anfasse21082وأعيدُ ترتيبَ الجدار
وأشكّلُ المعنى ..   " ذنوب "
لا أعلم ما الذي استهواني لقراءة ( هوامش كحل ) هواية أم غواية ؟ أهو الفضول في تتبع مَن يملك اعادة ( ترتيب الجدار ) و اشكال المعنى .. ؟ من يتحكم بانزياحات النفس في مكامنها ليقودنا ضمن ايدلوجيته الشعرية للولوج في ( صومعته ) لنقف في فضاءات تتسع كلما ضاقت المفردات والتراكيب ، الصومعة التي افرزت انبعاثات لغوية ومشاطرات شاعر يمتلك كل الادوات التي يستطيع من خلالها التحرك ضمن خطوط متعرجة ، اذن / هو شاعر لا يعرف الهدوء ، شاعر يتحرك في مضامين شعرية ضاجّة ، انه الشاعر الدكتور ( حامد الراوي ) الذي لا ولن تستطيع سبر اغواره إلا بالاقتراب من كتاباته الشعرية ، لتجد انساناً تتكامل لديه كل المفهومات والرؤى الشعرية ليس تحايلاً بل الملكة والموهبة التي انسابت من بين انامله لتغص بهذا الكم الهائل من المفارقات الذهنية والتناقضات التي ترسم خطوطا ً متناهية الصياغة الفنية وكأنني في ورشة رسم صغيرة في مساحتها .. كبيرة في نتاجاتها ، تضخّ كل ما يجذبنا ، الى عالم مملوء بالصخب والجنون :

anfasse07082أثارت رواية الطلياني للكاتب والأكاديمي التونسي شكري المبخوت والفائزة بجائزة البوكر هذا العام ردود أفعال متباينة في الساحة الروائية و الإعلامية العربية وحظيت بهالة من الإشادة والترحيب مثلما قوبلت لدى البعض بنوع من اللامبالاة والتجاهل .
وقد تابعت شخصيا هذا النقاش النقدي والتوصيفي عبر مختلف منابر الصحافة العربية المكتوبة والالكترونية حيث طرحت بعض الأسئلة حول الهواجس غير المعلنة أمام جمهور النقاد والأكاديميين و عموم القراء والمهتمين بالرواية العربية والتي تحكمت في منح الجائزة للروائي التونسي شكري المبخوت بل ذهب بعض النقاد المصريين حد التشكيك في الكفاءة السردية للروائي فيما نحى آخرون نحو التركيز على البعد الجغرافي (تونس مهد الربيع العربي) ، تماما مثلما شكك فريق من النقاد بأهلية أعضاء لجنة على اعتبار أنها تضم شعراء ليس لهم باع طويل في السرد أو تخصص أدبي يقدم مقاربة علمية ومنصفة للأعمال الروائية المعروضة للظفر بالجائزة بعيدا عن منطق الاصطفافات الذي اضر بالاستحقاقات الأدبية و بصورة الإنتاج الأدبي العربي بشكل عام،لكن في الحقيقة إن السر الذي ينبري الجميع لإخفائه هو أن الخلاف بدا منذ فترة طويلة يتمدد ويتحول من مجال الكتابة والإبداع والنقد إلى حلبة غير مرئية لتراشق جغرافي ونفسي وسياسي مقنع .

anfasse0709كان ولا يزال الأثر الابداعي مرآة لما يجول في أعماق النفس ولواعجها، انه امتداد لحسرتها وكابتها وحزنها وأفراحها وغبطتها ...وكل ما يصوغ الكون داخل النفس ويحملها على أن تساير الخارجي أو تتجاوزه في لهفة منقطعة النظير نحو الأفق الذي لا  تغيب عنه الحقيقة الا لماما.
فأن يشكل المبدع الخارجي في تقاطعاته المتباينة هو صميم اعادة البناء بعد هدم ونفي ونسف "للنموذج الخادع" واسدال ستار الرؤية الباطنة واسبالها على المعطى الخارجي المتشكل وفق اضطرابات النفس واستقرارها على وتيرة  يفرضها التفاعل الايجابي أو السلبي بالواقعي الفاضح والواضح.
من هنا نفهم النفس والروح التي تتغلغل داخل البنية الابداعية من حيث كونها دقائق الحياة وتفاصيلها المنسوجة وفق تواليها، بالتمام، داخل  روحانية كاشفة عن رؤيتها للكون والحياة وأقطابها السطحية والأفقية.
هذا الارتسام، النسبي، قد يكون للقارئ، المؤرق، أن يقتفي أثره وهو يتابع عن كثب وبتمعن دلك الاحساس النابع من "تحت ظلال الزيزفون"1 حيث الأحاسيس المرهفة يكشف عنها السرد وتعيشها الشخصيات في وقعة لا تخلو من أن تكون" دعوة سرية" الى اعادة ترشيح العلاقات وتشريحها حتى يكون لها معنى يعلو ليصير مرآة للأنا  في تداخلاتها مع الاخر في مستويات متمايزة.

