peinture-art-abstrait-12

ليس بالأمر الهين علي الناس أن يقبلوا "الجديد" إلا بحذر وترقب، وتصارع أحياناً. لذا لقي مُجددون ومُصلحون ـ إبان فترة الإنتقال إلي ذلك الجديد ـ عنتاً كبيراً، ومشقة من مجتمعاتهم، لانهم بشروا بما آمنوا به، وبما أعتقدوا أن فيه صلاحهم.. فرادي وجماعات. ولعل مبعث هذا العنت، وتلك المشقة هو ذلك الموقف "المتذبذب" من ذلك "الجديد"، فالناس يريدونه بيد أنه يثير "قلقهم علي حياتهم التي تبدو مستقرة". و"ما أشبه الليلة بالبارحة"، فالحاجة إلي الإصلاح ماسة، و"التذبذب" قائم، ولعل في الإشارة إلي جهود الرواد المصلحين، و تناولها بالدراسة والتحليل.. محاولة للمّ الشمل، وضم الجهود، وإثراء التواصل، ومعالجة الجمود، ومداواه "الإنهزام النفسي"، و"التخلف الحضاري"، و"القابلية للأستعمار"، ومواجهة الوهن الداخلي، والتآمر الخارجي، الذي يستهدف العروبة والإسلام والأوطان، ونهوضها في آن معاً.  
التجديد لا يعني الإزالة والإستحداث، وتغيير الأسس، والتصرف في الأحكام، والإبتعاد عن الجوهر والمعالم والقيم: "فعبر الزمن لا تتغير القيم العليا الحاكمة لحضارة ما، فهي مثالها العام، عقيدتها، فلسفتها، وقيمها الإنسانية العليا التعبر الزمان والمكان.. بيد أنه لا ينبغي أن تكون حالة الدفاع عن (الذات الحضارية) أمام ما تواجهه من تحديات بمثابة غشاوة تختفي خلفها الرغبة والقدرة علي التجديد ـ في المتغير المرن المستجد ـ دون تفريط أو إفراط في الهوية"(1). فالتجديد - إذن- يعني: إعادة الأمر لأقرب ما يكون إلي صورته الأولي، وهو في الدين يعني: "إعادته إلي أصله يوم نشأ، بتنقيته مما ألحقته به أهواء الناس من أباطيل وخرافات، وجمود وتقليد، وتبعية وإنحراف". ويعني التجديد الأقتراب من عصره الذي يعيش فيه، والأرتقاء والنهوض بالعصر وفقا لنهجه الأصيل السامي.. فكريا وفقهياً، ثقافياً وروحياً، إجتماعيا وأخلاقياً، إقتصاديا وإنسانياً الخ.
ولعل "شرعية التجديد" أمر مقرر وفريد في الإسلام دون غيره، ففي الحديث الشريف:"إن الله يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" (2). فهي سُنة من السنن الدائمة، فكما يصدأ المعدن فيحول الصدأ بينه وبين فعله الحقيقي، كذلك قد تغير الأهواء ـ علي كر السنين ـ رسالات ومنظومات إجتماعية بالبدع والخرافات والأساطير والإضافات التي تحجب جوهرها الفعال وتعطل طاقاتها. ولكون الإسلام الدين الخاتم للرسالات السماوية، ولكي يكون صالحاً لكل زمان ومكان، كان التجديد قانوناً دائماً" (3).

69.jpgليست القراءة فعلا فيزيولوجيا يرتبط بإحداث الوحدات الصوتية عبر النطق بحسب ما تقتضيه الأنظمة اللغوية، وإنما القراءة، سواء أكانت قراءة للعالم بوصفه وجودا يقع خارج الذات الإنسانية، أو نصا بوصفه تشكيلا لغويا، تعني: الفهم، والتفقه، والتوصيل، ومن ثم فإنها تمثل نشاطا معرفيا ذهنيا يختلف ويتفاوت بحسب رؤية القارئ وبحسب طبيعة نظرته إلى العالم أو النص، والزاوية التي يصدر عنها.(١)

وقد ارتبط مفهوم القراءة في التراث الإسلامي بالتفسير والتأويل، باعتبارهما طريقين لاستخراج المعنى وإظهاره من الكيان النصي، ويرتبط التأويل بالاستنباط، في حين يغلب على التفسير النقل والرواية، وفي هذا الفرق يكمن بعد أصيل من أبعاد عملية التأويل، وهو دور القارئ في مواجهة النص والكشف عن دلالته).. (إن المؤول لابد أن يكون على علم بالتفسير يمكنه من التأويل المقبول للنص، وهو التأويل الذي لا يخضع النص لأهواء الذات وميول المؤول الشخصية والإيديولوجية، وهو ما يعتبره القدماء تأويلا محظورا مخالفا لمنطوق النص ومفهومه».(٢)

