يعتبر ظهير 16 ماي من الظهائر الاستعمارية التي أثارت نقاشا حادا خلال فترة الحماية وبعد استقلال المغرب، وتعرض لتأويلات كثيرة ومتعددة، فما هي حقيقة هذا الظهير؟ وما هي مختلف ردود الفعل التي أثارها خلال فترة الحماية وبعد الاستقلال؟
1- نص الظهير :
الحمد لله وحده.
ظهير شريف.
يصبح بموجبه قانونيا مطابقا للأصول المرعية سير شؤون العدلية الحالي في القبائل ذات العوائد البربرية التي لا توجد فيها محاكم مكلفة بتطبيق القواعد الشرعية.
يعلم من كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره أنه حيث أن والدنا المقدس بالله السلطان مولاي يوسف قد أصدر ظهيرا شريفا مؤرخا في 20 شوال عام 1332 الموافق 11 شتنبر سنة 1914 يأمر فيه باحترام ومراعاة النظام العرفي الجاري العمل به في القبائل التي استتب الأمن فيها وذلك حبا في مصلحة رعايانا واطمئنان دولتنا الشريفة.
وحيث قد صدر للغرض نفسه ظهير شريف مؤرخ في 19 شوال عام 1340 الموافق 15 يونيو سنة 1922 بتأسيس قواعد خصوصية متعلقة بتفويت العقارات للأجانب بالقبائل ذات العوائد البربرية التي لا توجد فيها محاكم مكلفة بتطبيق القواعد الشرعية.
وحيث أن قبائل عديدة قد أدرجت منذ ذلك الحين بطريقة قانونية من طرف وزيرنا الصدر الأعظم في عدد القبائل التي ينبغي احترام ومراعاة نظامها العرفي.
وحيث أنه أصبح الآن من المناسب تعيين الشروط الخصوصية التي ينبغي إتباعها في مباشرة العدلية والقضاء بين من ذكر مع احترام العوائد المذكورة أصدرنا أمرنا الشريف بما يأتي:
- الفصل الأول: أن المخالفات التي يرتكبها المغربيون في القبائل ذات العوائد البربرية بإيالتنا الشريفة والتي ينظر فيها القواد في بقية نواحي مملكتنا السعيدة يقع زجرها هناك من طرف رؤساء القبائل.
وأما بقية المخالفات فينظر فيها ويقع زجرها طبق ما هو مقرر في الفصلين الرابع والسادس من ظهيرنا الشريف هذا.
- الفصل الثاني: أنه مع مراعاة القواعد المتعلقة باختصاصات المحاكم الفرنسوية بإيالتنا الشريفة فإن الدعاوي المدنية أو التجارية والدعاوي المختصة بالعقارات أو المنقولات تنظر فيها محاكم خصوصية تعرف (بالمحاكم العرفية) ابتدائيا أو نهائيا بحسب الحدود (المقدار) يجري تعيينها بقرار وزيري.
كما تنظر المحاكم المذكورة في جميع القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية أو بأمور الإرث وتطبق في كل الأحوال العوائد المحلية.
- الفصل الثالث: أن استـئناف الأحكام الصادرة من طرف المحاكم العرفية يرفع أمام محاكم تعرف بالمحاكم العرفية الاستئنافية وذلك في جميع الأحوال التي يكون فيها الاستئناف مقبولا.
- الفصل الرابع: أن المحاكم الاستئنافية المشار إليها تنظر أيضا في الأمور الجنائية ابتدائيا ونهائيا بقصد زجر المخالفات المشار إليها في الفقرة الثانية من الفصل الأول أعلاه وكذلك زجر جميع المخالفات التي يرتكبها أعضاء المحاكم العرفية التي يطوق باختصاصاتها الاعتيادية رئيس القبيلة.
- الفصل الخامس: يجعل لدى كل محكمة عرفية ابتدائية أو استئنافية مندوب مخزني مفوض من طرف حكومة المراقبة بالناحية التي يرجع إليها أمره ويجعل أيضا لدى كل واحدة من المحاكم المذكورة كاتب مسجل يكون مكلفا أيضا بوظيفة موثق.
- الفصل السادس: أن المحاكم الفرنسوية التي تحكم في الأمور الجنائية حسب القواعد الخاصة بها لها النظر في زجر الجنايات التي يقع ارتكابها في النواحي البربرية مهما كانت حالة مرتكب الجناية.
ويجري العمل في هذه الأحوال بالظهير الشريف المؤرخ في 12 غشت سنة 1913 المتعلق بالمرافعات الجنائية.
- الفصل السابع: أن الدعاوي المتعلقة بالعقارات إذا كان الطالب أو المطلوب فيها من الأشخاص الراجع أمرهم للمحاكم الفرنسوية فتكون من اختصاصات المحاكم الفرنسوية المذكورة.
- الفصل الثامن: أن جميع القواعد المتعلقة بتنظيم المحاكم العرفية وتركيبها وسير أعمالها تعين بقرارات وزيرية متوالية تصدر بحسب الأحوال ومهما تقتضيه المصلحة.
والسلام.
وحرر بالرباط في 17 حجة عام 1348 الموافق 16 ماي 1930.
قد سجل هذا الظهير الشريف في الوزارة الكبرى بتاريخ 17 حجة عامه الموافق 16 مايو سنته.
محمد المقري.
اطلع عليه وأذن بنشره، الرباط في 23 مايو سنة 1930.
القومسير المقيم العام: لوسيان سان.[i]
2- قراءة في فصول الظهير :
المشروع النهائي للظهير تضمن ثمانية فصول فقط، لكنه كما يرى أجيرون Ageron لم يكن إلا نص مبادئ[ii]، أي أن فصوله كانت فضفاضة.
توضح مقتضيات هذا النص القانوني خضوع القبائل المعترف بها كقبائل ذات أعراف بيربيرية ولا تتوفر على محكمة شرعية لتنظيم قضائي يدعى المحاكم العرفية، ويتكون هذا التنظيم من درجتين تشكلهما كل من المحاكم العرفية ومحاكم الاستئناف العرفية، ولا تخضع هذه المحاكم للمحكمة العليا الشريفة كمحكمة نقض إذ تعتبر محاكم الاستئناف العرفية آخر درجات التقاضي في هذا النظام.
ويوجد في كل محكمة مندوب حكومي مفوض من السلطة الجهوية للمراقبة وكاتب ضبط يقوم كذلك بمهمة عدل ويتم تكوين و تنظيم وتسيير هذه المحاكم بقرارات وزيرية، وتستمد قوانينها التي تطبقها من الأعراف المحلية[iii].
وتختص هذه المحاكم بالأساس في القضايا المدنية والتجارية المنقولة أو العقارية، وفي نظام الأحوال الشخصية والميراث. ويرد استثناء هام على هذا الاختصاص العام ويتعلق بالقضايا العقارية التي يكون فيها المدعي أو المدعى عليه ممن يعود أحدهم إلى المحاكم الفرنسية حيث ينتقل اختصاص النظر في الدعوى إلى هذه الأخيرة[iv].
اشترط هذا الظهير، وبالخصوص في بنده السادس، أن تبقى- في أول المطاف وآخره- المخالفات الجنحية، المرتكبة في المناطق "البربرية"، من اختصاص المحاكم الفرنسية فقط، تلك المحاكم التي أنشأت بظهير 12 غشت 1913، وترك قضاء الحق العام من اختصاص المحكمة العليا الشريفة[v].
أما القضايا الجنائية التي تقع في مجال النفوذ الترابي لهذه المحاكم( بالنسبة للقضايا المدنية) فقد طالها نوع من تعدد الاختصاص: إذ تختص المحاكم الفرنسية في الجنايات المرتكبة في البلاد البيربيرية كيفما كانت حالة مرتكب الجناية. ويختص رؤساء القبائل في النظر في المخالفات التي يرتكبها الرعايا المغاربة في هذه المناطق، والتي تكون من اختصاص القواد في الأجزاء الأخرى من المملكة. وهناك أخيرا الجنايات والمخالفات التي يرتكبها أعضاء المحاكم العرفية والتي يرجع النظر فيها إلى محاكم الاستئناف العرفية ابتدائيا ونهائيا[vi].
