" ان معنى العقل في اللغة العربية وبالتالي في الفكر العربي يرتبط أساسا بالسلوك والأخلاق"[1]
محمد عابد الجابري
هناك تنافر حسب الرأي السائد بين الدين والعقل لاسيما وأن الدين يفيد الإيمان والاعتقاد والتسليم والطاعة والتقليد والنقل والتقديس بينما العقل يفيد التفكير والشك والرفض والحرية والإبداع والبرهان والتنسيب. زيادة على أن الدين ينطلق من فرضيات غير مثبتة وغير قابلة للعرض على محك التجربة ويفترض حقائق ماورائية وعوالم وكائنات غيبية في حين العقل يتحرك في فضاء السؤال ويشتغل على الوقائع والأحكام ويترك ما يريبه إلى ما لا يريبه ويبني الحجة بالارتكاز على الحجة ويعتمد كليا على المنهج. لكن إلي أي مدى يجوز لنا الإقرار بوجود تنافر في المطلق بين العقل والدين؟
ألا يمكن أن نعثر على قرابة وتواشج بين ما يشرعه الله وما بحوزة الإنسان؟ ماذا نفعل أمام مصطلح عقل ديني عند أركون ودين في حدود العقل كما يقول كانط؟ هل أي دين حق ؟ متى أصبح العقل هو معيار الحق؟ وكيف شرع الإنسان في إعمال عقله من أجل البحث عن الدين الحق؟ هل يدعم الدين العقل أم يحد منه؟ وهل يثبت العقل الدين أم يشكك في صحته ويبطله؟ ماذا نعني بالدين؟ وهل هناك دين بمعزل عن العقل؟ كيف يمكن إيجاد معنى للعقل؟ وهل هناك عقل بمعزل عن الدين؟
وماذا يحصل للدين لو نظرنا إليه من جهة العقل؟ وماهو مصير العقل لو حكمنا عليه من منظور الدين؟ هل يجوز الحديث عن دين عقلي وعقل ديني أم أن الدين هو لاعقلي بالضرورة والعقل هو لاديني من حيث الجوهر؟
ليس رهاننا هاهنا الدفاع عن الدين فهو قد جعل وسيلة من أجل الإنسان ويدافع عن نفسه بنفسه من خلال حاجة الإنسان إلى وجوده إلى جانبه ولكن غرضنا التشجيع على تعقل الوجود وإعمال العقل لأننا مقصرين في هذا المطلب رغم علمنا أن ذلك واجب ديني وطريق نحو رقينا وعزتنا.
- في دلالة الدين:
يعرف الدين على أنه علاقة روحية بين الإنسان المتناهي وقوة عليا لامتناهية يتصورها على طريقته الخاصة ويقر بسلطتها ويطمئن إليها أو يخشاها في الأحوال العادية ويستعين بها نفسيا في أحوال غير العادية وساعة الشدة.
من جهة أخرى يمثل الدين ظاهرة اجتماعية تتجلى في مجتمع ما ينشد الفرد فيه تعلم قيم الحياة السامية. ان التجربة الدينية تتضمن ثلاثة عناصر أساسية هي المثل الأعلى والممارسات الهادفة إلى تعظيم هذا المثل الأعلى وتحقيق قيمه والنظرة التقديسية التي تربط بين اله مطلق يمثل المثل الأعلى وبين الإنسان والكون المحيط الذي يوجد فيه.
كما يتضمن كل دين اعترافا من قبل الإنسان وبعالم غيبي وسلطة عليا إلهية فوق بشرية مسيطرة وجديرة بالطاعة والاحترام وبالتالي فانه يشير إلى ممارسة الطقوس والخوف من الله وتقديسه والخشوع له وعبادته ويشتمل على نظام متكامل من التعاليم التي تجمع بين الدنيا والآخرة وتنقسم إلى بعد نظري عقائدي وبعد عملي طقوسي وشعائري وتتضمن إثباتا لوجود الله والاعتقاد في البعد الغيبي الأخروي للوجود وإيمانا بالوحي والرسل والنبوات والبعث بعد الموت من أجل الحساب والإلهام والتسديد للأخيار الصالحين في الحياة الدنيا.
لكن الدين قد يتضمن علاقة ثنائية بين طرفين هما عالم الشهادة وعالم الغيب ، اللاهوت والناسوت، الأبدي والزمني وقد يقر بتعدد الآلهة وقد يحتاج إلى تطوير وإصلاح عبر مواصلة حركة الاجتهاد ليس فقط في الفروع بل وفي الأصول أيضا من أجل جعله مواكبا لروح العصر الذي يتواجد فيه.
مثلما نميز بين الدين القويم والدين الزائف وبين الدور الايجابي للدين في تحقيق النماء واستقرار المجتمع وسلامة الدول والدور السلبي له وتعطيله للحركة التقدم والتطور وتشجيعه على التقليد والانتظار نميز كذلك بين الديني والمتدين.