وفي خضم سيل من القراءات المعاصرة للتراث يقدم المفكر المغربي طه عبد الرحمن مشروع قراءته للنص التراثي بأنه منحى غير مسبوق يأخذ بالنظرة الشمولية والتكاملية إلى التراث وليس بالنظرة التجزيئية والتفاضلية، وبأدوات مأصولة وليس بأدوات منقولة، مؤكدا أن قراءة النص التراثي هي:«مطالبة النص بالتدليل على وسائله أو مضامينه» (٣.)فأخذ على عاتقه زحزحة التقليد المعاصر في قراءة التراث، الذي آثر في نظره الاقتصار على نقد مضامين التراث من دون الوسائل التي عملت في توليد هذه المضامين وتشكيل صورها، فكان بذلك -التقليد المعاصرفي قراءة التراث-نظرة جزئية تفاضلية، بسبب وقوفه عند مضامين النصوص والنظر فيها بوسائل تجريدية وتسييسية منقولة مع نسيان الوسائل التي عملت  في تأصيل وتفريع هذه المضامين التراثية.فما هي الخلفيات المعرفية الموجهة لهذه القراءة؟ وما هي مستويات وآليات هذه القراءة؟.

damas.jpgالدين على دفة. العلم على دفة. وبين الدفتَين كتاب الحياة للعرب والمسلمين؛ كتاب مفتوح لكنّه مشفّر و غير مقروء. فإن كنت من علماء الدين لا حق لك في أن تجتهد في العلم الدنيوي، لأنّ الأوان قد فاتك. وإن كنت أخصائيا في علم من العلوم غير الدينية لا حق لك في أن تجتهد في الدين، لأنك لست من علماء الدين. ذلك ما حكمَت به التقاليد والأعراف إلى حد الآن. و الوضعية جد حرجة ومسألتها جد شائكة، وقد تفاقمت مع مرور الحقب في تاريخنا المعاصر. مع هذا فإنّ الفكر العربي الإسلامي لم يكن قادرا على رفع التحدي القاضي بتقريب ما هو ديني من ما هو دنيوي من العلوم. وكلمة تتردد مئات المرات على ألسنية المفكرين من جميع المشارب: التأصيل؛ تأصيل الواقع في الدين، و الدين في الواقع، والحداثة في الثقافة العربية.
  وبودّي أن أستهلّ الإجابة في صلب هذه الإشكالية باستعراض وجيز لوضعية التشكل الإيديولوجي العام الذي آل إليه الحرمان من القدرة على التأصيل. ثمّ لا مفرّ من عرض أهمّ التبعات الفكرية لذلك التشكل الناتج عن حرمان من مواقف عادة ما تكون إمّا متصدّية للتأصيل، رغم ادعائها عكس ذلك، وإمّا صارفة النظر عنه. كما أودّ، في مرحلة تالية، أن ألقي بعض الضوء على نتائج بعض التجارب في الفكر العربي أخذت من التأصيل هدفا لها. وأخيرا أعتزم عرض رؤية معينة يكون فيها تأصيل الحداثة والإسلام في بعضهما البعض بواسطة تكامل الاثنين أمرا معقولا ومقبولا.
 إنّ من ينادي بالتأصيل هم عادة ناشطو الإسلام السياسي ورموز الإسلام التقليدي المؤسساتي. إلاّ أنّ الغريب في الأمر، من الوهلة الأولى، أنهم هم الذي يبادرون باستعمال ورقة النقض ضد أية محاولة من قبيل التقارب بين الدين والعلم. ذلك لأنهم بقوا حبيسين لمبدأ مغلوط ورثه الفكر العربي عموما من تاريخ الكنيسة: فصل العلم عن الدين، وبمقتضاه اعتبروا أنفسهم، دون سواهم من أهل العلم، الورثاء الوحيدين للدين. فتراهم يقفون سدّا منيعا أمام كل "تطفل" على الدين من لدن دعاة العلم ولو كان دعاة العلم من المؤمنين.

