taha-hussein-3أيها الأزهري،يا سارق النار
ويا كاسرا حدود الثـــــواني
عد إلينا، فإن عصرك عصر
عصر ذهبي ونحن عصر ثان
ارم نظارتيك ما أنت أعمى
إنما نحن جوقة العميــــــان
سقط الفكر في النفاق السيـاسي
وصار الأديب كالبهلـــــوان
يتعاطى التبخير ،يحترف الرقص
ويدعو بالنصر للسلطــــان
نزار قباني في رثاء طه حسين
احتل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين(1889/1973) مركز الصدارة في العالم العربي في القرن العشرين، فقد كان بحق مالئ الدنيا وشاغل الناس.ويرجع ذلك لأسباب عدة لعل أهمها انه هتك حجب الممنوع وأشرف على مساحات في الوعي العربي ظلت من المسلمات أو المسكوت عنها تحت هيمنة السلطتين السياسية والدينية، وهما تسوغان ما يحفظ مصالحهما البحتة،إضافة إلى قدرة لا حدود لها على المواجهة والمناورة بأسلوب ساحر مشوق يجمع بين عمق الفكرة ونصاعة البيان وقدرة على حشد الأشياع والمريدين.

lecture[أ]‬
«يَا أُمَّةً ضَحِكَتْ مِنْ جَهْلِهَا الأُمَمُ» [أبو الطيب المتنبي]
‫[ب]‬
«وليس يكفي أن يُقالَ للنَّاس كُلوا ليأكُلوا ويأْمَنُوا شرَّ الجوع، وليس يكفي أنْ يُقالَ للنَّاس تعلَّمُوا ليتعلَّمُوا ويَأْمَنُوا شَرَّ الجَهْل، وإنَّما ينْبَغِي أنّ يُهَيَّأَ الطَّعامُ على قَدْر الطَّاعِمِينَ وأنْ يُهَيَّأَ العِلم على قدر المُتَعَلِّمِين، فإن لم نفْعَل كانتْ دَعْوَتُنا إلى الطَّعام وإلى العِلْم أشْبَه بِعَبَث جُحا حين أرادَ أن يُقَسِّمَ تسع عشرة إوَزَّةً على عشرين رَجُلاً قِسْمَةً سواء» [طه حسين]
‫[ج]‬
لعل من بين المُعْضَلات الكبرى التي حَاَقَتْ بنا، وأصبحنا فريسةً لها، ولِما يترتَّبُ عنها من نتائج خطيرة، هي أنَّنا أمُّةٌ لا تقرأ. وما يزيدُ من ثقل هذه المُعْضِلَة علينا، هو أنَّنا لم نَسْتَجِب حتى للقرآن الذي بات اليوم ذريعةً، في يَدِ الكثيرين لتبرير القَتْل والجَهْل والنُّكوص، في أمره، ليس للرسول، فقط، بل لجميع من آمَنّوا برسالته «اقرأ». ففعل القراءة، لا يقتصر على قراءة القرآن وحده، أو الاكتفاء بكتب العبادات والمعاملات، أو ما له صلة بشأن الدِّين. هذه أمور تدخل في سياق العلاقة بالله، أو هي في جوهرها، تدخل في سياق علاقة الإنسان بالإنسان، وعلاقة الإنسان بالكون أو بالوجود. ففهم القرآن وتَدَبُّر ما فيه من أسرار، يكفي، بالنسبة لمن آمَنَ واقْتَنَع، ليفهم معنى الرسالة، وما تحمله من مضامين، دون إفراط في الشرح والتأويل، أو في تهويل الوُجود مقابل العَدَم، إلى الدرجة التي تصير معها «الحياة الدنيا» شَرّاً، أو هي قَبْرٌ لا معنى للحياة فيه، ووجود الإنسان، في الحياة، هو وجود بلا قيمة، وبلا طائِل.