anfasse01087إن الحديث عن موضوع:"الأسطورة في الشعر" يتوخى هنا مقاما كلاميا، يعكس إدراكا معرفيا، عن الأشياء والظواهر في الكون، ومعنى هذا أن هناك مقامات للكلام، أسماها وأعلاها المقام الأسطوري.
فالمقام الأسطوري في اللغة الشعرية، صيغة كلامية، تتبنى عناصرها المتفاعلة صورا غير عقلية وغير واقعية. هي صيغة تعصف بكل حدود الواقع، وتعبث بالأقيسة المنطقية. ولكنها في نفس الوقت تحتكم الى نوع خاص من المنطق الذي يشد البناء الداخلي لهذه الصيغة.
إننا هنا لا نقصد الحديث عن الشعر، الذي يوظف الأسطورة وانما نقصد الشعر الذي يصل من خلال بنائه الخاص الى المستوى الأسطوري. بمعنى أن القصيدة تصبح هي ذاتها أسطورة، من غير أن تعتمد على حكاية أو قصة أسطورية (1) فالقضية مرتبطة أساسا: بالقصيدة الشعرية الإبداعية التي تصل من خلال بناء عناصرها الداخلية، ومن خلال رؤيا صاحبها الى المقام الأسطوري، وليس بالشعر الذي يستغل أو يوظف الحكايات والقصص الأسطورية.
ينطلق الموضوع من تصور خاص، وهو أن مقامات الكلام في الشعر، تجسدها ثلاثة مستويات: المستوى الحسي، وهو نوع من الخطاب العادي الذي يعكس صور الأشياء كما هي في واقعها الرتيب، ثم المستوى الاستعاري وهو نوع من الخطاب الذي يتفاعل مع الأشياء ل الواقع الخارجي تفاعلا مجازيا. ثم المستوى الأسطوري، وهو نوع من الخطاب الذي يتجاوز الحس والعقل، ويتحرك كما يتحرك الحلم، من غير أن يستند بناؤه الى حد من الحدود. إننا مع هذا المستوى الثالث من الخطاب، لا نطرح التساؤل عن العلاقات الممكنة وغير الممكنة وانما نتتبع الصورة وهي تنمو شيئا فشيئا، من غير أن تعتمد على الموازنات والمقارنات والتشبيهات والاستعارات بين الأشياء.
يقول عبدالوهاب البياتي في قصيدته: "قمر شيراز" (2):

anfasse01084تمهيد :
هل يمكن الظّفر بحدّ واضح للجملة في النظرية التوليدية بمختلف تشعّباتها و امتداداتها ؟
و إذا ما حصرنا الأمر في شخص نوام تشومسكي - باعتباره رائد النحو التوليدي بلا منازع-
فهل يمكن الحديث عن تصوّر واحد و ثابت للجملة منذ صدور كتاب "البنيات التركيبيّة[1]" سنة 1957 ثمّ ظهور النموذج القياسي modèle standard   في كتاب "مظاهر من نظرية في التركيب [2]" فالنموذج القياسي الموسّع   modèle standard Etendu   ما بـــــــــين 1976 و 1977 ثمّ  بروز  نظريات و مفاهيم التحكّم و الرّبـط [3] (gouvernement et liage )   و المبادئ و المقاييس سنة 1980 و انتهاءً  إلى البرنامج الأدنوي[4] (1993)؟
و هل متصوّر الجملة والتركيب في البرنامج الأدنوي يمثّل قطيعة و استدراكا على ما سبق أم هو امتدادٌ وتطوّرٌ طبيعيّ  للنظرية التوليدية  التي ما فتئ تشومسكي يُعيدُ بناء معمارها سواء في ضوء المبررات البيولوجية و العرفانية و الحوسبيّة أو اعتباراً لنقد خصومه و اجتهادات تلامذتـــــه و مُريديه (جاكندوف ، كاين ، لازنيك ... إلخ ) .
و الحقيقة قبل الخوض في مسألة الجملة من حيث الحدُّ و التركيبُ وانعقاد العلاقات الرابطة بين مكوّناتها و استدعاء هذه المكوّنات للسمات النحويّة المميّزة مثل صرافم الجنس و العـــدد و الإعراب والزمن و الجهة و المظهر ... إلخ لا بّد لنا من عرض الفوارق الطارئة في مسيرة النظرية التوليدية التشومسكية بين نموذجيْها  القياسييْن (الأصلي و الموسّع أو المُعدّل)
والبرنامج الأدنوي (MP) .
و لئن ظلّت الجملة في كلّ الحالات عبارة عن مقولة ذهنيّة مجرّدة لها حضور بالقوّة في مستوى العرفان أي ما سماه تشومسكي بالقدرة أو الكفاية "compétence " و لها تجلٍّ ثانٍ في مستوى الأداء و الإنجاز "performance " فإنّ مربط الخلاف بين النـــــــموذج الأوّل و البرنامج الأدنوي هو في كيفيّة التوليد و آلياته و مراحله خاصّة إذا ما تجاوزنا بعض الإشكاليات التي حسمتها التوليديّة بامتياز و قد لخّصها الأستاذ محمد  صلاح الدين الشريف[5] في النقاط التــــالية  :

