مقدمة:
تهدي مدينة فاس للدارس المعاصر نموذجا حضرياً متميزا، يمكن التعويل عليه لملامسة عوائد العمران البشري الذي حصلته المدينة عبر نفس زمني ليس بقصير، شكل فيه الماء حافز بناء ومظهرة دعة ورخاء. وإذا كان العصر الوسيط لحظة زمنية شكلت فيها فاس – كغيرها من حواضر الغرب الإسلامية الكبرى – شخصيتها الحضارية التي تنطبع بها إلى اليوم، فإن العهد المريني ساهم بالنصيب الأعظم في هذا البناء، حيث شكلت فاس المرينية ملاذا لنخب الغرب الإسلامي في العمارة والثقافة الدين استفرغوا عصارة تجاربهم، خاصة مع بوادر تراجع المد الإسلامي بالأندلس.
وقد كان حظ العمارة المائية غزيرا في هذا التراث الحضري المريني بفاس، من هذا المنطلق جاء عرضنا بعنوان يوحي أننا نتناول جزءا يسيرا من كل يصعب الإحاطة به، وذلك وفق ثلاثة عناصر أساس:
أولاً: مدخل مخصوص للوقوف على تميز انفردت به الإسطغرافيا المرينية قياسا مع نظيرتها الوسيطية، فضلا عن قياس الحضور المائي في هذه الإسطغرافيا، في خطوطه العريضة.
ثانباً: محور يعنى بالتقنيات والموزعات الكبرى التي احتضنت مياه وادي فاس قبل وصولها إلى المنشآت العامة والخاصة، وذلك بالنظر إلى دور تلك الموزعات في ترشيد قسمة مياه المدينة والحيلولة دون تعرضها لأخطار الفيضانات.
ثالثاً: ملامسة الحضور المائي في النسيج العمراني لفاس المرينية، وذلك من خلال جملة من المنشآت والعمائر ذات الوظائف المختلفة.
مدخل:
الإسطغرافيا المرينية:
أوجه التميز، والحضور المائي.
"إن النصوص التاريخية وبالأخص تلك التي ظهرت في القرن 14م، كتاريخ ابن خلدون وزهرة الأس تعتبر من النصوص الغنية بالتفاصيل التي يمكن أن تصبح أسطورية...".
هنري تيراس
كانت غايتنا أن نفرد هذا المدخل لقراءة تحليلية للببليوغرافيا التي اعتمدنا عليها في إعداد هذه الورقة حول نماذج من "المنشآت المائية في فاس المرينية"، إلا أن تميز الإسطغرافيا المرينية عن غيرها من مضان العصر الوسيط، فرض علينا الوقوف على أهم الكتابات التي ألفت خلال الفترة، ثم تخصيص عنصر آخر للحديث عن الحضور المائي في الإسطغرافيا المرينية.
المبحث الأول: الإسطغرافيا المرينية: المؤرخون وأعمالهم
لا يستطيع الدارس لتاريخ المغرب في العصر الوسيط أن يغض الطرف عن حالة التميز لتي انفردت بها الإسطغرافيا المرينية، إن على المستوى الكمي أو على مستوى جودة الإنتاج التاريخي، ومن ثمة تأتي هذه الإسطغرافيا في مجملها كمحاولة لإعادة صياغة، التراث التاريخي للمغرب. وهو ما دفع "بليفي بروفنصال"[1] إلى القول بالمكانة المتميزة للإسطغرافيا المرينية، وإلى إمكانية اعتبارها "مدرسة تاريخية مغربية خالصة" تميزت عن سابقاتها كما تميزت عما سيأتي بعدها. وهنا يسجل نفس الباحث التراجع المهول للمدارس المرينية وخاصة جامعة القرويين، مقابل بزوغ نجم الزوايا والرباطات التي ستحمل مشعل العلم والجهاد.
