hu-lettre(( في زمن نحن أحوج ما نكون فيه إلى الإرتواء،إلى التخلص من عنت الحياة ورتابتها، يكون الشعر هو الملاذ والملجأ...)).
شبـه تقديـم:
إذا كانت لغة الضاد الرشيقة حروفها الثمانية والعشرون قد تميزت بكل صورها وإيقاعاتها وجمالية رسمها، فإن لـ: " بوعلام دخيسي"[1]، " الحرف الثامن"[2] الذي أفرده لجملة من النصوص الشعرية عددها 37 نصا.

تناسلت الحروف تِباعاً مُعلنة عن خلخلة شعرية، ليُباغثنا "الحرف الثامن" وهو الإبداع الشعري الثاني للشاعر.

الحرف الثامن هو العنوان الذي وَسَم به الشاعر نِتَاجَه الإبداعي،وقد جاء عبارة عن مركب إسمي( صفة وموصوف) متبوعا بنقط الحذف التي تختزل ثغرات سكت عنها الشاعر أو تركها قصدا للمتلقي لتيولَّى مسؤولية تأويلها انطلاقا من قراءاته الواعية، والحرف إذا ما عُدنا إلى لسان العرب"لابن منظور"ج.حروف و أحرف، والحرف لغة : طرف كل شيء وشفيرهُ وحَدُّه، كما يعني أيضا اللغة واللهجة ومنه الحديث الشريف: " نزل القرآن على سبعة أحرف" ...،أما الثامن،فهي صفة عددية دالة على الترتيب محصورة بين العدد سبعة وتسعة ( تمييز عددي)...ولتلافي كل الغموض والمتاهة التي قد يخلقها العنوان لدى القارئ أرفقه الشاعر بصورة " أيقونة " لعازف على آلة موسيقية" القيتارة" ،ولعل انتقاء الشاعر لهاته الصورة تعبير منه عن موسيقية الحرف الشعري،الشيء الذي حذا بنا للتساؤول عن طبيعة العلاقة التي تربط العنوان بالصورة؟.

linguistiqueتستهدف هذه الدراسة الكشف عن علائق الأدب واللسانيات بكيفية ضمنية ، وخاصة علاقات الدراسات الأدبية بتحليل الخطاب. فلقد استطاعت اللسانيات أن تحقق شرطي العلم الأساسيين:
تحديد الموضوع، وصياغة المناهج الملائمة لدراسة الموضوع قصد استنباط القوانين وإرساء القواعد الضابطة لمضمار هذا العلم. إذ تناسلت النظريات، وتميزت اتجاهاتها، تحدو أصحابها الرغبة في الاستئثار بمنهج يدلل صعوبة وصف نظم الأسس وصفا علميا. "ولعل ذلك ما يبرر الاحتفال الكبير الذي حظي به علم اللغة في مضمار النقد الأدبي. قياسا بالعلوم الإنسانية المختلفة، لاشتراكها في الاهتمام ب (اللغة) سواء باعتبارها منظومة تجريدية أم باعتبارها ممارسة كلامية، ورفد علم اللغة للنقد الأدبي بمفاهيم وقوانين لغوية مدققة. مما أتاح إمكانية تمييز خصوصية الخطاب الأدبي والنصوص الأدبية"[1].فالتفكير في الأدب يستحيل دون التفكير في اللغة. فيكون المجال الذي تقترب فيه اللسانيات من الأدب هو تحليل الخطاب الأدبي، عندما تريد إنارته بالبحث المفصل عن وسائل التعبير التي دبج بواسطتها. كما يتمثل الهدف في صياغة فرضية تفسيرية أو تأويلية حول الخطاب الأدبي وبيان كيف أن الوسائل اللسانية تدعم التفسير أو التأويل .

إن الخطاب وعلم تحليل الخطاب هو ممثل هذا المشغل الذي يتخذ من اللسانيات منطلقا، ومن الأعمال الأدبية مادة للدرس للخروج بنظرية في الخطاب الإبداعي على أسس ثابتة.
من هذا المنطلق، تسعى اللسانيات –وهي تطمح- أن تكون علما في تناول كل ما يخص الخطاب الأدبي، إلى تحديد ثلاثة عوامل على الأقل:

