نشر كل من لويس برونو و إيلي مالكا في سنة 1939، ضمن منشورات معهد الدراسات العليا المغربية، الجزء 33، كتابا يحمل عنوان " نصوص يهودية – عربية من فاس "،في 408 صفحة، يضم 42 نصا باللغة اليهودية العربية مع ترجمتها للغة الفرنسية.
وجاء اختيارهما لهذا العنوان لتكونه من مركبين ثقافيين متميزين، فالأول " يهودية " يدل على فئة اجتماعية متميزة من خلال ديانتها، أما المركب الثاني " عربية " فلا يدل على الجنس العربي، أو يحيل على الديانة الإسلامية، بل يهم اللغة التي كان اليهود يستعملونها وهي اللغة العربية، لغة أهل فاس من المسلمين.
و بَيَّن المؤلِّفان أن هذا العمل جاء ليجيب على مجموعة من التحديات السوسيوثقافية، فقد تزايدت الحاجة آنذاك لدراسة اللغات الخاصة بفئة اجتماعية متميزة بحجمها ونشاطها الثقافي، كما أن هذه اللغات كانت تتراجع بشكل تدريجي منبأة بخطر اختفائها وزوالها ليس في المغرب فقط بل في شمال إفريقيا ككل.
وقد تطورت وتنوعت اللغة المستعملة من طرف اليهود المغاربة حسب مجموعة من الشروط الاجتماعية والثقافية والتاريخية...، فقد كانت العناصر اليهودية المطرودة من شبه الجزيرة الايبيرية خلال القرن 16م لا تتكلم إلا اللغة الاسبانية بعد استقرارها بالمغرب، باستثناء البعض منهم و الذين خضعوا آنذاك لتأثير اللغة العربية التي بدأوا يستعملونها في حياتهم اليومية.
إلا أن مجموعة كبيرة من اليهود المغاربة والذين استقروا بالمغرب قبل القرن السادس عشر، كانت تتكلم بلغات المجموعات البشرية التي كانوا يعيشون في وسطها، فهناك مجموعة من اليهود الذين يتكلمون الامازيغية خاصة بالأطلس الكبير، أما اليهود الناطقون بالعربية فيتمركزون بشكل كبير في الحواضر الكبرى.
و يعتبر هذا التجانس اللغوي دليلا قويا على الانسجام الكبير و الاندماج الثقافي والاجتماعي الذي جمع بين اليهود والمسلمين بالمغرب، وهو انسجام ساهم في دعمه قوة الروابط الاقتصادية التي نسجها اليهود المغاربة مع التجار المسلمين، فاللغة كانت الوسيلة الوحيدة لضمان التعايش والحوار بين اليهود والمسلمين.
لكن اليهود لم يقتصروا على استعمال اللغة العربية كما هي، بل قاموا بإدخال مجموعة من العناصر اللغوية الجديدة عليها ، مانحين لها خصائص معينة جعلتها في آخر المطاف لغة عربية متميزة، فقد كانت هذه اللغة العربية المولدة مزيجا من مجموعة من اللغات التي أثرت في اليهود المغاربة وهي اللغة العربية واللغة العبرية واللغة الاسبانية والفرنسية .
إلا انه بعد توقيع معاهدة الحماية سنة 1912 وبعد مرور حوالي ربع قرن من ذلك، تم تسجيل عزوف كبير في صفوف اليهود المغاربة عن تعلم اللغة العربية، فالشباب اليهودي آنذاك لم يكن يقبل على تعلم العربية إلا من اجل اجتياز الامتحانات، أو بهدف التواصل مع التجار والحرفيين...، كما أن هناك عائلات يهودية يتقن أربابها اللغة العربية، لكنهم يعزفون عن تعليمها لأبنائهم أو حتى التكلم بها أمامهم، فقد حلت اللغة الفرنسية محل اللغة العربية، وذلك بحجة أنها أصبحت عاجزة عن تلبية حاجياتهم الاجتماعية والثقافية المتزايدة.
