ملخص المقــال:
هذه الدراسة مستنبطة من شرح الزوزني للمعلقات السبعة، بعد النظر فيها تبين أنها ذات الدراسة التي يقوم بها أصحاب التحليلات اللسانية التطبيقية .
فاخترت إجراء مقارنة بيت هذين الدراستين..
لم يخل الشرح من تجليات الدراسة اللسانية في علوم العربية ومستويات الدرس اللساني وفق مجالاتها المختلفة وفي هذه العجالة أردت تبيان ما عالجه الزوزني من ظواهر صوتية ،كان منها اختلاف الأصوات وما توحي به من دلالات مختلفة فأوعزت ذلك إلى اختلاف الصفات الحرفية وبخاصة ما تقاربت مخارجها أو تطابقت أحيانا.
فبحثت عن مخرج ألجأ إليه للوصول إلى حقيقة الاختلاف فألفيتها في تباين الصفات .
ويمكن أن أضرب أمثلة تفي بمرادنا في اكتساب المصداقية، و إرساء قواعد الدرس الصوتي في هذه المقاربة منطلقا من المفارقة بين صفتيْ السين والصاد وقبل هذا أصل إلى تعريف كلًّ من صفة الحرف ومخرجه استئناسا وتوثيقا لمسامع القارئ ولربط الصلة بين التنظير والتطبيق.
والصفة([1]): نعني بها كيفية حدوث الصوت، وهي كذلك:
سِمَة تميز الصوت في حالة حدوثه بالنظر إلى حركة مرور الهواء في المجرى الكلامي وذبذبة الوترين الصوتيين في الحنجرة.
أما المخرج: موضع نطق الصوت، وخروج الهواء محتكا بذلك الموضع.والمخرج( على وزن مَفْعَل، اسم المكان) هو مكان حدوث الصوت داخل الجهاز الصوتي([2])
والمخرج يسمونه أيضا، الموضع،المحل،وإنما اشتهر المخرج على نظائره لكثرة الاستعمال [3]ويحدد الصوت اللغوي بمخرجه وصفته ،وهذا ما نروم البحث عنه في مقاربتنا اللسانية للشروح .
الأدب الجغرافي العربي، المفهوم، الأنماط والتطور ـ عبد الحق بلقيدوم
1-الأدب الجغرافي العربي: المصطلح والمفهوم:
يشكل مصطلح "الأدب الـجغـرافي العربي" –باعتباره مصطلحا حديثا-نوعا من الالتباس لدى الدارسين، إذ تتداخل فيه مفاهيم لم يفصل الدرس النقدي فيها بصفة صارمة؛ من شاكلة: الجغرافيا الوصفية، وأدب الرحلات، وأدب المسالك والممالك، لذلك كان لزامـــــًا علينا، إذن، من الناحية المنهجية أن نحدِّد المفاهيم قبل الخوض في التفاصيل.
في توضيحه للغاية من تأليف مُصَنَّفِه الشَّهير عن الأدب الجغرافي العربي الذي عنوانه: "تاريخ الأدب الجغرافي العربي" يشير المستشرق الروسي أغناطيوس يوليانوفيتش كراتشكوفسكي إشارة من شأنها أن تُحَدِّد مصطلح "الأدب الجغرافي"؛ فيقول: "وليست الغاية الأساسية منه تقديم عرض عام لتاريخ الجغرافيا بقدر ما قُصِد به عرض تاريخ الأنماط الأدبية المرتبطة بعلم الجغرافيا في صورة أو أخرى"(1).
انطلاقا من هذه الفكرة يمكننا أن نحدِّد أنَّ "الأدب الجغرافي" هو: تلك النصوص الأدبية وغير الأدبية التي شكَّلت الجغرافيا جزءا أساسيا من بنيتها، أو كانت لها وشائج تربطها بها من قريب أو بعيد. وبعبارة أخرى فإن الأدب الجغرافي العربي يُمثِّل ذلك التراث الضخم من النصوص؛ سواء كانت كتبا، أو رسائلا، أو تقارير مهمات، أو رحلات، أو حتى إشارات؛ كتبها أدباء، أو رحَّالون، أو تجَّار، أو لغويون، أو فلكيُّون، عن مواضيع شكَّلت الجغرافيا جزءا لا يتجزَّأ من مضمونها، سواء عَظُم أثرها فيها أو ضعف، بناءً على رحلاتهم، أو اطِّلاعاتِهم، أو تجاربهم الشخصية، أو ممَّا وصلهم من أخبارٍ مِن شتَّى الطرق.