الديني هو المتعصب لديانة الرافض لغيرها وغير متفهم لوجوده الزمني التاريخي وهو الذي يتغلب عليه الفكر العاطفي الانفعالي والذي يميل إلى الاعتقاد فيما يحب ويرغب دون شك أو حيرة ويقبل بالمعجزات والخوارق والكرامات المخالفة لمنطق العقل والواقع دون تدبر أو تأويل، في حين أن المتدين هو المؤمن التقي الطاهر المنفتح والمسالم المتسامح الذي يعشق حريته وحرية الآخرين ويتصل مباشرة بمبدئه ويخلص له دون رياء أو تظاهر أو نفاق. وشتان بين المتدين والديني والفرق بينهما مثل الفرق بين الثراء والثريا لأن المتدين العامل من أجل آخرته والمقبل على دنياه أما الديني فهو المفرط في التدين والمعتمد على منطق ديني محرف ومعوج يهتم بالشكل والقوالب الفارغة ويهمل المضمون والجوهري من تجربة التدين نفسها أي ان له عقل دون دين ودين دون عقل.
لكن لقد عرفنا ماهو الدين وبقي أن نبحث في ماهية العقل.
2- في دلالة العقل:
لا يوجد اتفاق بين الفلاسفة حول مفهوم العقل وليس ثمة تعريف نهائي للعقل، فالبعض يعتقد أنه ملكة إدراكية وقوة جوهرانية مفارقة للجسم ومرادفة للروح والبعض الآخر يقر بمشاركتها للجسم واتحاده معه في عملية تفاعلية تكاملية ينتج عنها أن يفكر بعض الناس بغرائزهم وحسب رغباتهم وبطونهم. هناك فريق ثالث يربط العقل بالدماغ وينظر إليه على أنه قوة الذكاء لدى إنسان حاصلة نتيجة تفاعل بين عناصر كيميائية مع تركيبة عصبية وعضوية، أما الرأي الرابع فانه ينفي وجود العقل جملة وتفصيلا ويعتبره صفحة بيضاء ويوكل مهمة المعرفة إلى الحواس والتجربة والخيال والوعي.
من هذا المنطلق نعثر على أربع تحديدات اصطلاحية للعقل:
- العقل مرادف للبلوغ الإنسان سن الرشد بتحقيق انتصار معرفي ووجودي على ترسبات مرحلة الطفولة.
- العقل هو أداة التفكير والشعور والإرادة وممارسة الإدراك والتأمل في الوجود البشري والاعتبار من الأحداث التاريخية والظواهر الطبيعية.
- العقل هو موهبة الفهم والفطنة والذكاء المختلفة والمميزة بالدرجة والشرف والوظيفة عن الحواس والخيال والذاكرة والذهن.
- العقل هو مجانبة الصواب في المعرفة والابتعاد عن الزلل بالحكم السليم المتوافق مع مبادئ المنطق أي القدرة الفعلية على استنتاج الدلالات من المقدمات اليقينية.
ويرتبط العقل بالعلة أو السبب وله معنى فيزيائي وبالحساب أو العد وله معنى رياضي وبالاقتصاد أي حسن التصرف بإتباع أيسر السبل في أسرع الأوقات وبأقل التكاليف لتحقيق أفضل الغايات وله معنى اقتصادي. نستخلص مما سبق وجود تعريفين للعقل: الأول هو تعريف موسع يعتبره الموهبة والقدرة على الفهم والتفكير عن طريق التذكر والتصور والتخيل والتأمل والتحليل والتركيب والاستقراء والاستنباط والبرهان الساطع وهو يعبر عن قدرة الإنسان على حفظ المعلومات واسترجاعها والانتفاع بها. التعريف الثاني هو المعنى المخصوص للعقل وهو القدرة على إدراك الحقيقة وجوديا ومعرفيا بغية الحكم وتمييز الخطأ عن الصواب والشر عن الخير والقبح عن الجمال.
ومن صفات العقل الخالص عدم وقوعه في التناقض بين حكمه ومعرفته وسعيه الدؤوب نحو تحقيق التطابق مع ذاته ومع العالم الخارجي ومن وظائفه التصنيف والتبويب والتنظيم والبرهان والحدس والقياس والاستنتاج ومن مشتقاته عاقل وعقلي وعقلاني وتعقلي وتعقيل وعقلنة وعقلانية ومعقولية.
إذا كان التعقيل هو جعل ماهو غير عقلاني عقلانيا بمعنى تصحيحه وتطهيره من الشوائب العالقة به وجعله مفهوما وإذا كانت العقلنة هي استنباط تفسير عقلاني مقبول للفكر أو الرأي أو النص أو السلوك بالترشيد في الاستعمال فان العقلانية هي تحكيم العقل المنطقي والتجريبي في شؤون الحياة الفردية والاجتماعية وتحييد العواطف والأهواء والإيديولوجيات وإتباع المنهج الموضوعي في القرارات والأحكام.
