22082012200954639osmoseإن دارس الأساطير سرعان ما يقع في هواها وهذا ما لاحظه إيفانز برتشارد وكذلك كلود ليفي ستراوس في تعليقهما على فرويد في تحليله لأسطورة أوديب، فقد ابتدع فرويد أسطورته الخاصة عن الأب البدئي الذي قتله الأبناء والتهموه ثم عبدوه في صورة طوطم. ومن وجهة نظر ستراوس أنه يمكن رصف أسطورة فرويد في عداد الأساطير الأوديبية العديدة.

في كتابه الموسوم بـ»المتن والهامش ، 1997 « يذهب حسن قبيسي إلى القول: إن أصحاب الفكر التاريخي الذين ما برحوا قياس البيضة على الباذنجانة يجدون أنفسهم نتيجة عجزهم عن فهم بنية المجتمع العربي التقليدية ومقوماته، في مواجهة مع هذا المجتمع الذي يظهر عصياً على التغيير، وذلك بهدف إدخاله إلى جنة الفكر التاريخي، مع العلم أن الناس لا تريد أن تدخل الجنة ولو بضربات الهراوة على حد تعبير لينين ذات مرة. لذلك ليس غريباً أن يظهر بين آن وآخر حجّاج جديد على حد تعبير قبيسي، يقوّم اعوجاج أهلنا الأسطوري بحد السيف ويدخلهم عنوة إلى جنة الفكر التاريخي. يقول قبيسي، إن المثقفين العرب من ذوي الفكر التاريخي ودعاته لا بد أن يكونوا أقرب إلى منهجية الفكر الغربي(التاريخي بامتياز) في تفكيرهم، ومن ثم أبعد من ذهنية جموع مجتمعاتهم التي هي لا تاريخية من حيث فكرها وتعاملها مع أحداث الزمان وتجاربه وعبره.. وأن النوايا السليمة لا تجد فتيلاً في هذا المجال. فمهما زعم هؤلاء المثقفون وصلاً بليلى جموعهم، فهم لا بد مصطدمون لأن بينهم وبين هذه الجموع صدعاً لا يرأب إلا بشق الأنفس وقمعها، واعوجاجاً لا يقوّم. هل أردف أحد: إلا بحد السيف«؟(1).

7138282 sophisme01ارتبطت قراءة الرموز الكونية بالدين الحنيف ([1]) حتى قبل ظهور قراءة رمزية  الكتابة و الحروف حيث ان في قصة تقبل الله تعالى لقربان هابيل بأن نزلت نار من السماء فأحرقته دلالة على القبول جاء في تفسير سورة المائدة  : { إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا } أي: أخرج كل منهما شيئا من ماله لقصد التقرب إلى الله، { فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ } بأن علم ذلك بخبر من السماء، أو بالعادة السابقة في الأمم، أن علامة تقبل الله لقربان، أن تنزل نار من السماء فتحرقه ([2])
كما طولب سيدنا زكريا بأن يقرأ في عقل لسانه عن الكلام بغير ذكر الله تعالى  وذلك في قوله تعالى : قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا ،  آية و علامة على استجابة الله دعاءه بأن يهب له من لدنه ذرية طيبة فسأل ربه وناداه نداء خفيا ، وقال : ( رب هب لي من لدنك ) أي : من عندك ( ذرية طيبة ) أي : ولدا صالحا ( إنك سميع الدعاء ) ([3])

tunisie-tradيُعدّ قطاع التدين الشعبي أحد المحاور الأساسية في إدراك كينونة فضاء اجتماعي مّا، وهذا المجال لا يزال يشكو إهمالا داخل أوساط الدراسات الاجتماعية والإناسية، في مجمل المجتمعات العربية، برغم انتشار الكليات والمعاهد المدرّسة للدين والاجتماعيات، التي لم توفق إلى حد الآن في القطع مع الانعزال النظري والانخراط في الاندماج العملي. وأمام هذا النقص الحاصل يزعم غربيون قيامهم بدراسات إناسية وسوسيولوجية للمجتمعات الأخرى، خوّلت لهم وعي بناها الدينية والأسطورية. أشك في الزعم المضخَّم، وفي اقتدارهم لبلوغ وعي متكامل وصائب. ولكن الأنكى أن كتاباتهم تتحول إلى أناجيل لدى أبناء البلدان المزعوم دراستها، بين عامتهم وعلمائهم.

