أوليات الموضوع
يختلف عطاء المساهمين العرب في إنتاج النصوص المتنوعة تبعا لاختلاف ثقافتهم : العمر ، نمط العيش ، النفسية ، السكن ، العمل ... إنهم يجتمعون من أجل الاتصال اللساني الشامل الذي يخدم حاجاتهم المختلفة ، وهو أمر ضروري لاستمرار الحياة ودوام الصراع من أجل البقاء ، لذلك فإن الخطابات العربية تتنوع من حيث سياقاتها وظروف إنتاجها وأجناسها ، إذ نجد في هذا الصدد عدة أنواع :
1 _ الخطاب السياسي : يتم إنجازه بناء على دوافع ووظائف واضحة تعتمد على التحالف لشيعة أو كتلة حزبية معينة تخدم برنامجا محددا . يوظف كل خطاب سياسي موضوعات ، ومنهجية خاصة ، ومفاهيم محددة تساير مصالحه ومقاصده .
2 _ الخطاب الاقتصادي : يقوم على الدوال والمدلولات الضرورية التي تدفع المساهمين إلى إنتاج الموضوعات ، من خلال استراتيجية ومفاهيم متخصصة ، تكون جلية المعالم . يروج هذا الخطاب في مجال الزراعة والصناعة ، ودنيا المال ، والمضاربات والمراهنات ، وتسيير أمور الشركات المستثمرة ...
3 _ الخطاب التربوي : ينتشر في الوسط العائلي ، والمدرسي ، وداخل بعض المؤسسات ، والجمعيات التي تسعى لتكوين الجماعات والأفراد ، وتأطيرهم وتفعيلهم ، وتنميتهم البشرية ...
4 _ الخطاب الرياضي / الصحي : يهدف إلى بناء أجسام وعقول سليمة تسعى للمنافسة والتفوق الشريف وتحطيم الأرقام القياسية ، كما أنه يروج ثقافة راقية تبني مجتمعا صحيا يكون معمرا شاملا ، هادفا . يتم في هذا الصدد حصد الجوائز والرتب والمنح المتنوعة في نهاية كل منافسة ...
قد يشوب أحيانا هذا الخطاب بعض أنواع الغش ، والمضاربات الملتوية ، والأسواق الموسمية للاعبين ، والتحالفات ، والتعصب ، والتزوير للنتائج ، واستعمال المنشطات ، أو العقاقير الممنوعة ، فتنجم على إثر ذلك تحقيقات ومتابعات قانونية ، ويتم نزع بعض المكاسب ، وتغيير عدة نتائج . يقل التأليف العلمي الرصين في هذا المجال ...
5 _ الخطاب الفكري : يتبلور من خلال بعض المظاهر الاجتماعية ، والأجناس الثقافية والسردية ، والندوات ، ووسائل الإعلام ، والفنون التي تكون متميزة من حيث الخصائص الجمالية والفكرية ... يختلف هذا الخطاب بين الناس والمناطق تبعا للعقلية المسيطرة ، و المدارك ، والتصورات البارزة ، والانتماءات ، وشيوع بعض (( قضايا الساعة )) الموجهة للثقافة المحلية .
يرتبط إنتاج النصوص اللسانية الاجتماعية العربية بأحوال المساهمين وحاجاتهم ، إذ أن تغييرها يؤدي إلى تغيير نوع الخطاب على مستوى الدوال والمدلولات ، كما أن هذا التغيير يولد كلمات معجمية تخص طريقة العيش ، والزراعة ، والطقس ، والتنمية البشرية ، والتعمير ، والصنائع ، والمهن ، والأسفار ، والطبخ ، وأنواع المأكولات ، والفواكه ، والخضر ، والأزياء ، وخصائص الحياة المدنية ، والقروية.
يمكن استخلاص بعض السمات من خلال تصرفات المساهمين في إنتاج النصوص اللسانية الاجتماعية العربية :
أ _ ارتكاز إنتاج المساهمين في النصوص الاجتماعية على ثقافتهم المتنوعة.
ب _ أولوية المعجم اللساني القروي على المعجم المدني .
ت _ ارتباط معجم الخطاب الثقافي القروي العربي بقيم منطقية ، وجمالية ، وفكرية ، وحكمية متميزة .
ث _ اعتماد المعجم الثقافي القروي العربي على البطولات والانتماء الثقافي المحلي المقيم .