وما يزكي أهمية الإسطغرافيا المرينية كونها أولت عناية خاصة بمدينة فاس، الأمر الذي جعل منها موضوعا جديدا من داخل الكتابات التاريخية[2]، فقبل صدور كتاب "الأنيس المطرب" كان الأمر حكرا على الكتابات الجغرافية التي كانت تشير إلى الموقع الممتاز للمدينة وبعض التفاصيل غير الدقيقة حول بنائها ( البكري، الإدريسي...). ولهذا فموضوع مدينة فاس وبنائها لم يتطور ليصبح تاريخا محليا بكل معنى الكلمة إلا خلال هذه الحقبة*، ولعل ظهور هذا الإنتاج التاريخي يؤشر على النمو المفاجئ للإسطغرافية المرينية والتي تمحورت حول بناء مدينة فاس، الشيء الذي يتناقض والإسطغرافيا الموحدية التي لم تعرف تطورا للمنوغرافيات الحضرية[3].
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا هذا الاهتمام بتاريخ مدينة فاس وخاصة في مرحلة التأسيس؟، يبدو من البديهي القول بأن وصول المرينيين للحكم كان وراء هذه الظاهرة، غير أن هذا الرأي وحسب "مايا شاتز ميلر"[4] يبدو بعيدا، ففاس كانت دائما عاصمة للمغرب وإن كان ذلك في بعض الأحيان بشكل غير رسمي، كما أنها كانت العاصمة الاقتصادية للمغرب الوسيط. ومن ثمة فإن أهمية صعود المرينيين وعلاقتها بالتطور المنحى الإسطغرافي حول فاس، ترجع إلى كونها قد سرعت من تنامي ظاهرتين اجتماعيتين داخل المجتمع الفاسي؛ وهو ظهور الحركة الإدريسة، وبزوغ صراع فاسي مريني خاصة بعد تأسيس فاس الجديد في 1276م، الشيء الذي دفع المؤرخ المريني للتعرض لموضوع تأسيس مدينة فاس وتخصيص كتابات منوغرافية حولها.
بيد أن الدارس للإسطغرافيا المرينية يلاحظ عناية الباحثين الأوربيين بها ، فأغلب النصوص التاريخية التي تعود إلى هذه الفترة اهتم بنشرها باحثون أجانب أمثال، ألفردبيل الذي أشرف على نشر كتاب "زهرة الآس"، كما قام جورج مارسيه بنشر "روضة النسرين"، واكتشف ليفي بروفنصال "مسند ابن مزوق" ...[5]. ومع ذلك فإن هذا لا ينفي المجهود المغربي خاصة مع بداية الستينيات، حيث ستظهر مجموعة من الباحثين كعبد الله كنون ومحمد الفاسي والأستاذ الفقيه محمد المنوني، هذا الأخير الذي يجسد أهم المحاولات الببليوغرافية في تاريخ المغرب والتي لا تزال تحتاج إلى مزيد من البحث و التنقيب.
ونظرا لهذه الأهمية كان لزاماً علينا الوقوف عند مضمون الإسطغرافيا المرينية والحديث عن المؤرخين وأعمالهم لما تتضمنه من إشارات تهم الباحث في العمارة والعمارة المائية المرينية على وجه الخصوص.
إن أقدم وثيقة تاريخية حول العهد المريني قد ألفت في القرن 14م في عهد السلطان أبي سعيد عثمان الثاني ما بين 1310-1331، و الحديث هنا عن كتاب "الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية"[6]، وهو عبارة عن عمل يهتم أساساً بالتأريخ للأسر الحاكمة، وبالتالي فهو يشبه في أبعاده الإسطغرافية النصوص التاريخية السابقة له، إذ كانت عبارة عن خليط يشمل سردا للأحداث التاريخية العامة وتراجم شخصيات مرتبة زمنيا.
وتكمن أهمية هذا المصدر في إحاطته بحقبة زمنية غير معروفة بشكل كاف. أي تلك الفترة التي شكلت بداية ظهور بني مرين على مسرح الأحداث، حيث يسلط الضوء على نوع معاشهم ومراحل تطورهم. و لا تقف أهمية كتاب الذخيرة السنية عند هدا الحد، بل انه يشكل كشَّافاً تاريخيا للإنتاج الإستوغرافي الذي كان سائدا قبل مجيء المرينيين، ولهدا فنحن لا نبالغ إذا أكدنا على نفاسة الذخيرة السنية، نظرا لأنها حافظت على عناوين مؤلفات تاريخية ضاعت و لم يعد من المستطاع العثور عليها.