battou-mosquأولا: عوائق ترجمة المصطلح الحضاري:
         بالرّغم من أهمية الرّحْلة، وقِيمة ما ورد فيها من أخبار ومَعلومات، فإنها ظلتْ مجهولة لفترة طويلة. إذ لم يُكْشف عنها إلا في القرن التاسع عشر، بعد أن تَنبَّه المُسْتشرقُون خاصّة لقِيمة ما تَتضمنه من مَعْلومات، ومِيزتها ضِمن الرّحلات، فاتجهوا إليها بالدِّراسة والتّحْليل والتّرجمة والنّشر...
         ويَرجع الفَضْل في إصدار أوّل عمَل مُتكامل للرِّحلة –بعد أن تُرجمت ونُشـِرت مُـقتطفات كَثيرة مِنها- إلى المُسْتَشرقيْـن الفَرنْسيّيْـن دِيفْريمِيـرِي (C. Defremery) وسَانْكِـنِيـتي (B. R. Sanguinetti) بالاعتماد على ثلاث مَخْطوطات للرّحلة. وبهذا، أصْبحت الرِّحلة في مُتناول القَارِئ الغَربي والعَربي الإسْلامي معًا. لأنّهُما نشرَا الرِّحلة في أرْبع مجلدات باللغة العَربية، مَصْحوبة بالتّرجمة الفَرنسية لها. وبعدهما يَرجع الفَضل لمُستشرق ثالثٍ أسْدى خِدمة لهذا التراث، هو هَامِيلتُـون كِـيب (H. A. R. Gibb) الذي تَرْجم مُعْظم الرّحْلة إلى اللغة الإنْجليزية. وقد حاول في أعْماله شَرْح ما غَمَض من الألفَاظ، وتحْديدَ عَددٍ من الأعْلام الجغرافية، والتعريفَ بعدد من الشّخصيات الوَاردة في الرِّحلة. وتُرجمت بَعد ذلك الرِّحلة –كامِلة أو أجْزاء منها- مرّات متكررة إلى لغات عديدة، منها الإسبانية والبرتغالية والروسية والسويدية والفارسية والتركية والهندية واليابانية... وبذلك، ذَاع صِيتها، وأصْبحت في مُتناول جميع القُرّاء.

lutherie02المولع بمعرفة أسرار المقامات الموسيقية ومعانيها لا يسعه إلا أن يقف احتراما لفن المالوف الذي بقي شامخا بكثيرا من الصبر، إذ ليس من السهل التمسك بالإختيارات وفرض هذا النوع من الفن الراقي على أذن تعودت على الإيقاعات الصاخبة والسريعة، وعلى ألوان وأنماط أخرى من الموسيقى التي لا تجد صعوبة في استعمار أذن السامع وخاصة الشباب.. مما يدفعنا بحثا في هذا النوع من الفن الذي يبرز تحدي الأصالة الصلبة لمتغيرات عالم الإستهلاك العبثي، وصخب التهريج الموسيقي. وهذاالمقال الذي أستند فيه إلى أهل المجال يوثق نظريا على الأقل جزءا قليلا من التراث الموسيقي الأصيل لتونس الذي كاد أن يضيع بسبب السياسات التغريبية التي طحنتنا لأكثر من خمسين سنة...

