عمَّ يتساءلون ..؟
أرى الحيرة والغضب
في أعينهم...
اسألوا البحر
السماء
العصافير
الأشجار
والرمال
اسألوا حتى الألهة التي تعبدونها. ...
حتماً ستقول لكم
من أكون...
يا إخوة يوسف
اسألوا النوارس
كيف شهقت
لرؤية أسماك قصائدي
وكيف رقصت حوريات الأولمب
طربا
وسَكرنَ
وهن يتذوقن امبروسيا
كلماتي
وطاشت عقولهنّ
بما رأين من سحر
يتقطر
من قاع كأس القصيدة
يا إخوة يوسف
أنا ما مت من الغربة
وما كسرت نساء طراقيا
قيثارتي
وألقتها في النهر
وما أكلتني التيتان
ولا من فخذ إله الآلهة
بعثت حيا
أنا ما جئت إلى هنا
باحثاً عن نبتة الخلود
وإنما لاجئاً
بعدما خانني إخوتي
ومغنيا
بعدما مللت صوت الطبل
والمزمار
نعيق الشعراء
وعنتريات الخطباء
يتبارون في سوق النخاسة
في حضرة السلطان
ليحظوا بجارية رومية
فارسية
أو حبشية
شيء ما
يترقرق في كياني
يرتعش
وسرعان ما يموت
فأنت يا وطني
أشبه بسحب ممزقة
في مطر منسي
وحين أتجول في طرقات الذكرى
أراني إنجِرف في زوبعة الموت والولادةِ
أصارع العدم وغبار ظلك
وفي وسطِ وهمِ حلم
أَصْحو متثاقلا
فأراك واقفا عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ
أنا لا أعاديك
لكنني أتألم
وما بيني وبينك
أفسده خفافيش الدجل
أواه ...كم هي قاسية السماء
تسرق زرقة البحر
وتترك الريح تروع قلبه
تهز مياهه في حلم معتم
وفي الأعماق
تتناسل أعشاب المرارة
وبنهم شديد
تبتلع عذوبة الجسد
آه أيها البحر
يختبأ الكون في فمك
فتهب الحياة والألوان
عن طيب خاطر
الكل يتأمل روعة سحرك
ويريد خطف جواهرك
ولا أحد يعي حزنك
والمدينة غارقة في الصخب
والجنس
ومن حولها تنزلق الحياة بإستمرار
نحو الموت
فأنت أيها البحر مني
من نزيفي
حين شطروا قلبي
كوستنسا
أيتها الفاتنة الغجرية
انظري إلى مرآة الشعر
أحتضني البحر
وارشفي بلورات أحزاني
فما عاد بيتي هو بيتي
وأنا متعب من الغربة
والرحيل
دعيني أقبل نهدك الفيروزي
مع كل عطر
يتغلغل في أنفاسي
وأراقب كيف يطل القمر
من رحم السماء
بعيون بلورية باردة
و فجاة
يباغت أسراب السنونو
المستغرقة في حلم شتوي