3- الآثار التي خلفها الظهير :
3-1 خلال فترة الحماية :
تتفق جل كتابات الوطنيين التي أرخت لظهير 16 ماي 1930 على نفس القصة تقريبا، فيما يخص ردود الفعل التي أعقبت صدور هذا الظهير. فتسريب هذا الظهير يعود لعبد اللطيف الصبيحي، أحد شباب الوطنية بمدينة سلا، تمكن من الإطلاع عليه بحكم وظيفته في مصلحة الشؤون الإدارية والسياسية بالإقامة العامة، وأبلغ بمحتواه بعض شباب المدينة، الذي كان منتظما منذ سنة 1927 في جمعية ثقافية تحت اسم " النادي الأدبي السلوي"، فتمت على إثر ذاك اجتماعات بين وطنيي سلا لمناقشة ما كانت تبتغيه فرنسا من وراء "سياستها البربرية"، وركز عبد اللطيف الصبيحي في تلك الاجتماعات حملته ضد الظهير من منظور وطني "علماني"، إلا أن تطور النقاش أضاف للمسألة بعدا دينيا، نتج عن التفكير في إمكانية استعمال رموز دينية، لتأليب الناس ضد فرنسا[vii]. يقول أبو بكر القادري : " ولأن الظهير البربري صدر في ماي، وكان الفصل صيفا حارا وأغلب الشباب قصد شاطئ البحر للاستجمام، فإن عبد اللطيف الصبيحي توجه إلى الشباب في الشاطئ وأخذ يؤنبهم لأنهم يلهون ويسبحون في حين أن المغرب مهدد في كيانه، وكان شابا فصيحا. فالتف حوله بعض الشباب ممن تمكن من إقناعهم بخطورة الظهير البربري، وأخذوا يفكرون في كيفية مواجهته وطرحت فكرة التركيز على أن الاستعمار يريد إزالة النفوذ للملك، فتم الاعتراض عليها، لأن أغلبية الناس سوف لن تتصدى للظهير فقط لهذا السبب، فهذه الفكرة وحدها غير كافية لاستنهاض الهمم وحشد الطاقة الوطنية... وبعد أخذ ورد اتفق شباب المجتمع على القول بأن الغاية من الظهير هي تحويل المغاربة إلى نصارى. وينبغي البحث عن وسيلة لإبلاغ هذه الفكرة إلى المغاربة"[viii] . فتم الاتفاق على استغلال صلاة الجمعة، حيث سيتوزع عدد من الأشخاص في الصفوف الأمامية وعند تلاوة الإمام للآيات الطقوسية، سيصرخون " يا لطيف، يا لطيف".وهكذا انطلقت" حركة اللطيف" من مساجد سلا، قبل أن تصل إلى مساجد الرباط ، هاتين المدينتين كانتا مركز الاحتجاجات لمدة شهر قبل أن تتنقل إلى فاس[ix].
أما عن صيغة اللطيف التي اشتهرت فيما بعد فيقول أبو بكر القادري:" كان إماما (عبد الله الجيراري) لأحد المساجد في الرباط، وفي خطبة الجمعة تحدث عن الظهير البربري وحذر من عواقبه... وطلب من المصلين ترديد اللطيف، وهو الذي هيأ الصيغة التي ظلت تردد في المساجد وخارجه والتي كانت تقول : اللهم نسألك اللطف فيما جرت به المقادير، لا تفرق بيننا وبين إخواننا البرابر... هذه الصيغة التي كانت سهلة الحفظ وحلوة أثناء الترديد"[x].
وهكذا استغل الوطنيون الفرصة لإخبار الناس أن هذا الظهير يستهدف عقيدة المغاربة، وقد عرفت مدينة فاس تسارعا في حركة الاحتجاجات حيث شهدت المساجد نوعا من المهرجانات الخطابية، التي امتدت إلى خارج المساجد[xi]، لعب فيها مسجد القرويين دورا كبيرا، نظرا لمكانته العلمية والدينية الكبيرتين، يقول الحسن بوعياد:" في يوم 4 يوليوز 1930 بعد أن شاع بين الناس مضمون الظهير البربري وما يهدف إليه شرع في عمليات التجمعات ببعض مساجد المغرب، وكان ذلك بمسجد القرويين... واستمرت التجمعات متوالية بالجامع إلى نهاية يوم 17/07/1930 ". وفي يوم الجمعة 18 يوليوز يقول محمد حسن الوزاني: " وفي القرويين بحضور أكبر تجمهر ممكن من الشباب المناضل الذي تفرق بين صفوف المصلين حتى إذا اختتمت الصلاة نودي بقراءة اللطيف قبل أن يتفرق الناس ولما شعرنا ببلوغ التأثر أقصاه في كافة النفوس صعد عبد السلام إبراهيم الوزاني إلى كرسي التدريس وفق الخطة المدروسة، وألقى في جموع المؤمنين، ومن حوله حراسة قوية من الشباب المناضل، خطبة قصيرة كنا أعددناها... وقد ألهبت النفوس بما لا مزيد عليه حتى صار الناس يزدحمون حول الكراسي وصرخاتهم تتعالى باستنكار السياسة البربرية المشؤومة وعيونهم تبكي تأثرا، وكلهم ينادون الموت أفضل من الحياة. ومنهم من كانوا يلطمون وجوههم لشدة تأثرهم عند سماع الخطيب يفضح أمامهم أخطار السياسة البربرية"[xii].
وهكذا تم تأويل الظهير وربطه بالتنصير والتفرقة فالحاج الحسن بوعياد يرى أن الظهير كان له : "الأثر البعيد في نفوس المغاربة، وعلى رأسهم رجال الحركة الوطنية الذين أدركوا من أول وهلة مقاصده ومراميه المتمثلة في :
- كونه معولا أعده الاستعمار للتفرقة بين عناصر الأمة المغربية للقضاء على وحدتها.
- كونه يستهدف التمكن من سلخ شطر كبير منها، ذلك الشطر الذي برهن على مغربيته العريقة، وتشبثه بدينه المتين قديما وحديثا. ولا أدل على ذلك في القديم من الموقف الشريف الخالد، الذي وقفه إخواننا البرابرة منذ أيام طارق بن زياد وموسى بن نصير ومرورا بعهود المرابطين والموحدين وبني مرين، واستشهادهم بالآلاف من أجل نجدة الأندلس المسلمة...
- كونه وسيلة تمكن المستعمر من الوصول إلى أغراضه في التحكم، والقضاء على الشخصية المغربية... وذلك بالقضاء على الدين الإسلامي وعلى الشريعة الإسلامية وإسلام القبائل البربرية، عن طريق العدلية والتعليم، وإقامة كنائس ومؤسسات تبشيرية...[xiii]".
أما عبد الكريم غلاب فيرى أن هذا الظهير يعتبر من أخطر التشريعات الرجعية التي أصدرها الاستعمار،حيث استهدف :
- تقسيم البلاد على حسب العرق والجنس وأصل السكان.
- إقامة نظام للعدلية على أساس العرق .
- إحياء النظام القبلي وجعل رؤساء القبائل قضاة ينظرون في بعض الأحكام.
- إنشاء المحاكم العرفية، أي التي تحكم بالأعراف البربرية لا بالشرع الإسلامي أو القانون الوضعي، ومنحها اختصاصات واسعة النطاق.
- ضم القضايا المتعلقة بالمحاكم الشرعية التي ألغيت نهائيا في المناطق البربرية إلى محاكم العرف، وهي بالإضافة إلى العقارات والمنقولات التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية والإرث وما يتعلق به.