anfasse24073يعدّ محمد العياشي من شعراء الألفية الثالثة، الذين اختاروا بوعي رزين الكتابة الشعرية الموزونة داخل نظام الشطرين. اختيار حرّ يليه الإبداع داخل هذا النمط الشعري، زيادة عن بحث مستمرّ لا انقطاع فيه عن صور وأساليب تجديدية في الكتابة الشعرية. مما يجعلنا بدون تردد وبكل قوة تصنيفه من شعراء الحساسية الجديدة، هذه الحساسية التي همها الأفق لا السفح.
بعد ديوانيه الأولين "منابع الأشواق" (2010) و"أطلسيات" (2012)، نتناول هنا في نصنا هذا، بفرح خفيف، آخر إصداراته الشعرية "وحيُ البيضاء" (2015). فيه نرفع الأصبع لنشير إلى المنابع الجمالية في الديوان، وخاصة –وهذا ما يهمنا هنا- جمالية المكان كدال جمالي/إيقاعي/جدلي داخل الديوان ككل. لكن قبل الخوض في هذا سنقف عند جماليات حقّ الوقوف عندها.
وقفة عند العنوان:

anfasse17075 تمهيد        
عرفت النظرية اللسانية التوليدية التحويلية تطورات هامة حاول من خلالها منظروها تقديم نمذجة مثالية لأهم الاواليات التي تحكم وتتحكم في سيرورة الملكة اللغوية، التي هي عبارة عن بنية مجرة " أمبريقية " تحتاج – بالإضافة الى اليات معرفية أخرى – إلى نماذج  لسانية تفسر كيفية اشتغالها داخل الذهن .
      من هنا توالت مجموعة من النماذج اللسانية في أبعادها التوليدية  كان اخر ما بلغته الابحاث اللسانية في هذا الاطار ظهور ما يعرف بالبرنامج الادنى الذي يعد تتويجا لمختلف الجهود اللسانية التي وفرها اللساني الأمريكي" نعوم تشومسكي" , بالإضافة الى كونه نموذجا أكثر تطورا ودقة خاصة في محاولة تمثيله ونمذجته للسلوك اللغوي  داخل الدماغ البشري .
       أما عن هذا النموذج ( البرنامج الادنى) فيمكن القول بأنه شكل امتدادا لنظرية الربط العاملي " من جهة الكشف عن الخصائص العامة للملكة اللغوية وتدقيق اليات اشتغالها والمبادئ العامة المتحكمة في بنائه ".

anfasse10076لعلّ حصول رواية "الطلياني" للكاتب التونسي شكري المبخوت على الجائزة العالمية للرواية البوكر 2015 كان حدثًا بارزا هذه السنة ميّز الحياة الإبداعية والنقدية العربية و لعلّ الأبرز من كل ذلك هو ما صاحَب هذا التتويج من صخب نقدي إعلامي متضارب حدّ التناقض بين اثنين : الأول نقد عاطفيّ مُجامل  حدّ الانبهار كما هو الحال مع الناقد التونسي  خالد الغريبي : " رواية الطلياني على قدر صدقها في تعرية النفوس و الكشف عن هشاشتها يكون فعل التطهير من صناعة الأوهام .و متى تطهرنا من أوهامنا نكون الأقدر على تحقيق أحلامنا .." . أما  النقد الثاني فقد كان مُحبِطًا ضبابيًّا وصل حدّ التهجّم أحيانا كما هو الحال مع الناقد المصري محمود عبد الشكور : " مع رواية الطلياني أصبحنا أمام رؤية مضطربة و غير مقنعة من الناحية الفنية ..فظلت الصورة دائما ضبابية وناقصة .

مفضلات الشهر من القصص القصيرة