سفر شعري لاكتشاف " شعراء فرنسيون من القرن التاسع عشر" إذا كان فهم اللغة وإتقانها هو السبيل للإطلاع على ثقافات وآداب الشعوب الأخرى،فإن الترجمة أيضا تبقى مفتاحا ولو نسبي للعديدين لتذوق النتاجات الأدبية التي ليست لديهم إمكانية الإطلاع عليها.
تمهيد :
((في رحلة أثيرية عُنوانها الشعر والسيرة،ارتحلت بنا الشاعرة والمترجمة "سعاد التوزاني"* إلى عبق الحرف الفرنسي المدبج بلغة عربية رقراقة،ترجمتها روحها الشفيفة،فأنكتبت سطورا شعرية مُتَرْجمة بين دفتي كتاب موسوم بعنوان:" شعراء فرنسيون من القرن التاسع عشر/ سيرة وشعر" **.
فوجدتني أستحث يراعي وروحي للسفر معها في ما أعدته وترجمته)).
============================================================
أن تُترجم من لغة إلى أخرى،وأن تتفوق في ذلك،يستلزم منك ذلك أن تكون متمكنا من اللغة ،خبيرا بدهاليزها،قادرا على مرواغتها،ممتلكا ناصيتها.
هي جولات مع بعض الشعراء الفرنسيين في باحاتهم الشعرية وسيرهم بدء بـ:" بألفونس دو لامارتين" وانتهاء بألبير سامان"،لقد حاولت" المرتجمة أن تقربنا من سيرة وشعر عشر شعراء كانت لهم بصمتهم في الشعر الفرنسي خلال القرن التاسع عشر.
 

في مفهوم الخطابكل  رحلة  استكشافية – في محاولة  لضبط  مفهوم الخطاب وتحديد مؤشراته القياسية -  ارتحال دائم ومطرد عبر الاتجاهات والمقاربات المعرفية  المتنائية. إذ أن هذا المفهوم  وهو يترسخ ويستنبع أصوله ومقولاته من اللسانيات الجنيفية ( سويسرا)، لم يلبث أن تشقق إلى اتجاهات  وانتظم له ركم من المصطلحات يشتغل بها، وتناءت  حدوده ومفاهيمه ضيقا واتساعا تبعا للمنطلقات الفلسفية والاجتماعية والثقافية التي كان حبل السرة  بينها وبينه موصولا.

فمن خلال تعاملنا مع الخطاب، لا  نغالي إن قلنا أنه  في اغتراب دائم عن جسده  المصطلحي، فله في  كل أرضية لغة  مخصوصة. والمفهوم  الحقيقي له هو  مشروع مفهمة نسبية، فالخطاب  الذي نتكلمه ونحيا به وفيه ، عبارة عن سراب يكتنفه الغياب والنقص.

ولعل هذا الأمر ، جعلنا نحدو حدو  جيل دولوز (  Gille Deleuze) حين قوله : "  لا وجود لمفهوم بسيط، كل مفهوم يملك مكونات، ويكون محددا بها، للمفهوم إذا رقم، إنه تعددية، حتى وإن لم  تكن  كل تعددية مفهومية " [1]. إن  المفهوم بحسب التعريف كل متشظ يحيل  بدوره إلى  مفاهيم أخرى . فالخطاب عامر بأسر متنوعة من المفاهيم الناقصة، شبه المنفتحة، المعروفة، والمحدثة . والطريقة  الوحيدة لفهمه هي متابعة مسيرتة والتقاءه اختلافيا بعد كل حالة  ينخرط فيها .والمهم في كل حالة هو أن  يستوفي عناصره، بحيث أن كل تغيير يطرأ في الزيادة أو النقصان يغير من كثافته عينها. فما يحتويه من مركبات وما يصاحبه من علاقات مع  غيره هو بالضبط ما  يحدد شبكيته الاصطلاحية.

chirak-akherifeالسرد بالمخاطب: لم يعرف السرد بالمخاطب إلا متأخرا مع بروز تيار الرواية الجديدة،  وبالذات من خلال أعمال الرواد المؤسسين لهذا المذهب في أوروبا منذ رواية التعديل لميشيل بوتور، وروايتي (الثمار الذهبية) و(الحياة والموت)  لناتالي ساروت . ثم تطور هذا المذهب السردي بعد ذلك على يد كتاب زاوجوا بين كتابة الرواية وإنتاج السينما من أمثال جورج بيريك صاحب رواية الرجل الذي لاينام. ثم برز بعد ذلك في أدب أمريكا اللاتينية ممثلا في بعض أعمال الروائي المكسيكي كارلوس فوينتس. وأما في الأدب العربي فبرز مع رواية (سماء نائية) للروائي الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل  و(صوت الكهف) للأكاديمي  الجزائري عبد الملك مرتاض، ورواية (الخيوط) للناقد الفلسطيني وليد أبوبكر. وفي المغرب فاجأنا الشاعر محسن أخريف مؤخرا من خلال روايته شراك الهوى، باعتماده هذا الملمح المميز، في سياق ما عرف عنه من حس إبداعي مغامر.  فباستثناء اسماعيل فهد اسماعيل الذي انصرف للكتابة الروائية على نحو مكثف، نرى غيره من هذه الفئة اتجهوا إلى ترويض حدوس الإبداع عبر تجريب كتابة الرواية. وقد ترك ذلك أثرا بالغا في التعبير السردي ومن بين مظاهره البارزة توظيف تقنية الضمير المخاطب. ومن  الفرضيات التي قد تصاغ للأفق الإدلالي  لهذه التقنية النصية، فرضية السخرية القاتمة وفرضية التطهيرالنفسي الموصولة بالمونولوج الأوتوبيوغرافي.

