ليس مارك زوكربيرغ أول شخص في تاريخ البشرية يستمد إلهامه من أغسطس قيصر، مؤسس الإمبراطورية الرومانية، ولكنه واحد من القلائل الذين تشكل لهم دروس فترة حكم أوغسطس أهمية ملحة. فعلى كل حال شيد الرجلان إمبراطوريات عالمية قبل بلوغ سن الثالثة والثلاثين. وأوضح زوكربيرج لمراسل صحيفة نيويوركر في وقت سابق من هذا العام قائلا "ببساطة أسس أغسطس، باتباع نهج قاسٍ للغاية، لـ 200 عامًا من السلام العالمي".  و"ما هي التنازلات التي قدمت في سبيل تحقيق ذلك؟" أوضح زوكربيرج أن أغسطس "كان عليه أن يفعل أشياء معينة" لضمان استقرار إمبراطوريته. وكذلك -على ما يبدو- يفعل فيسبوك".

توقيف المسؤولة الأولى في شركة هواوي من قبل السلطات الأمريكية يثبت مرة أخرى أن هذه المقاولة الصينية أصبحت رمزا للعداء الذي يسود بين واشنطن وبكين. لقد تبين من خلال ذلك أنها أول من يدفع الثمن.
مما لا شك فيه أن سنة 2018 بالنسبة لشركة هواوي شكلت سنة نجاح من خلال إطلاق هاتفي ب20 ثم لدفعة مايت20 . فهذان الهاتفان الذكيان فرضا نفسيهما كمرجعين رئيسيين في السوق. بعبارة أخرى، من خلالهما أظهرت الشركة الصينية بوضوح طموحاتها الهائلة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من السمعة المتزايدة لهذه العلامة التجارية في جميع أنحاء العالم، هناك سوق لا تني تقاوم شركة هواوي؛ ألا وهي الولايات المتحدة. تنظر السلطات الأمريكية إلى الشركة الصينية باعتبارها تهديدًا للأمن القومي وزادت من العقبات التي تحول دون إنشاء العلامة التجارية الدائمة فوق أراضي العم سام.

بادئ ذي بدء، وبلغة فوكاوية أنطولوجية راهنية واقعية، بلغة كذلك، النحن والعقل التقني، وعلى واقع فلسفة الاختلاف، التشظي، الشتات والهامش، نقدم هذه القراءة الهامشية حول هامش الواقع التقني الذي يفرض نفسه بنفسه على سيكولوجيات متعددة ومختلفة باختلاف أجناسها وأعراقها، وكذلك نستقرئ ما يفرضه هذا الواقع التقني على الفيزياء الاجتماعية من خلال نماذج على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي نذكر منها الصفحات الزرقاء الفايسبوكية على وجه التحديد التي تعرف بكثرة تعددها وتشظيها وانتشارها بشكل كبير، بل بشكل مهول، على هذا البرنامج الأزرق أو التطبيق المسمى بالفايسبوك.

"عند جهينة الخبر اليقين"
مثل عربي
تتعدد  اليوم الوسائط المهتمة بنقل الخبر، وقد أدى هذا التعدد الهام، إلى تنوع القنوات التواصلية الخبرية، وتَخَيُر المتلقي طرق التعرف الأنسب إلى الأخبار الجديدة، والتثبت من القديمة منها، بغية الوصول إلى بناء تصور نقدي خاص حول الموضوعات المطروقة.
إن طبيعة الإعلام المُسْتَجِد عَوْلَمَ المعلومة وجعلها لا تبقى حكرا على مؤسسة بعينها حاضنة لها، ومروجة لها حيث تريد وأنى تشاء، فالمعلومة غدت جوالة ورحالة بين الناس لا تعرف القيود التقليدية إليها سبيلا، فبمقدور الإنسان بوصفه كذلك لا غير الاطلاع عليها والوصول إلى جوهرها بأيسر السبل، حتى إننا أصبحنا بفعل تعدد الوسائط الخبرية يمكننا أن نضع سؤالا قد يكون محرجا مفاده: هل تطور وسائط نقل المعلومة المستجدة إنذار بنهاية "الإعلام المؤَسَسة" الحاضن للمعلومة؟ أليست هذه الوسائط اليوم التي أصبح يشغف بها الفرد في زمن الصورة كفيلة بالتخلي عن المنظومة الإعلامية التقليدية؟

لا يُمكن التشكيك في الدور المحوري الهام الذي لعبته شبكات التواصل الإجتماعي وتقنيات التواصل عبر الإنترنت الحديثة في نشر المعلومات بسرعة، حشد الإهتمام لقضايا مُجتمعية هامة، وتعزيز التواصل بين الأشخاص الذين يبعدون بمسافة آلاف الأميال عن بعضهم البعض.
ومن المنطقي أيضا أن شبكات التواصل الإجتماعي تخضع لمثل ما تخضع له كل التقنيات والإبتكارات التي يُمكن للمُستخدم البشري تسخيرها للنفع كما يُمكنه إستغلالها في الضرر. ولكن ما نحن بصدد الحديث عنه هو دور محوري يبدو أن شبكات التواصل الإجتماعي تلعبه يرجع الى قدرتها الفريدة على حشد الإهتمام وإثارة المشاعر من خلال إعطاء إنطباعات غير حقيقية تُعبر فقط عن فئة مُجتمعية وحيدة هي تلك الفئة التي تستخدم شبكات التواصل الإجتماعي بكثافة.