رغم هذا التضارب في التعريفات وهذا التعدد فان مصطلح العقل لا يزال متداولا في جميع المجالات والاعتصام به مازال قائما وهو ضروري من أجل التغلب على العديد من الصعوبات وتحصيل السعادة ونحن نعلم أنه إذا ارتقينا من الإنسان الفرد إلى الإنسانية جمعاء فان العقل نفسه يرتقي إلى ساحة الحقيقة ومرتبة المطلق.
3- العقل في نظر الدين:
الدين يحث على تعقل الكون والاعتبار والتحليل والاستنتاج وقد ذهب حكيم قرطبة ابن رشد إلى القول بأن ممارسة فعل العقل هو واجب شرعا وليس فقط من الأمور المنصوح بها أو المباحة وإذا عدنا إلى القرآن أو إلى الحديث الشريف فإننا نجد العديد من الآيات والنصوص الصريحة التي تثمن العقل وتستحسنه وتدعو إلى استخدامه والتعويل عليه في الذهاب والإياب ومن بين هذه الآيات نجد:"أفلا تعقلون" ثم " واعتبروا يا أولي الأبصار" وقد دعا الرسول ربه حول أحد صحابته قائلا:" اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل" وقد أيضا عن أرسطو:" لو عاش حتى عرف ما جئت به لاتبعني على ديني".
يعرج الجابري على مسألة صلة العقل بالأخلاق وإمكانية حضوره في القرآن بقوله:" إذا استشرنا الكتاب العربي المبين القرآن الحكيم فإننا سنجد هذا المعنى القيمي المرتبط بكلمة "عقل" وما في معناه يعبر في الأغلب الأعم عن التمييز بين الخير والشر، بين الهداية والضلال. ولعل مما لع مغزاه في هذا الصدد أن القرآن لا يستعمل مادة(ع ق ل) في صيغة الاسم. فلفظة "العقل" لم ترد قط في القرآن وإنما وردت هذه المادة في صيغة الفعل في معظم الحالات: فالقرآن يؤنب المشركين لكونهم لا يميزون بين الحق والباطل- بالمعنى الأخلاقي:"لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها، أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون"(الأعراف آية 179). وهكذا فالقلب والعقل هنا بمعنى واحد ولا يفقهون يفسرها:"الغافلون" والمعنى القيمي واضح في الكلمتين معا...وواضح أن السمع والبصر والفؤاد كلمات تؤخذ هنا في مستوى واحد، فهي كلها "آلات" للتمييز بين الحسن والقبيح وبالتالي فهي كلها تقع تحت طائلة المسؤولية"[2].
ولا ينفي الجابري وجود آيات أخرى تربط بين العقل والهداية والمسؤولية والنظام والتنظيم ولكنه يعتبرها متجهة جميعها نحو السلوك البشري وليس إلى الطبيعة وظواهرها على خلاف ابن رشد الذي يصل بين التعقل والاعتبار وبين العقل والنظر ويفهم الاعتبار على أنه دراسة عقلية علمية للطبيعة والنظر في الموجودات من جهة كونها أسباب ومسببات.
علاوة على ذلك مثل الاعتزال محاولة رائدة لفهم الإسلام من زاوية العقل والتفطن إلى المناحي العقلانية في هذا الدين والمواطن التي يشجع فيها على التعقل والإدراك والبحث والاستطلاع وقد عبر عبد الله العروي عن ذلك بقوله:"ان الموقف الاعتزالي لا يعدو أن يكون الفهم الإنساني الفردي للنص أو بعبارة مرادفة هو عقل النص بقوى بشرية صرفة"[3].
ان ما قام به المعتزلة هو تأويل مستنير متوافق مع روح العصر وساعد كثيرا على التقدم والتغيير نحو الأفضل لأن الاعتزال هو رغبة الفرد العاقل في فهم المعروض عليه من نصوص واستخلاص العبر من الأضداد وبناء المسائل والإشكاليات من المتشابهات المبثوثة في الآيات ولأن حكماء المعتزلة استعملوا العقل والقلب والنفس والتأويل والفهم والرأي والتمثل بنفس المعنى.
من ناحية ثانية يميز محمد أركون بين العقل الفلسفي والعقل الديني ويرى أن العقل الفلسفي هو العقل بشكل عام الذي يرفض الاشتغال داخل الأقفاص والأسيجة المغلقة وفي نطاق المعرفة الجاهزة أي ملكة مستقلة تخلق بكل سيادة وهيبة أفعال المعرفة، أما العقل الديني فهو على العكس يشتغل داخل إطار المعرفة الجاهزة التي تعتقد في صحتها دون تثبت، وهو الذي يستخرج أفكاره ومبادئه بالاعتماد على العبارات النصية للكتابات المقدسة( قرآن، إنجيل، توراة).
