هايدغر والفن، أو كيف يقول الفن الحقيقة بطريقته؟ - علاء عمر النجار

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

ما الفن؟
 يفتتح هايدغر الفصل المعنوان ب"الأثر والحقيقة" من كتاب "منبع الأثر الفني" بقوله: "إن منبع (أصل) الأثر الفني هو الفن. لكن ما الفن؟ الفن يوجد واقعيا في الأثر الفني"[1] ، إن سؤال هيدغر كما هو واضح هو سؤال عن ماهية الفن، هذه الماهية التي يصرّح ابتداءً أن لا وجود لها خارج الأثر الفني، لكن ما هو الأثر الفني نفسه؟ إنه ما ينطوي على ماهية الفن، وما الفن؟ إنه ما يوجد في الأثر الفني! إن هايدغر وهو يجيب على سؤال ماهية الفن،  يبدو كأنه يُلقي بنا في دورٍ، يبدو لنا محيّرا في البداية، لكنّنا لا نملك إلا المضيّ معه، خاصة عندما يطرح سؤاله الثاني: أين يكمن الوجود الواقعي للأثر؟ فتكون وجهة سيرنا نحو شيئية العمل الفني، لكن حسب الفهم الهيدغيري لها. إن ما يحاول هيدغر أن يقوله لنا هنا، هو أن الأثر الفني في ظهوره لنا، يحتفظ بكون في ذاته، وهذا هو ما يقصده بالواقعية المباشرة والكاملة للأثر الفني، وما هو يبحث عنه هايدغر لالتقاط ماهية الفن.

يناهض هيدغر الإستطيقا التقليدية التي ترى أن الجانب الذي يصنع الأثر ويجعله أثراً فنيا، يكمن في شيء آخر غير جانبه الشيئي-الواقعي نفسه، أي يكمن في جانب التمثيل والرمز، وهو الأمر الذي يقود إلى نتيجة خطيرة وهي إهمال 'الجانب الشيئي' في الأثر. وضدا على ذلك، يصرح هيدغر أن ما يهمه هو واقعية الأثر، أي جانبه الشيئي، ومن هنا يبدأ في التساؤل عن الشيئي عموماً، أي عما يجعل كل شيء، بما هو كذلك شيئا[2].

إن الاتجاه الذي يسلكه هيدغر من خلال رفع سؤال الفن، مغاير تماما لما سبقوه، إنه لا يتجه بسؤاله إلى جانب الدلالة الذي ترتكز عليه فنية الأثر الفني، بل الشيء الذي يقوم قبل هذه الدلالة شرط  الأثر الفني الذي هو شيء يحمل دلالات معينة، المطلوب حسب هيدغر هو تجريد الشيء تماما من الدلالة التي اتخذها بالنسبة لنا، والوقوف عليه كما هو 'في ذاته'، فأين تكمن شيئية الشيء؟

في اعتماده على أنطلوجيا الشيء وعودته إليها ضمن التقليد الفلسفي، على اعتبار أنها يمكن أن تقدم مساعدة للغوص في حقيقة الشيء؛ يقول هيدغر بأن هذه عودة محكوم عليها بالفشل ولن تقودنا إلى شيء ذي بال، لماذا؟ يجيب: "إننا بسؤالنا عن البناء التحتي (الجوهر Sub-stance) للأثر، فرضنا عليه فهماً مسبقا أوصد أمامنا الباب إلى كون الأثر، لا يمكن أن نجد شيئا عن الشيئي في الأثر ما لم يتبدّ بوضوح القيام الخالص للأثر في ذاته"[3]. لكن كيف ننفذ إلى الأثر في ذاته، ونجعله يتبدى أمامنا؟ يجب عزله عن كل روابطه مع ما هو آخر بالنسبة له هو ذاته، حتى نتركه وحده لذاته على ما هو عليه، إن الأثر يُفضَّل أن ستقبل ويُترك لقيامه الخالص في ذاته[4]، وهذا ما يحدث في الفن العظيم بالضبط، فالنان يبقى إزاء الأثر بدون أهمية، إنه يكاد يكون بمثابة جسر يُفنِي ذاته في الإبداع لكي ينبثق الأثر.

ينتقل هيدغر لطرح سؤال جديد: هل الآثار كما نجدها في المعارض والمتاحف، تكون هي ذاتها، أم مجرد موضوعات لانشغالات متنوعة مرتبطة بالفن؟ تاريخ مثلا يجعل من الأثر موضوعا للعلم، هل لنا بملاقاة الآثار ذاتها من خلال هذه الانشغالات؟ ويضرب مثالاً من خلال تماثيل 'إجينا' في متحف 'ميونيخ'، بصفتها آثارً منتزعة من مجالها الأساسي الخاص، حتى وإن تم نقلها إلى المتحف، فإن عالمها قد انسحب منها. إن ما يشير إليه هايدغر هو أنه ثمة مسافة مزعجة بين ما يكونه الأثر من حيث هو أثر، وبين تحوله لموضوع، حتى لو كان الانشغال الفني عليه بالغاً أوجه، فهذا لا يتم إلا من جهة كونه موضوعاً، أما كونها آثار فيظل أمرً محتجبا.

