ثمة من يتساءل : هل لدينا أزمة تعليمية ؟هل من مشكلة نعانيها في تعليمنا ، أطرافها المدعى عليهم على الدوام رجال ونساء التربية ؟
من البديهي أن قضية التربية والتعليم هي الشغل الشاغل للجميع في شتى البقاع ،وسائر الأزمان . شغل الحاكم والفيلسوف، والعالم والشاعر، والمصلح والثائر، وصاحب الرأي ورجل الشارع .وسبب ذلك طبعا موقع التعليم البارز في المجتمع ومخططات التنمية ، ونصيب الأسد الذي يستنزفه من حصص الإنفاق العام .
ولعل جزءا كبيرا من تردي أمور التعليم ببلادنا ، وسائر بلدان العالم العربي ، يعود إلى الاختلاف الواضح والاضطراب السافر في طريقة تدبير الأزمة بين صناع القرار وأهل الدار .
والجلي أن معظم محاولات الإصلاح التربوي تأتي من القمة أو من خارجها ( املاءات البنك الدولي )، ولا تمثل في الغالب الأعم برامج قابلة للتنفيذ ، فكيف لا تتناثر في السماء وهي أشبه بالهباء ، تذروه الرياح ما إن يلامس تضاريس الواقع التربوي الصلبة المستعصية .
إن مشكلتنا الأساس مع أزماتنا ، تكمن في عدم تحلينا بالصراحة والوضوح ، فمتى أقنعنا نفوسنا بنقاء القصد وصفاء السريرة ، سهل علينا تدبير مشاكلنا .
ولعل أنانية بعض مسؤولينا ، وسلبية مفكرينا وأكادميينا المتخصصين ، من أهم العوامل التي جعلت كل من هب ودب يكيل الاتهامات لرجال التعليم دون تبصر. فتفشت بذلك ظاهرة نقد التعليم ، وأصبح أكثر المتفائلين يقر، بل ويعلن جهارا فشل المدرسة ، ويحملها وحدها مسؤولية الخراب التام للمجتمع والبيئة وأشياء أخرى ....
ولم يقف أي واحد ليتساءل :
كيف يمكن الخروج من الأزمة في ظل الظروف القائمة والإمكانيات الكائنة ؟
كيف يمكن استغلال مواردنا البشرية للتكيف مع مشاكل التعليم ،التي لا تحتاج إلى سرد أو توضيح ؟
من يا ترى يتفاءل بتجاوز أزمة التعليم ، ونحن شعب لا يرضى أن يقف على مكمن الداء بل ولا يستطيع الإشارة إليه؟
إن ربط أزمة التعليم بالتحولات المجتمعية ، والكف عن إلباسه لبوسا اقتصاديا دون توفير شروط ذلك ، واحترام خصوصياتنا الفكرية ، بعيدا عن الاستعارة العمياء من الغرب ، والاهتمام بالتنظير التربوي المهتم بالمحتويات وإيجاد الحلول لا عرض الإحصاءات والجداول ، من أبرز السبل الكفيلة بحل لغزنا المحير .
ومن نافلة القول التذكير بأن المقاربات الحالية ذات الطابع الاستعجالي ، لن تزيد الأمور إلا سوءا ، فهجر صغارنا لمدارسهم ،واستنزاف الغرب لعقول كبارنا ، وبطالة خريجي جامعاتنا ، وخواء مضامين برامجنا التعليمية ...كل ذلك سيستمر ليفرز وضعا شائكا للغاية ، لن تنفع معه سياسة إغماض العين وغض الطرف .
لهذا يلزمنا غسيل مخ شامل ، يمكننا من طرح أفكارنا البالية التي لا تساير عصر عولمتنا ، وتعويضها بأخرى تساهم في جعل أبنائنا أكفاء يستطيعون مواجهة الحياة بمختلف تحدياتها ..فهل من مجيب ؟
أحمد السبكي المغرب
لهذا يلزمنا غسيل مخ شامل ، يمكننا من طرح أفكارنا البالية التي لا تساير عصر عولمتنا ، وتعويضها بأخرى تساهم في جعل أبنائنا أكفاء يستطيعون مواجهة الحياة بمختلف تحدياتها ..فهل من مجيب ؟
أحمد السبكي المغرب