وقد كان هذا التطور اللساني غير معزول عن مجموعة من التحولات التي شهدتها العادات والتقاليد اليهودية..، لذلك جاء هذا الكتاب خلال هذه الظرفية للإجابة عن مجموع التحولات و التحديات اللسانية والاجتماعية التي عرضناها و التي أصبحت تتهدد التراث اللغوي اليهودي المغربي. فجمع كل النصوص التي ذكرناها كان محاولة من المؤلفين لتفادي ضياع إرث تعاقبت مجموعة من الأجيال على صناعته وصقله. و فيما يلي بعض النصوص اليهودية - العربية المقتطفة من هذا الكتاب :
• كيفاش دخلوا اليهود للملاّح ذي فاس :
في عام 5198 ( حسب التقويم اليهودي ) اليهود ذي كانوا من خلوق فاس حتى لهاذ العام كايسكنوا في المدينة، جلاوهم المسلمين بواحد الكفروت قوية، شي منهم انقتلوا وشي منهم اسلموا، شي فاميليات طلعوا بناوا الملاّح، هاذ الشي، كان من سبّة ذي صابوا المسلمين في الجامع ذيالهم قرعة ذ الشراب و حسدوا اليهود، باين هما ذي عملوها.
في عام 5225 صابوا المسلمين في المدينة واحد المسلم مقتول وطيّحوا الباطل على اليهود، باين هما ذي قتلوه، وطلعوا للملاّح ذي كان كايتّبنى جديد، وقتلوا بزّاف ذ اليهود رجال و نسا و ذراري، قتلوا انّيت جْمَعَة ذ اليهود ذي سكنت في الملاّح و ذي ن هِيَ جات من الجْلْوَة ذي شبيلية، وما بقى في الملاّح غير عشرين ذ الرجال و شواي ذ الذراري و شواي ذ النسا ذي كانوا هربوا ومنعوا، المقتولين اندفنوا في واحد البرجة في باب الملاّح ذ اليوم.
اليهود كانوا ساكنين في الملاّح في الموضع ذي كايتسمَّى اليوم بْلاَس دو كُمِيرْسْ، كانوا ساكنين فيه عشرين ألف روح، الدِّييان ذي كان هاذ الوقت عند اليهود كان اسمه ربّي يعقوب بيراب ذي انجلا من اسبانية وْجَا لفاس مولى ثمنتاشر عام.
الموضع فاش عندنا اليوم الملاّح كان ميعارة ذ اليهود، وكانوا كايدفنوا الكثرة في الموضع فاش ن هُوَ دابة درب الصابة الواسعة، من اين كايحفروا في هاذ الدرب كايصيبوا القبورات، كانوا انّيت في الجِهة فاش ن هِيَ اليوم دار بن ﭬريمو قدام فرّان الفاسيين.
في عام 5411 الحاكم الديلاي ذي كان ما يحبّ شي اليهود صافط بوبكر الخليفة ذياله ذي كان في فاس باش يهدم الصلاوات، هكذاك كان، هدم الصلاة ذ التوسابيم والصلاة ذ الميغوراسيم والصلاة الكبيرة ذي تالموذ تورة.
في 5481 حتى 5484 كانت عصرات ﭬيساميم و كان جا جوع قويّ وماتوا من اليهود ذي فاس ألفين روح، يبسوا الشجر والزيتون والدالية، الزرع على بزّاف، خلا الملاّح و ما كانوا شي الناس يشعلوا فيه الضو، الديار خلاو وطلع عليهم الربيع، و من ورا هاذ الشي دخلوا اليهود للملاّح ذي فاش كانسكنوا اليوم و بناوه و ترسّاو فيه و بقاوا حتّى السلطنة ذي مولاي اليازيد ذي كان في عام 5550.
مولاي اليازيد دحى اليهود من الملاّح و اذّى بهم بزّاف، اليهود مشاوا يسكنوا في واحد القصبة ذي كانت في واحد الموضع موسّخ ذي جاب الحمّى لليهود، و صافط مولاي اليازيد هدم القبورات ذ اليهود و عبّى الحجار والتربان ذي فيهم و بنى بهم جامع للمسلمين في الموضع ذي فاش ن هِيَ عندنا اليوم في الملاّح الدار ذي كانسمّيوها دار الجامع، طرف ذ الصومعة ذ الجامع مازال دابة في السطاح ذي هاذ الدار.
الميعارة كانوا فيها اربعة ذ الطبقات، والمسلمين صابوا حوايج ذ الذهب في القبورات، الشيخ يسّو ذي اسمه يوسف عطيّة جاب الكلام من عند الباشا ذ البلاد وجمع العظام ذ الميّتين و عبّاهم يدفنهم في الموضع ذي اسمه الكيسة.
ومن ورا شي ايّامات صافط اليازيد لليهود فاش يرجعوا للملاّح، طالوا اربعين يوم و من وراها قال لهم يدخلوا للقصبة فاش كانوا ولعب عليهم هكذاك باش خرّجهم و عبّى لهم رحيلهم، قطع عليهم مايلبسوا شي الكساوي الخُضر ذي كانوا يلبسوا في ايّام مولاي محمّد بوه.