السمة الأولى: الأثر الفني إقامة عالم

بعبارة أخرى، ما يقوله هيدغر هو أن كون الأثر الفني أثر يعني: إقامة عالم. ولكن ما هو هذا العالم؟ جوهر هذا العالم لا تسمح إلا بالكلام عنه إشارة لا عبارة، وفي الإشارة نقوم بإبعاد ما يحيد بنا عن النظرة الجوهرية. العالم حسب هيدغر ليس مجموع الأشياء الموجودة المعدودة وغير المعدودة، وليس إطار متصورا، إن للعالم عالماً Welt weltet ، وهو أكثر كائنية مما يمكن سمعه أو لمسه، الذي نتصور أنفسنا مواطنين فيه، العالم لا يكون أبدا شيئا يقوم أمامنا ونتمكن من مشاهدته[5]، إن الأثر الفني بوصفه أثراً لا ينتمي إلا إلى الفضاء الذي يتم افتتاحه بفضله هو نفسه، وفي هذا الافتتاح تحدث الحقيقة. إن الأثر الفني لكي يكون كذلك، لا بد له من انتماء، فالوجود ضمن مجال خاص، يدخل ضمن شيئية الأثر الفني، إنه كونها الذي تحمله في ذاتها، عبارة أخرى، يدخل ضمن كون الأثر الفني ضرورة نصب عالم، من هذه الزاوية، ما هي ماهية ذلك الذي يسمى في الأثر مادة أولى؟ هذا سؤال ذكي يطرحه هايدغر، ليطرح مفهوم الأداة Zeug، التي تحتل مكاناً وسطاً بين المواد الأولية التي يتكون منها الأثر، وبين ما يكونه كون هذا الأثر، أي ما ينتمي لوجوده الخاص. يجيب هيدغر على السؤال قائلاً: "إن الأداة تُستخدم، لأنها تُحَّدد عن طريق المنفعة وإمكانية الاستعمال، تلك المادة، التي ينشأ عنها.فالحجر يُستعمل في إنتاج الأداة، البلطة مثلاً، ويُستهلك. إنه يختفي داخل هذه الخدمة. وتكون المادة أحسن وأنسب كلما ذابت في الوجود الأداة من غير مقاومة. ولكن تمثال المعبد لا يترك المادة تختفي وهو يُقيم عالماً، وإنما يُظهرها قبل كل شيء في منفتح عالم العمل الفني: الصخر يتمكن من الحمل والسكون، ولا يصبح صخرا إلا على هذا النحو، فتتمكن المعادن من البريق واللمعان، والألوان من الإضاءة، والصوت من الرنين، والكلمة من القول"[6].

إن ما يحدث في الأثر الفني يُسميه هيدغر نصب أو صنع عالم. إن هايدغر يقوض بهذا الطرح/ التصور الاستطيقي للفن الذي يرى أن على الجميل أن يتجلى دون عالم، أن يُفصل عن عالمه حتى يكون موضوع تذوق وتمتع خاليين من المصلحة. عند هيدغر، أهمية الفن تكمن بالضبط في أنه ينصب عالماً، يدشن عالما. لا يقصد هايدغر هنا العالم، بل 'عالماً'، لأن العالم كما يتجلى ويبزغ في الأثر الفني يكون دائماً عالما تاريخيا لشعب محدد. إن أثرا فنيا عظيما، يمكن أن يكتسي دلالة خاصة، لأن فيه يكون نصب عالم تاريخي لشعب[7].

السمة الثانية: الأثر الفني إنتاج أرض

إذن: نصبُ عالم هي السمة الأولى للأثر الفني. أما السمة الثانية المكملة لماهية العمل الفني فهي إنتاج الأرض، ماذا يقصد بمفهوم الأرض ها هنا؟ يقصد به: "ذاك الذي يضع الأثر فيه ذاته ويجعله بذلك يبزغ، إنها البازغ- الحاضن"[8]. مفهوم الأرض هنا ينبغي أن نفكر فيه – وفي الأرض- باعتبارها تُرابا، فهي ليست مفهوما فلسفيا جديدا، فالمقصود بها هو ما نعرفه في النظرة الفنية التقليدية باعتبارها مادة أولى تتكون منها الآثار الفنية، وهو ما يُسمى المادة في أنطلوجيا 'المادة- الصورة'. إننا نبحث عن ماهية الفن في الأثر (المنتوج) الفني لأنه في النهاية صناعة من مواد تنتمي للأرض، إنه إنتاج للأرض، وليس للسماء. يضرب هيدغر هنا بذكاء منطق الفهم الميتافيزيقي-الأفلاطوني للجمال بوصفه سمة للسماء لا للأرض، وهنا تتجلى لنا طبيعة طرح سؤال الفن في أفق كينونة الدازاين.

