ميراث الغياب – شعر: العربي الحميدي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

في محراب الألوان
على أريكة الشوق
سأرحل مبتسمًا،
تاركًا الفراغَ لجوفِ الليل
يغزلُ الصمت،
صمتَ الريحِ العابر
بين شُرفاتِ الوقت.

سأتركُ ظلّي الباهتَ على الجدار،
وشيئًا من بقايا صوتي
ينسابُ كهسيسٍ

في أذُنِ الفراغ.

لا وصايا هنا،
لا أحلامَ تُعلّقُ في المدى،
ولا أصداءَ تسكنُ الذاكرة.

سأمضي خفيفًا كحلمٍ
لا يثقلُ الخطى،
كحزمةِ ضوءٍ هاربةٍ
من ثقبٍ.

الليلُ يحتويني بلا سؤالٍ،
داخلَ صمته العميق،
حيث
لا حاجةَ للأجوبة،
ولا مكانَ للندم.

سأرحلُ مبتسمًا،
كأنني أنتمي أخيرًا
إلى اللاشيء.

سأرحلُ مبتسمًا،
تاركًا البومَ تستوطنُ المكان،
تُقيمُ في صمتِ الزوايا الخاوية،
ونعيقَ الغربانِ
تنسجُ الحكاياتِ من غبارِ الوقت،
وتُرتّلُ نشيدَ الغياب.

لا أثرَ يُثقلُ خطاي،
فأنا ظلٌّ تلاشى
كصرخةٍ في جوفِ الريح.
لا لونَ للمساءِ خلفي،
ولا صوتَ يُؤنسُ الليلَ بعدي.

تسكنني الآن لغةٌ جديدة،
لا حروفَ فيها،
لا بدايةَ ولا انتهاء.
عُشبًا في ذاكرةِ الأرض،
وأغنيةً بلا لحنٍ
تترددُ في فراغِ الكون.

سأتركُ للمكان عُزلتَهُ،
وأُعطي للبومِ حريّته،
ليُنذرَ العابرين
بأن لا عودةَ هنا،
لا وعدَ في الأفق،
ولا انتظار.

سأرحلُ مبتسمًا،
كمن أدركَ أخيرًا
أنَّ الرحيلَ صورةٌ أخرى
للبقاء.

العربي الحميدي

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