ج _ اختلاف معجم ، وسياقات الخطاب المدني العربي ، وتنوع أجناسه ووظائفه .
ح _ اعتماد بناء الخطاب القروي العربي الاجتماعي على الانتماء الثقافي المحلي ، والقرابة ، وبعض النزعات والتكتلات ...
يرصد الخطاب الثقافي العربي أنساب وأصول العرب ، وسعيهم للسلطة والجاه ، والاستلاب ، وتقليد الآخر أو مثاقفته . يعتمد هذا الخطاب على عدة مساهمين ومتلقين يروجون ويقلدون سلطته وقوته ...
قد يصاب الخطاب السياسي العربي المسيطر بالضعف ، والتقوقع ، والفردية ، والطغيان نظرا لانغماسه في النعيم والشهوات ، وندرة ارتياد الموضوعية ، وقلة استشراف المستقبل ، وتأرجح الديمقراطية ، وخدمة مصالح بعض المتلقين وقبول تفسيراتهم الشخصية المتطرفة . يسعى بعض المساهمين في إنتاج الخطاب السياسي والعسكري العربي إلى الضغط على المتلقين ، مما يجعلهم ينقادون بعد فترة من الزمن إلى غيرهم ، كما حصل في ربيع الثورات العربية عام 211 م في بعض البلدان العربية .
يتطلب إنتاج الخطاب السياسي ، والعسكري العربي المعاصر وجود سلطة جماعية موحدة ، وتحالفات ثقافية ديمقراطية ، تستعمل مفاهيم تداولية هادفة تروح عن النفوس المتلقية ، وتنشر العمل الجديد ، والقواعد الاتفاقية ، والوعي بالمقاصد المعقولة ، وتقدم العطاء الشامل ، وتقصي الفردية ، والجهل ، والسطحية ، والمآرب الشخصية. ..
تؤدي السلطة التي تطبع بعض جوانب الخطاب السياسي العربي إلى خلق أنساق ، وتصرفات ، وألوان من القهر ، والغلبة التي تفضي إلى إذعان المتلقين وفساد الثقافة ، لذلك فإن هذا الخطاب يتميز ببعض الخصائص :
1 _ شيوع معجم سياسي عربي خاص بالنخبة المسيطرة .
2 _ انتشار المنافسة ، والغيرة ، والتكتلات ، والانتماء الثقافي .
3 _ وجود صيغ ، ومقولات متميزة التراكيب ، والدلالات .
4 _ قلة مساهمة المضغوطين ، والمبعدين عن السلطة .
5 _ كثرة الخطب ، والتصريحات ، والنبرات الصوتية (( المتسلطة )) .
6 _ شيوع ضمير المتكلم ، والغنائية / الذاتية ، وتضخم (( الأنا )).
قد يصاب الخطاب الثقافي العربي المنجز في بعض الأحيان بعوارض وثغرات يمكن تلخيصها في النقط التالية :
أ _ التقادم ، والرتابة ، والخواء .
ب _ التفاوت بين الأجيال على مستوى العطاء ، والتقعيد ، والفهم ، والتأويل الشخصي .
ت _ التنوع ، والاختلاف على مستوى الخصائص الجمالية والفكرية .
ث _ التحويل والاستبدال للقضايا والموضوعات .
ج _ الضغط والتبعية الثقافية .
تتماسك العلاقات والوظائف القائمة بين العناصر النصية المرصوصة ، لذلك فإن عملية (( تعمير النصوص )) أو بناء ديناميتها تتجلى من خلال تماسك وتفاعل العناصر أثناء العمل ، و (( استبصار )) البناء النصي الكلي ، والاهتمام بالوظيفة الخاصة ، وترسيخ أغراض المنتجين لكي تسيطر على هذا البناء برمته . قد تكتفي بعض النصوص بمباني ومعاني خاصة دون غيرها نظرا لطبيعة السياق والمقام ، مما يجعل بعض التداخلات ، والانزياحات ضعيفة ، لأنه قد يتم إغفالها ، وتخطي وظيفتها . أما استدعاء بعض المباني والمعاني فإنه يتحقق تبعا لضرورة السياق والمقام نظرا ، لأنها تضم موضوعات متنوعة تتعلق بعدة مجالات كالنسيج ، والحياكة ، والحدادة ، والنجارة ، والاقتصاد ، والطبخ ، والتعليم ، والصحة ، والزراعة ، والتقنيات الصناعية ، والاتصالات . يتطور استعمال بعض (( العادات اللغوية )) المتحكمة في النصوص العربية من خلال ظروف الإنتاج أو (( الكون الخطابي )) discourse universe ، إذ أن عوامل التطوير أو التغيير ، والابتكار ، والاستشراف تظهر بين ثنايا (( تعمير النصوص )) عن طريق التجديد في التراكيب ، والمعجم ، والدلالة ، وهو ما يخلق انتماء ثقافيا ، وحضاريا متميزا على مستوى الأشكال والمضامين التي تجسد بعض الصناعات ، والتقنيات ، والأفكار ، والسوائل ، والأطعمة ، والحرف التقليدية ، والأثاث المنزلي ، والمعلبات ، واللحوم ، والحفلات ، والمعارض ذات الأشكال المتفاوتة ، وأنواع الرياضة ، والمنافسات ...