renaissanceإن المأزق الحضاري الذي وقعت فيه الأمة العربية منذ سقوط بغداد على يد المغول سنة 656 هـ/1258 م ودخول الأمة عصر الظلمات وما انجر عن ذلك من تردي الأوضاع السياسية، وتقهقر الحياة الاجتماعية، وأكثر النواحي التي تتجلى فيها الأزمة هي الناحية الثقافية. لقد كفت الأمة عن الإبداع واكتفت بثقافة الاجترار وشاعت ثقافة المتون والحواشي والتعليقات، وفي خضم هذه الأزمة غيب العقل وكف عن آداء مهامه، واكتفى المسلمون بالتقليد في حياتهم الدينية، وكفوا عن النظر إلى الطبيعة لإدراك أسرارها واستجلاء نواميسها وترويضها لمصلحتهم واستعاضوا عن ذلك كله بالنظر في الكتب القديمة وكأنها الكلام الذي لايعلى عليه، والثقافة الحقة.
 وترتب على ذلك أن لازمتهم عقدة نقص إزاء الماضي ورموزه فهو الكمال وهم النقص وهو الحقيقة وهم الباطل، وحتى الأدب الذي هو مظهرمن مظاهر النشاط الفردي البحت حيث يعبر عن الإنسان – خاصة في الشعر- عن "أناه" دخل في الركاكة والإسفاف في القول، وأهمل المضمون لحساب الشكل، وأصبحت الكلمة المأثورة عن ابن العميد في التزامه السجع، وهي لو أنه رأى سجعة تنمق كلامه للزمها ولو تزلزل المشرق والمغرب ، وقد أصبحت هذه الكلمة مثار إعجاب الناس وتقديرهم، وهي لعمري ميزة من ميزات الرداءة وسمة من سمات الانحطاط. وزاد الطين بلة انتصار الغزالي في سجاله وجداله مع ابن رشد – وهو انتصار موهوم – صنعته الدهماء والعامة.

3179من غير الممكن إغفال دور الثورة الفرنسية في سيرورة تطور الفكر الليبرالي ؛ فهي الحدث الذي تتوج بالظهور المميز للدولة الحديثة وصحيح أن البنية الليبرالية للدولة التي حرّرت الاقتصاد من قيود التوجه السياسي لم تدم طويلاً إذ تطلبت الحروب النابليونية تشديداً للمركزية ولكن هذه المركزية استطاعت تكريس مفهوم المواطنة بفصلها عن توزيع السلطة السياسية وجعلها دالّة للإقامة في اقليم الدولة ، ولم تفض المركزية الى وأد الإنجاز الأهم للثورة ، وهو الفصل الرسمي للسياسة عن الاقتصاد .
يمكن القول إن اهم نتيجتين للثورة الفرتسية هما :

zerifiتشير الدراسات التي اهتمت بالعلاقات في الحوض الغربي للبحر المتوسط بين دول الغرب المسيحي وبلاد المغرب - مع نهاية العصر الوسيط وخاصة منذ القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي - إلى أن الأوربيين احتكروا العمليات التجارية التي كانت تجرى في هذا الحوض. ويرجع السبب في ذلك إلى تفوقهم البحري وقوة أسطولهم، في حين كان الحضور المغربي في الضفة الشمالية من البحر المتوسط، لا يعدو أن يكون مبادرة فردية محتشمة(1).
    الواقع أن عصر التفوق البحري الإسلامي الذي كانت خلاله سفن المسلمين « قد ملأت الأكثر من بسيط هذا البحر [ البحر المتوسط ] عدة وعددا، واختلفت في طرقه سلما وحربا، فلم تسبح للنصرانية فيه ألواح»(2)، قد بدأ يتراجع مع التفوق الصليبي الذي بدوره تزامن مع حكم الدولة الموحدية في الغرب الإسلامي، هذه الدولة التي كانت لها خبرة بحرية محدودة رغم أنها اعتبرت أقوى بحرية إسلامية عرفتها المنطقة، ويرجع سبب محدودية خبرة هذه الدولة إلى عدم توفر الموحدين على بحارة متخصصين في البحر وإلى اعتمادهم على الأجانب في قيادة الأسطول(3). ويبدو أن سبب اعتماد السلاطين المغاربة على القيادات الأجنبية مرده إلى عدم ثقتهم بقاداتهم المحليين، وهو سبب من الأسباب التي أدت إلى ضعف البحرية الإسلامية التي أضحت في العهد المريني تعتمد في الغالب على المساحلة.   