ومن بين الكتابات كذلك نذكر كتاب "الأنيس المطرب لروض القرطاس في
أخبار ملك المغرب وتاريخ مدينة فاس[7]" المؤلف سنة 1326م. يتصدر هذا الكتاب أهم مؤلفات الفترة المرينية، تتجلى أهميته في اعتباره منوغرافية حضرية حيث يجسد البداية الفعلية للتاريخ المحلي لمدينة فاس، متناولاً بذلك أهم مراحل تطور المدينة مند التأسيس إلى العهد المريني. كما أنه يقدم في شقه الثاني سرداً تاريخيا للأسر الحاكمة، لكن هذا السرد بني بشكل ممنهج إذ حافظ على الترتيب الزمني للأحداث.
يبقى الإشكال الأساسي المتعلق بالأنيس المطرب هو صعوبة تحديد مؤلفه، إذ تعددت المواقف حوله واختلفت بين نسبه لثلاث مؤلفين:
1- أبو الحسن علي بن أبي زرع .
2- أبو العباس أحمد بن أبي زرع.
3- عبد الحليم.
غير أن ما ثم التعارف عليه بعد سجال طويل- لا نرى داعيا لذكر تفاصيله- هو نسب هدا الكتاب لعلي بن أبي زرع.
نشير كذلك في إطار المنوغرافيات الحضرية إلى كتاب "جني زهرة الآس في بناء مدينة فاس[8]" الذي ألفه أبو الحسن علي الجزنائي سنة 1365م، والكتاب يؤرخ للمعالم العمرانية لمدينة فاس مند التأسيس إلى المنتصف القرن الرابع عشر. و يبدأ الكاتب بمعلومات حول المغرب الكبير ليتحدث حول الموقع الممتاز لمدينة فاس، ومن ثمة يدخل المؤلف لموضوعه الرئيسي و ذلك بالتطرف للمنجزات العمرانية التي قام بها السلاطين بفاس. وما يميز هدا الكتاب توفره على خاصيتين إسطغرافيتين هامتين؛ هما التحديد الصحيح للمصادر والتحديد الدقيق للسنوات.
بالإضافة إلى ما سبق هناك كتاب"المسند الصحيح الحسن في مآثر مولانا أبي الحسن" المعرف ب "مسند ابن مرزوق" الذي كتبه في سنة 1371م، و يشكل الكتاب بمنحاه الخاص تطورا مميزا في الاسطغرافية المرينية، إذ يعكس أهم خصال السلطان المريني أبو الحسن وإنجازاته، كما يبرز بعض الوقائع الفقهية والحياة اليومية في البلاط وداخل المدينة.
غير أن أهم الكتابات التاريخية خلال هذه الفترة، هو ما ألَّفه عبد الرحمان ابن خلدون الذي يعتبر مرحلة استثنائية من داخل الإستغرافية المرينية والمغربية بوجه عام. وقد حضي ابن خلدون باهتمام ودراسة باحثين في مختلف بقاع العالم، لذا فإننا لن نهتم هنا إلا بالعلاقة بما جاء في كتابات ابن خلدون وخاصة المقدمة والواقع التاريخي المريني، والتي يمكن أن نستشفها في تأثير الظرفية التاريخية للمغرب على ابن خلدون، مما يسمح لنا بالقول بأن الفكر الخلدوني أقام شخصيته ونمى في ظروف شملتها خضم من الفوضى و الأزمة.
تبرز أهمية كتابات ابن خلدون في انتقاده للمؤرخين السابقين والذي تضمن بعدين أساسيين :
1- استخدامهم لمصادر تاريخية بدون تحر أو تمحيص.
2- عدم بحثهم عن الأسباب التاريخية.
لكن عندما نريد المقارنة بين مزايا ابن خلدون كمؤرخ ومزاياه كمنظر فلا بد من طرح السؤال عن مدى احترام ابن خلدون للمبادئ التاريخية التي أعلن عنها في مقدمته وهو يكتب كتاب العبر، ففيما يخص جانب التحقيق و ضرورة التعليل التي أكد عليها تبقى محل نظر للتجاوزات التي وقع فيها أثناء كتابة العبر.