يؤدي تطور عناصر الانتماء الثقافي المشكل للنصوص العربية الفكرية المتنوعة إلى تطور السياق والمقام ، وهو ما يظهر أثره على المباني والمعاني من خلال توسعها ورقي مستوى (( تعميرها النصي )) الذي يحدثه نوع الانتماء الثقافي المهيمن ومستوى التراكيب ، والدلالات . يصر بعض المنتجين على استعمال عناصر نصية دون غيرها تبعا للاختيار ، والاقتصاد اللغويين ، ومدى فائدتهما ، وملاءمتهما للسياق والمقام .
لسانيات النص : أساسيات البناء والفكر والتجريب .
لقد اهتمت الدراسات البنيوية ، والتوليدية ، ونحو الحالة عند ( فيلمور ) ، ونحو التبعية أو التعليق عند ( تنيير ) بالمركب الفعلي أو الإسناد ، والمركبات الاسمية نظرا لدورها المحوري في بناء الجمل ، ثم قام ( زليج هاريس ) بدراسة متواليات الجمل التي تشكل النص بأكمله ، مما جعله يتعرض في بحثه عن (( تحليل الخطاب )) discourse analysisلقضية الروابط ، وتوزيع العناصر اللغوية داخل النصوص الاجتماعية . قام هاليداي فيما بعد بضبط المفاهيم النصية ، مما جعل الباحثين يهتمون بالبيئة والثقافة ، والعلوم الأخرى المساهمة في بناء النصوص .
يميز الباحثون المعاصرون مجال لسانيات النص عن المجالات اللغوية الأخرى المتنوعة بالاعتماد على السمات والمعايير التالية :
1 _ تجاوز هذا المجال لنحو الجملة بنسقه الافتراضي ومعانقته لنسق واقعي نابع من الاختيارات النحوية الافتراضية الأصيلة .
2 _ تخطيه لأحادية النسق المعرفي الخاص بقواعد الجملة ، وارتباطه بقواعد النص الذي تتنوع أنساقه المعرفية .
3 _ اختلافه عن (( نحو الجملة )) من حيث طبيعة القواعد .
4 _ اهتمامه بالثقافة الاجتماعية والعوامل النفسية .
5 _ اعتماده في بناء النصوص المتنوعة على خبرات فعلية .
6 _ ارتكازه على الاتصال الفعلي الحاصل بين الباث والمتلقي لخلق علاقات متنوعة ، وتخطيه للعلاقات القائمة بين القواعد التي لا تخلق حدثا اتصاليا فعليا.
7 _ تركيزه على بنى نصية تتشكل من خلال ضوابط عملية الاتصال التي تتخطى قواعد النسق الافتراضي لنحو الجملة .
والحقيقة أن الواقع اللساني العملي يبرز لنا قوة ترابط الجسور بين لسانيات النص و(( لسانيات الجملة )) نظرا لتلازمهما وتكاملهما على مستوى الوحدات الصوتية ، والصرفية ، والتركيبية ، والمعجمية ، والدلالية . إنهما يقومان معا بتحليل معا قضايا لغوية مشتركة :
أ _ تحليل البنى اللغوية .
ب _ العلاقات الدلالية .
ج _ نسق الإحالة بين الجمل والنصوص .
د _ ربط المتلقي بين البنى اللغوية الداخلية للجمل والبنى الخارجية المقامية للنص .