إن الأثر الفني يحفظ الأرض نفسها عندما يفتح عالما ما. إنتاج العمل الفني يعني العودة إلى الأرض والدفع بها إلى أن تحافظ على نفسها..ما يعنيه هذا بعبارة أخرى، أن الأثر الفني هو الذي يجعل الحجر يجثم ويعلن ثقله، الولوج إلى الحجر بطرق أخرى لتحديد حقيقته، حتى لو كانت دقيقة جدا مثل الطرق العلمية، فإنها تحجبه وتخفيه عندما تفعل..إنها تدفعه لأن ينسحب عنا..إن الحجر واللون وغيرها لا تظهر أنفسها إلا عندما لا يتم إدراجها ضمن تأويل جوهري معين. إن كل إلحاح حسابي يريد أن يتملك الأشياء يقود إلى تدميرها في فعل معرفته لها..الأشياء لا تكشف عن نفسها إلا عندما نعي أنها ليست ملكا لنا، بل ملك 'الأرض'. لهذا يكون الأثر الفني عند هيدغر هو العودة إلى الأرض، هذه العودة التي تفتح لنا أفقا جديدا نطل من خلاله على حقيقة ما محجوبة.

إن ما يدعونا هيدغر لفهمه، هو أن الأرض لا تظهر ولا تحضر إلا في مجال تُصان فيه وتتم المحافظة عليها بوصفها غير مدركة جوهريا، فتتراجع أمام كل إدراك أي أنها تظل مغلقة أبدا. الأرض هي المنغلقة ذاتيا من حيث جوهرها، وإنتاج الأرض يعني حملها إلى المفتوح بوصفها ما هو منغلق على ذاته. إن الفن استجابة لنداء الأرض وكشف لأشيائها في غيريتها وانغلاقها عن كل إدراك جوهري ما. لكن كيف نفتح عالما وننتج أرضا داخل الأثر الفني؟

إن الأرض والعالم مختلفان عن بعضهما اختلافا جوهريا، ولكنهما لم ينفصلا أبدا. العالم يقوم على الأرض، والأرض تبرز عبر العالم. إن العالم يميل/ يطمح في سكونه فوق الأرض إلى العلو عليها، فهو بصفته انفتاح (= العالم انفتاح، إمكانية أخرى دائما ضدا على ما هو قائم أمامنا) ما هو مغلق (= العالم بالتعريف: انفتاح ما هو مغلق). في المقابل الأرض بصفتها المُخفية تميل إلى أن تضم العالم في ذاتها وتحتفظ به في داخلها. بعبارة أخرى، يرتكز وجود العمل الفني على فاعلية النزاع بين العالم والأرض، إنه يحقق هذا النزاع عندما يقيم عالما وينتج الأرض. قيام النزاع تعبير عن حركة الوجود داخل الأثر الفني. ينتهي هيدغر هنا إلى اعتبار أن الأثر الفني هو ما يصور لنا ذلك النزاع بين الأرض، بين الانفتاح والتحجب، إنه حركة الوجود بين هذا وذاك.

الآن ينتقل هيدغر لطرح هذا السؤال: إلى أي مدى تحدث الحقيقة في قيام النزاع بين العالم والأرض؟ ما الحقيقة؟

الفن والحقيقة:

يقول هيدغر عن الحقيقة كلمة مثيرة: "إن التهاون الذي نبديه عند استعمال هذه الكلمة الأساسية، ليظهر لنا كم هو قليل وبليد ما نعرفه عن جوهر الحقيقة"[9]. إننا حسب هيدغر، عندما نستعمل كلمة الحقيقة نعني بها هذه الحقيقة أو تلك، وهذا يعني أن هناك شيئا حقيقيا، وهذا الشيء الحقيقي يمكن أن يعبر عن نفسه في جملة ما، أو شيء ما، فنقابل الشيء الحقيقي/ الواقعي والمزيف (نقول مثلا هذا ذهب خالص حقيقي وذاك مزيف). الوجود بالنسبة لنا يعتبر في الحقيقة شيئا من هذا النوع..إنه حقيقي من حيث هو واقعي، والواقعي هو الموجود (الدائرة تنغلق مرة أخرى).