- تعميم اختصاصات المحاكم الفرنسية في القضايا التي تعود إليها على المناطق البربرية[xiv].
إن هذا التأويل المعطى للظهير، وربطه بالتنصير هو السبب في إعطائه بعدا إسلاميا، هكذا نجد شكيب أرسلان بعد زيارته لشمال المغرب، يتحدث عن ألف مبشر مسيحي يعملون على تحويل "البربر" إلى المسيحية، وبأن فرنسا تريد إكمال العمل الذي سبق أن بدأه كل من فرديناند وإيزابيلا، وقام بتعبئة المسلمين والعرب للتحرك ضد الظهير[xv].
وهكذا أصبحت كل الجرائد العربية خاصة في مصر تخصص مقالات للحديث عن هذا الظهير وخطورته والمظاهرات المنظمة ضده،خاصة صحيفة الفتح لصاحبها محب الدين الخطيب، وصحيفة المنار لصاحبها رشيد رضا، معتمدة في ذلك على ما ينقله إليها الوطنيون المغاربة، كما تم إرسال مجموعة من الرسائل للقنصليات والسفارات الفرنسية في البلدان العربية، وكذا للحكومة الفرنسية، وعصبة الأمم من مختلف البلدان الإسلامية، وذلك استجابة لنداء شكيب أرسلان، هذا التيليكّرامات والرسائل و مقالات الصحف العربية جمعها الحسن بوعياد في كتابه الحركة الوطنية والظهير البربري في 660 صفحة.
أمام هذه المظاهرات أرسل السلطان محمد بن يوسف رسالة – غالبا ما لا تشير إليها كتابات الوطنيين – قرئت في مساجد المملكة بمناسبة عيد المولد النبوي، تقول الرسالة بعد البسملة والحمدلة :"...فغير خاف أن للقبائل البربرية عوائد قديمة يرجعون فيها لحفظ النظام ويجرونها في ضبط الأحكام، وقد أقرهم الملوك المتقدمون في أسلافنا المقدمين ومن قبلهم، فتمشوا بمقتضاها مدة مديدة وسنين عديدة، وكان آخر من أقرهم على ذلك مولانا الوالد قدس الله روحه في أعلى المشاهد اقتفاء بمن تقدمه من الملوك وإجابة لآمالهم ورغبة في إصلاح حالهم وحيث أن ذلك من جملة الأنظمة المخزنية اقتضى نظرنا الشريف تجديد حكم الظهير المذكور لأن تجديده ضروري لإجراء العمل به بين الجمهور وقد قامت شرذمة من صبيانكم الذين يكادون لم يبلغوا الحلم وأشاعوا ولبئس ما صنعوا أن البرابرة بموجب الظهير الشريف تنصروا وما دروا عاقبة فعلهم الذميم وما تبصروا وما هو بذلك على العامة وصاروا يدعونهم لعقد الاجتماعات بالمساجد عقب الصلوات لذكر اسم الله تعالى اللطيف فخرجت المسألة من دور التضرع والتعبد إلى دور التحزب والتمرد فساء جنابنا الشريف أن تصير مساجد قال الله في حقها: في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ( الآية ) محلات اجتماعات سياسية تروج فيها الأغراض والشهوات ومعلوم لدى الخصوص والعموم أن مولانا المقدس بالله كان أحرص الناس على إيصال الخير لأمته فكيف يعقل أن يسعى إلى تكفير جزء عظيم من قبائل رعيته (...)[xvi]".
فلماذا قامت "الحركة الوطنية" بربط الظهير بالتنصير؟
لفهم الأسباب الكامنة وراء هذه الهبة المفاجئة يجب استحضار أمرين هامين في نظرنا :
الأول يتعلق بحدث شكل صدمة للعائلات الفاسية وتجاهلته تقريبا كل المذكرات و الكتابات التي أرخت للفترة، خاصة كتابات " أصحاب اللطيف"، وهو حدث ارتداد محمد بن عبد الجليل أحد أبناء إحدى أعرق الأسر الفاسية، لقد حكى عبد الحق المريني ما حكاه له والده عن حدث دخول الحاج محمد بن عبد الجليل إلى المسيحية في مقال صحفي إثر صدور كتاب بالفرنسية بعنوان جان محمد بن عبد الجليل، شاهد على القرآن والإنجيل، في جريدة الصحراء المغربية، عدد 23 غشت 2005 : لما وصل " النبأ المفجع" إلى والده بفاس، لم ينقطع رجاؤه في أن يعود ولده إلى رشده، فأرسل إليه مبعوثين، كان من بينهم شقيقه الحاج عمر ورفقاؤه في الدراسة ليقنعوه بالعودة إلى دينه الإسلامي، ولكنه كان صامدا في موقفه، ثابتا على مبدئه لا يزحزحه زائح، فأقام والده مأتما ببيته ترحما على ابنه محمد، الذي بردته أصبح مفقودا ومعدوما كأنه لم يولد ولم يكن له وجود"[xvii]. لقد درس الصبيحي صاحب المعلومة عن الظهير، والذي ينتمي لعائلة باشا سلا الذي حكمها من 1914 إلى 1956 ، مع بن عبد الجليل في مدرسة اللغات الشرقية بباريس كما في الرباط قبل ذلك. من هنا نفهم لماذا بدأت قصة الظهير في سلا التي كان أحد أبناءها من أصدقاء بنعبد الجليل والعامل في الترجمة بالإقامة العامة، وعرفت أوجها في فاس، موطن بنعبد الجليل، والتي كانت في أمس الحاجة للتعبير عن سخطها من التنصير الذي لطخ سمعتها بعد تنصر أحد أبناء أعيانها[xviii].
الأمر الثاني يتعلق باستحضار السياق الدولي لسنة 1930، حيث وصلت رياح أزمة 1929 العالمية إلى المغرب، مما خلق ظرفية اقتصادية صعبة تميزت بالجفاف وضعف المحاصيل، وأزمة الصناعة التقليدية المغربية، ومنافسة المنتوجات الأوربية، كل ذلك خلق جوا من الحنق في صفوف الساكنة المغربية، وشكل الظهير فرصة لهم للتعبير عن تذمرهم[xix].
أمام هذه الاحتجاجات، قامت سلطات الحماية بإدخال تعديل على هذا الظهير سنة 1934، ( سنة انتهاء التهدئة la pacification فهل لا يعدو الأمر أن يكون صدفة !) حيث حلت المحاكم المخزنية ( محاكم القواد) محل رؤساء القبائل( الفصل الأول من ظهير 16 ماي)، ومحل محاكم الاستئناف العرفي ( الفصل الرابع)، ومحل المحاكم الفرنسية ( الفصل السادس )، وتوحد النظام الجنائي لكافة قبائل المغرب، وأصبح يخضع للمحكمة العليا الشريفة كمحكمة نقض، وأحدث بهذه الأخيرة فرع خاص بالعرف[xx].
واستمر العمل بهذا الظهير إلى حين استقلال المغرب سنة 1956.
- ظهير 16 ماي وظهور "الحركة الوطنية" المغربية :
تتفق كل الكتابات أن ظهير 16 ماي 1930 كان وراء ظهور "الحركة الوطنية"، وقبل الحديث عن أثر الظهير في تشكل هذه الحركة، نرى من المهم أن نتطرق لتعريف الوطنية من منظور الوطنيين المغاربة أنفسهم، وأن نحاول الوقوف قليلا عند المؤثرات التي كانت وراء تشكل هذه الحركة بالمغرب.
· تعريف الوطنية:
من الصعب إعطاء تعريف دقيق لمفهوم الوطنية، بل إننا رصدنا خلافا كثيرا بين الباحثين في تقديم تعريف للوطنية المغربية[xxi]. لكن ما يمكن الاتفاق عليه أن الوطنية كمفهوم مرتبطة من حيث نشأتها التاريخية والاصطلاحية في أوربا، بظهور وتطور الدولة/الأمة، كما أنها مرتبطة، كحادث سياسي وثقافي، بمجموع التحولات المعاصرة مثل انتشار التصنيع، وتكون السوق الرأسمالية والتوحيد اللغوي. وبهذه الصفة فهي ظاهرة وحادث فريدان في تاريخ البشرية، تماما مثل ظاهرة الاستعمار الحديث الذي أفرز نقيضه التاريخي الجدلي : حركات التحرر الوطني في البلدان المستعمرة [xxii].