1-1-مفهومه لدى الباحثين:
أدب الأطفال وثقافتهم : إشكالية المصطلحات والمفاهيم ـ يوسف عمر
تمهيد
مازال عالم الطّفولة يشغل حيزا مهمّا في الرّاهن الثّقافي، تتقاطعه أنساب وانتماءات إلى أصول تربوية، ونفسية، واجتماعية ولغوية وأدبية، وقد ظلّت الطّفولة لسنوات طوال تستولد الأسئلة باستمرار حول علامة دونيتها وقهرها ، وكان على الإنسانية أن تجد أجوبة لأسئلتها ''الّتي انتظرت آلاف السنين حتّى أتى الفيلسوف والمربّي الطّبيعي (جان جاك روسوJan jack rossot) في عصر التنوير ليحرّض من خلال صيحته الشهيرة (اعرفوا الطّفولة) على ممارسة نظرة مغايرة تتعامل مع الطّفل كطفل لا كراشد صغير''[1] حيث اهتمّ بدراسة الطّفل كإنسان حرّ، وأخرجه من المجال السّلبي الّذي وَسَمه به البالغ.
ومع حلول القرن العشرين الّذي يسمّيه البعض بعصر الطّفل، شكّلت الطّفولة محور الكثير من الدراسات التي تناولتها كظاهرة نفسية واجتماعية الأمر الّذي أدّى إلى ظهور كتابات موجّهة للأطفال، توسم تارة بثقافة الأطفال وطورا بأدب الأطفال، وكأنّ المصطلحين يقفان على نفس المعنى، فقد لوحظ أنّ هناك من الباحثين والدّارسين الذين يؤلّفون في قضايا أدب الطّفل ''لا يميّزون بين مدلول أدب الأطفال، ومدلول ثقافة الأطفال لذلك نجدهم يقعون في بعص الأخطاء الجسيمة حين لا يدركون حقيقة المقصود في أدب الأطفال، وحقيقة المقصود في ثقافة الأطفال، فيخلطون في أمر المقصودين''[2] دون إعطاء كلّ منهما حقّه في دلالته وفهمه، وتشخيصه؛ لكي لا يلتبس الأمر، ''ناهيك عن التوجّه الغريب لأصحاب العنوانات الآتية تحت مظلة أدب الطّفل: الألوان والطّفل، صحّة الطّفل، التّربية والطّفل، تربية البنين، تربية البنات، أمّية الطّفل الإذاعة والطّفل، السّنيما والطّفل، رعاية الطّفل، صحافة الطّفل، كتاب الطّفل مكتبة الطّفل، فنون الطّفل، ألعاب الطّفل، ثقافة الطّفل، القراءة والطّفل، لغة الطّفل، مسرح الطفل، قصّة الطّفل، التّلفزيون والطّفل، وغيرها''[3] .
ابن الأثير وكتابه المثل السائر في أدب الكاتب و الشاعر ـ محمد أبحير
يروم هذا البحث التعريف بكتاب: "المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر"، لضياء الدين بن الأثير[1] الذي عاش في النصف الثاني من القرن السادس الهجري، والثلث الأول من القرن السابع الهجري .
وقد صار في حكم المعلوم، أن بعض الباحثين يقسمون ما ورثناه عن أجدادنا من علوم وفنون، إلى مجموعة من الحقب والأزمنة الأدبية، وكان عمدتهم في هذا التقسيم، التحولات السياسية التي اعترت بنية المجتمع العربي القديم، الأمر الذي نجم عنه تزمين لتاريخ الأدب على نحو الزمن السياسي وبوازع منه.
وبما أن السياسة شر لا بد منه، فإن الحالة السياسية لعصر المؤلف: "كانت على أسوأ ما يكون، فمن حروب متواصلة، ودول متداولة، وفتن مشتعلة، إلى تشقق مطرد، حتى أصبح على كل بلد ملك وصولجان"[2].
أما ما يتعلق بالمصنفات البلاغية التي سبقت "المثل السائر" بقليل، فأول ما يصافحنا هو كتاب "الكشاف في حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل"، للزمخشري (ت 538 هـ)، و يعتبره البعض "أول من فصل فصلا تاما ما بين علمي المعاني والبيان"[3].