والواضح أن لسانيات النص تهدف إلى بناء نسق لغوي ، إنساني ، اجتماعي ، اتصالي فعال يسعى المساهمون في بناء الخطابات المتنوعة من خلاله إلى التفاهم ، والتحاور ، والتفاعل ، والتبادل الحضاري الراقي ، لذلك فإن هذه اللسانيات تعني هنا التفاف ، وتحالف ، وتماسك عناصر الثقافة الاجتماعية ، الاتصالية ، الشاملة ، وهذا هو ما يمثل المعنى الاصطلاحي للنصوص .
يتحرك المساهمون من أجل (( تعمير )) وتنسيق ، وتفعيل أغراض حياتهم ودوامها ، حيث ينتجون خطابات يومية متنوعة . يوظف كل مساهم فطرته الإنسانية و(( كفايته اللسانية النصية )) ليبلغ المقاصد العملية المتوخاة ( 1 ) . تكون هذه الكفاية النصية textual competence غير مستوفية التعبير والعطاء اللساني المتكامل ، مما يجعلها تستشرف باستمرار النموذج الأمثل . لا يمكن إنتاج نصوص فعلية في هذا المجال بقليل من الدوال والمدلولات ؛ إذ أن الإنتاج اللساني لا يتم إلا عن طريق إقامة التراكيب المسبوكة والدلالات المحبوكة ، وتنويع مواضعها واستبدالاتها الممكنة تبعا لمسارات الإبداع ، والتقنين ، والإنجاز .
يتأسس الخطاب السياسي العربي على قوة السلطة ، والانتماء الثقافي ، والمدارك ، وتنوع النزعات ، والميول في الحقوق . قد تتضارب هذه النزعات والميول السياسية ، فيسود التنافس والصراع لكن امتزاج الخطاب السياسي العربي بالخطاب الديني ، وغلبة هذا الأخير يخلق وحدة تركيبية ، ودلالية ، ومقاميه متميزة ، وهو ما يقصي روح التنافس ، والصراع ، ويدعم التناسق ، والتماسك النصي ، والتفاعل الاجتماعي بين المساهمين . تبلور هذه (( الوحدة اللغوية )) قوة المعجم وتطوره ، وهيبة الخطاب السياسي وانتشاره ( 2 ) .
يتميز الخطاب الديني الإسلامي بتفرده في تقديم الحقيقة ، وربط سمات العمل بسمات الجزاء المضارع ، كما يتجلى التأمل العقلي والاستقرار النفسي خير موجهين لمقاصد هذا الخطاب . إنه يهدف إلى غاية مشتركة وعادلة تبرز من خلال العمل الحثيث والدفاع المستميت عن الغايات والمقاصد . تتفاوت الأهداف بالنسبة للخطاب السياسي العربي نظرا لاختلاف أغراض ، ونفسيات ، ومدارك المساهمين .
يتفرد الخطاب الديني الإسلامي في هذا المستوى بالسمات التالية :
أ _ وجود (( إجماع ديني )) يستند إلى العقيدة ، والانتماء الثقافي .
ب _ قوة ، وتطور التأمل العقلي ، والاستقرار النفسي ، والتبعية في مجال العقيدة.
ج _ انتشار خطاب الاستمالة والإقناع بين الباث والمتلقي .
إن عدم إشعاع وذيوع الخطاب الديني الإسلامي بالنسبة للممارسات اليومية عند بعض الجماعات يجعل حياتها تفقد نسقها الطبيعي وسماتها الإنسانية العقلانية ، والنفسية ، والصحية ، والغائية .
لا يمكن انتشار خطاب ديني إسلامي دون وجود انتماء ثقافي يربي ويصحح السلوك السيكو بلاغي rhetorical psycholinguistic لكافة التابعين والمساهمين طبقا لأغراض وحاجيات الفرد والمجتمع . يهدف هذا الخطاب إلى خلق سلوك سوسيو بلاغي rhetorical sociolinguistic قويم ، وتعامل سليم يدعو إلى تغيير الفساد والمنكر والتردي المتنوع في بعض مظاهر الحياة ، كما يأمر بالمعروف للحصول على الجزاء الحسن . إنه يروم بشكل منسق إصلاح أمور البلاد والعباد ضمن مختلف الموضوعات ، والمقامات .
يقوم الخطاب السياسي العربي على منتجين يتقاسمون الأدوار ، والسلطات ، والمنافع لكن ضعف عملهم يجعله منخولا وخاضعا لخطاب العدو المنافس الذي يشوبه التداخل اللغوي والاستلاب ، وهو ما يفقده هيبته وسلطته . يمكن تطوير سمات ومقاصد الخطاب السياسي العربي من خلال توفير ، وتفعيل بعض الأسس :
1 _ التركيز على (( موضوع الخطاب )) وبؤرته عن طريق التماسك بين التراكيب ، والدلالات ، و المقامات والابتعاد عن الجزئيات الهامشية .
