟
الابتسامة انتحرت عند أقدام الغياب ؟
وأنا على شط انهيار عارية
إلا من قصيدة
سقط عنها الإيحاء والإيماء
تحاول ستر الانكشاف

لا أقوَى على جمع أجزائي
ولا دواء يُرجى لدائي
بعضي هُنا على الارضِ
وبعضي هناك في السماءِ

على خريطة العالم
تجدُ ريحي وأجزائي
أو بعض آثاري
وبقايا أشلائي

على جسدي شيدوا عجائب الدنيا

أعذُرِيني سيّدَتي،
فقد مَررْتُ على حيِّنا، بالقُربِ من دَارِي ودَارِكِ
ودخَلْتُ أطْلالَ قلْعَتِنا، واعْتَليْتُ أسْوارَ المَعَارِكِ
وتفَاصِيلُ الهوَاجِس في نفْسِي، مُعْتركٌ ومُفْترقُ
كأنّ ذِكراهُمْ وذِكراكِ فِي قَلبِي
تقَاطُعُ شَارِعيْنِ وشَاعِريْنِ تفَرّقَا وتجَمّعَا،
وَلَهاً بممْلكةِ القصِيدِ، ومنْ بهِ شَبَقٌ
يا سيّدةَ البحْر،
انثُرينِي موْجًا خلْف أسْوارِ قَلعَتِنا
ولا تنْتظِري حرْفًا زَادُهُ الهَمُّ والغَمُّ والأرَقُ
أعذُرينِي سيّدَتي، ولا تنْتظِرينِي

منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟
منْ يُوقظ بِداخلي أصْوات ناياتٍ قديمَة
نامتْ بينَ كلماتي المُبْهمة، حِينَ
خَرَّ لِساني
حَجراً..
منْ
شرْفةِ
المَعنى؟

أنا مِثلكَ أيًّها الرِّيحُ المُتعبُ بالصَّفيرِ
وغُبار الحكاياتِ العِجافِ

على سدرة المعنى
وعيناي
على رقصات الضوء والغبار.
حاملا على كتف الليل
أحلاما صغار.

يا رقراق....
لما القلب يهوى شمس الشتاء!؟
ألا ترى
الأحلام سكارى تزحف

خُسوف كلِّي
فيه كنتُ أعمى
منه أبصرت
تلك الظّلمة.
ظلمة
أهدتني إلى بيْت اليقِين.

بعد أن طال الإنتظار،
الكُلّ ركب إِلًّا أنا،
قُرفصاء الإنتظار
أَسَهْوا

في اليد سبحة
والنظرات تُعَانق الأفق البعيد
ضَمير الغائب يبتسم "شوقا"
يسألني في هدوء "طفل"
أما يزال قلبك يخفق أيها الضارب
في السنين؟
أما تزال جوانحك تُسبح بتراتيل
الهوى؟
أما تزال تمارس شَغَبَ العِشق العَصِيّ
في حضرة الفراغ المريب؟
اليوم بين الفسحة واللّسْعة

اللامعنى وهي..!
يطفحان من ستائر الضياء.
الظل الأعمى يمتطي السذاجة في.
معا
يشعلان النار في لوثة بصري.
أرى ما لا يرى خلف الوسادة.
الأمل أسراب ضياء شموع.
في عينيها.
خنثى الشهوة، تطوف جسدها.
خطاف الجوى،
يطوف شرفة صدري.

كل الجهات ترفل
في ثوب عرس
ملطخ بالهوان
وحدك في حزن معتق
تمشين واثقة الخطى
في ثوب حداد
تشيعين الضنا
ومن وجع الدرب
تشعلين الشموس
لخيل الصباح
حين من بين الانقاض

ما دمت حيا
سوف أترك روحي
تمشي على خراب جسدي.
تاركة خلفها
ليالي الرعب والخوف،
والأنهر المهترئة.
فاطمة
أي صنف أنت؟
من أصناف الحب..!
أي عذوبة عذاب أنت..!
أنا راكب البحر

تحدثني عيناك
بلغة صامتة
وأقرأ في بريقهما
شوق سنين هاربة
وقصائد حب جميلة
وتاريخ فرح مسروق
أحاول أن أكتشف الصفة
والمعنى في سياقهما
فأغرق في محيط
بلا ضفاف
لأن الصفة لغز