1) من هو الدكتور عزالدين الخطابي ؟
- عزالدين الخطابي أستاذ باحث ، خريج المدرسة العليا للأساتذة بالرباط ( شعبة الفلسفة ) ، حاصل على الدكتوراه في الإثنولوجيا من جامعة نيس بفرنسا ، أستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة بمكناس ( شعبة الفلسفة ).
- عضو اتحاد كتاب المغرب
- عضو بالمنظمة المغربية لحقوق الإنسان
- عضو بهيئة تحرير مجلة دفاتر التربية والتكوين
- عضو بهيئة تحرير مجلة عالم التربية
- رئيس سابق للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة ( فرع فاس )
من بين أعماله :
- سوسيولوجيا التقليد والحداثة بالمجتمع المغربي ( تأليف ) ، منشورات عالم التربية ، الدارالبيضاء 2001
- مسارات الدرس الفلسفي بالمغرب ( تأليف ) ، منشورات عالم التربية ، الدار البيضاء ، 2002
- محمد عبد الكريم الخطابي القائد الوطني ( تأليف ) ، منشورات تيفراز الريف ، الرباط ، 2003
- هايدجر والنازية ( نصوص مترجمة لهابرماس ) منشورات عالم التربية ، الدار البيضاء، 2005
- حوار الفلسفة والسينما ( نصوص مترجمة ) ، منشورات عالم التربية ، الدار البيضاء ، 2006
- أسئلة الحداثة ورهاناتها ( تأليف ) ، الدار العربية للعلوم ناشرون ، بيروت 2009
- جاك دريدا ، عن الحق في الفلسفة ( ترجمة ) ، المنظمة العربية للترجمة ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 2010
- غيوم سيبرتان بلان ، الفلسفة السياسية في القرنين التاسع عشر والعشرين ( ترجمة ) ، المنظمة العربية للترجمة ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 2011
2) ما يلاحظ على كتاباتكم أنها تتوزع بين الترجمة والفلسفة السياسية والبيداغوجيا ، كيف تجمع بين هذه الاهتمامات ؟
- دعني أقول لك إن الأمر جاء بطريقة عفوية وبدون تخطيط مسبق . وقد بدأ بالنشاط الجمعوي في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات في إطار النادي السينمائي والجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة ، فضلا عن ممارسة التدريس . مما سمح بالاحتكاك بميادين مختلفة ( فلسفية وفنية ولسانية وسياسية وبيداغوجية الخ..) . ولا يفوتني هنا أن أشير إلى مساهمة العديد من الزملاء الذين اشتغلت معهم ، في توسيع أفق بحثي ، وأذكر من بينهم على سبيل المثال لا الحصر ، إدريس كثير ، زهور الحوتي ، عبد الكريم غريب ، حيث تم إصدار العديد من الأعمال المشتركة معهم ( تأليفا وترجمة ) .
صحيح أن هذه الاهتمامات قد تبدو لدى البعض بمثابة استنزاف للطاقة بدل توجيهها نحو مجال محدد . لكن التعدد لا يعني التنافر ، بل هناك خيوط تربط بين هذه الاشتغالات ( مثلا علاقة الفلسفة بالسينما وبالترجمة وعلاقة البيداغوجيا بالسوسيولوجيا والتواصل الخ.. ) . ففي زمن العولمة الثقافية وتقدم وسائل الاتصال ( الرقمية خصوصا ) ، من اللازم أن يكون المثقف منفتحا لا منغلقا على نفسه وعلى همومه الذاتية .