بزّاف ذ اليهود اسلموا و بزّاف خواوا البلاد، في وسط عام 5551 بداوا اليهود كايسقّفُوا بالخشب البيوت الخاليين.
في عام 5552 اليهود طاحوا بالعار على مولاي اليازيد باش يردّهم للملاّح و ما قبل شي، في الملاّح كانوا كايسكنوا قبايل عربيين ذي هدموا صلاوات بزّاف وبيت همّيدراش، من وراها سكنوا الوداية ذي ردّوا الصلاة الكبيرة ذ التوسابيم جامع كبير.
اليازيد مات في مراكش، مولاي سليمان خاه رجع في موضعه، مولاي سليمان كان واحد الراجل مليح حنين وخايف الله، هاذ السلطان مشاوا لعنده اليهود ذي فاس باش يباركوله، وقبّلهم مليح وقال لهم الطليبة ذي يطلبوا يقبلها لهم، وقام مشى لمكناس و مشاوا معه ثلاثة من الكبار ذ اليهود : يوسف عطية داﭬيد الخرّيف و بن يامين بن سمحون . نهار ستّاش نيسان ذي ن هُوَ النهار التاني ذي ﭘيساح رجعوا هاذ التلاثة ذ الناس لفاس يرجعوا للملاح ذيالهم، من ورا ذاك نهار رجعوا للملاّح ذيالهم، من ورا ذاك نهار العيد رجعوا للملاّح من ورا ما طالوا اثنين وعشرين اشهر في القصبة، من اين سمعوا الوداية باين اليهود ماشي يرجعوا للملاّح طيّحوا بزّاف ذ الديار و عبّاو البيبان والكوايز ذيالهم ، اليهود هدموا الجامع ذي عملوا المسلمين من ورا ما قبضوا فتوة من عند القاضي سيدي التواتي ذي قال باين يحتاجوا يهدموا ذاك الجامع من اللازم ذي بناوه المسلمين بالتراب والحجار ذ القبورات ذ اليهود، هاذ الجامع كان مبني بالزلّيج و بالرخام على كل شكل.
بداو اليهود يبنيوا ديار وصلاوات في الملاّح و رجعوا يسكنوا فيه، في الليل كانوا يسدّوا البيبان ذياله حتّى لهاذ الايّام ذي جا الفرانسيس عاد ما بقاو شي يسدّوهم.
• مضاربة ذ اليهوديات :
مسعودة ذخلت لبيتها، هي خرجت ون هي رات المسهلة ذيالها عند كوهينة كاتغسل بها السوطانو، ومن كثرة الخنز ذي عند هاذ الجارة مسعودة ماكاتحبّ شي تسلّف لها الحوايج ذيالها، والجيران الاخرين من حيث نقيّين كاتعطي لهم ذي حبّوا، ومن ذاك النهار مسعودة قابضة العداوة مع جارتها، وخَّا كاترفد لها غير قطرة ذ الما كايحتاجوا يجبذوا عليها المضاربة.
واحد النهار سمحة كوهينة رفدت رابوز لجارتها والمضاربة قامت بيناتهم:
- مسعودة : يا الخانزة ! كاتقتلونا بالقصّ وبالخنز، وخّا حنا كانحبّوا نردُّوكم نقيّين انتما غير داريّن في الخنز.
- سمحة : اشكون خانزين قدّكم، انتم ديما غير في المرَضَات، راجلك مبلي بمرض الصدر، انتم كاملين ديما غير في الاطبَّا.
- مسعودة : ا الحزينة المحزّنة طيطوسة ! ...
- سمحة : يا النَّاعية لابيلة انتما ماكاتصيبوا حتّى باش تاكلوا وديما كاتبيعوا رحيلكم باش تصيبوا ماتاكلوا.
- مسعودة : حا ! يا حسرة عليك ! عاد تاكلوا في حالنا ؟ سيروا تشريوا الزيتون الكُحل تاكلوا بهم، هما ذي يواتيوكم.
- سمحة : حا ! نراك بالنيران اذا حبّت تقطع حسّْك، سير ! راك تمشي بيدّك على قلبك ما ترى ماتسمع!
- مسعودة : راهم يموتوا لك أولادك ! يمشيوا بالشمايع المقلوبين بيدّهم وما يراوا حتَّى فرحة !
- سمحة : حا نراك تمشي كبارة صدقة في حال الدجاجة ذ ليلة كبور.