من بين الكتابات المؤلفة كذلك نجد كتاب "معيار الأخبار في ذكر المعاهد الديار[9]" للمؤرخ لسان الدين ابن الخطيب، وهو عبارة عن وصف شامل لأهم مدن مملكة غرناطة، وأهم مدن المغرب، كما تناول فيه صاحبه النواحي الجغرافية والتاريخية والاجتماعية لمعظم المدن التي أوردها. ولا تفوتنا الفرصة كذلك للإشارة لكتاب ابن الأحمر "روضة النسرين في دولة بني مرين" وقد ألفه في 1404 والذي يتضمن وصف للأحداث السياسية وأصول بني مرين ومختلف قبائلهم.
المبحث الثاني: الحضور المائي في الإسطغرافية المرينية
لا نروم هنا القيام بعملية جرد للمصطلحات المائية الواردة في الكتابات التي أشرنا إليها، بقدر ما نهدف إلى التأكيد على أهمية المعطى المائي في اختيار مواقع المدن المغربية وخاصة مدينة فاس - موضوع بحثنا -. ولعل هذا ما تقر به الإسطغرافية المرينية سواء عند حديثها عن الشروط الواجب توفرها عند اختطاط المدن أو عند حديثها عن تأسيس فاس وازدهارها. الشيء الذي جمل منها مرحلة استثنائية في التأليف التاريخي بالمغرب.
1- الماء شريط أساسي لاختيار مواضع المدن
يعكس التخطيط العمراني للمدينة المحاور المختلفة التي قام عليها هذا التخطيط وجوانبه المتعددة، ويبدأ التخطيط باختيار الموقع الذي لا ينفصل عما يحيط به. ويعد الماء من بين العناصر الضرورية لهذا الاختيار، ويتضح ذلك بجلاء عند ملاحظة أهم مراكز المدن حيث نجدها قد شيدت بالقرب من الأنهار أو بمقربة من مصادر المياه؛ كمدينة فاس (واد فاس)، الرباط وسلا (واد أي رقراق)، تطوان (العيون)، سجلماسة (وادي زيز)...، وهنا تتضح العلاقة بين موضع المدينة والماء الذي شكل عبر التاريخ مركز الاستقرار البشري[10]. وما يؤكد هذا الطرح ما ذهبت إلية الإسطغرافيا المرينية* حيث يتحدث ابن أبي زرع عن محاسن مواضع المدن والتي هي "النهر الجاري، المحرث الطيب، والمحطب القريب والسور الحصين والسلطان إذ به صلاح أهلها وكف جبابرتها"[11]، الأمر نفسه نجده عند ابن خلدون في تناله لمنافع مواضع المدن " وذلك بأن يكون البلد على نهر أو بإزائها عيون عذبة، فإن وجود الماء قريبا من البلد يُسهل على السكان حاجة الماء وهي ضرورية فيكون في وجوده مرفقة عظيمة"[12].
2- الماء وتأسيس مدينة فاس
لا تستمد مدينة فاس أهميتها باعتبارها عاصمة تاريخية ناتجة عن التحولات السياسية التي شهدها المغرب أواخر القرن الثاني هـ/السابع م فقط، بل إن ظهور المدينة واستمراريتها كان مرتبطا كذلك بإمكانيات موضع التأسيس الذي جعل المدينة لا تتأثر بالتغيرات السياسية التي عرفها المغرب عبر تاريخية، وتتجسد أهمية موضع فاس في رواية التأسيس التي ذكرها ابن أبي زرع[13]، والتي يمكن أن نستخلص من خلالها أن اختيار موضع فاس مر عبر ثلاث محاولات قبيل أن يستقر الاختيار على الموقع الحالي:
- المحاولة الأولى: وهي لما وصل إدريس إلى جبل رالغ إذ "أعجبه ارتفاعه وطيب تربته واعتذار مياهه وكثرة محارثه...وشرع في بنائها، فبنا جزءاً من سورها، فأتى سيل من أعلى الجبل في بعض الليالي فهدم جميع ماكان بناه من السور" مما جعل المولى إدريس يتخلى عن فكرة بناء فاس بهذا الموضع.