في عالمنا المعاصر نلحظ الواقع يتمدد بتمدد شبكة التواصل الاجتماعي، لم يعد بالإمكان الحديث عن واقع اجتماعي في مقابل واقع افتراضي (بنية السوشيال ميديا).
صار الواقعان متداخلين ومتمازجين لدرجة أنه لا يمكن تخيل واقع منفرد بإطاره، فنقل (مظاهر) الواقع الاجتماعي إلى شبكة التواصل يؤثر كانعكاس في هذا الواقع الاجتماعي ويغيره، وهذا الأخير يغذي الشبكة باستمرار، ما يجعل الأمر متداخلاً في عملية تبادل وأخذ ورد، أي: تكامل واندماج.
تنبني الشبكة الافتراضية على ما هو مرئي، بهذا تعتمد على الصورة، بعكس الواقع الاجتماعي يذهب بالمرئي نحو التجربة، الواقع الاجتماعي معاش.
انطلاقا من ذلك تغذي التجربة الاجتماعية الشبكة الافتراضية بما هو مرئي، وليس بما هو معاش، دون أن ننسى أن المرئي يعود ليؤثر بقوة فيما هو معاش.
ولتفسير أبسط حتى تتضح لنا العملية هنا: فأنا حينما أنقل لك حدثاً، الذي يصلك كخبر مرئي، يصلك كصورة وليس كحدث، يجب أن نعي أن الصورة مجرد مقطع، أما الحدث فهو بنية مفاهيمية.

بداية لا يمكن لأحد أن ينكر ما لوسائل التواصل الاجتماعي من دور في انتشار المعلومة ومشاعيتها، إذ أصبحت المعلومة مشاعة بين كل الطبقات وفي كل الأزمان الأصقاع والبقاع.
ثم إنه لا ليس بإمكان أحد - إلا جاحد - أن ينكر ما كان لها من دور في اندلاع الثورات – المجهضة في أغلبها، والناجحة نسبيا في بعضها- حيث كانت الوسيلة الفعالة لتكسير الخوف بداية والتحرر ثانيا والحرية الموقوفة التنفيذ ثالثا، إذ لولا تلك الوسائل لكان الواقع العربي على الخصوص والعالم بشكل عام قد زاد قهرا واستبدادا وتنكيلا دون علم من أحد إلا ما تسرب من عين الإبرة من خبر.
وانطلاقا من قول "نتشه" على أن الحقيقة مزعجة، لذلك يفضل الجميع البحث عن الحقيقة التي لا تزعجه، وليس هناك من فضاء بإمكانه أن يوفر هذه الإمكانية سوى فضاءات التواصل الاجتماعي، هذه المواقع التي أصبحت دون منازع الفضاء المفضل لتسوق الحقيقة، لأن العرض جد متوفر.
ثم إن هذه الوسائل قد أتاحت لعامة الناس على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية والمجتمعية إمكانية التعبير عن آرائهم وينشروا ما يحلوا وما لا يحلوا لهم من أفكار        وأخبار قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة فذاك غير مهم كل ما هنالك هو النشر لأجل النشر.

ألا إن صيانة لغة الضاد من خطر الامحاء هي صيانة للهوية العربية ، و صيانة للأمن القومي : عبد السلام المسدي
ما من شك في أن المعنيين بالشأن اللغوي من المثقفين العرب لم يتوانوا ( منذ القرن التاسع عشر ) عن إثارة الانتباه للمكانة المحورية التي تحتلها اللغة العربية في الكيان الحضاري العربي ، و الدور الذي يمكن أن تطلع به في مضمار النهوض التنموي الشامل . و من تحصيل الحاصل التذكير بأن لغة الضاد واجهت ألوانا من المحن بالغة الخطورة ، و في أكثر من محطة في مسيرة العصر العربي " الحديث " ، أقلها الحصار الذي ضرب عليها أثناء الاستعمار الأجنبي للقبائل / الأقطار العربية ، و ثقل اللهجات المحلية و مواجهة الامتداد الكاسح للغات الأجنبية ، مما حدا بالمؤسسات الرسمية و الأهلية المعنية بالقضية اللغوية ، و بمعية عدد غير قليل من الباحثين و علماء اللغة المجتهدين ، إلى المساهمة الجادة في بلورة ، و اجتراح حلول كفيلة بإنقاذ العربية من مآل الانقراض .
***

نفترض أنك ترغب بمشاهدة فيلم، في التسعينيات ستقوم -وهو الحل الوحيد والأرخص ثمنا- باقتناء شريط فيديو، حاليا تستطيع الجلوس بالقرب من مقهى ومشاهدة الفيلم بالمجان عبر تقنية ال Wi-Fi. مضمون الفكرة هو الاستفادة من خدمة مجانية، وهو الأمر الذي لم يسبق حدوثه بتاريخ الاقتصاد؛ وهو أيضا ما يميز اقتصاد القرن 21 عن اقتصاد القرن 20. حيث الخدمات المجانية لاقتصاد التكنولوجيا والشبكات الافتراضية تكتسح اقتصاد الصناعات الثقيلة.
لو أنك اليوم تفكر بمشروع حول وضع تطبيق للتعارف مقابل دفع العملاء 1 دولار لتسجيل حساب، فهذا يعني إما أن لديك مشكلة بدماغك أو أنك نصاب! لأنه كيف يعقل أن تستثمر في خدمة بالدفع هي بالأصل مجانية ولن تصل بمستواها لخدمات شركات كبرى كفيس بوك وإنستاغرام وسنابشات بخدماتها المجانية؟ وما يميز اقتصاد الخدمات المجانية أن أرباحه تفوق أرباح اقتصاد الصناعات الثقيلة!