· تعريف الوطنية حسب كتابات الوطنيين المغاربة :
إذا كانت الوطنية عند علال الفاسي تحمل معاني الدفاع عن النفس والذب عن الكيان والميل للحرية الفردية والاجتماعية، وهي صفة امتاز بها -حسب رأيه- المغاربة في جميع مراحل حياتهم وتجاربهم التاريخية[xxiii]، فإنه مثله في ذلك مثل عبد الكريم غلاب، قد ذهبا إلى القول بأن الحركة الوطنية لم تبتدئ إلا مع سنة 1925 ولم تظهر كحركة منظمة إلا مع 1930 ، إذن فحسب رأيهما الحركة الوطنية ارتبطت في المغرب فقط بالمقاومة المدينية التي ظهرت بعد 1930، ولا تعتبر حركة المقاومة المسلحة التي خاضتها القبائل منذ 1907 داخل هذه الحركة الوطنية ! بل إن هاته الكتابات وغيرها تربط بين ظهور الحركة الوطنية واستسلام محمد بن عبد الكريم الخطابي، في تجاهل تام للمقاومة الأطلسية التي خاضت معارك مشرفة قبل معركة أنوال بل ومعارك عظمى بعد أنوال( معركة بوكّافر على سبيل المثال).
فكيف تصورت النخبة المدينية مفهوم الوطنية؟ وكيف ربطته بالهوية المغربية؟
للوقوف عند تصور المغاربة لمفهوم الوطنية والهوية سنقوم بعرض مجموعة من أفكار الوطنيين خلال فترة الحماية:
- " الشعب المغربي شعب عربي الثقافة، عربي الميول، فلابد أن يكون على علم تام بالشعوب العربية التي تربطه بها روابط ثقافية ونفسية وسلالية"[xxiv] .
- " إنما نحن وطنيون شداد في الوطنية بالشكل الذي عرفناه وحددته التعاليم الإسلامية التي صبغت عقلنا صبغة متينة ""إن الوطنية المغربية منذ أول يوم من تكوينها اعتمدت على روح الإسلام المثلى فاستمدت منها دفتر مطالبها وبرامجها"[xxv] .
- " إذا أردنا نحن الاستقلال فلا مناص من أن نتخذ الشرق مثالا وقدوة"[xxvi] .
- " ونحن إذ نهيب بالباحثين إلى العناية باللغة العربية لا نفكر أصلا فيما عرف بتمصير اللغة، فأنا من ألد أعداء هذه الفكرة الباطلة التي نحاربها باسم الدين والعروبة"[xxvii] .
- " ..إن ما يقال في العربية الدارجة، لينطبق أكثر وأشد على اللهجة البربرية التي هي لهجة رعاة وقوم سذج، لا لهجة حضر صقلهم العلم، وهذبهم الرقي، وطبعتهم المدينة، كما هو شأن الناطقين بالعربية الدارجة في الأقاليم والحواضر المجاورة لها"[xxviii] .
أما الحركة الوطنية في المنطقة الخليفية، فلا تختلف نظرتها لمضمون الوطنية والهوية، عن نظيرتها في المنطقة الفرنسية ففي التصريح الأساسي لحركة الوحدة المغربية في المنطقة الخليفية ومطالبها العامة 1937 جاء ما يلي: " تعتبر ( حركة الوحدة المغربية) اللغة العربية هي اللغة الرسمية للمغرب الإسلامي منذ اعتناق المغاربة للإسلام، نظرا إلى أنها وحدها هي التي ظلت طيلة الثلاثة عشر قرنا ونصف الماضية لغة الدين والإدارة والتعليم والتأليف ، ورابطة التفاهم الوحيدة بين الدولة المغربية والدول الأجنبية ، وتعتبر اللهجات البربرية التي لا تزال منها بقايا في المغرب ذات قيمة ثانوية، باعتبارها لهجات ثانوية عامية لا تمثل ثقافة ولا علما ولا حضارة، ولا يمكن للمغاربة أن يتصلوا عن طريقها أبدا بالتيارات الفكرية القديمة والجديدة. لذلك تحارب " الوحدة المغربية" كل محاولة لبربرة المغاربة من جديد، أو سعي لإيقاف تيار العروبة بينهم وفي نفس الوقت تبدل كل جهودها لتعميم اللغة العربية وثقافتها في كل الحواضر والبوادي، حتى تكون وحدها لسان النهضة المغربية الحديثة مثل القشتالية التي وحدت فرنسا رغما عن وجود لهجات محلية في كلا البلدين" ف " الوحدة الروحية شرط ضروري لهذه السلالة ( المغربية)، فيلزم(للاستعمار)تمزيق هذه الوحدة بخلق السياسة العنصرية ومحاربة تشريع القرآن وتشجيع اللهجات البائدة، وما إلى ذلك من أساليب التجزئة والتفرقة"[xxix].إن " الجامعة العربية والجامعة الإسلامية هما بالأساس والتحديد إطاران للتعاطف القلبي والتوادد الروحي والإخاء العاطفي"[xxx]. كما نجد في نفس التصريح :" لسنا من أنصار الوطنية الضيقة إلا باعتبار أننا نخدم بها جزء من أرض الإسلام، ولسنا من دعاة الجنس حتى نحيط أعمالنا بسياج الخصائص الجنسية وامتيازات السلالة"[xxxi] .
إذن نستشف أن الوطنية المغربية هي وطنية عربية إسلامية بالأساس، وبالتالي فان هويتها هي هوية عربية إسلامية، لا تولي أي اهتمام للخصوصيات المغربية، بل إن المقاومة الأمازيغية للمستعمر يدخلها علال الفاسي في إطار هذه الوطنية العربية حيث يقول :" لقد وقفوا ( البربر) من قضية بلادهم الموقف المشرف الذي لا يماثله موقف، فاستبسلوا في الدفاع عن وطنهم... وبزغ في وسطهم أبطال رفعوا اسم العرب عاليا مثل موحا وحمو الزياني، ومثل سيدي رحو والأمير عبد الكريم...[xxxii]".
o فلماذا ركزت الحركة الوطنية على العروبة والإسلام؟
للإجابة عن هذا السؤال نرى من اللازم الوقوف عند الروافد التي شكلت هذا الفكر الوطني المغربي، خلال فترة الحماية، هذه الروافد نلخصها في أفكار السلفية وأفكار القومية العربية .
· السلفية :
الأحداث التي اعتملت في المشرق ما بين 1920 و 1930 كان لها تأثير في المغرب، خصوصا أفكار الحركة الإصلاحية السلفية، التي أسسها كل من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، ورشيد رضا فيما بعد، هذه الحركة ترى أن حل مشاكل "العالم العربي"، لا يمكن أن يتم إلا بالاعتماد على التقنيات الحديثة والرجوع إلى المبادئ الأساسية للإسلام[xxxiii]. وكانوا يدعون إلى تشكيل الجامعة الإسلامية من أجل توحيد العالم الإسلامي للوقوف أمام المستعمر.
هذه الحركة السلفية كانت تركز على التعليم العصري الإسلامي، وهو ما ظهر واضحا في المغرب الذي ظهرت به ما بين1921 و 1925 عشرات المدارس الحرة: خمسة في فاس وثلاثة في الرباط واحدة بالدار البيضاء، وواحدة بتطوان، إثنثين أو ثلاثة بمراكش، هذا المدارس كانت تدرس القرآن وسيرة الرسول، دون نسيان التاريخ والجغرافيا الإسلامية، التاريخ المدرس كان يركز بالخصوص على أمجاد المسلمين بالأندلس، وأن المغرب كان دولة على أعتاب الحداثة لولا تدخل الامبريالية الفرنسية 1934 [xxxiv].
