zerifiأصبح تجار الضفة الشمالية للحوض الغربي للبحر المتوسط، منذ القرن السابع الهجري / القرن الثالث عشر الميلادي يعملون على تجاوز الوساطة المغربية (وساطة بلاد المغرب الكبير)، فالنهضة الاقتصادية التي عرفها الغرب المسيحي خلال هذه الفترة، مكنتهم من تحسين وسائل إنتاجهم الفلاحية والتجارية والبحرية(1).
    لقد عرف الحوض الغربي للبحر المتوسط نشاطا تجاريا بين ضفتيه حيث شاركت فيه بلاد المغرب الكبير والجمهوريات الإيطالية وبرشلونة ومرسيليا(2)، غير أن أوربا الغربية  شهدت خلال القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي أزمة اقتصادية، ناتجة عن وباء الطاعون الأسود الذي أودى بحياة نصف السكان(3)، وعلى إثر ذلك تدهورت الفلاحة بسبب نقص في اليد العاملة(4).
   

27bicycleيعتبر ويليام ماركيز (1930) أول من وضع مصطلح الازدواجية اللغوية٬ مقترضا ٳياه من الحالة اللغوية اليونانية و القسم الألماني من سويسرا٬ حيث يتم التمييز بين العامية بوصفها لغة تستعمل لغرض تواصلي مقابل الفصحى ذات الوظيفة الكتابية. و يطلق شارل فرجسون (Ferguson charles ) على الفصحى النمط العالي بينما يطلق على العامية النمط الدوني. و يعكس النمط الأخير موقعه داخل الجماعة التي لا تحترمه واصفة ٳياه بنعوت حقيرة٬ بينما يحتل النمط الأول مرتبة رفيعة كتراث ثقافي و ديني.
قام الباحثون بعد ذلك بتعديل تقسيم فرجسون في ثلاث نقاط: أولا؛ ٳذا كان فرجسون قد حصر النمط الدوني في كونه منبثقا من النمط العالي٬ فٳن الباحثين يعتبرون الازدواجية اللغوية تعبيرا عن تنوع البنى الاجتماعية اللغوية داخل الجماعات اللغوية. ثانيا؛ ٳن عدم تكافؤ القدرة اللغوية في استخدام النمطين جعل الباحثين يميزون بين توجهين اقترحهما فيشمان ( Fishman Joshua ) : الجانب الاجتماعي اللغوي ٬ يستخدم خلاله مصطلح الازدواجية اللغوية .ثم الجانب النفسي ٬يستخدم فيه مصطلح التعدد اللغوي الذي يرادف تمكن المتكلم لأزيد من نمط لغوي واحد. ثالثا؛ ٳجراء تعديل يتجاوز سيادة الاعتقاد القائم في استخدام نمط أحادي دون الآخر٬ مادامت منطوقات المتكلم توجد على خط يشمل تنويعات لغوية.

4410505التحفة هي الشيء الثمين النادر الذي يبقى خالدا ويدوم ذكره على مر الأزمنة والعصور. وقد كان ابن بطوطة على وعي بهذه المسألة لمّا سمّى رحلته: "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار". لتكون بذلك تحفة للناظرين ومقصدا لمن يبحثون عن عجائب وغرائب البلدان التي ظلوا يسمعون بها ولا طاقة لهم لرؤيتها، أو لمن يريدون حديثا عن بلدان لم يسمعوا بها قطُّ. فغرائب الأمصار هي السبل الغريبة عن المتلقين، وعجائب الأسفار هي تلك الأخبار والقصص العجائبية (الفانتاستيكية) التي تثير استغراب المتلقين مما رواه ابن بطوطة. وإذا كان رحالتنا قد زار سبلا وبلدانا غريبة لم يصلها رحالة مسلم قبله، فإن هذا المقال المتواضع يسعى إلى تتبع بسيط لأهم الأماكن التي زارها وعاش فيها، وتعايش مع أهلها.. وقبل ذلك؛ لا بد من إطلالة على ابن بطوطة ونشأته، ثم عن مستواه العلمي والأخلاقي. حتى تكون حجة ضد الذين يشككون في وصول ابن بطوطة إلى هذه الأماكن، وينفون المصداقية عن الأخبار التي ذكرها.

zerifiتقديم:
ما إن يبدأ الباحث في دراسة العلاقات المرينية مع دول شبه الجزيرة الإيبيرية المطلة على الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط، حتى يصطدم بحقيقة أساسية وهي تشعب العلاقات بين هذه الدول وارتباط بعضها بالبعض الأخر، الشيء الذي يفرض عليه دراسة العلاقات المرينية مع بني الأحمر ومع أراغون ومع قشتالة مجتمعة : أولا تفاديا للتكرار ثانيا لوجود التحالفات والتحالفات المضادة بين البلدان الإسلامية من جهة، وإسبانيا المسيحية من جهة أخرى، وفي بعض الحالات جمعت التحالفات بين بلد إسلامي وبلدان مسيحية ضد بلد إسلامي آخر والعكس.
- فتح السلطان يعقوب سبتة دون مساعدة الأراغون:     
بدأ انشغال التاج الأراغوني بسبتة منذ سنة 634هـ/ 1234م ، وأضحى خايمي الأول الأراغوني يفضل القيام بعمليات تجارية مع هذه المدينة وسواحل بلاد المغرب ابتداء من منتصف القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي(1)، عوض القيام بعمليات عسكرية تندرج في إطار الحملات الصليبية التي لا يمكن التكهن بنتائجها مسبقا.