4- الدين في نظر العقل:
العقلانية في الأمور الدينية هي نظرية تعتبر العقل الإنساني هو الدليل الهادي والسبيل الكافي والمنهج الملائم لإدراك الحقيقة الدينية التي يتضمنها الوحي الإلهي سواء عن طريق التفسير أو عن طريق التأويل. وقد يمثل هذه النظرة المنفتحة ولتر ستيس القائل:" أما القول بأن العقائد والمعتقدات الدينية كلها أساطير وصور فهو يعني أن لاشيء منها صادق بالمعنى الحرفي وإدراك ذلك هو المساهمة التي قدمها للفكر الشكاك والملاحدة وأيضا النظرة العلمية للعالم. لكن غاب عنهم شيء ما فشلوا في رؤيته هو أن المعتقدات ليست مجرد أكاذيب وإنما هي أساطير وصور وتشبيهات مجازية تشير إلى طريق الحياة والى الغاية والتجربة أي أنها ترمز إلى حقيقة أشد عمقا عن الكون..."[4]
ان الكليات العقلية والمعاني الكونية المبثوثة في الدين تجربة شخصية ونصا مكتوبا يتطلب الاهتمام بتقنيات التفسير والتأويل، فما الفرق بينهما؟
إذا كان التفسير يعني توضيح المعنى الظاهر الذي يمكن استخلاصه من النص لغويا مع الأخذ بعين الاعتبار المحسنات البلاغية وفهم المغزى والمقصد الحقيقي من استعمالها فان التأويل هو تفسير ما يؤول إليه الشيء ونجد في لغة الضاد قد أوله تأويلا وتأوله بمعنى وآل أي رجع وأل الموئل أي الملجأ وآل إلى الله أي وعد والتجأ وسواء اشتق التأويل من أول أو من آل فهو يفيد لغة إعادة الشيء إلى أصله في المعنى. على هذا النحو يكون للتأويل علاقة قرابة بالتفسير ولكنه يذهب أكثر منه في البعد والعمق والمقصود بتعقل النص الديني هو إرجاع معناه وتتبع أصله أو مرجعه أو سببه أو غايته.
ثمة ثلاثة أنماط من التأويل:
- تأويل ظاهري نقلي يحصل المعنى عن طريق اللغة وهو التفسير.
- تأويل باطني عرفاني يحصل المعنى عن طريق الكشف والحدس والإلهام إشارة وشطحا ولمحة وعبارة.
- تأويل عقلاني يحصل المعنى عن طريق الفكرة المطابقة للواقع والمفهوم الملائم للطبيعة ويعتمد الدليل والبينة.
ان هدف التأويل العقلاني للدين هو عقلنة الرموز والمجازات التي كتب بها الوحي وإعطائها تفسير دنيوي يخلعها عن انغماسها في الغيبيات وتثبيت ما فيها من قيم مطلقة وذلك من أجل الوصول إلى الحقيقة التي يرتاح لها العقل وإدراك اليقين الذي يطمئن له القلب والتحرر من أسر عبودية الجهل والوصول إلى شاطئ الحرية. يمثل ابن حزم الفقيه الظاهري هذه النزعة إذ يقول في رسائله عن العلوم:"يلزم المرء أن ينظر وأن يطلب البرهان من العلوم الضرورية...فان اشتغل مغفل عن علم الشريعة بعلم غيره فقد أساء النظر وظلم نفسه".
ما ننتهي إليه هو أن عقلنة الدين تؤكد التدين العقلي وأن الأمر الديني بضرورة إعمال العقل يؤدي إلى الاكتشاف العقلي للدين الحقيقي من حيث هو حقيقة وجود الإنسان في الكون ونستخلص كذلك أن الإسلام دين الفطرة وأن العقل البشري الموجود في كل فرد يتجه تلقائيا إلى الدين وأنه إذا فهم فهما عقلانيا كان تأثيره على الناس موجبا لأنه نور فطري جبل عليه ولأن العقل الأصيل يفهم النص الديني ويستعمل لإثبات عقيدة الفطرة. وبالتالي ليس صحيحا أن الإسلام لا يحتاج إلى العقل لكونه مرتبط بالنقل وليس صحيحا أيضا أن النظر العقلي يؤدي إلى الإلحاد وإنكار الدين والخروج من دائرة الإيمان بل على العكس يؤدي الاستعمال الفردي والمنهجي والحر إلى اكتشاف دين فطري طبيعي عند كل إنسان مكنوز في طبيعته البشرية.
عن هذه العملية التعقلية يقول ابن خلدون:" يحصل للنفس ملكة الانتقال من الأدلة إلى المدلولات وهو معنى النظر العقلي الذي يكتسب به العلوم المجهولة فنكسب بذلك ملكة التعقل تكون زيادة عقل..."
