ساقت أفكار وتجارب الشاب الفلسطيني مفيد علاونة إلى ابتكار فريد من نوعه قاده -رغم صغر سنه- إلى الفوز بجوائز محلية ودولية، ووضع قدمه على أول الطريق في مشوار النجاح الذي يصبو إليه وتحقيق حلمه في الريادة والإبداع.
وفي خطوة رائدة، ابتكر الطالب مفيد علاونة (18 عاما) الذي يدرس الثانوية العامة في مدرسة قرية سيلة الظهر الصناعية جنوب مدينة جنين شمال الضفة الغربية، وسيلة جديدة تخدم المزارعين وأصحاب المزارع الخاصة في ري مزروعاتهم دون الحاجة للتواجد الدائم في الأرض.
ويعتمد الابتكار الجديد على خزانين للمياه أحدهما رئيسي والآخر فرعي، ومضختان واحدة لسحب المياه من الخزان الرئيس للفرعي والأخرى لضخها منه إلى الأرض، إضافة لجهاز هاتف خلوي ودوائر ومرحلات كهربائية ومؤقت زمني.
يُضاف لذلك العوامة الإلكترونية المكونة من عدة مجسات ومقسمة إلى ثلاثة أقسام، أدنى وأعلى مستوى الماء ومجس مرجع للماء، ومهمتها أخذ كميات المياه المطلوبة من الخزان الرئيسي والمحافظة على مستوى الماء ونسبته في الخزان الفرعي.
عمل المشروع
ويقول علاونة الذي ينحدر من بلدة جبع بقضاء مدينة جنين، إن الهاتف الخلوي يُحدِث عند استقباله اتصالا ذبذبات وإشارات كهربائية ناجمة عن عملية الاهتزاز، تنتقل إلى الدوائر الإلكترونية التي تعطي أوامرها للمضخات بسحب المياه ونقلها من الخزانات عبر الأنابيب إلى الأرض.
ومن المسائل التي حرص الطالب على معالجتها أن جهاز الخلوي لا يتلقى الاتصال إلا من صاحبه، إضافة لتحديد كمية المياه والوقت المطلوب لكل عملية، وضمان شحن مستمر لبطارية الهاتف الخلوي بالكهرباء.
واستخدم كذلك طريقة الري بالتنقيط للتقليل من هدر المياه ووصولها بالتساوي للمزروعات بحسب الحاجة أيضا، مما يوفر الوقت والجهد والمال.
كما أن وجود خزانين يهدف للحفاظ على كميات المياه المطلوبة داخل الخزان الرئيسي الكبير الذي يقوم بدوره بتزويد الخزان الفرعي الذي يغذي المزروعات بالمياه.
حاجة ملحة
وبرزت فكرة المشروع لدى علاونة بعد دراسة بحثية أثبتت حاجة المزارعين لهذه الطريقة نتيجة انشغالهم بالسفر أو غيره، وعدم قدرتهم على وصول إلى الأرض ومتابعة الري في كل وقت خاصة، كبار السن منهم.
وحظي المشروع بالمركز الأول ضمن مسابقات محلية نظمتها وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ليتأهل عقب ذلك للمشاركة في مسابقة إنتل للعلوم-العالم العربي بمدينة الإسكندرية في مصر قبل نحو ثلاثة أسابيع، والفوز بالمركز الثاني ضمن فئة الهندسة البيئية، والحصول على جائزة من مؤسسة عبد الحميد شومان لتميز المشروع وفكرته.
كل ذلك كان له وقعه على الشاب الفلسطيني وهو يتمنى أن تتبنى الجهات المعنية هذا المشروع وتتبنى تطويره للأفضل والاستفادة منه بشكل أكبر.
ويقول المهندس فؤاد قطمش الأستاذ المشرف على مشروع مفيد في المدرسة، إنه ليس صعبا تطبيق هذا المشروع على أرض الواقع، لكون الأدوات والمعدات المستخدمة ليست مكلفة، كما يمكن استبدال الهاتف الخلوي بلوحة إلكترونية.
كما يمكن التحكم -وفقا لقطمش- بجهاز المؤقت بزيادة أو تقليل كمية المياه والوقت المطلوب لإتمام عملية الري، وإضافة مجسات أخرى لقياس درجة الرطوبة في الأرض وبالتالي تقليل سحب المياه من الخزان.
من جهته، يرى مدير مدرسة السيلة الصناعية عبد الباسط طافش أن مثل هذه الأفكار تزيد بصورة كبيرة من الإقبال على التعليم المهني والتقني، خاصة في ظل وجود خطة وطنية فلسطينية لتنمية هذا التعليم لرفد المجتمع بالقوى العاملة والمدربة فنيا وتقنيا للمساهمة في تطويره.
وأكد طافش أن الإقبال على التعليم المهني ارتفع خلال الأعوام السبعة الماضية ليفوق عدد الملتحقين به 2.2%، بعدما كان في السابق في حدود 1.1%.