كان من أوائل دعاة السلفية بالمغرب عبد الله بن ادريس السنوسي و أبي شعيب الدكالي [xxxv] . يقول علال الفاسي: " ولكن هذا كله لم يكن له من الأثر ما أحدثه رجوع المصلح الكبير الشيخ أبي شعيب الدكالي، فقد عاد وكله رغبة في الدعوة لهذه العقيدة والعمل على نشرها، والتف حوله جماعة من الشباب النابغ يوزعون الكتب التي يطبعها السلفيون بمصر، ويطوفون معه لقطع الأشجار المتبرك بها والأحجار المعتقد فيها"[xxxvi]، لقد كانت مجلة العروة الوثقى و كتب جمال الدين الأفغاني و محمد عبده تصل الى المغرب ،مما سهل مهمة السلفيين الأوائل ،خاصة وسط الشباب في عهد المولى عبد الحفيظ الذي تصدى بدوره للطرقيين و لأصحاب الزوايا، و ساءت علاقة هذا السلطان مع محمد بن عبد الكبير الكتاني و انتهت بإعدام هذا الأخير .ووجدت السلفية صدى كبيرا عند عدد من الشباب المثقف المتخرج من القرويين أمثال علال الفاسي والمختار السوسي، ويعتبر مولاي العربي العلوي أحد مريدي بوشعيب الدكالي ، وعلال الفاسي حلقة الاتصال ما بين الحركة السلفية و أول جماعة وطنية، وقد تعززت فيما بعد بالحسن الوزاني وإبراهيم الكتاني ورشيد الدرقاوي، وكلهم ينتمون إلى عائلات مغربية ذات نسب عريق [xxxvii] ، فتكونت الجمعيات بعدد من المدن كسلا والرباط وفاس، وانطلق الرواد الأولون في مقاومة الفكر الطرقي والتنديد بتقاليده ، وزاد انتشار هذا التيار مع الجمعيات الإسلامية التي أسست بالمشرق العربي ومشاركة بعض المغاربة الدين درسوا هناك كجمعية الشبان المسلمين وجمعية الهداية الإسلامية بالقاهرة وجمعية أحباء الطلبة بفاس[xxxviii].
· أفكار القومية العربية :
إذا كانت السلفية ترى أن سبب تخلف المسلمين هو ابتعادهم عن الإسلام، فان القومية العربية ترجع الانحطاط الذي يعرفه العرب إلى ضعف النزعة العربية وتخلف العرب عما كانوا عليه في ماضي حضارتهم المشرق[xxxix].
وكان المسيحيون العرب يشكلون أغلبية المثقفين الذين كانوا يحملون فكرة القومية العربية، ضد الوجود الإسلامي العثماني بالأساس، وهذا ما يبرز فكرة القومية العربية كنقيض لفكرة الجامعة الإسلامية التي كانت تنادي بها السلفية. لكن هذا لا يعني عدم وجود مثقفين مشارقة يرون ألا تعارض بين الجامعتين، فمثلا رشيد رضا و شكيب أرسلان -بدرجة أكثر- عندما يتحدثان عن قضية الإسلام، يفكران أولا بالإسلام العربي، وينظران إلى المسلمين الآخرين" كتلامذة للعرب" على حد تعبير أرسلان نفسه[xl].أما رشيد رضا فيرى أن عصبية الشعوب الإسلامية الأخرى تتعارض مع مصالح الأمة، بخلاف العصبية العربية[xli]، ولكون المغرب لم يعرف أصلا أقلية مسيحية فقد ظهر للطلبة المغاربة أن لا فرق بين دعاة القومية العربية والجامعة الإسلامية[xlii] .
هذه الأفكار دخلت إلى المغرب عن طريق الطلبة الذين كانوا يدرسون في المشرق، خصوصا مصر وفلسطين، خاصة الطلبة المنحدرين من المنطقة الشمالية، ويعرف الحاج عبد السلام بنونة بأنه أول من سيحول هذه الرحلات الطلابية إلى برنامج ايديولوجي-سياسي[xliii]. هؤلاء الطلبة لاشك أنهم اطلعوا على كتابات منظري القومية العربية، إلا أن أول لقاء للنخبة المغربية مع الخطاب القومي العربي، يرجع إلى تاريخ زيارة شكيب أرسلان للمغرب، حيث ستتبلور في ذهنهم الفكرة القومية العربية[xliv].
نخلص إلى أن الفكر الوطني بالمغرب بعد 1930 هو فكر ذو مضمون( مذهب سياسي) وخطاب ( مخيال ايديولوجي) يهيمن عليهما معا ما يعرف بالسلفية الجديدة كمادة للاعتقاد ومنهج في الإدراك[xlv].
- تشكل الحركة الوطنية المغربية :
يرى علال الفاسي أن صدور"الظهير البربري" كان " فاتحة عهد كفاح وطني في الداخل والخارج"[xlvi]. حيث شكل مجموعة من الشباب ممن تزعم المظاهرات ضد الظهير، تنظيما سريا كان على الشكل التالي :
الزاوية: تضم عشرة أعضاء هم : حمزة الطاهري، علال الفاسي، محمد بن الحسن الوزان، العربي بوعياد، أحمد بوعياد، الحسن بوعياد، عبد القادر التازي، محمد الديوري، إدريس بن عبد الرحمان برادة، أحمد مكوار، واتخذا لأنفسم أسماء مستعارة تيمنا بالعشرة المبشرين بالجنة. وقد ارتفع عددهم إلى عشرين شخص سنة 1931، وتكفل علال الفاسي و محمد الوزاني بوضع قانونها الأساسي.
الطائفة: المستوى الثاني من التنظيم وكانت تعرض عليها مقررات الزاوية.
لجنة السافر: كانت مهمتها هي التنسيق وربط الاتصال بين مختلف الفروع والجماعات.
الخلايا: وهي قاعدة التنظيم الحزبي السري،وكان يرأسها شخص يدعى " المسير" مهمته بث الوعي بالقضية الوطنية وإيصال القرارات والأوامر إلى أعضاء خليته[xlvii].
هذا التنظيم بادر إلى تحرير عريضة مطلبية قدمها للسلطات يوم 24 غشت تضمنت :
· إلغاء ظهير مايو وسائر الظهائر والقرارات التي اتخذت في معناه.
· تكوين قضاء موحد لجميع المغاربة
· ربط جميع الموظفين الدينيين بسلطة السلطان الشخصية
· ليس في المغرب دين قومي سوى الإسلام واليهودية
· منع الهيئات الأجنبية وإدارة المعارف من استعمال وسائل التبشير
· اللغة العربية وحدها لغة البلاد الرسمية، ولذلك يجب أن تكون أساسية في البرامج التعليمية[xlviii].
وفي سياق تطوير أساليب النضال والمواجهة، عزز الوطنيون تنظيمهم السري، بمنبر صحفي، تحت اسم >> مغرب << تولى رئاسة تحريرها المحامي الاشتراكي روبير جان لونكّي، بمساعدة أحمد بلافريج ومحمد حسن الوزاني[xlix].
أعضاء هذا التنظيم هم الذين قاموا بتقديم دفتر مطالب الشعب المغربي،والتي نشأ عنها " كتلة العمل الوطني" كأول حزب سياسي مغربي. وأرجع أصحاب هذه المذكرة أسباب مطالبهم، إلى الانحراف الذي لحق تطبيق نظام الحماية، وحوله عن الغاية التي وضع من أجلها، وسن سياسة تفرقة بين المغاربة، بإحداث أنظمة شاذة، مثل النظام المبني على السياسة البربرية، ومحاولة فرنسة الأكثرية من الأمة[l]، فهذه المطالب لم تطلب إزالة نظام الحماية، وإنما فقط إصلاحه.