anfasse.orgمدخل:
مع ظهور فلسفة التأويل في الفكر الغربي، اتسعت التطبيقات المتعددة للتأويلية في الفكر الغربي والشرقي معا.
ولعل مسألة التأويل لم تكن وليدة اليوم، على الرغم من "الطابع العلمي" الذي أضفي عليها في التأويلية المعاصرة، بل شكل التأويل أساس وجود النص، فكل نص يفترض قراءة، والقراءة تستدعي الفهم، وما دام الفهم محكوما بالذات في مختلف السياقات التي تحكم القراءة، فإنه سيبقى نسبيا ومتعددا ومختلفا ومتنوعا حسب الذوات والسياقات التي حكمها، وهذا أساس قيام التأويل ووجوده.
شكل العصر الوسيط في الحضارة العربية الإسلامية أهم العصور التي نمت فيه النزعة التأويلية، حيث شكل علم الكلام مجالا خصبا للمجادلة حول "النص الديني" حيث ظهرت تيارات عديدة تهتم بالتأويل والتفسير معا.
ومع كثير من التحفظ فإننا لا نسوق هنا الحديث عن التفسير باعتباره شرحا وتوضيحا من أجل الفهم بل التأويل كفعل لاستبطان ما هو مضمر في النص ك "الآيات المتشابهات" و "الآيات المحكمات"...
إن الجدال لم ينصب حول ضرورة التأويل، بل حول جملة القضايا التي شكلت أساس علم الكلام وبالقدر الذي نجد دعاة التأويل يسعون إلى إعادة تفكيك النص الديني من أجل إيجاد ما يشفي الغليل وما يروي ضمأ "الشغف إلى الاستطلاع" فإننا نجد في المقابل تنامي النزعة "اللاتأويلية" (إن جاز هذا الاستعمال) والمتمثلة في جملة التيارات والجماعات السلفية التي تنبذ التأويل وتذمه.
وإذا كان اقتناعنا تاما على أن أي نص سيظل يكتنفه الغموض ما دام محكوما بسياق ما وبشروط جعلته كذلك يتأطر كإجابة مرحلية على ضرورة ما، فهذا لا يعني أننا سننساق إلى دعاة التأويل ونذهب بعيدا إلى الترويج لفلسفة التأويل ما لم يتضح أكثر السياق التاريخي، وهو ما يستدعي فهم عميق للثرات الذي يختزن "أثرا تاريخيا وفكريا" يستحق كل الاهتمام. وحسبنا نروم هنا في هذا الموضوع إبراز وجهين بحثا مسألة التأويل من زاويتين مختلفتين، وان كان لا يجمع بينهما مجمع في زمان ما، ولا مأدبة سجال، فإننا نتوخى حقيقة معالجة موقف سني ـ سلفي يذم التأويل، وموقف عقلي يدعو إلى التأويل ويشرع " الاعتبار" بالمعنى الرشدي.

anfasse.orgهكذا هي لغة الواقع، لو يخون الطلاء شواهده لحظة واحدة...
فعندما يصير التعبير الأثير والمحبب من منظور الخطاب الإعلامي ـ الرسمي منه وغير الرسمي..، وكذا الأوساط العالمة والمهتمة ـ الأكاديمية منها وشبه الأكاديمية ـ...، قولهم "الحقل الديني" ! فذلك اختيار موح، لا يخلو فعلا من دلالة أو دلالات، طبعا لا تعارض ما يطرحه عالم الإجتماع الفرنسي (بيير بوورديو) مثلا..، ولكنها ترجع ـ إذ يتردد صداها في الأروقة الرسمية ـ إلى نوع من (اللاوعي السياسي) المتحكم..، فحتى (الفلاحة) التي هي أصل هذه الصورة المجازية.. غادرت مبكرا إلى وعي غير تقليدي أو قروسطوي، هو (القطاع): "القطاع الفلاحي"، رغم أنها ظلت في الحقول ولم تغادرها في يوم من الأيام، ولا ينتظر منها ذلك، ربما يقال: (الدين) شيء ينتمي إلى الماضي، يمكن أن نستصحبه في الحاضر، ولكن دائما كشيء تقليدي موغل في التقليدانية ـ جزءا من بنيته ـ فينبغي أن يبقى كذلك ! ومن أراد غير ذلك فقد أحدث و(من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)، لكن (الزراعة) أيضا شيء قديم.. على الأقل قدم الدين نفسه.. وإذا كان الدين شيئا مقدسا، فالزراعة كذلك كانت شيئا مقدسا منذ الإنسان القديم، وإلى اليوم المقدس الأعظم عند الإنسان المغربي: (الخبز) بمختلف أنواعه وأشكاله...
وأنا هنا سأقدم بضعة شواهد أن هذا "الحقل" فعلا: "فدان"، أي حقل بالمعنى الإقطاعي، حيث "الفلاحة" مثلا حقل أو حقول لكن بالمعنى القطاعي..
فالأوقاف ـ عند المهدي المنجرة ـ مؤسسة فيودالية.. كذا يصرح باللفظ (راجع كتابه: قيمة القيم..)، فيعفينا جزءا من الحمل، طبعا القارئ عندما يسمع هذا يقفز إلى ذهنه المداخيل الخيالية (مجهولة المصير) التي تجنيها [الأوقاف الوزارة] من [ الأوقاف الأملاك] من الغابات والحقول والفيرمات والعقارات والعمارات مما حبسه الآباء والأجداد...
وإلى حدود الساعة لا زال كل شيء عندنا يمشي في الاتجاه المعاكس.. ففي الوقت الذي قام فيه الأوربيون بـ(نزع أملاك الكنيسة)، ونقلها للمجال العام، وبعد أن عرفت التجربة الإسلامية (الوقف) ـ مذ عرفته ـ  مؤسسة اجتماعية وعامة بامتياز، نشأة واشتغالا.. ترانا هنا وإنا لنعالج قضايانا بطرق ارتكاسية نكوصية..
وللإفادة، وللأمانة التاريخية فقد كانت الوزارة دائما تشترط في المساجد ـ بعد أن يشيدها الناس ـ أن يكون لها مستوى معين من المداخيل، وإلا لا تضمها إليها، إنها حينئذ تشكل عبئا إضافيا بالنسبة إليها، وإنها لفي غنى عنه.