وبعد كتاب" الكشاف"[4] جاء عمل السكاكي (ت 626هـ)، الذي ألف كتاب: "مفتاح العلوم"، وجعله ثلاثة أقسام، بسط في القسم الثالث منه علوم البلاغة وهي: (علم المعاني)، و(علم البيان)، و(علم البديع).
1. حياتـه وآثــاره :
- نسبه: هو[5] نصر الله بن محمد الشيباني، كنيته أبو الفتح، ولقبه ضياء الدين، ويعرف بابن الأثير الجزري، منسوب إلى جزيرة ابن عمر، ويعرف أيضا بابن الأثير الجزري الموصلي، نسبة إلى الموصل، وكانت ولادته سنة 558 هـ.
وضياء الدين هو أحد الإخوة الثلاثة[6]: عز الدين المؤرخ المشهور، صاحب: "الكامل" ومجد الدين صاحب: "النهاية في غريب الحديث والأثر".
وقد توفي ابن الأثير ببغداد سنة 637 هـ.
رحلة البحث عن الأنا الروحي من خلال رواية: "في قلبي أنثى عبرية" لخولة حمدي ـ مولاي عبد الحكيم الزاوي
هل يمكن لرواية ما أن تغير واقعا صار معلوما لدى الآخر، غير مستعد للتخلي عنه؟ كيف يمكنها أن تمحو صورة الإسلام المشوه التي تطل من على شاشات الميديا، وتشير إلى حقيقة بعض من مسلمي اليوم؟ وهل الاتهامات التي تصدر باسم التطرف والإرهاب بريئة، أم تحمل وراءها ضغائن الغرب وسدنته؟ ومهما يكن كيف وصلت الانسانية إلى زمن التعصب والنفي وازدراء الأديان؟ ما جدوى أن نكتب عن آلامنا في زمن ينطبع بالدم والاستبداد، بالتعصب والاستيلاب؟ وهل تعدو الكتابة استشفاءا chimiothérapie من انجراحات الوجود، لتصحيح وبناء وضع أنطولوجي جديد للإنسان المسلم، يعوض وضعا انطولوجيا مهترئا ووهنا صنعته سيرورة تاريخية؟
تلك بداهة صارت لا تخفى على أحد، وصارت بموجبها صكوك الاتهام تتوجه نحو الإسلام والمسلمين، بعلم أو بغيره، ظن الجميع أن الغرب زمن اختفاء القطبية الثنائية شيَّع خطر شبح السوفيات إلى غير رجعة، وسينصرف بأحلامه الرومانسية نحو عالم بلا رعب، كما كانت تبشر بذلك أدبياته ومرجعياته الفكرية، فإذا به يستفيق على هول صدمة الفراغ التي تركها رحيل الامبراطورية الحمراء عن ساحة الوغى الدولية، لتبدأ مسيرة البحث عن عدو محتمل، قد يهدد استقرار الغرب وراحته، فكان أن وجد ملاذه في الاسلام، باستعانة من دهاقنته الاستراتيجيين فوكوياما وهانتغتون وبرنار لويس وآخرين.
الحمار العربي ـ محمد شودان
مدخل
تأتي هذه المقالة في سياق عام تمثله هذه الوضعية الحضارية المتسمة بالجهل والتمترس في أدنى دركات الحضيض الحضاري، والتفاوت الطبقي، بالإضافة إلى انتشار الفكر الخبزي وطغيان الفن الرديئ وغيرها من السمات التي تلون عالم الإنسان المنتسب إلى هذا الكيان المسمى (عربي/إسلامي)، والحقيقة أن الإرهاصات الأولى للمقالة بدأت في المدرج (أ) بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس التابعة لجامعة محمد بن عبد الله بفاس سنة 2006. يومها كان الدكتور محمد الكنوني يحاضرنا في الشعر العربي الحديث، وكان أن قاطع كلام الأستاذ صوت طالب خرج بين الحشد فسأله: يا أستاذ، ألا تكتب شعرا إلى جانب النقد؟. فاجأنا صمت الأستاذ، فظننا لبرهة أن سؤال الطالب ربما أحرجه، لكن الجواب انساب بنبرة هادئة وحادة كالماء الدافئ: " لقد قلنا الشعر لما كان الشعر شعرا، أما وقد صار الشعر شعيرا فقد تركناه للحمير.
