هل تؤدي عقلنة الدين إلى تدين العقل ؟- زهير الخويلدي
محمد عابد الجابري
هناك تنافر حسب الرأي السائد بين الدين والعقل لاسيما وأن الدين يفيد الإيمان والاعتقاد والتسليم والطاعة والتقليد والنقل والتقديس بينما العقل يفيد التفكير والشك والرفض والحرية والإبداع والبرهان والتنسيب. زيادة على أن الدين ينطلق من فرضيات غير مثبتة وغير قابلة للعرض على محك التجربة ويفترض حقائق ماورائية وعوالم وكائنات غيبية في حين العقل يتحرك في فضاء السؤال ويشتغل على الوقائع والأحكام ويترك ما يريبه إلى ما لا يريبه ويبني الحجة بالارتكاز على الحجة ويعتمد كليا على المنهج. لكن إلي أي مدى يجوز لنا الإقرار بوجود تنافر في المطلق بين العقل والدين؟
ألا يمكن أن نعثر على قرابة وتواشج بين ما يشرعه الله وما بحوزة الإنسان؟ ماذا نفعل أمام مصطلح عقل ديني عند أركون ودين في حدود العقل كما يقول كانط؟ هل أي دين حق ؟ متى أصبح العقل هو معيار الحق؟ وكيف شرع الإنسان في إعمال عقله من أجل البحث عن الدين الحق؟ هل يدعم الدين العقل أم يحد منه؟ وهل يثبت العقل الدين أم يشكك في صحته ويبطله؟ ماذا نعني بالدين؟ وهل هناك دين بمعزل عن العقل؟ كيف يمكن إيجاد معنى للعقل؟ وهل هناك عقل بمعزل عن الدين؟
وماذا يحصل للدين لو نظرنا إليه من جهة العقل؟ وماهو مصير العقل لو حكمنا عليه من منظور الدين؟ هل يجوز الحديث عن دين عقلي وعقل ديني أم أن الدين هو لاعقلي بالضرورة والعقل هو لاديني من حيث الجوهر؟
ليس رهاننا هاهنا الدفاع عن الدين فهو قد جعل وسيلة من أجل الإنسان ويدافع عن نفسه بنفسه من خلال حاجة الإنسان إلى وجوده إلى جانبه ولكن غرضنا التشجيع على تعقل الوجود وإعمال العقل لأننا مقصرين في هذا المطلب رغم علمنا أن ذلك واجب ديني وطريق نحو رقينا وعزتنا.