3-2 الظهير كموضوع للتدافع الإيديولوجي بعد استقلال المغرب:
استغل الوطنيون هذا الظهير للتعبير عن مطالبهم تحت غطاء الدفاع عن الإسلام. ويظهر بالواضح أن مصير " إخوانهم البرابر " لم يكن يشغل أي مكان في سلم انشغالاتهم، بل إن مجموعة من هؤلاء الشبان الفاسيين كانوا يكنون احتقارا لهؤلاء "الشلوح"[li].
إن الصورة السلبية حول الأمازيغية بنيت في هذه الفترة، عن طرق التمثل الرمزي حيث يتم استعمال عناصر ظاهرة (سلوك الاستعمار الفرنسي)كدلالات لاستحضار المدلولات المستترة(الأمازيغية بكل أبعادها) والغير المعروفة إلا جزئيا عن طريق القياس، وبواسطة هذه العملية تنتقل كل الصفات السلبية التي ألصقتها الحركة الوطنية بالاستعمار في إطار الصراع السياسي الإيديولوجي إلى الأمازيغية والمهتمين بها [lii].
لقد لعب المسجد دور استدخال وتكوين الصورة السلبية عن الأمازيغية في أذهان المصلين وتحصينها في مناطق اللاوعي التي لا يستطيع الذكاء ولا الفهم الوصول إليها بالأحرى مناقشتها[liii].
وبالتالي تم بناء إيديولوجية توحيدية تظهر : الإسلام، العربية والعروبة بمثابة عناصر للوحدة الوطنية، ويتم فيها استحضار الأمازيغية كرديف للاستعمار والمسيحية وتمزيق الوحدة الوطنية. فتم إخراج مكون أساسي من مكونات الهوية الوطنية من الدائرة الوطنية ليتم ربطه بالاستعمار. وأصبحت هذه الصورة من البديهيات التي لا تقبل المناقشة[liv]، خاصة بعد استقلال المغرب فمثلا نجد جميع الكتاب والمثقفين و كذا الكتب المدرسية والجرائد المغربية تعطي نفس التأويل لهذا الظهير، الذي ظل حاضرا في تاريخ المغرب الراهن بشكل قوي خاصة في ذكرى صدور الظهير، وكذلك في المناسبات التي كانت تطفو فيها الأمازيغية إلى السطح، ونورد هنا بعض الأمثلة:
في ركن كلمة ونصف، كتب مدير جريدة العلم لسان حزب الاستقلال ، بتاريخ 15 ماي 1966 عدد 5864:" الظهير البربري الذي نذكره بمناسبة مرور 36 سنة على صدوره- ولو أنه مات في السنة الأولى للاستقلال- ظهير عجيب كان يقوم على أساس فرنسة الأمة بإحداث نظام يميز السكان البربر عن السكان العرب وذلك بفرنسة التعليم والقضاء والتضحية باللغة العربية وتقسيم الأمة... من الغريب أن تحيا بيننا بعض مبادئ هذا الظهير من أشكال مختلفة كأننا يجب أن نعود إلى الوراء أكثر من ثلث قرن.. وحري بنا أن نحيي ذكرى الظهير البربري بمثل السخط الذي كنا نحييها به فإن بعض أفكار هذا الظهير لم تمت بعد"[lv].
أما محمد العربي المساري فيقول : " إن يقظتنا الوطنية المعاصرة وقعت بالذات ردا على الاستعمار الفرنسي للتمييز بين العرب والبربر، ففي 16 ماي 1930 حينما صدر (المرسوم) البربري الذي يفرض انفصال المغرب عن الكيان العربي الإسلامي للمغرب انتفض الشعب المغربي بقوة ضد ذلك القانون (...) وبذلك فإن يقظة الشعب المغربي كانت في الأساس غيرة على انتمائه العربي. ومنذ سنة 1930 تأججت الحركة في الشارع وصهرت الشعب كله، وضحى كثير من الشهداء، رحمة الله عليهم، إلى أن توج ذلك الكفاح بإسقاط النظام الاستعماري. وقد أصبح مستقرا في الأذهان أن الاستعمار الفرنسي كتب وثيقة وفاته يوم نشر الظهير البربري "[lvi].
ويضيف قائلا : " وفي كل مرة كان خطاب الحركة الوطنية متميزا بشيئين: الأول أن الهاجس الإسلامي ظل قويا، وفي الجوهر احتفظت الوطنية المغربية بمفهوم ثابت لا يفصل العروبة عن الإسلام"[lvii].
أما عبد الوهاب بن منصور المؤرخ السابق للملكة المغربية فيقول : " واللغة أو اللهجات البربرية آيلة اليوم إلى الانقراض، وقد انقرضت فعلا في تونس وطرابلس أو كادت، وأصبح المتكلمون بها إلى جانب العربية في الجزائر قليلة، ولكن لا يزال يتكلمها مع العربية نحو الثلث من سكان المغرب الأقصى، ولولا المجهودات العظيمة التي بذلها الفرنسيون طيلة مائة وثلاثين سنة في محاربة العربية وخلق قومية بربرية لاستعرب الشمال الإفريقي كله وصارت العربية هي لغة التخاطب الوحيدة فيه، ومن المتوقع أن تلفظ هذه اللهجات أنفاسها الأخيرة في الخمسين سنة المقبلة إذ انتشر التعليم واتسعت شبكة المواصلات تضاءلت وفسحت المجال للغة العربية الفصيحة والعامية "[lviii].
أما محمد عابد الجابري فقد دعا صراحة إلى إماتة الأمازيغية " إن عملية التعريب الشاملة، يجب أن تستهدف ليس فقط تصفية اللغة الفرنسية كلغة حضارة وثقافة و تخاطب وتعامل، بل أيضا- وهذا من الأهمية بمكان- العمل على إماتة اللهجات المحلية البربرية منها أو العربية الدارجة ( ...) إن عملية مثل هذه، وهي الواسعة الشاملة المبرمجة، ستقضي في أسرع وقت على مخلفات السياسة البربرية التي لجأ إليها المستعمر لضرب كياننا، وطمس عروبتنا"[lix].
وفي مقاله المعنون ب"يقظة الوعي العروبي بالمغرب مساهمة في نقد السوسيولجيا الاستعمارية" الوارد في كتابه "المغرب المعاصر الخصوصية والهوية.. الحداثة والتنمية"، نجده يكرس نفس خطاب الحركة الوطنية حول "الظهير البربري" وحول هوية المغرب حيث يقول : " يتلخص الظهير البربري الذي استصدرته سلطات الحماية الفرنسية بتاريخ 16 أيار/مايو 1930 في فكرة واحدة هي : تطبيق العرف المحلي بدل الشريعة الإسلامية في " القبائل ذات العوائد البربرية" مع توسيع نفوذ المحاكم الفرنسية- في المغرب- بحيث يصبح من اختصاصها >> النظر في زجر الجنايات التي يقع ارتكابها في النواحي البربرية مهما كانت حالة مرتكبي الجناية<<. وعلى الرغم من أن هذا الظهير قد صيغ بعبارات قانونية مقتضبة جافة فإن أبعاده السياسية والدينية والثقافية والحضارية كانت واضحة الخطورة على المغرب: على كيانه القانوني داخل عقد الحماية نفسه وكيانه كشعب واحد وكدولة واحدة، شعب تتحدد هويته الثقافية الحضارية بانتمائه إلى الوطن العربي ..."[lx].
ويضيف قائلا :" لقد استهدفت تلك السياسة ( يقصد " السياسة البيربيرية") عروبة المغرب وإسلامه ووحدته الوطنية فكان رد الفعل الوطني هو التمسك بهذه المقومات الثلاثة والدفاع عنها بوصفها مقومات مترابطة لا يمكن الفصل بينها ومن هنا تلك الظاهرة التي تشكل خصوصية المغرب( والجزائر وتونس كذلك) ... ظاهرة الارتباط العضوي بين الإسلام والعروبة والوحدة الوطنية"[lxi].
