كان أول اللقاء حاسما..
ولم يكن القطار الذي استقليته محض صدفة..
حتى أنني عندما أصبت بالغثيان...
كانت خطة..
خطة القدر..
أن تتشابك أقدارنا
.. أن استفرغ قرب باب منزلك!!
لم تكن ابدأ صدفة
استقبلتني كلاجئ في بلد الأحلام..
منزلك الصغير كان حافلا بالحياة ...
وحوض الاستحمام حكاية...
عطرك يراقص الستائر والشراشف ...
رائحة الشاي المعتق تخرج من الفناجين ...
وتصرخ في كل زوايا الإبريق
لست أدري متى انحنيت أمام جلال العيون للتحية...
حتى وجدت نفسي أتحول غبارا سرابا..
دخلت من تحت مسامك..
شربت من دمك ...
تسلقت العظام ...
نمت في رحمك...
كانت المرة الأولى التي أنام طفلا في الخامس عشرا
على نهد من الريش الناعم ..
وخصر ذي الخامسة والثلاثين
مضى الوقت ...
مرت السنين
... وكنت كل مرة اركض إليك..
اهرب إليك ..
كما يهرب الرمح من القوس
استقر فوق سريرك ..
ولأنك أمية اللسان كنت أقدم لك قراءاتي قرابين. ..
لأظفر بك..
كنت يا أمية الحرف..كافرة الحب...
تزدردين الكلمات ..
وكأنها مقدسة تنزل من السماء
. تستمعين بخشوع المصلين ..
وأنا ازدرد جسمك بإخلاص الفلاح للأرض والفاتح للأوطان الجديدة
. .. اذكر كيف كانت عطاءاتك سخية
... فناجين الشاي والقهوة ...
أغطية من الصوف والقطن..
واذكر كيف كنت تنظفين كل جسدي بالصابون والماء...
وتنشفين شعري
... ومضى الوقت
.. مضى كل في طريقه
... لست ادري كيف ؟؟ رحلت واختفيت
كنت أجوب الشوارع باحتا عنك
.. أتوسل الطرقات أن تلاقيني بك
... مرة ابكي ومرة أكابر..
لكن جل أوقاتي بكاء..
وبعد رحيلك صارت كتبي خرساء ...
بلا لسان.. وأنا صرت اعزل...
ولم تعد لدي أجنحة..
مرت عشرون سنة ...
وعلمت انك يا أمية اللسان
تعلمت القراءة خلف جدران السجن ...
بتهمة لم ترتكبيها ...أبدا.