هكذا يكون العقل طبيعيا فطريا لدين فطري لا إكراه فيه هو الإسلام وتوجد مطابقة وتلازم بين الإسلام دين الفطرة والنور الفطري في العقل. الإسلام دين العقل لأنه يعتمد على العقل من جهة الموقف من الوجود والمنهج في الحياة والذهنية التي يحتمي بها الإنسان وبعبارة أخرى وكما يقول عبد الله العروي:" الإسلام هو الدين الذي ينتهي إليه وبه العقل".
إذا كانت هذه نظرة العقل إلى الدين فما بالنا نوقف حياتنا على دراسة النصوص ونهمل من يدعونا إلى الالتفات إلى المعقول؟
المراجع:
عبد الله العروي، مفهوم العقل: المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء- بيروت الطبعة الثانية 1997
محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، طبعة دار الطليعة بيروت، لبنان 1984
ولتر ستيس، الدين والعقل الحديث، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام، مكتبة مدبولي، الطبعة الأولى 1998
يعرف الدين على أنه علاقة روحية بين الإنسان المتناهي وقوة عليا لامتناهية يتصورها على طريقته الخاصة ويقر بسلطتها ويطمئن إليها أو يخشاها في الأحوال العادية ويستعين بها نفسيا في أحوال غير العادية وساعة الشدة.
من جهة أخرى يمثل الدين ظاهرة اجتماعية تتجلى في مجتمع ما ينشد الفرد فيه تعلم قيم الحياة السامية. ان التجربة الدينية تتضمن ثلاثة عناصر أساسية هي المثل الأعلى والممارسات الهادفة إلى تعظيم هذا المثل الأعلى وتحقيق قيمه والنظرة التقديسية التي تربط بين اله مطلق يمثل المثل الأعلى وبين الإنسان والكون المحيط الذي يوجد فيه.
كما يتضمن كل دين اعترافا من قبل الإنسان وبعالم غيبي وسلطة عليا إلهية فوق بشرية مسيطرة وجديرة بالطاعة والاحترام وبالتالي فانه يشير إلى ممارسة الطقوس والخوف من الله وتقديسه والخشوع له وعبادته ويشتمل على نظام متكامل من التعاليم التي تجمع بين الدنيا والآخرة وتنقسم إلى بعد نظري عقائدي وبعد عملي طقوسي وشعائري وتتضمن إثباتا لوجود الله والاعتقاد في البعد الغيبي الأخروي للوجود وإيمانا بالوحي والرسل والنبوات والبعث بعد الموت من أجل الحساب والإلهام والتسديد للأخيار الصالحين في الحياة الدنيا.
لكن الدين قد يتضمن علاقة ثنائية بين طرفين هما عالم الشهادة وعالم الغيب ، اللاهوت والناسوت، الأبدي والزمني وقد يقر بتعدد الآلهة وقد يحتاج إلى تطوير وإصلاح عبر مواصلة حركة الاجتهاد ليس فقط في الفروع بل وفي الأصول أيضا من أجل جعله مواكبا لروح العصر الذي يتواجد فيه.
مثلما نميز بين الدين القويم والدين الزائف وبين الدور الايجابي للدين في تحقيق النماء واستقرار المجتمع وسلامة الدول والدور السلبي له وتعطيله للحركة التقدم والتطور وتشجيعه على التقليد والانتظار نميز كذلك بين الديني والمتدين.
الديني هو المتعصب لديانة الرافض لغيرها وغير متفهم لوجوده الزمني التاريخي وهو الذي يتغلب عليه الفكر العاطفي الانفعالي والذي يميل إلى الاعتقاد فيما يحب ويرغب دون شك أو حيرة ويقبل بالمعجزات والخوارق والكرامات المخالفة لمنطق العقل والواقع دون تدبر أو تأويل، في حين أن المتدين هو المؤمن التقي الطاهر المنفتح والمسالم المتسامح الذي يعشق حريته وحرية الآخرين ويتصل مباشرة بمبدئه ويخلص له دون رياء أو تظاهر أو نفاق. وشتان بين المتدين والديني والفرق بينهما مثل الفرق بين الثراء والثريا لأن المتدين العامل من أجل آخرته والمقبل على دنياه أما الديني فهو المفرط في التدين والمعتمد على منطق ديني محرف ومعوج يهتم بالشكل والقوالب الفارغة ويهمل المضمون والجوهري من تجربة التدين نفسها أي ان له عقل دون دين ودين دون عقل.
لكن لقد عرفنا ماهو الدين وبقي أن نبحث في ماهية العقل.
2- في دلالة العقل:
لا يوجد اتفاق بين الفلاسفة حول مفهوم العقل وليس ثمة تعريف نهائي للعقل، فالبعض يعتقد أنه ملكة إدراكية وقوة جوهرانية مفارقة للجسم ومرادفة للروح والبعض الآخر يقر بمشاركتها للجسم واتحاده معه في عملية تفاعلية تكاملية ينتج عنها أن يفكر بعض الناس بغرائزهم وحسب رغباتهم وبطونهم. هناك فريق ثالث يربط العقل بالدماغ وينظر إليه على أنه قوة الذكاء لدى إنسان حاصلة نتيجة تفاعل بين عناصر كيميائية مع تركيبة عصبية وعضوية، أما الرأي الرابع فانه ينفي وجود العقل جملة وتفصيلا ويعتبره صفحة بيضاء ويوكل مهمة المعرفة إلى الحواس والتجربة والخيال والوعي.