إن هذا الطرح انتقده المثقفون الأمازيغيون بعد الاستقلال، واعتبروه سببا في تجاهل البعد الأمازيغي في الهوية المغربية، وانتقدوا التأويل الذي أعطته الحركة الوطنية لهذا الظهير، ولم يقفوا فقط عند انتقاد تأويل الحركة الوطنية لمضمون الظهير، بل انتقدوا حتى الاسم الذي ألصق به، في هذا الصدد يقول محمد مونيب : " أرى لزاما التأكيد على مسألة جوهرية في هذا الشأن، تتعلق بالتركيز على عدم وجود أي نص تشريعي ضمن القوانين التي صدرت أثناء الحماية، يحمل اسم "الظهير البربري"... إن الاسم الحقيقي الذي أطلقه المشرع على هذا الظهير هو " الظهير المنظم لسير العدالة بالقبائل ذات الأعراف البربرية والتي لا توجد بها محاكم لتطبيق الشرع"[lxii]، أما عن ربط الظهير بتنصير الأمازيغ يرى محمد مونيب أنه :"... عند فحص هذا الظهير بموضوعية، لا نجد فيه ما يقضي كما يدعون بتنصير البربر وفصلهم عن الإسلام أو ما يمكن اعتباره عاملا للتفرقة بين المواطنين، بل على العكس من ذلك، جاءت الفقرة الأولى من الفصل الأول لتفنيد هذه المزاعم، بتأكيده على أن مقتضياته تطبق على كل المغاربة رعايا صاحب الجلالة، بدون استثناء..[lxiii]" فهذا الظهير يعتمد على اختصاص مجالي/ترابي ولا يقوم على اختصاص عرقي، أي لا يخص القبائل الأمازيغية فقط[lxiv].
أما أحمد عصيد فيرى أن : " تسمية ظهير 16 ماي 1930 باسم " الظهير البربري" الهدف منه : أولا ربط ما هو بربري بالاستعمار إلى الأبد، ثانيا تحويل هذا الظهير إلى شهادة ميلاد للحركة الوطنية التي ستقودها نخبة من أبناء البورجوازية المدينية ... لقد تحولت وثيقة الظهير منذ ظهورها إلى حدث اتخذ أبعادا أخرى، حيث علقت به التأويلات والقراءات ما جعله يؤدي وظائف مغايرة للأهداف التي وضع من أجلها وهي تنظيم شؤون العدالة في المناطق التي احتكم أهلها منذ القديم إلى أعرافهم العريقة، والتي كانت تخضع الشريعة الإسلامية نفسها لتأويل برغماتي يجعلها تنسجم مع الأعراف المعمول بها"[lxv]. ويضيف قائلا " وعندما اعتبر الوطنيون أن غرض الظهير هو "تنصير البربر" والتفرقة بين المغاربة، كان القصد هو البحث عن ذريعة للاحتجاج والمطالبة بالإصلاحات، لكن ذلك كان على حساب ما هو أمازيغي"[lxvi]. وحسب رأيه: " لقد نتج عن قراءة الظهير المذكور وتأويله ما يلي :
· مهاجمة الأعراف الأمازيغية التي احتكم إليها الأمازيغ منذ القديم واعتبارها أعرافا " متوحشة" ومناقضة للشريعة الإسلامية.
· محاولة إظهار الأعراف كما لو أنها ابتكار استعماري وافتراء من قبل إدارة الحماية لا علاقة له بالواقع المغربي.
· اعتبار ترسيم وضع التمييز بين مناطق العرف ومناطق الشريعة إجراء يؤدي إلى " التفرقة" العنصرية بين "البربر" والعرب، بينما هو الوضع الطبيعي الذي كانت عليه القبائل الأمازيغية من شمال المغرب إلى جنوبه، حيث كانت معظم مناطق المغرب داخلة في إطار ما يسمى " ببلاد السيبة" ذات الاستقلالية الزمنية عن الحكم المركزي.
· وضع تسمية تجعل الظهير منسوبا "للبربر"، وفي نفس الوقت تجعل القوانين العرفية وكل ما هو "بربري" من صنع فرنسا.
· تنصيب "العروبة والإسلام"، شعار القومية العربية بالمشرق، كشعار للعمل الوطني، وكإيديولوجيا لدولة الاستقلال بعد ذلك ."[lxvii].
إن فرنسا لم تهتم حسب أحمد عصيد بالأمازيغية " بوصفها لغة وثقافة، بل كورقة سياسية يمكن لعبها في مواجهة حركة المقاومة المسلحة آنذاك، وإحداث صدع في الجدار المغربي بالتفريق بين "عرب"و"بربر" باعتبارهما حسب المستعمر الإثنيتين المنفصلتين المكونتين للشعب المغربي"[lxviii].
خاتمة:
ما يعرف باسم "السياسة البربرية" لفرنسا ليست سوى محور من محاور إستراتيجية شاملة تبنتها فرنسا، شملت كذلك السياسة الإسلامية وسياسة القياد الكبار. فإذا كانت فرنسا قد قامت بإنشاء مدارس فرنسية-بيربيرية، فإنها بالمقابل أنشأت مدارس فرنسية-عربية، بل إن المدرسة البيربيرية لم تكن تحمل من اسم البيربيرية إلا الاسم، حيث كانت الدروس في أغلبها تقدم بالفرنسية، أضف إلى ذلك أن ثانوية أزرو التي يشار إليها كثيرا، بخلاف ثانويتي مولاي ادريس ومولاي يوسف، لم تكن الدراسة فيها تتجاوز شهادة الطور الأول من الثانوي[lxix]. وإذا سبق أن قامت بتنظيم القضاء البيربيري عبر إصدار ظهائر، فقد قامت بنفس الشيء فيما يتعلق بالقضاء المتواجد بالمناطق الناطقة بالعربية.
كما نشير إلى أن الأعراف الأمازيغية ليست من اختراع فرنسا، بل هي نتاج موضوعي لتطور المجتمع الأمازيغي، وتكيفه مع الشريعة الإسلامية، ففرنسا لم تقم أبدا بأي إجراء لصالح الأمازيغية، بل استغلتها من أجل تحقيق أهدافها الاستعمارية. إلا أن النخبة من سكان المدن قد قامت بتأويل ايديولوجي سريع ومبالغ فيه لظهير 16 ماي ، وقاموا بانتهاز الفرصة لاسترجاع زمام المبادرة بعد أن فقدتها إثر استسلامها وبعد أن ظل الأمازيغ مقاومين للاستعمار إلى حدود 1936 مع اندحار مقاومة زايد أوحماد.
التأويل الذي أعطي لظهير 16 ماي 1930، ومن خلاله للسياسة البيربيرية ككل، ساهم في خلق "مخيال جماعي"، يربط ما بين الأمازيغية و الاستعمار، وهو الربط الذي استمر حتى بعد الاستقلال، وكان له أثر سلبي على وضعية الأمازيغية في المغرب المستقل. مما فرض على الجمعيات الأمازيغية ضرورة العمل على تقويض الأسس التي بني عليها هذا "المخيال الجماعي ".
[i] نشر بالجريدة الرسمية عدد 919 بتاريخ 6 يونيو 1930.
[ii] Charles Robert AGERON, la politique Berbère du protectorat de 1913 à 1934, Librairie Armand Colin, Paris, 1971, in Revue d’Histoire moderne et contemporaine ,p77.
[iii] الحسين وعزي، نشأة الحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب 1967-1991 تحليل سيرورة تحول الوعي بالهوية الأمازيغية من الوعي التقليدي إلى الوعي العصري، ط1 ، أكتوبر 2000.، ص 31.
[iv] نفسه ، ص ص 31-32.
[v] جوزيف لوسيوني ، تهيئ الظهير البربري الصادر في 16 ماي 1930 ،ترجمة محمد المؤيد، مجلة أمل، م س، ص32.