3) ما رأيكم في وضع الفلسفة اليوم ؟
- سأتحدث عن هذه المسألة من زاوية واحدة ، وهي علاقة الفلسفة بالمؤسسة ، وهو ما يقتضي الوقوف على ثلاث قضايا أساسية وهي : علاقة الفلسفة المدرسية والجامعية بالدولة ودور مدرس الفلسفة داخل وخارج المؤسسة التعليمية وأخيرا الوضع المفارق للفلسفة بين الإدماج والنقد ، أي بين إضفاء الشرعية على الخطاب الرسمي حول الحداثة والديموقراطية ودولة الحق الخ.. ونقد مجموعة من الثوابت والأحكام الجاهزة التي يزخر بها هذا الخطاب. فأستاذ الفلسفة مطالب بتنفيذ ما تقرره التوجيهات الرسمية ، أي بتمرير الخطاب الفلسفي الذي تحدده الدولة وإعادة إنتاج الإيديولوجيا المؤسساتية ، في الوقت الذي يعتبر فيه حاملا لفكر نقدي . وفي جميع الأحوال ، فإن هذا الأستاذ يجد نفسه متحملا لثلاث مسؤوليات : بيداغوجية ومعرفية واجتماعية . وهو ما يستدعي مناقشة المرتكزات المؤسساتية التي انبنت عليها برامج ومقررات الفلسفة وبالتالي تحديد الغاية من تدريس هذه المادة التي يمكن تلخيصها في تدعيم ثقافة الحوار والديموقراطية والاختلاف والتسامح
4) ما يلاحظ على الفلسفة المغربية بصفة خاصة والفلسفة العربية بصفة عامة ، هو ضعف الفلسفة السياسية . فما هي الأسباب في نظركم ؟
- من الصعب الجزم بضعف الفلسفة السياسية في الفكر الفلسفي المغربي المعاصر ، وذلك لاعتبار أساسي هو أن القضايا السياسية متضمنة في الإشكاليات الكبرى التي عالجها مفكرون مغاربة مثل العروي والمرحومين الجابري والخطيبي وأومليل وطه عبد الرحمن ، ومن بين هذه الإشكاليات ، نذكر الهوية والاختلاف والتقدم والتحديث والتقليد والعلاقة بالآخر الخ.. وعلى سبيل المثال ، فإن المشروع الفكري الذي أنجزه عبد الله العروي ينبني على أطروحة التقدم والتغير التاريخيين ، وهو يدعو إلى الاستفادة من دروس الحداثة الغربية ، إذ لا يمكن تخطي عتبة التأخر التاريخي دون الانخراط في عملية التحديث وتبني قيم الحداثة ، وبالتالي القطع مع النزعات البعيدة عن روح الأزمنة الحديثة بالمعنى الهيجيلي للكلمة . ولتحقيق هذه القطيعة ، من اللازم التسلح بمفاهيم النقد والتقدم وتبني قيم التنوير والحرية والديموقراطية والمساواة ، وهذه مفاهيم وقيم وثيقة الصلة بالمجال السياسي. وما قلناه بصدد الاهتمام المغربي بقضايا الفلسفة السياسية ينطبق على الفكر العربي عموما ، مع بعض الاختلافات المقترنة طبعا بالتاريخ والثقافة والخصوصية.
5) هناك عمل كبير في مجال الترجمة ، لكن أين نحن من كتابات هابرماس وراولزالخ..؟
- لا جدال في أن الترجمة عموما وترجمة النصوص الفلسفية الحديثة والمعاصرة على وجه الخصوص ، تعتبر أمرا ضروريا وشرطا أساسيا لانفتاح فكرنا على قضايا العصر . وترجع هذه الضرورة إلى عدة أسباب من بينها : ندرة المؤلفات الفلسفية المترجمة إلى العربية وما يستتبع ذلك من اطلاع محدود للقارئ المغربي والعربي عموما ، على مستجدات الأبحاث الفلسفية المعاصرة ، وعلى غنى وتنوع هذه الأبحاث التي تهم قضايا الفلسفة السياسية والأخلاقية والجمالية واللغوية ، وحاجتنا الماسة إلى معرفتها في زمن العولمة الثقافية وتطور وسائل الاتصال ، لأن سلاح المعرفة أصبح ضروريا لمواجهة تحديات العصر ولتفعيل الحوار حول مسائل محلية وكونية ، مثل الحق والعدالة والتسامح والديموقراطية . ومن البديهي أنه لا يمكننا إنتاج خطاب متميز ومبدع ، ما لم نكن مطلعين بما فيه الكفاية على آراء وتصورات الآخر المخالف لنا .
6) هناك الكثير من مراكز البحث في العلوم الاجتماعية ، لكن هناك ضعف كبير في الفلسفة وخاصة الفلسفة السياسية ، لماذا ؟
- سبق لي أن أشرت إلى هذا الأمر في ندوة حول ترجمة الفكر السياسي الحديث ( نظمت بمؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود بالدار البيضاء ، بتاريخ 25 و 26 نوفمبر 2010 ) ، وأكدت على أن مستقبل الفكر السياسي في مجتمعنا رهين بمستقبل الديموقراطية عندنا. لأن هناك ارتباطا بين هذه الأخيرة وحرية التعبير والاجتماع واحترام الحقوق الأساسية للمواطن والعودة إلى النقاش السياسي البناء. وهنا سيجد الفكر السياسي مجالا للتأكيد على أهمية مفاهيم الحداثة السياسية مثل المواطنة والحق والتعاقد والشرعية العقلانية ، وهي المفاهيم التي ساهم تفعيلها وأجرأتها على أرض الواقع ، في تحويل أفراد الشعوب في الدول المتقدمة ، من رعايا إلى مواطنين متمتعين بحقوقهم المدنية والسياسية .
وأعتقد بأن هناك تحديات تواجه المفكر في الحقل السياسي ، هي بنفس حجم التحديات التي يواجهها مجتمعنا المغربي ، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا . وبالتالي ، فإن المشاريع الفكرية في ميادين السياسة والاجتماع ، لا تنفصل عن المشاريع الكبرى التي يتعين إنجازها، كي يكسب مجتمعنا رهانه في التقدم والتنمية.