من هذا المنطلق نعثر على أربع تحديدات اصطلاحية للعقل:
- العقل مرادف للبلوغ الإنسان سن الرشد بتحقيق انتصار معرفي ووجودي على ترسبات مرحلة الطفولة.
- العقل هو أداة التفكير والشعور والإرادة وممارسة الإدراك والتأمل في الوجود البشري والاعتبار من الأحداث التاريخية والظواهر الطبيعية.
- العقل هو موهبة الفهم والفطنة والذكاء المختلفة والمميزة بالدرجة والشرف والوظيفة عن الحواس والخيال والذاكرة والذهن.
- العقل هو مجانبة الصواب في المعرفة والابتعاد عن الزلل بالحكم السليم المتوافق مع مبادئ المنطق أي القدرة الفعلية على استنتاج الدلالات من المقدمات اليقينية.
ويرتبط العقل بالعلة أو السبب وله معنى فيزيائي وبالحساب أو العد وله معنى رياضي وبالاقتصاد أي حسن التصرف بإتباع أيسر السبل في أسرع الأوقات وبأقل التكاليف لتحقيق أفضل الغايات وله معنى اقتصادي. نستخلص مما سبق وجود تعريفين للعقل: الأول هو تعريف موسع يعتبره الموهبة والقدرة على الفهم والتفكير عن طريق التذكر والتصور والتخيل والتأمل والتحليل والتركيب والاستقراء والاستنباط والبرهان الساطع وهو يعبر عن قدرة الإنسان على حفظ المعلومات واسترجاعها والانتفاع بها. التعريف الثاني هو المعنى المخصوص للعقل وهو القدرة على إدراك الحقيقة وجوديا ومعرفيا بغية الحكم وتمييز الخطأ عن الصواب والشر عن الخير والقبح عن الجمال.
ومن صفات العقل الخالص عدم وقوعه في التناقض بين حكمه ومعرفته وسعيه الدؤوب نحو تحقيق التطابق مع ذاته ومع العالم الخارجي ومن وظائفه التصنيف والتبويب والتنظيم والبرهان والحدس والقياس والاستنتاج ومن مشتقاته عاقل وعقلي وعقلاني وتعقلي وتعقيل وعقلنة وعقلانية ومعقولية.
إذا كان التعقيل هو جعل ماهو غير عقلاني عقلانيا بمعنى تصحيحه وتطهيره من الشوائب العالقة به وجعله مفهوما وإذا كانت العقلنة هي استنباط تفسير عقلاني مقبول للفكر أو الرأي أو النص أو السلوك بالترشيد في الاستعمال فان العقلانية هي تحكيم العقل المنطقي والتجريبي في شؤون الحياة الفردية والاجتماعية وتحييد العواطف والأهواء والإيديولوجيات وإتباع المنهج الموضوعي في القرارات والأحكام.
رغم هذا التضارب في التعريفات وهذا التعدد فان مصطلح العقل لا يزال متداولا في جميع المجالات والاعتصام به مازال قائما وهو ضروري من أجل التغلب على العديد من الصعوبات وتحصيل السعادة ونحن نعلم أنه إذا ارتقينا من الإنسان الفرد إلى الإنسانية جمعاء فان العقل نفسه يرتقي إلى ساحة الحقيقة ومرتبة المطلق.
3- العقل في نظر الدين:
الدين يحث على تعقل الكون والاعتبار والتحليل والاستنتاج وقد ذهب حكيم قرطبة ابن رشد إلى القول بأن ممارسة فعل العقل هو واجب شرعا وليس فقط من الأمور المنصوح بها أو المباحة وإذا عدنا إلى القرآن أو إلى الحديث الشريف فإننا نجد العديد من الآيات والنصوص الصريحة التي تثمن العقل وتستحسنه وتدعو إلى استخدامه والتعويل عليه في الذهاب والإياب ومن بين هذه الآيات نجد:"أفلا تعقلون" ثم " واعتبروا يا أولي الأبصار" وقد دعا الرسول ربه حول أحد صحابته قائلا:" اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل" وقد أيضا عن أرسطو:" لو عاش حتى عرف ما جئت به لاتبعني على ديني".