أنفاساللسان العربي مصطلح أعم يشمل لسان العرب ولسان القرءان واللسان الكامن كما ورد في مقال سابق خاص بتعريف هذا اللسان وتصنيفه. واللسان العربي (ومن ضمنه لسان القرءان) يمكن دراسته على ثلاثة مستويات هي مستوى الدال ومستوى الدلالة ومستوى التداول (أنظر المقابل الإنجليزي لهذه المصطلحات في الخلاصة). ويمكن دراسة الدال في مستوى التصويت ومستوى التصريف ومستوى التركيب. وهذا المقال سوف يركز على نظام التصريف في اللسان العربي. ولأن التصريف من أهم خصائص اللسان العربي، فإن هذا اللسان يوسع الدلالة العامة الأصلية (الدلالة المحورية) للجذر الثلاثي فيه مثلاً بتصريف هذا الجذر في اتجاه الدلالات الفرعية المتعددة حسب أوزان صرفية معروفة وأخرى كامنة يمكن أن تظهر في سيرورة حياته. ونظام التصريف في اللسان العربي يمكن تقسيمه إلى ثلاث مجموعات كبيرة تحتوي كل مجموعة على مجموعات صغيرة داخلها.
1. التصريف الصغير (الأول):
هذا النوع من التصريف لا يتغير فيه ترتيب حروف الجذر الثلاثي ولكن تأتيه الزيادة في المبنى من واحد أو أكثر من الحروف التي تجمعها جملة (سألتمونيها) بالإضافة إلى التضعيف. هذه الحروف العشرة ليست هي الوحيدة التي تدخل على الجذر في هذا التصريف ولكنها الأشهر في الإستخدام التصريفي. والجذر الثلاثي يأخذ دلالته المحورية من دلالات الحروف المكونة له بذات ترتيبها ووقوع الحركات عليها. ويمكن تمثيل ذلك في مجموعة رياضياتية حيث أن:
دلالة الجذر = {دلالة الحرف، رتبة الحرف، حركة الحرف}.
(مع ملاحظة أن الحرف مقصود به الصوت هنا).

أنفاسكنت في بداية السنوات التسعين من القرن العشرين أقرأ في المقدمة الضافية العميقة التي خطها قلم الأستاذ أحمد محمد شاكر عليه شآبيب الرحمة لكتاب الظاهرة القرءانية الذي ألفه الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله وقد لاحظت أن الأستاذ شاكر كان يدافع عن الشعر العربي ضد الذين جاؤوا بأبيات ناصعة من الشعر ولكنهم قلَّلُوا من قيمتها عند مقابلتها بآيات من القرءان العظيم. قرأت تلك المقدمة عدة مرات وأوحت لي بفكرة الإختلاف بين لسان العرب ولسان القرءان ووجدت أن الأستاذ شاكر أحس بهذا الإختلاف ولكنه أفلت منه لأن دائرة قوله كانت الدفاع عن الشعر وعدم مقارنته بالقرءان. وسبب اهتمامي بهذا الموضوع يعود لسنوات الدراسة حيث أنني لم أكن أحب في كتب النحو أن تأتي بأمثلتها من القرءان وغيره من الكلام جنباً إلى جنب.
ثم صرت أقرأ بعد ذلك لكثيرين تحس أنهم يميزون بين اللسانين بدرجة من الدرجات مثل الأستاذ محمد أبو القاسم حاج حمد رحمه الله الذي استخدم مصطلحي (الاستخدام الإلهي للغة) و(الاستخدام البشري
للغة). وحاج حمد رغم سمو قامته في الدراسات القرءانية المعاصرة إلا أنه لم يلزم نفسه باستخدام اللفظ القرءاني (لسان) وجرى قلمه بلفظ (لغة).
والموضوع يحتاج لبحث طويل قد أحتشد له يوماً إن شاء الله ورضي وأذن ولكني كتبت هذه الأسطر حتى يشترك معي القاريء والقارئة الكريمين في توسيع الموضوع وعرضه للنقاش لنستفيد من آرائكم التي  التي سوف تؤثر على الصياغة النهائية له.
وهذا الملخص أو الموجز سوف يهتم بتعريف اللسان العربي والفرق بينه وبين لسان العرب والفرق أيضاً بين لسان العرب ولسان القرءان.وفي الموجز القادم سوف نكتب عن بعض خصائص لسان القرءان إن شاء الله.