- المحاولة الثانية: كانت بموضع عند وادي سبو حيث حمة خولان نظراً "لقربه من الماء ولأجل الحمة التي هنالك، فعزم على أن يبني به المدينة وشرع في حفر الأساس وعمل الجير وقطع الخشب، وابتدا البناء ثم نظر إلى وادي سبو وكثرة ما يأتي به من المدود العظيمة في زمن الشتاء، فخاف على الناس الهلكة فبدا له في بنائها ورفع يده عنها ورجع إلى مدينة وليلي".
- المحاولة الثالثة: والتي كللت باختيار الموقع، حيث سيبعث المولى إدريس وزيره عمير بن مصعب الأزدي للبحث عن موقع مناسب فوصل إلى سهل سايس "فوجد فسحة الأرض وإعتدالها وكثرة المياه وأعجبه ما رآه من ذلك، فنزل على عين غزيرة من الماء تطر في مروج مخضرة...". فكان بذلك أن أسسوا المدينة بهذا الموضع الذي يستجيب إلى الشروط التي ذكرناها سابقا، وهنا يقول ابن أبي رزع "وقد جمعت مدينة فاس هذه الخصال التي هي كمال المدن وأشرفها[14]".
ولا يقتصر ذكر هذه المزايا على المصادر المرينية، بل معظم الدراسات التي تناولت تاريخ المدينة تشير إلى أهمية الماء الذي شكل عاملاً إيجابيا في تاريخها، فروجي لوطورنو يتحدث عن فاس ويعتبر أن الميزة التي تتميز بها هي أن مياهها غزيرة "فالماء الذي تمتصه الطبقات الكلسية في الأطلس يكون منطقة من المياه الجوفية، تتفجر منها في سهل سايس ينابيع كثيرة تتحد لتغذية نهر فاس*..يضاف إلى ذلك الينابيع التي تتفجر من العدوات الشديدة الإنحدار التي حفرها نهر فاس مسيلا له، وترتب عن ذلك أنه حتى لو تمكن العدو المحاصر للمدينة من تحويل مجرى النهر مؤقتا..فإن سكان المدينة لا تنقطع عنهم المياه البتة، ذلك أنها تتجمع في داخل الأسوار".
يتضح لنا إذا أهمية موضع فاس، ولا نجازف إن قلنا أن فاس هبة نهرها الذي "يشقها نصفين، ويتشعب في داخلها أنهاراً وجداول وخلجاناً، فتتخلل الأنهار ديارها وبساتينها وجناتها وشوارعها وحماماتها، وتطحن به أرحائها، ويخرج منها وقد حمل أثقالها وأقدارها"[15].
لقراءة تتمة المقال المرجو تحميله كاملا من هنا
الإحالات :
[1] بروفنصال ليفي، مؤرخو الشرفاء، تعريب عبد القادر انحلادي، مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، الرباط، 1977، ص-ص: 18-19.
[2] يمكن اعتبار القرن 6 هجري عصر انطلاقة العلماء والأدباء إلى تخصيص فاس بالتأليف، فبعدما كانت أخبارها تورد بعناية وتدرج وبإسهاب ضمن كتب التاريخ والأدب، صارت هذه الأخبار الموضوع الأساسي الذي يؤلف فيه المؤلفون ويكتب الكاتبون، ومن بين المؤلفات التي كتبت في هذا القرن نشير:
- تاريخ فاس لأبي القاسم بن حدون
- المقباس في أخبار المغرب وفاس ، لعبد الملك الوراء
- المقتبس في أخبار المغرب وفاس والأندلس، لمحمد بن حماد البرنسي السبتي
- المستفاد، بمناقب الصالحين والعباد من أهل فاس وما والاها من البلاد، لمحمد بن عبد الكريم القندلاوي المعروف بالكتاني
غير أن هذه الكتب قد فقدت ولم يعتر عليها لحد الآن.