يعرج الجابري على مسألة صلة العقل بالأخلاق وإمكانية حضوره في القرآن بقوله:" إذا استشرنا الكتاب العربي المبين القرآن الحكيم فإننا سنجد هذا المعنى القيمي المرتبط بكلمة "عقل" وما في معناه يعبر في الأغلب الأعم عن التمييز بين الخير والشر، بين الهداية والضلال. ولعل مما لع مغزاه في هذا الصدد أن القرآن لا يستعمل مادة(ع ق ل) في صيغة الاسم. فلفظة "العقل" لم ترد قط في القرآن وإنما وردت هذه المادة في صيغة الفعل في معظم الحالات: فالقرآن يؤنب المشركين لكونهم لا يميزون بين الحق والباطل- بالمعنى الأخلاقي:"لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها، أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون"(الأعراف آية 179). وهكذا فالقلب والعقل هنا بمعنى واحد ولا يفقهون يفسرها:"الغافلون" والمعنى القيمي واضح في الكلمتين معا...وواضح أن السمع والبصر والفؤاد كلمات تؤخذ هنا في مستوى واحد، فهي كلها "آلات" للتمييز بين الحسن والقبيح وبالتالي فهي كلها تقع تحت طائلة المسؤولية"[2].
ولا ينفي الجابري وجود آيات أخرى تربط بين العقل والهداية والمسؤولية والنظام والتنظيم ولكنه يعتبرها متجهة جميعها نحو السلوك البشري وليس إلى الطبيعة وظواهرها على خلاف ابن رشد الذي يصل بين التعقل والاعتبار وبين العقل والنظر ويفهم الاعتبار على أنه دراسة عقلية علمية للطبيعة والنظر في الموجودات من جهة كونها أسباب ومسببات.
علاوة على ذلك مثل الاعتزال محاولة رائدة لفهم الإسلام من زاوية العقل والتفطن إلى المناحي العقلانية في هذا الدين والمواطن التي يشجع فيها على التعقل والإدراك والبحث والاستطلاع وقد عبر عبد الله العروي عن ذلك بقوله:"ان الموقف الاعتزالي لا يعدو أن يكون الفهم الإنساني الفردي للنص أو بعبارة مرادفة هو عقل النص بقوى بشرية صرفة"[3].
ان ما قام به المعتزلة هو تأويل مستنير متوافق مع روح العصر وساعد كثيرا على التقدم والتغيير نحو الأفضل لأن الاعتزال هو رغبة الفرد العاقل في فهم المعروض عليه من نصوص واستخلاص العبر من الأضداد وبناء المسائل والإشكاليات من المتشابهات المبثوثة في الآيات ولأن حكماء المعتزلة استعملوا العقل والقلب والنفس والتأويل والفهم والرأي والتمثل بنفس المعنى.
من ناحية ثانية يميز محمد أركون بين العقل الفلسفي والعقل الديني ويرى أن العقل الفلسفي هو العقل بشكل عام الذي يرفض الاشتغال داخل الأقفاص والأسيجة المغلقة وفي نطاق المعرفة الجاهزة أي ملكة مستقلة تخلق بكل سيادة وهيبة أفعال المعرفة، أما العقل الديني فهو على العكس يشتغل داخل إطار المعرفة الجاهزة التي تعتقد في صحتها دون تثبت، وهو الذي يستخرج أفكاره ومبادئه بالاعتماد على العبارات النصية للكتابات المقدسة( قرآن، إنجيل، توراة).
4- الدين في نظر العقل:
العقلانية في الأمور الدينية هي نظرية تعتبر العقل الإنساني هو الدليل الهادي والسبيل الكافي والمنهج الملائم لإدراك الحقيقة الدينية التي يتضمنها الوحي الإلهي سواء عن طريق التفسير أو عن طريق التأويل. وقد يمثل هذه النظرة المنفتحة ولتر ستيس القائل:" أما القول بأن العقائد والمعتقدات الدينية كلها أساطير وصور فهو يعني أن لاشيء منها صادق بالمعنى الحرفي وإدراك ذلك هو المساهمة التي قدمها للفكر الشكاك والملاحدة وأيضا النظرة العلمية للعالم. لكن غاب عنهم شيء ما فشلوا في رؤيته هو أن المعتقدات ليست مجرد أكاذيب وإنما هي أساطير وصور وتشبيهات مجازية تشير إلى طريق الحياة والى الغاية والتجربة أي أنها ترمز إلى حقيقة أشد عمقا عن الكون..."[4]
ان الكليات العقلية والمعاني الكونية المبثوثة في الدين تجربة شخصية ونصا مكتوبا يتطلب الاهتمام بتقنيات التفسير والتأويل، فما الفرق بينهما؟
إذا كان التفسير يعني توضيح المعنى الظاهر الذي يمكن استخلاصه من النص لغويا مع الأخذ بعين الاعتبار المحسنات البلاغية وفهم المغزى والمقصد الحقيقي من استعمالها فان التأويل هو تفسير ما يؤول إليه الشيء ونجد في لغة الضاد قد أوله تأويلا وتأوله بمعنى وآل أي رجع وأل الموئل أي الملجأ وآل إلى الله أي وعد والتجأ وسواء اشتق التأويل من أول أو من آل فهو يفيد لغة إعادة الشيء إلى أصله في المعنى. على هذا النحو يكون للتأويل علاقة قرابة بالتفسير ولكنه يذهب أكثر منه في البعد والعمق والمقصود بتعقل النص الديني هو إرجاع معناه وتتبع أصله أو مرجعه أو سببه أو غايته.