DAKROUBEما الذي يجعلني أقيم تشابهاً، غموضه أكثر من وضوحه، بين شيخ نجيب محفوظ في روايته «اللص والكلاب»، الثابت في لغته ومكانه، والكاتب اللبناني محمد دكروب، الإنسان الدنيوي الذي يدافع، منذ ستة عقود، عن أفكار اقتنع بها، واقتنع أكثر بدفاعه عنها ؟ يقوم الجواب المجزوء في رضا القلب والعقل، وفي خيار إنسان وضع مرجعه داخله، يستدل بآثار الذين اقتنع بهم، ويعيّن نفسه دليلاً لنفسه، معترفاً بما هو خارجه، ومعترفاً بما يمليه عليه قلبه وعقله. كأن دكروب يقول: من عيّن ذاته دليلاً لذاته لا يضل الطريق. ولعل هذا الرضا الطويل ، الذي يعاين تغيّر الأزمنة ولا يرتعب منه، هو الذي جعل روح دكروب واضحة في وجهه، حاله من حال شيخ محفوظ، الذي يرى إلى مثال أخلاقي بعيد، ويؤمن بتحققه.

040632استطاع عبد الكبير الخطيبي قراءة الجسم العربي من خلال موروث الثقافة الشعبية، جاعلاً من الموروث الشعبي المغربي نموذجاً لهذه الثقافة العربية. فاعتمد على التحليل العقلاني والنقد البناء، حيث نقد النظرة اللاهوتية للجسم العربي من ناحية، ونقد المقاربات الإثنولوجية التي تتعامل مع الثقافة الشعبية تعاملا خارجيا ومتعاليا من جهة أخرى. إذن فالعمل الذي قام به الخطيبي يميزه هذا "النقد المزدوج"؛ أي نقد موجه للذات عبر أمثالها وحكاياتها الشعبية، وتبيان أهمية هذا التراث، ثم نقده للمركزية الغربية التي تهمش الآخر جسداً وفكراً.

amrani zerrifi mohammedيتساءل الباحث أول وهلة عن الفرق بين المرسى والميناء، وخاصة عندما يجد المصادر العربية تستعمل كثيرا مصطلح مرسى للدلالة على الميناء، ويبدو أن أهل بلاد المغرب والأندلس استعملوا لفظة مرسى أكثر من غيرهم(1)، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن الميناء يظهر أول الأمر مرسى ثم تطرأ عليه تطورات تقنية وإنشاء فيصبح ميناء، كما أن أغلب الرباطات البحرية تحولت إلى مراسي(2)، ونظر لأهمية هذه الرباطات في أمن الموانئ والمراسي فإن السلطان المريني أبا الحسن قام بإنشاء عدد من المحارس والأبراج  من :«مدينة آسفي وهي آخر المعمورة إلى بلد الجزائر، جزائر بني مزغنان آخر وسطى المغرب وأول بلاد إفريقية»(3)، قصد توجيه السفن في عملية الحط والإقلاع، أو لتحذير المراسي بعدو طارئ، وقد أقيم في عهده  من المناظر والمنارات ما لم يقم مثله في عصر من العصور، على مسافة قدرت بمسير القوافل فيها مدة شهرين حتى إذا ظهرت سفينة  تقصد بلاد المغرب إلا والتنيير يحذر كل أهل السواحل(4).