وأنا تائه في دروب الحياة، بين طيبها... وخبيثها، بين ما تعطي... وما تأخذ ،وقفت فجأة... تحسست روحا تقتفي آثاري... تنفذ إلى أعماقي عمدا، أردت الالتفات ولكن تسمرت كل جوارحي، لم تعد تطاوعني، جفلت مكاني.... واجما.... مفزوعا، أنصت لخطوات تقترب مني، وقعها غريب.... كأن صاحبها لا يمشي مشينا.... ولا يخطو خطواتنا.... ولا يطأ أرضنا، خطواته تحكي قصة الوجود.... والفناء
سمعته ينادي من قريب... لكن همسه كان بعيدا جداً..... وعميقا جداً، استدرت إليه فالتقت عيناي بعينيه الغارقتين، تلمعان من شدة صفائهما... وباردتين حد الجمود، ابتسامته لا معنى لها... تأملتها جيدا فإذا هي بألف معنى.... ومعنى، تحكي الماضي.... والحاضر.... وما هو آت.
وضع يده على كتفي.... لم أحس بثقلها علي بقدر ما أحس بقشعريرة باردة تسري في عروقي... أحس بدماء جديدة تتدفق دافئة في أعماقي... أحس أنني أولد من جديد. تبعته كالمسحور... طائعا.... تائها، دقات عصاه على الأرض كنبض القلب... تنظم مسيرنا معا.... شفتاه لا تكفان عن الحركة، تمتماته لا تنتهي.... ولا يفهم بأي لغة هو يناجي....!!
أبعدني عن القرية إلى أرض خلاء.... منبسطة، رفع يديه إلى السماء ثم ضمهما إليه.... أحنى رأسه على كتفه الأيمن.... وبدأ بالدوران... يعاكس حركة الكون... عقارب الساعة، انبهرت لجمال المشهد أمامي، إبداعه في الرقص لا يضاهيه إلا جمال ألوان لباسه الفضفاض... المتمازجة، ترانيمه تعلو.... وتخفو.... ودورانه يسرع.... ويبطئ.... مشهد لا يوصف، أحسست بطاقة غريبة تهز المكان.... توقف الزمان.... واختفى من أمامي.... وتهت في ملكوت الوجود لم أدرك ما أنا فيه إلا وخيوط الشمس المشرقة تأذن بميلاد يوم جديد....حتما سيحمل كل ما هو جميل للإنسان الجديد