[vi] الحسين وعزي، م س ، ص 32.
[vii] محمد معروف الدفالي، الظهير البربري،وتجذير الحركة الوطنية السياسية، مجلة أمل، ع 1، ص 48.
[viii] حوار مع أبو بكر القادري، جريدة الأحداث المغربية، العدد الموافق ليوم 4 دجنبر 2000، أورده عبد المطلب الزيزاوي، أوهام الظهير البربري السياق والتداعيات، مطبعة فيدبرانت،2003، ص 37.
[ix] محمد معروف الدفالي، م س، ص 49.
[x] حوار ابو بكر القادري، م س ، ص 39.
[xi] محمد معروف الدفالي، م س، ص 49.
[xii] محمد حسن الوزاني، مذكرات حياة وجهاد التاريخ السياسي للحركة الوطنية التحريرية المغربية: مرحلة الانطلاق والكفاح 1930-1934،مؤسسة محمد حسن الوزان، الطبعة الأولى، 1984، ص 83.
[xiii] الحسين بوعياد، الحركة الوطنية والظهير البربري، دار الطباعة الحديثة، الدار البيضاء، ط 1، 1979، ص 5.
[xiv] عبد الكريم غلاب، تاريخ الحركة الوطنية، الجزء 1، مطبعة الرسالة، 1987،ص ص 59-60.
[xv] Charles Robert AGERON, op cit, p82.
[xvi] أورده مصطفى القادري، وطنية باحتقار الذات، كلمات للنشر والطباعة والتوزيع، 2011، ص 57.
[xvii] نفسه، ص 106.
[xviii] نفسه، 107-108.
[xix] Gilles LAFUENTE, dossier marocain sur le dahir berbère de 1930 in : revue de l’occident musulmane et de la méditerranée, N° 38, 1984. Pp. 83-116. Site web : www.press.fr/web/revues , p 89.
[xx] الحسين وعزي، م س، ص 32.
[xxi] أنظر على سبيل المثال المفاهيم التي قدمها : عبد الكريم غلاب، تاريخ الحركة الوطنية بالمغرب ج 1 ، الرباط 198، ص 15-18.
A. LAROUI, les origines sociales et culturelles du nationalisme Marocain(1830-1912), 3eme édition, centre culturel Arabe, 2009, pp 12-13.
J.CAGNE, nation et nationalisme au Maroc, Rabat,1988,p 278 p 290.
[xxii] عثمان أشقرى، الفكر الوطني بالمغرب من 1930 إلى سنوات الاستقلال الأولى : مقاربة سوسيولوجية، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في علم الاجتماع، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 2002-2003، ص 3.
[xxiii] علال الفاسي، الحركات الاستقلالية في المغرب العربي، دار الطباعة المغربية، تطوان، د ت ، الفصل المعنون بامتداد.
[xxiv] أورده عثمان أشقرى، م ن ، ص 361 نقلا عن مبدأنا وغايتنا،افتتاحية مجلة السلام أكتوبر 1933.
[xxv] نفسه، ص 364 ، نقلا عن مجلة مغرب أو حقيقة الوطنية المغربية ، محاضرة للوزاني 20-08-1933.
[xxvi] نفسه ، ص373 ، نقلا عن ملخص خطاب الوزاني بعد رجوعه من المنفى 1946.
[xxvii] نفسه ، ص 489، نقلا عن محمد الوزاني، الإسلام والمجتمع، ص 88.
[xxviii] نفسه ، ص 490، نقلا عن محمد الوزاني ، م س ، ص 118.
[xxix] نفسه، ص 489-490.
[xxx] نفسه، ص 370 نقلا عن حركة الوحدة المغربية تصريحها الأساسي ومطالبها العامة 1937 .
[xxxi] نفسه، ص 370 نقلا عن حركة الوحدة المغربية تصريحها الأساسي ومطالبها العامة 1937 .
[xxxii]علال الفاسي، نداء القاهرة، مطبعة الرسالة، الرباط، 1959، ص 24، أورده سعيد بنسعيد العلوي، الوطنية والتحديثية في المغرب، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1997، ص72.
[xxxiii] Gilles LAFUENTE, dossier marocain sur le dahir berbère …,op cit, p 86.
[xxxiv] Ibid. p 86.
[xxxv]جون واتربوري : أمير المؤمنين و النخبة السياسية المغربية ترجمة عبد الأحد السبتي و عبد الغني أبو العزم و عبد اللطيف الفلق. مؤسسة الغني فضالة المحمدية، الطبعة الأولى ،2004 ، ص 86.
[xxxvi] علال الفاسي، الحركات الاستقلالية...، م س، ص 133.
[xxxvii]جون واتربوري ، م س، ص 87 .
[xxxviii] علال الفاسي، الحركات الاستقلالية ...، م س، ص 139
[xxxix] سعيد بنسعيد العلوي، م س، ص 77.
[xl] ألبرت حوراني، الفكر العربي في عصر النهضة 1798-1939،ترجمة كريم عزقول، دار النهار للنشر، د ت ، ص 357.
[xli] نفسه، ص 359.
[xlii] سعيد بنسعيد العلوي، م ن ، ص79.
[xliii] عبد الإله بلقزيز وآخرون، الحركة الوطنية المغربية والمسألة القومية 1947-1986 محاولة في التأريخ، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1992، ص 27.
[xliv] نفسه، ص ص 32-33.
[xlv] عثمان أشقرى، الفكر الوطني بالمغرب.. ،م س، ص ص 44 – 45.
[xlvi] علال الفاسي، الحركات الاستقلالية ...، م س ، ص 148.
[xlvii] محمد ضريف، الأحزاب السياسية المغربية 1934-1975، منشورات الجمعية المغربية لعلم الاجتماع السياسي،مطبعة النجاح الجديدة، 2001 ص ص 26-27.
[xlviii] علال الفاسي، الحركات الاستقلالية ...، م س، ص 146.
[xlix] محمد معروف الدفالي، م س، ص 54.
[l] نفسه، ص 58.
[li] Gilles LAFUENTE, La politique berbère..,op cit , p185.
[lii] الحسن وعزي، م س ، ص 41.
[liii] نفسه ، ص 42.
[liv] نفسه ، ص 42.
[lv] أورده مصطفى القادري، م س، ص 36.
[lvi] أورده عبد المطلب الزيزاوي، م س ، ص 68، نقلا عن محمد العربي المساري ، المغرب بأصوات متعددة، سلسلة شراع 2 ، أبريل 1996، ص ص 48-49.
[lvii] أورده عبد المطلب الزيزاوي، م ن، ص 68،نقلا عن المساري ، م ن ، ص 60.
[lviii] عبد الوهاب بن منصور، قبائل المغرب، ج 1 ، المطبعة الملكية، الرباط،1968، ص ص 288-289.
[lix] محمد عابد الجابري ، أضواء على مشكل التعليم بالمغرب، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1981، ص 146.
[lx] محمد عابد الجابري، المغرب المعاصر الخصوصية والهوية.. الحداثة والتنمية، الطبعة الأولى ، 1988، مؤسسة بنشرة الدار البيضاء، ص ص 81 82 .
[lxi] نفسه ، ص 92.
[lxii] محمد مونيب، الظهير " البربري " أكبر أكذوبة سياسية في المغرب المعاصر، دار أبي رقراق، الرباط، 2002.، ص35.
[lxiii] نفسه، ص 46.
[lxiv] عبد المطلب الزيزاوي، م س ، ص 17.
[lxv] أحمد عصيد ، أسئلة الثقافة والهوية بالمغرب المعاصر ،édition IDGL ،الرباط ، الطبعة الأولى ، 2002 ، ص 50.
[lxvi] نفسه، ص ص 50-51.
[lxvii] نفسه ، ص 51.
[lxviii] نفسه ، ص 95.
[lxix] جون واتربوري، م س ، ص 164.