تظهر في فكرنا العربي المعاصر عدة معارك زائفة وثنائيات مصطنعة مثل السلفية والعلمانية، الدين والدولة، الدين والعلم، الدين والفلسفة، الأصالة والمعاصرة، القديم والجديد، الإيمان والإلحاد، الدين والعقل، الله والطبيعة، الله والإنسان، النفس والبدن، الآخرة والدنيا، الرجل والمرأة.. الخ. وتوحي هذه الثنائيات بتناقض أطرافها واستحالة الجمع بينهما لأنهما على طرفي نقيض بمنطق "إما... أو". وتنقسم الأمة إلى فريقين متصارعين كل فريق في صف طرف ضد الفريق الآخر الذي في الطرف الثاني. وتنقسم الثقافة الوطنية إلى قسمين متصارعين، يدمر أحدهما الآخر ويقضي عليه. فينتهي الإبداع، ويعم النقل. ويتوقف الحوار، ويسود التعصب.
والحقيقة أن هذه المعارك الزائفة قد نشأت في الغرب وتجربته في الحداثة. فبعد أن اكتشف الغرب في مطلع عصوره الحديثة منذ الإصلاح الديني وعصر النهضة استحالة الجمع بين الكنيسة والدولة، بين الدين والعقل، بين الإيمان والعلم، بين أرسطو والطبيعة آثر استبعاد القديم واستبقاء الجديد، وترك الكنيسة والدين والإيمان وأرسطو وبطليموس، والاعتماد على العقل والعلم والطبيعة وقدرة الإنسان على الفهم والنقد والتحليل. فنشأ في الوعي الأوروبي هذا الصراع بين القديم والجديد، وتربى على هذه الثنائيات المتعارضة.
ومنذ ريادة أوربا في عصورها الحديثة، وتحولها إلى مركز للعالم، وانتشار ثقافتها منذ القرن الماضي خارج حدودها مصاحبة للمد الاستعماري في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، انتشرت هذه الثنائيات خارج حدودها، وعمت الثقافات الوطنية في الأطراف، ومنها الوطن العربي. فنشأ لدينا ومنذ فجر النهضة العربية في القرن الماضي هذا الرافد الجديد في الثقافة العربية. وبدأ التقابل بين الموروث والوافد في الظهور على نفس النمط الغربي خاصة في التيار العلمي العلماني عند شبلي شميل، وفرح انطون، وسلامة موسى، وإسماعيل مظهر، وزكي نجيب محمود، وفؤاد زكريا. وكلما زاد العداء للموروث انتشر النمط الغربي الذائع خارج الحدود.
وقد حدث هذا الفصام في الثقافة الوطنية في لحظة تاريخية توقف فيها الإبداع، وعم فيها التقليد والاتباع. فلا فرق بين النقل من القدماء لملأ الفراغ أو النقل من المحدثين. فضل البعض النقل عن القدماء لعجزهم عن الإبداع وتوقفهم عن الاجتهاد. فتراكم القديم فوق واقع لا يتلائم معه، ويتطلب حلولا أخرى غير التي صاغها القدماء. فدفع ذلك البعض الآخر إلى أن يولي وجهه شطر الحلول الجاهزة الوافدة من الغرب، فتراكمت بعضها فوق البعض. وأصبح الواقع يئن تحت الموروث والوافد. وكلاهما نقل. فاذا انتفض الواقع باسم الحاضر تهاوى الموروث والوافد معا كما حدث إبان الثورات العربية الأخيرة التي بدأت من الواقع الوطني من أجل التحرر من الاستعمار الخارجي والقهر الداخلي والقضاء على الفقر والتخلف والتجزئة والتبعية دفاعا عن استقلال الإرادة الوطنية.
والحقيقة أن هذه المعارك الزائفة قد نشأت في الغرب وتجربته في الحداثة. فبعد أن اكتشف الغرب في مطلع عصوره الحديثة منذ الإصلاح الديني وعصر النهضة استحالة الجمع بين الكنيسة والدولة، بين الدين والعقل، بين الإيمان والعلم، بين أرسطو والطبيعة آثر استبعاد القديم واستبقاء الجديد، وترك الكنيسة والدين والإيمان وأرسطو وبطليموس، والاعتماد على العقل والعلم والطبيعة وقدرة الإنسان على الفهم والنقد والتحليل. فنشأ في الوعي الأوروبي هذا الصراع بين القديم والجديد، وتربى على هذه الثنائيات المتعارضة.
ومنذ ريادة أوربا في عصورها الحديثة، وتحولها إلى مركز للعالم، وانتشار ثقافتها منذ القرن الماضي خارج حدودها مصاحبة للمد الاستعماري في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، انتشرت هذه الثنائيات خارج حدودها، وعمت الثقافات الوطنية في الأطراف، ومنها الوطن العربي. فنشأ لدينا ومنذ فجر النهضة العربية في القرن الماضي هذا الرافد الجديد في الثقافة العربية. وبدأ التقابل بين الموروث والوافد في الظهور على نفس النمط الغربي خاصة في التيار العلمي العلماني عند شبلي شميل، وفرح انطون، وسلامة موسى، وإسماعيل مظهر، وزكي نجيب محمود، وفؤاد زكريا. وكلما زاد العداء للموروث انتشر النمط الغربي الذائع خارج الحدود.
وقد حدث هذا الفصام في الثقافة الوطنية في لحظة تاريخية توقف فيها الإبداع، وعم فيها التقليد والاتباع. فلا فرق بين النقل من القدماء لملأ الفراغ أو النقل من المحدثين. فضل البعض النقل عن القدماء لعجزهم عن الإبداع وتوقفهم عن الاجتهاد. فتراكم القديم فوق واقع لا يتلائم معه، ويتطلب حلولا أخرى غير التي صاغها القدماء. فدفع ذلك البعض الآخر إلى أن يولي وجهه شطر الحلول الجاهزة الوافدة من الغرب، فتراكمت بعضها فوق البعض. وأصبح الواقع يئن تحت الموروث والوافد. وكلاهما نقل. فاذا انتفض الواقع باسم الحاضر تهاوى الموروث والوافد معا كما حدث إبان الثورات العربية الأخيرة التي بدأت من الواقع الوطني من أجل التحرر من الاستعمار الخارجي والقهر الداخلي والقضاء على الفقر والتخلف والتجزئة والتبعية دفاعا عن استقلال الإرادة الوطنية.