اتخذت القاهرة شهرة عالمية منذ عصر الأيوبيين والمماليك، ذلك العصر الذي كان ذروة الاحتكاك مع العالم الغربي فيما عُرف بفترة الحروب الصليبية، والتي تتابعت من بلدان أوروبا الغربية للانتقام من العرب المسلمين، واستعادة بيت المقدس، والاستيطان المستمر بها، على الجانب الآخر، رأى المسلمون في الشام ومصر -على وجه الخصوص- هذا الخطر الصليبي تهديدا وجوديا، فصرفوا فيه جهدهم وأموالهم وطاقتهم العسكرية على مدار قرنين متتاليين.
غير أن العلاقات بين الجانبين لم تكن طوال الوقت حربا ضروسا، فقد كان التعرف على الآخر وثقافته وحياته اليومية أمرا مهما لا يقل أهمية عن ميدان القتال والحرب، ومنذ القرن الثالث عشر الميلادي تتابع الرحّالة والمستشرقون الأوروبيون صوب العواصم العربية الكبرى وعلى رأسها القاهرة للوقوف على أخبارها ومستجداتها وأطوارها، فهل كان مجيء هذا الكم الكبير من الرحالة والجغرافيين الأوربيين بهدف الاستمتاع بسحر الشرق والوقوف على أطواره الثقافية والاجتماعية الغريبة؟ أم كان له أهداف جاسوسية للوقوف على مواطن الضعف واستكشافها؟ وما الجديد أو الطريف الذي كتبه هؤلاء الرحالة عن مجتمع القاهرة ومصر في ذلك العصر قبل بضعة قرون؟!