2 _ الاتصال والتلاحم بين المكونات والعناصر البانية .
3 _ التوسع والانتشار على مستوى الكم والكيف الفاعلين .
4 _ الاهتمام بالانتماء الثقافي الخالق للذيوع ، والدوام ، والسلطة .
5 _ الابتعاد عن التفكك ، والتعطيل ، والاختلاف المبيد .
يبرز لنا الخطاب السياسي العربي حب التفرد بالسلطة ، والبنى ، والسياقات ، والسعي إلى العز والرفعة ، والبحث عن رغد العيش والسكينة والتسلية ، وهو ما يصيبه بالتقوقع والاجترار والتجاوز . يمارس المنتجون لهذا الخطاب التصرفات السالفة ، فيضيقون الخناق على الانتماء الثقافي لأفراد الجماعة ويقللون من حريتهم ويتحكمون في اقتصادهم ، وهو ما ينشر التبعية والوهن والاستغلال ، ويربط عقولهم بطرائق وعطاءات هؤلاء المنتجين ، الأمر الذي يفضي إلى تنفيذ أوامرهم ومخططاتهم نظرا لطمس الانتماء الثقافي وضعف إرادة أفراد الجماعة ( 3 ) .
تعتمد لسانيات النص بشكل أساسي على مكونات وعناصر الثقافة في سياقاتها الاجتماعية والاتصالية الشاملة ، إذ يشيع الرأي القائل : إن النصوص هي إفراز لواقع معين يعبر عن المستوى الثقافي الشامل للمساهمين . لذلك ، فإنه من المفروض هنا الارتكاز على التفاعل الاجتماعي social interaction الذي يؤسس هذه الثقافة التي تمثل جوهر هذه اللسانيات . ينتج المساهمون النصوص المتنوعة بصور مختلفة تعيش وتحيا عن طريق الإنجازات المتطورة التي تعتمد على الفطرة والقدرة على الإبداع المتواصل . ينجز كل مساهم نصوصا ثقافية اتصالية تحقق أهدافه وحاجاته الخاصة ، لكنه يبقى ينشد باستمرار التطور ، والنموذج الأمثل . إنه ينتج نصوصا يستعملها يوميا عن طريق الإدماج ،والاستبدال والتنقيح لعدة مكونات تركيبية ، ودلالية ، ومقامية موظفا في ذلك عدة أدوات وصيغ ، وتقنيات بغية تحقيق الإنجاز القويم الهادف . تتماسك المكونات والعناصر التركيبية ، والدلالية ، والمقامية من أجل خلق بناء نصي متكامل ، لكنها لا تستقيم دون قواعد ضابطة ومراجعة رصينة ، كما أنها لا تستطيع بمفردها القيام بعمليات الإبداع والتقنين والإنجاز الرصين ، بل تحتاج إلى أعمال تعتمد على السبك والحبك الشاملين ، وما يفرضه ذلك من تقنيات وأدوات ؛ إذ لابد من توفر العمليات اللسانية النصية المعتمدة على القدرات المتفاعلة والمتجانسة لكي يتحقق الإنجاز الرصين عن طريق التحالف والالتفاف بين كل المكونات والعناصر التي تحتاج إلى إثبات استقلالها الخاص رغم وجود عمليات التماسك مع غيرها . يتجلى ذلك بالاعتماد على :
أ _ اختلاف (( الكفايات النصية )) وتوزيعها بانتظام بين المساهمين .
ب _ ارتباط المكونات والعناصر النصية بوظائف محددة تتأسس على دوافع واضحة وتفردها في استخدام الصيغ والأدوات والتقنيات المناسبة.
ت _ الدفاع عن الخصوصية والاستمرارية في العلاقات والوظائف .
تؤدي سيادة التفاعل الثقافي والاتصالي والترابط الداخلي والخارجي الموجه للسانيات النص إلى انتشار روح العمل وانتقاله بين جميع العناصر ، وهذا ما يمنحها الحياة والسيادة والتفرد . تحفظ هذه السيادة للعمليات النصية استمرارية التناسق والتماسك ، لأنها تضبطها وتتحكم في صيرورتها ، كما أن عمليات التفاعل الثقافي والاتصالي والترابط تعد محورية وضرورية ومكملة لتعمير مسارات الإبداع ، والتقنين ، والإنجاز ( 4 ) .