إننا نفهم الحقيقة دائما كتطابق، واللاحقيقة كغياب لهذا التطابق، فلا حقيقة الحكم (اللاتوافق) هي عدم توافق الملفوظ مع الشيء، كما أن لا حقيقة الشيء (اللا أصالة) تعني عدم تطابق موجود مع ماهيته (ذهب حقيقي، وذهب مزيف مثلاً)، هكذا فكل ما هو حقيقي هو متطابق بالضرورة مع واقع ما، سواء كان واقعه الداخلي (ماهيته الخاصة)ن أو واقع خارجي من حيث هو ملفوظ يدل عليه.

خلافاً لهذا التصور عن الحقيقة الذي ساد عبر التقليد الفلسفي منذ اليونان إلى الأزمنة الحديثة، يفكر هيدغر في الحقيقة استنادا إلى الأصل اليوناني للكلمة 'أليثيا' أي 'كشف' أو 'لا تحجب' الموجود، ومعنى كون الحقيقة كشفٌ ولا تحجبا عند هيدغر، يعني أن الموجود يخفي الوجود، وبالتالي فطبيعة الحقيقي تتجلى في حرصه على أن يظل محتجبا.

لا تتم تجربة الأرض إلا بصفتها ما هي، أي ما ينغلق، إلا في الأثر الفني[10]، في الأثر الفني تحدث الحقيقة بمعنى 'اللاخفاء- اللاتحجب'..إن كينونة الكائن تصبح ظاهرة، وكينونتها هنا لا تعني وجود أداة مفردة (حذاء الفلاحة مثلا لفان غوغ) بل المحيط بأكمله الذي تكون فيه هذه الأداة في الخدمة، عالم الفلاحة الذي ينتمي له الحذاء.

إن الأحوال الوجدانية التي تنطوي عليها لوحة ما وتخفيها مثلاً، تكشف لنا موضعا ما من العالم، تنقل لنا حقيقة كينونة ما وتجربتها للعالم وما يميز هذه التجربة..من هنا ارتباط الفن بالحقيقة.. لكن الحقيقة هنا ليست تطابقا مع واقع ما خارج الفن كما سبق وقلنا، إن الفن يصنع للأشياء حقيقتها من داخل عمله كفن. هذه الأحوال الوجدانية تنطوي على معرفة بالعالم، لكنها ليست من جنس المعرفة العلمية التي تموضع الأشياء، إن شرط المعرفة العلمية إخضاع الظاهرة لمقدمات تحليلية ومعادلات رياضية، تكميمها وقياسها..إلخ، أما في هذا النمط من المعرفة الفنية فإننا نكون، وعلى العكس تماما من المعرفة العلمية، أمام انفتاح وانكشاف الأشياء على عالمها وكونها. خلف وصف هايدغر للأحوال الوجدانية للفلاحة تقبع أطروحته الصلبة التي تقول بأن التجربة الأولية التي ينفتح فيها أمامنا العالم كمجال لوجودنا هي الحال الوجودي. ولأنها تكشف العالم، فإن لها علاقة بالحقيقة.

هل يعني هذا أن هيدغر يرى بأن الالتقاء الأصيل بالأشياء لا يحدث إلا بالفن ومن خلال أثره؟ لقد تكلم هايدغر في فلسفته المتأخرة عن إمكانية تجربة أصيلة للأشياء دون الاستناد إلى الأثر الفني، لكنه في الفترة التي أعد فيها 'منبع الأثر الفني' اعتبر أن التجربة الأصلية للأشياء تحدث عن لقاء الآثار الفنية، وفي الآثار الفنية يتم الانفتاح على العالم باعتباره كذلك، أي وجهة مفتوحة دائما، إن الأثر الفني يجعل العالم يظهر في الأشياء[11]⁾.

باختصار، يمكننا أن نقول أنه مع هيدغر سيصير الفن انكشافا لحقيقة محجوبة وراء أحكامنا المسبقة وأسئلتنا السيئة وفهمنا المتحجر. إن الأثر الفني هو 'الحقيقة قيد الحدوث'.

 

[1]- هايدجر (مارتن)، كتابات أساسية (الجزء الأول)، منبع الأثر الفني، ترجمة وتحرير: اسماعيل المصدق، المجلس الأعلى للثقافة، ضمن المشروع القومي للترجمة، القاهرة، ط 1: 2003، ص: 91

[2]-  المصدر نفسه، ص: 18

[3]- نفسه، ص: 91

[4]- نفسه، نفس الصفحة.

[5]- نفسه، ص: 95

[6]- أصل العمل الفني، منشورات الجمل، ص: 103- 104

[7]- منبع الأثر الفني، ص:45 .

[8]- نفسه ، ص: 96

[9]- أصل العمل الفني، ص:110 .

[10]- كتابات أساسية، منبع الأثر الفني، ص: 47.

[11]- نفسه، ص: 35.

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