9-armasعلى الرغم من أنه قد يبدو أمراً غريباً غير أن معرفتنا بالتراث الأندلسي قد تكون أساسية لصياغة تصور جديد لحوار الثقافات في عالم تطغى فيه الأبعاد السلبية للعولمة. فتعايش الأديان الثلاثة في الأندلس يعتبر نموذجاً يحتذي به في حاضرنا المأهول بالإرهاب والعنف والظلم وانعدام التوازن على الصعيد العالمي بين الأغنياء والجوعى. وبالتالي فإن استيعابا عميقا للحضارة الأندلسية قد  يكون جوهرياً لفتح آفاق وتصورات جديدة في أفق تفاهم أكبر بين مختلف الحضارات. إلا أن الأمر لا يتعلق هما بابتداع ثقافة أندلسية وإنما باستيعابها بشكل أفضل لإغناء تصوراتنا الثقافية وتحقيق مستقبل أكثر أماناً وازدهارا، وأقلَ نزوعاً إلى الحرب. ذلك أن الحضارة الأندلسية ليست مبهمة أو غارقة في المثالية لأنها نشأت في بيئة ثقافية إنسانية وبالتالي فقد اتسمت بالحرب والدمار حيناً، وبالسلم والأمان والاحترام المتبادل أحياناً أخرى. ولذلك فلعل ثقافة القرن الحادي والعشرين لا تفتقر لشيء قدر افتقارها إلى اعتماد مقاربة بهذه الواقعية. فقد شهدنا بمجرد استهلال هذا القرن تصعيداً مفاجئاً للعنف قامت به جماعات إرهابية وجيوش نظامية. ومع أنه ليس من السهل إخماد نار العنف إذا ما اضطرمت، إلا أننا سوف نصلي ونعمل على تحقيق تعايش أفضل بين الشعوب وتفاهم أمثل، على الأقل بين المثقفين من مختلف المجتمعات على نهج أهل الفكر الأندلسي في القرن الحادي عشر بنجاح يتفاوت قدره من فترة إلى أخرى.

 gran al andalusيطمح هذا العرض إلى معالجة إشكالية علاقة الدين بالفلسفة في الغرب الإسلامي من خلال ثلاثة نماذج؛ نموذج غير موحدي ثم نموذجين موحديين ثم نموذج مغربي حديث. وسنسلك من أجل المعالجة توطئات نحدد فيها مفاهيم : الإشكالية – الدين –ا الفلسفة ثم نثير ما تتضمنه من مفارقات. لنضع هذه الإشكالية في سياقها من تاريخ الفلسفة بشكل عام.ثم نقف عند ابن سيد البطليوسي كتاب الحدائق.ثم ابن طفيل وقصة حي بن يقظانثم ابن رشد وكتابه فصل المقالثم نقف بإيجاز عند الحجوي ومقالته الموسومة بالتعاضد المتين.قبل أن نخلص إلى بعض النتائج في الموضوع.

توطئات :
ما الإشكالية :

الإشكالية هي مشكل فلسفي، والمشكل problème   آت من الكلمة الإغريقية problèma ، إنه الحاجز الذي ينتصب أمام الذات، الكيفية التي يقتحم بها، والجواب الذي نقدمه والذي لا يمكن أن يكون وثوقيا. أن يكون عند المرء حس الإشكال يعني أن ينظر في جميع الاتجاهات، والمشكل الفلسفي يمكن أن يشير إلى مفارقة أو إحراج ، إلى صعوبة ذات طبيعة عقلانية يبدو أنه لا حل لها.

TOUZANIيهدف موضوع هذا البحث إلى رصد جماليات العجيب في الكتابات الصوفية عامة، من خلال تتبع ما حفل به التراث العربي عموما وكتب القوم خصوصا من رصيد ضخم من العجائب، ومركزا – بشكل خاص - على جماليات العجيب في نموذج رحلة "ماء الموائد" لأبي سالم العياشي (ت1090هـ)، وبيان أثره على المتلقي ودوره في خدمة السلوك الصوفي وتعزيز التجربة الروحية العجيبة، حيث يمكن النظر إلى العجيب في الكتابات الصوفية باعتباره ذلك الفسيفساء الذي لا يندرج في سياق التشكيل الجمالي لتلك الكتابات فحسب، وإنما يدخل في مواد بنائها، وعناصر تشكلها، ومن ثم، تعددت تجليات الجمال والجلال في عجيب هذه الكتابات.
   إذا كان "العجيب" مصطلحا نقديا تبنته بعض الدراسات الغربية والتي تأثر بها النقد العربي المعاصر، فإن التساؤلات التي فرضت نفسها في هذا السياق، هي: لماذا لم يحظ العجيب باهتمام الباحثين والنقاد العرب؟ وما سر تأخر دراسته؟ ما تحولات العجيب وتجلياته في السياقين العربي والغربي؟ ثم ما صلة العجيب بالتصوف؟ وماهي جمالياته في الكتابات الصوفية؟ وهل يخدم نمط التلقي جماليات العجيب الصوفي؟ ثم أخيرا ما جماليات العجيب في رحلة "ماء الموائد"؟ ما مصادره وتجلياته؟ وكيف أسس عجيب هذه الرحلة هويته وخصوصياته؟