abstract-389a" سأنصت الآن لحفيف الريح وللحن الكمان
ولسيدة تنسج من صمت الكلمات رداء الألوان ..
... وأعاود السير إلى حيث لا ينتهي الخطو والزمان ..(من قصيدة:"لدي أشياء أخرى" ص 9 )
1 ـ مفتتح ..
بإهداء شاعري رقيق، تسلمت من الشاعر والروائي بلعيد توفيقي ديوانه الأخير الموسوم ب " قصائد واجمة " .. تطواف سريع بين لوحة الغلاف والعناوين و البياض الذي تسبح داخله القصائد ومسح سريع لبعض الصور الشعرية فتح لي مدارج الحلم كالذي دخلته يوما محمولا على جناح " منعطفات سائبة " و " ذاكرة الجراح " و مسارات حادة جدا " ..
2 ـ باب الحلم ..
أشرعت للحلم أبوابه وأسرجت للحرف مراكب وهيأت للجمال مقامات أغزل من البوح أسرارا لدخول عالم " الشيخ "(1) المُسيّج بالعشق العصي على القبض..رغم أنكتكاد تقرأ القصيدة على قسمات وجهه الأسمر وهي تناوش القوافي " في منعطغات سائبة " وقصائد واجمة" وغيرهما المنثور هنا وهناك، كما تناوش الحكي في "ذاكرة الجراح" و"مسارات حادة جدا"(2) المندورة للحزن ..للتمرد.. للإبحار بعيدا حيث يشرق الحزن لحنا يتوهج شوقا وألقا ..كما تناوش القبح المتواري داخل تجاويف الذات والمعيش .. والآني والآتي ..
وحده الحلم يفتح للقصيدة أصواتا " تنسج من صمت الكلمات رداء الألوان " ..

حين يحمل الفضاء الهم الإنساني " من يجرؤ على كتابة زقاق كأبو الرووس غيري أنا، أبو الرووس نفسه، برؤوسه المتعددة. أنا الزقاق الصغير ... " (ص : 7 )
-    بعد القراءة ..
رواية " طوق الحمام " رغم عدد صفحاتها التي تجاوزت 560 صفحة، ورغم التعب والإرهاق والتيه الذي خلفته قراءة هذه الصفحات .. إلا أنها وضعت الأصبع على حالة هي تيمة الرواية، تمر علينا نعتبرها تغييرا أو توسيعا أو إضفاء جمال على مكان، وهي في حقيقتها زجُّ إلى النهاية والمحو..
" طوق الحمام " علامة تجرأت لتقف فوق أرض بدأ يزحف إلى فضاءاتها الهدم والتيه والنسيان، وهي التي عرفت خطوات من القداسة ما يجعلها محجا ومزارا..
" طوق الحمام " أتعبتني وأنا أجوب فضاءاتها وأتتبع سيرها وأفك أسرارها وعلامة إكس الحمراء لا تفارق خطوي، بل تجعل السؤال وخزا يعيدني إلى حقيقة  الحكي: الهدم  والنسيان والمحو..
-    العلامة ..
علامة إكس حمراء، بداية لمحو فضاء تهدده كاسحات وألات ضخمة تجوب عوالمه لتحيله عدم .. هباء.. في حين يسعى آخرون في الجهة الأخرى من البحر المتوسط حيث ينام الفردوس المفقود هادئا مطمئنا يحكي تاريخا يجر أسرارا وأحلاما، إلى إحياء فضاءات ـ لا تحمل ذواتهم حين يضعون علامات غير التي تُغرق أجواء مكة،ليضفوا عليها ـ من الجمال كما يزعمون ـما يطمس عبقها العربي والإسلامي لتُصبح فردوسا آخر غير الذي كان..

peintuer-abstraiteعندما ننسلخ عن العالم الطوباوي، ونلتصق بجدار الواقع ونأبى إلا أن نمسك بانفلاتاته وصوره المتنوعة والمتابينة، يكون صوت الشاعر المكبل بقضايا أمته وبمحيطه أقرب إلى استنطاقه بريشة مبدع،وعين مصور فني،وحرف يصدح في سماء الصمت ليقتل ارتباكات الوقت الذي تبدو مرآته في الغالب خادعة كاذبة.

أَزيزُ الصًمْتِ

عندما يستحث الشاعر الصمت على الكلام والبوح ويُدبجُ لوحاته بأبهى الحُلل، وينقش حروفه رغم كل المحن،وينفلت من قبضة الصمت أزيز بحجم الجبال،وينطق شعرا فصيحا يرتحل بين المعري والمتنبي وأبو تمام وصولا إلى بلاغة الواسطي،نشد رحالنا بدورنا للرحيل في عرصات الشعر مع الشاعر المغربي المُختار السعيدي*، من خلال حروفه المضمخة برائحة العشق حينا والصراخ والزئير حينا آخر من خلال ديوانه الشعري" أَزيزُ الصمت"**.