العنوان في روايات حنا مينه: التركيب النحوي و الدلالة ـ الحسين لحفاوي
تمهيد:
مثلت العتبات محورا هاما في الأبحاث السردية في الفترة الأخيرة، و قد تجسدت هذه الأهمية في ما كتبه جيرار جينيت G. Genette في منشورات ( Seuils)، أو هنري ميتران H. Metterand في هوامش النص، أو العنوان بشكل عام عند شارل كريفل CH.Grivel، أو ما يطلق عليه بالنص الموازي Le Paratexte.
فلقد كرست أغلب هذه الدراسات جهدها في إبراز ما للنص الموازي من أهمية للكشف عن العلاقة الجدلية التي تقوم بينه و بين النص إن بشكل مباشر أو غير مباشر. و يمثل العنوان أهم هذه العتبات، إذ يعتبر بطاقة هوية للنص، تميزه عن غيره من النصوص، فبالعنوان تعرف الرواية و تشتهر و تبلغ الآفاق. و من هنا كان لزاما على الأديب أن يحسن اختيار العنوان الذي سيسم به روايته.
و المتامل في عناوين الروايات يجد دون كبير عناء أنها لا تتجاوز في أغلب الأحيان الكلمة و الكلمتين و في بعض الأحيان تبلغ الجملة البسطية من حيث التركيب النحوي، لكنها على اختزالها حافلة بالدلالات و الإيحاءات، و ترتبط بالنص بأشكال مختلفة.
و العناوين على تباينها من أثر إلى آخر و من أديب إلى آخر، و هذا التباين يجعل القارئ متأرجحا بين العنوان و المتن، و لا تكتمل متعهته إلا إذا اطلع على الأثر، و لا ينتهي أدراكه لمعنى العنوان إلا إذا ألمّ بما في المتن الروائي من أحداث و رافق شخصياته في أقوالها و أفعالها. و في العناوين تباين و اختلاف، يجعل القارئ ميّالا لاستقصاء الدلالات و المعاني و مدي اختزال تلك العناوين للمضمون الروائي المبثوث بين الصفحات و في الأسطر وفي ثنايا المتن.
قراءة في رواية " التوأم " للكاتبة فاتحة مرشيد : حين تكون القراءة مغامرة وتحديا.. ـ عبد المطلب عبد الهادي
" لا يمكن أن تُراقب دائما ما يجري خارج ذاتك، ولكن بإمكانك مراقبة ما يجري داخلها " (ص124)
" من أنا ؟ " (ص7)..
سؤال كان البداية.. ليقف القارئ أمامه متسائلا و مستغربا ومندهشا، لأن السؤال هنا لا ينتظر من القارئ جوابا.. بل وُقوفا للتأمل وطرح السؤال، سؤال الاندهاش والفضول. كيف لا يعرف من يكون هذا المتكلم ؟
مدخل مُلغز يدفع بالقارئ إلى أن يتتبع مسار الحكي الذي يغزله السارد هادئا.. متسلسلا.. قويا.. بسيطا..ليقطع به الفضاءات والأزمنة والأحداث التي تتوالى تضفر الإقدام بالتراجع.. والحب بالخوف.. والترقب بالصبر..لتؤسس لرواية اجتماعية بامتياز..
السؤال انطلاقٌ للمغامرة.. " من أنا " (ص7).. والسؤال أيضا نهايتها.. "لم لا ؟ " (ص175)، وبين السؤال والسؤال أكثر من جواب، أكثر من حدث.. أمل يتفرق على امتداد الرواية ليكون الخيط الرابط بين الحب والصبر والانتظار.. وإذا كان الجواب موتٌ للسؤال، فإنه هنا، في رواية "التوأم"، انطلاق للحكاية ومنتهاها وامتداد لها وتفرُّع لمسارات الحكي الذي تتجاذب تيماته أحداث توقِفنا أمام عجزنا الإنساني الذي يُصعِّب علينا تكهّن أسراه بين السؤالين.. من أنا ؟ و ولم لا ؟ .
بين السؤال والسؤال اشتعلت مسافات الحكي، تنسج من الألم أحداثا تُسيج الحلم لتجعل منه ـ كما السؤال ـ بداية ومنتهى.. حلمٌ عصِيّ على التحقق ينفلت كما تنفلت الأسرار بين الشفاه ساعة بوح، لتدور الدائرة، ويعيش الحلم / الحب محكوما بالبعد.. بالشهوة الممنوعة والمحرم..