أنفاس طرح المشكل: مزاحمة اللاهوت للناسوت**
يعيش الإنسان في أجزاء واسعة من العالم الإسلامي وضعا على قدر من الغرابة، غرابة ناتجة عن مفارقة انتمائه المزدوج إلى الماضي والحاضر معا، ماض يختلف مفارقة فضاءه المعرفي التّصوري عن الفضاء المعرفي النموذجي المعاصر اختلافا جذريّا. لنعط مثالا عن ذلك المسافة الابسمولوجيّة الشاسعة التي تفصل علم الكلام (علم أصول الذين اللاهوت القديم) عن العلوم الإنسانية التي ظهرت في بداية القرن الماضي. الخاصيّة المميّزة للأوّل هو كونه يتمحور حول الإلهيات التي "تتخفّى وراءها الانسانيات" (1) فلا حديث في إطار هذا العالم إلا عن العدل الإلهي والعلم الإلهي والحريّة الإلهية... الخ، حديث يعوّض قائليه عن الجهر بغياب العدل في الدّولة وفقدان القدرة على التمييز والإصلاح والإمكانيات الماديّة اللازمة لإنجاز ذلك....الخ فمن كان إلى جانب الانسان /"المواطن" يدافع عن حرّيته ويطالب الحاكم بالعدل ويعترض على أخذ أحد بجريرة لم يقترفها كان مع المعتزلة في القول بالعدل الإلهي والوعد والوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي بعض من أصول الذين لديهم. ومن كان من الذين ينأون عن مقارعة الظلم ودحض حجة المستبدّين انتسب إلى المرجئة الذين يقولون بأنّه "لا تضرّ مع الإيمان معصية ولا تنفع مع الكفر طاعة" ومن دعا إلى الاستسلام إلى الأمر الواقع والقبول به صغارا قال بدعوى الجبريّة الذين لا يرون الإنسان/ "المواطن" إلاّ واقعا تحت مشيئة الله في كلّ ما يعرض له لا تقدر أن يغيّر مـن واقعـه شيئـا. هـذا بخصوص "علم الكلام" وموضوعه (الإلهيات التي تخفي ورائها الانسانيات وقضايا "المواطنة وحقوق الانسان"). أما الدرس الخلدوني في غلق باب البحث في اللاهوت واعتباره "طمعا في محال" لعدم قدرة العقل على القطع في الغيبيات، تمهيدا لفتح باب الانسانيّات (علم العمران البشري)، فهو درس كان سابقا لأوانه ولم يستوعبه أحد في عصره.أما في ما يتعلق بالعلوم الإنسانية، فإن موضوعها، كما هو واضح بذاته، الانسان نفسه، ولا من ينوي عنه الانسان بكلّ أبعاده الاجتماعية و النفسيّة و المعرفية والثقافيّة هذا هو الوضع إذن: علم الكلام الذي يستمرّ في تأثيره الخفيّ على عقل ووجدان المسلم المعاصر وعلوم الانسان التي تحدث انقلابا كوبرينكيّا في موضوع العلم، "يختفي الإله ويظهر الانسان" بعد أن كان هذا الأخير مختفيا وراءه. هذه العلوم (الانسانيات) تصافح الأفراد بفتور في المعاهد الثانوية وفي الجامعات والكتب والنشريات والمحاضرات ووسائل الإعلام ويبدي النّاس بعض الاهتمام بعلم النفس مثلا واهتماما أقل بعلم الاجتماع وجهلا بالأنتروبولوجيا واستغرابا من الاثنولوجيا...الخ.