abstract-artسرت العادة في التفكير الكلاسيكي بأن يسند مقول القول ٳلى صاحبه انطلاقا من البداهة الظنية االمتمثلة في سيادة الاعتقاد القائل بأننا نؤلف وحدة ما نقول حين تلفظنا٬ آخذين على عواتقنا فعل التأليف. غير أن التطور العجيب الذي شهدته العلوم الٳنسانية منذ أزيد من قرن٬ أفضى ٳلى تناسل اتجاهات تحظى بشرف السبق و الاستئتار في وضع اللبنات التأسيسية و تخطيط الٳجابات الواعدة للغة المحملة بالقصدية و البعيدة تمام البعد عن معاني المعاجم لتحتضن دلالات المتكلمين. ففي ٳطار السعي الحثيث لصك نظرية تتجاوز التصور الذاتي الذي يروم نحو مقام الإفصاح عن فرادتنا حينما نتكلم٬ برزت تصورات ترمي تفكيك هذا الوهم ببيان أنه ربما يوجد في كل ما نقول أصوات عديدة٬ بل ٳن الملفوظ نفسه قائم على جمهرة من الأصوات؛ صوت المتكلم و صوت القائلين الذين يعبرون عن وجهات نظرهم من خلال التلفظ المتكئ على جريان أشكال لغوية لا يمكن أن  تزداد دون أن تتغير طبيعتها بين متكلمين يعيشون في مجتمع ما. فالمعطى التصوري للملفوظ لا ينحصر في كونه نسقا منتظما محكم التناسق و ٳنما حوار بين ملفوظات مختلفة.

zerifiتقديم:
أينما وجد البحر، فإنه يوحي بالتواصل والتبادل، ولم يكن الحوض الغربي للبحر المتوسط  في أية مرحلة من مراحل التاريخ حائلا أمام الشعوب المطلة على ضفتيه دون ربط الصلات والعلاقات في ما بينها. كما أن الحديث عنه خلال العصر المريني الأول، لا يمكن أن يتم دون استحضار ثلاث جهات صنعت أحداثه ووجهتها: وهي بلاد المغرب الإسلامي وشبه الجزيرة الإيبيرية المسلمة منها والمسيحية والجمهوريات البحرية الإيطالية.
         لقد كان لمعركة العقاب الأثر الكبير على منطقة الحوض الغربي للبحر المتوسط،   حيث انقسمت بلاد المغرب إلى ثلاث كيانات سياسية: الحفصيون بإفريقية وشرق المغرب الأوسط، وبنو عبد الواد بتلمسان، وبنو مرين بالمغرب الأقصى. أمام هذا الوضع الجديد كيف كانت العلاقات المرينية مع دول الضفة الجنوبية من الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط؟.

image-Trous-couleursنعلم أن عبد الوهاب المسيري من القلائل الذين كتبوا ، بالشكل الذي كتبوا عليه  في قضايا تهم التلازم الوثيق بين البنيات الذهنية و البنيات اللغوية الممثلة في الصور الجازية٠ و سنكتفي في هذا المقام ، ببعض ما فهمناه منه قدر فهمنا و مستطاعنا ، بغية كشف و استجلاء االكوامن التكتيكية والٳستراتيجية للروابط الخفية بين اللغوي و الديني و النفسي في تشييد صلاحية رؤية الٳنسان للكون. كما سنعمل ضمنيا على تعرية جذور بعض الخطابات التي انحبست في شرنقة الاستهلاك المجاني  لمفاهيم و شعارات وآمال حول الحداثة و العلمانية واللائكية ... و تجدر الٳشارة ٳلى أننا لا ندعي تلخيص محاور أطروحات عبد الوهاب المسيري حرفيا مادام مطلبنا في الأصل  غير ذلك. ولعل العنوان يروم ضمنيا نحو مقام القول الذي نبتغي من خلاله فضح حيل الخطاب العلماني حين ادعائه الكونية والحيادية ٬ علاوة على أن المقال يجمع بين الٳشارات والتلميحات الشخصية في مستويات متداخلة من التحليل و ٳعادة التركيب.

1229959053استعمل سكان بلاد المغرب والأندلس خلال العصر الوسيط وحدات غير مضبوطة القياس، اختلف قياسها من منطقة إلى أخرى، وتحكمت في ذلك مجموعة من العوامل، منها العرف وصعوبة التكسير والظروف العمرانية والطبيعية. 
استغلت وحدة المرحلة في تحديد المسافة بين مناطق بلاد المغرب والأندلس خلال العصر الوسيط، إلا أنها لم تكن دقيقة وثابتة بل تحكمت فيها العوامل الجغرافية، وتعددت وحداتها لتزيد من ارتباك الباحث في المقاييس والأطوال، ونتج عن ذلك اختلاف كبير بين أصغر مرحلة وأكبرها، ويبدو أن وجود المدن والنزلات والآبار هي التي تحكمت في قياس هذه المراحل، وحددت مسافتها، لذلك نجدها غير ثابتة ولا دقيقة تكبر وتصغر من مرحلة إلى أخرى. ورغم هذا اعتمدها الجغرافيون والمؤرخون العرب في كتاباتهم لإعطاء صورة عن المسالك والطرق ومدى سهولتها أو وعورتها.