ثمة ثلاثة أنماط من التأويل:
- تأويل ظاهري نقلي يحصل المعنى عن طريق اللغة وهو التفسير.
- تأويل باطني عرفاني يحصل المعنى عن طريق الكشف والحدس والإلهام إشارة وشطحا ولمحة وعبارة.
- تأويل عقلاني يحصل المعنى عن طريق الفكرة المطابقة للواقع والمفهوم الملائم للطبيعة ويعتمد الدليل والبينة.
ان هدف التأويل العقلاني للدين هو عقلنة الرموز والمجازات التي كتب بها الوحي وإعطائها تفسير دنيوي يخلعها عن انغماسها في الغيبيات وتثبيت ما فيها من قيم مطلقة وذلك من أجل الوصول إلى الحقيقة التي يرتاح لها العقل وإدراك اليقين الذي يطمئن له القلب والتحرر من أسر عبودية الجهل والوصول إلى شاطئ الحرية. يمثل ابن حزم الفقيه الظاهري هذه النزعة إذ يقول في رسائله عن العلوم:"يلزم المرء أن ينظر وأن يطلب البرهان من العلوم الضرورية...فان اشتغل مغفل عن علم الشريعة بعلم غيره فقد أساء النظر وظلم نفسه".
ما ننتهي إليه هو أن عقلنة الدين تؤكد التدين العقلي وأن الأمر الديني بضرورة إعمال العقل يؤدي إلى الاكتشاف العقلي للدين الحقيقي من حيث هو حقيقة وجود الإنسان في الكون ونستخلص كذلك أن الإسلام دين الفطرة وأن العقل البشري الموجود في كل فرد يتجه تلقائيا إلى الدين وأنه إذا فهم فهما عقلانيا كان تأثيره على الناس موجبا لأنه نور فطري جبل عليه ولأن العقل الأصيل يفهم النص الديني ويستعمل لإثبات عقيدة الفطرة. وبالتالي ليس صحيحا أن الإسلام لا يحتاج إلى العقل لكونه مرتبط بالنقل وليس صحيحا أيضا أن النظر العقلي يؤدي إلى الإلحاد وإنكار الدين والخروج من دائرة الإيمان بل على العكس يؤدي الاستعمال الفردي والمنهجي والحر إلى اكتشاف دين فطري طبيعي عند كل إنسان مكنوز في طبيعته البشرية.
عن هذه العملية التعقلية يقول ابن خلدون:" يحصل للنفس ملكة الانتقال من الأدلة إلى المدلولات وهو معنى النظر العقلي الذي يكتسب به العلوم المجهولة فنكسب بذلك ملكة التعقل تكون زيادة عقل..."
هكذا يكون العقل طبيعيا فطريا لدين فطري لا إكراه فيه هو الإسلام وتوجد مطابقة وتلازم بين الإسلام دين الفطرة والنور الفطري في العقل. الإسلام دين العقل لأنه يعتمد على العقل من جهة الموقف من الوجود والمنهج في الحياة والذهنية التي يحتمي بها الإنسان وبعبارة أخرى وكما يقول عبد الله العروي:" الإسلام هو الدين الذي ينتهي إليه وبه العقل".
إذا كانت هذه نظرة العقل إلى الدين فما بالنا نوقف حياتنا على دراسة النصوص ونهمل من يدعونا إلى الالتفات إلى المعقول؟
المراجع:
عبد الله العروي، مفهوم العقل: المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء- بيروت الطبعة الثانية 1997
محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، طبعة دار الطليعة بيروت، لبنان 1984
ولتر ستيس، الدين والعقل الحديث، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام، مكتبة مدبولي، الطبعة الأولى 1998
+ كاتب فلسفي
[1] محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، طبعة دار الطليعة بيروت 1984 ص17
[2] محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، طبعة دار الطليعة بيروت، لبنان 1984 ص19
[3] عبد الله العروي، مفهوم العقل: المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء- بيروت الطبعة الثانية 1997ص 80
[4] ولتر ستيس ، الدين والعقل الحديث، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام، مكتبة مدبولي، الطبعة الأولى 1998 ص 250
[1] محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، طبعة دار الطليعة بيروت 1984 ص17
[2] محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، طبعة دار الطليعة بيروت، لبنان 1984 ص19
[3] عبد الله العروي، مفهوم العقل: المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء- بيروت الطبعة الثانية 1997ص 80
[4] ولتر ستيس ، الدين والعقل الحديث، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام، مكتبة مدبولي، الطبعة الأولى 1998 ص 250