* وهنا نسجل التأخر الحاصل في تناول المدن المغربية إذا ما قورنت بمدن بلاد المشرق حيث يتحدث ابن الخطيب عن الكتابات التي اهتمت بتاريخ المدينة ونذكر منها :" تاريخ مدينة بخارى" لأبي عبد الله محمد بن سليمان الفخار، "تاريخ أصبهان" لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، "تاريخ سمرقند" لعبد الرحمان بن محمد الإدريسي، "أخبار بغداد" لأحمد بن أبي الطاهر، "تاريخ دمشق" لأبي القاسم علي الحسن بن عساكر، "تاريخ مكة" للأزرقي، "تاريخ المدينة" لإبن النجار...، راجع كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة، ج1، ص-ص: 80-81.
[3] مما يؤكد هذا الطرح عدم عناية المؤرخين الموحدين كإبن صاحب الصلاة، وابن القطان وغيرهم بمدينة مراكش العاصمة رغم انتمائهم إليها.
[4] مايا شاتز ميلر، المؤرخون والسلطة في المغرب، تعريب محمد شقير، ومراجعة محمد ضريف، منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي، 1993، ص 178.
[5] الأمر نفسه ينطبق على دراسة المدن الإسلامية والتي ظلت مرتبطة في بدايتها بحركة الإستشراق وتطور اتجاهاتها، مما جعل الدراسات الإسلامية تتأثر بالمفاهيم والنظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تحكم المدينة الأوربية، راجع في هذا الصدد: عثمان عبد الستار محمد، المدينة الإسلامية، منشورات عالم المعرفة، عدد 128، 1978، ص-ص: 5-6.
[6] مجهول، الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية، نشرت تحت إشراف محمد بن شانب، الجزائر، 1929.
[7] ابن أبي زرع، الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، دار المنصور للطباعة والوراقة، الرباط، 1972.
[8] الجزنائي، جني زهرة الآس في بناء مدينة فاس، تحقيق عبد الوهاب ابن منصور، الطبعة الثانية، 1991، الرابط.
[9] ابن الخطيب لسان الدين، معيار الأخبار في ذكر المعاهد والديار، تحقيق محمد كمال سبانه.
[10] شكل الماء عاملاُ أساسيا في قيام الحضارات القديمة نذكر على سبيل المثال: الحضارة الفرعونية على وادي النيل، وحضارة بلاد الرافدين على نهري دجلة والفرات، والحضارة الرومانية على نهر الثبر.
* الأمر نفسه عند المؤرخين المشارقة الذين نبهوا إلى أهمية توفر المعطى المائي عند تخطيط المدينة، فقد أشار ابن الربيع إلى ستة شروط وهي "سعة المياه المستعذبة، و مكان الميرة المستمدة، واعتدال المكان وجودة الهواء، والقرب من المراعي والإحتطاب" راجع في هذا الصدد عثمان عبد الستارمحمد، م.س، في معرض حديثه عن تخطيط المدينة الإسلامية، ص-ص، 85-116.
[11] ابن أبي رزع، الأنيس المطرب...،م.س، ص 33.
[12] اين خلدون، المقدمة دار الفكر، بيروث، 1988، ص-ص: 431-434.
[13] ابن أبي رزع، الأنيس المطرب...،م.س، ص-ص: 29-32.
[14] ابن أبي رزع، الأنيس المطرب...،م.س، ص 33.
* يتغدى واد فاس من ست عيون أساسية وهي: - عين السمن، - عين السقف، - عين عمير (نسبة إلى عمير بن مصعب السابق الذكر)، - عين بوركايز، - عين البيضاء، - عين رأس الماء، أنظر مقال الأستاذ محمد بن عبد الجليل: "مياه واد فاس وروافده"، ضمن أعمال ندوة الماء بتانسيفت تاريخ وتقنيات، مراكش، 2002، ص-ص: 34-40
[15] عثمان عبد الستار محمد،المدينة الإسلامية، م.س، ص 87، عن السيد عبد العزيز سالم، تاريخ المغرب في العصر الإسلامي، مؤسسة بنات الجامعة الإسكندرية، ص-ص: 441-442.