عرقلني الوتد وسقطت أرضا ،نهضت ونفضت يدي من التراب ،لعقت جرحا بسيطا في يدي بطرف لساني ،ثم انتشيت بدمي الحلو ٠ انتقلت إلى الجهة الأخرى للشارع ،وجلست في المقهى كباقي الرواد ،أتى النادل ومسح مائدة قدامي ،نظرت إليه ثم اردفت : كأس قهوة من فضلك ،بعد مدة قصيرة ،عاد إلي النادل وهو يحمل كأس قهوة ٠ في الباحة الخارجية للمقهى جلس رجل أشيب ،يعتمر نظارات بصر سميكة ٠ كان مشغولا بكتبه المبعثرة فوق المائدة ،يقرأ ويخط شيئا في مذكرته، ظهر على ملامحه المتشنجة أن شيئا ما يؤرق باله ،بحلق في كتبه طويلا ووضع قلمه فوق مذكرته ،ثم نهض وجمع ياقة معطفه ،وشرب آخر جرعة ماء تبقت في كأسه ،ثم مسح فمه بكمامة معطفه ٠
غادر المقهى وعبر الشارع نحو الجهة الأخرى من الرصيف ،توقف قليلا والتفت نحوى المقهى ،ثم ما لبث أن استأنف المسير ٠ بقيت كتبه وأوراقه مبعثرة فوق المائدة يلفحها نسيم المساء ٠ فرغ المقهى من رواده وحل آخرون مكانهم ،انتهت مناوبة النادل وحل آخر مكانه ،ولا زالت الأوراق والكتب في مكانها ،الشمس أوت نحو الغروب والأوراق والكتب لا زالت فوق المائدة ٠ ركنت سيارة قدام المقهى ،دقات الضوء الغماز نبهتني إلي الأمر٠ترجل منها رجلان ،ونزع أحدهما معطفه وسلمه للآخر ،تأبطه ،وتقدم الإثنان نحو المقهى ،دخل الأول باحة المقهى ،وجال ببصره في ديكور المقهى ووجوه الرواد ،ثم اتجه نحو المائدة يقلب الأوراق بأطراف أصابعه ،بعد أن اعتمر قفازات بيضاء ،والتقط الصورة لما على المائدة ٠ تجمع رواد المقهى حول المائدة ، اعدادهم تزداد ،وتزداد ٠٠٠ بحثت عن فجوة وسط الحشد ،ادس فيها وجهي لرؤية ما يحدث ،وما الذي كتب ذلك الرجل في مذكرته ؟٠ ناول صاحب القفازات تلك المذكرة التي كان ذلك الرجل يدون فيها شيئا ما ،ومررها أمام وجوه الملتفين ، فقرأت في المذكرة العبارة التالية : أنا هو أنا ولن أتغير أبدا ،وفي هذا المساء سأتجه نحو قدري الذي يجب أن اقبل به ، أنا متجه نحو الخلاص ،لذلك لا تحاولوا منعي من ذلك ،فحينما تعثرون على هذه المذكرة ،سيكون الأمر قد انتهى ٠