تهدف لسانيات النص هنا إلى تقسيم وتنسيق وإذاعة مختلف المظاهر الثقافية والاتصالية ، والترابطات التي تحويها الخطابات المتنوعة . تقوم هذه المظاهر المساهمة في تشكيل النصوص على دوافع مختلفة تبعا للعلاقات والوظائف التي تشغلها ، واختلاف المدارك ، والغرائز ، والسلطة ، والتبعية ، والقبول ، والانتماء الثقافي ، والملكية ...
تتنوع المكونات والعناصر النصية حسب طبيعة المساهمين ، والسياقات والبيئة المحيطة . يؤدي هذا التنوع إلى توزيع ، وتطوير مسارات الإبداع ، والتقنين ، والإنجاز .
تنتشر وتتطور العمليات النصية المتنوعة بناء على :
1 _ الاعتدال في القول .
2 _ الاعتماد على السياقات وظروف الإنتاج والفضاءات المناسبة .
3 _ التجويد في المعدات والتقنيات والصيغ المختلفة .
4 _ الابتعاد عن (( الانحرافات النصية )) .
5 _ الاهتمام بطبائع العوامل المساهمة في الإنتاج .
يرتبط إنتاج النصوص بطبيعة الفرح والسرور والتناغم التي تنبع من غريزة كل مساهم أو فطرته ، كما أن طبيعة الحزن والألم قد تنتج النقيض ، لذلك فإن اختلاف النصوص من حيث القوة والضعف راجع إلى الطبائع و(( الكفايات النصية )) التي يملكها المساهمون ، ومستوى إدراكهم للعمليات المتنوعة ، وكيفية استغلالها ...
يوظف المساهمون عمليات التماسك النصي من خلال التزامهم بالنسق
اللساني القويم وطرائقهم في بنائه ، وعلاقة ذلك بالسمات الأسلوبية الشخصية والسلوك الاجتماعي . تظهر قوة مسارات الإبداع ، والتقنين ، والإنجاز واضحة تبعا لعمل وتصرف المساهمين ، فهناك من يتسم بالسطحية ، واللغو ، واللحن في التراكيب ، والمقاصد عند بناء الدوال أو الأشكال ، وهذا ما يغير من علاقات ووظائف العناصر النصية سواء أكان ذلك في مجال الخطاب المدني أم القروي . يتميز خطاب المساهمين من أهل المدن بالقوة ، والتنوع ، والإكثار من (( الزينة اللغوية )) ، في حين يتسم خطاب المساهمين من أهل القرى بالبساطة ، والاقتصاد اللغوي . تتنوع السياقات والموضوعات داخل الخطاب المدني نظرا لتنوع مظاهر الحياة وترفها وزينتها .
والحقيقة أن مظاهر الخطاب العربي المدني والقروي قد تصاب بالبلى والهرم ، إذا لم يتم تجديدها وتوسيعها بكل إنتاج وظيفي استشرافي . إن تأصيل (( العادة اللسانية النصية )) الحيوية المتنامية عن طريق التطوير والعمل الجيد يخلق نصوصا متنوعة تساير روح العصر وأغراض المساهمين ، أما التفريط في هذه العادة المقيمة فإنه سيؤدي إلى ضعف العوامل المساهمة ، ويفقد النسق أصالته و(( أصوليته )) ويخرجه عن المعهود في العمل النصي ، كما أنه ينشر الخواء الفكري والتقوقع وضعف القصد ( 5 ) .
يتم بناء النصوص وسبكها cohesion التركيبي وحبكها coherence الدلالي من خلال استمرار وصلابة عمل (( العادة اللسانية )) المقيمة التي تكون مألوفة ومرنة ، أما الخروج عنها فإنه يشيع (( الوهن )) النصي والانحراف . تتميز هذه (( العادة اللسانية )) بالخصائص التالية :
أ _ الاعتماد على نسق لساني محدد ، ومقعد دون التلون المتعدد والتداخل اللغوي المفرط في الزلل والفساد .
ب _ الاهتمام بمسارات واضحة في الإبداع ، والتقنين والانجاز دون غيرها.
ت _ التدرج في التجويد النصي والثراء اللساني وعدم الانقطاع عن المراجعة والتقويم .
ث _ الاعتماد على الاقتصاد اللغوي المفيد .
ج _ التركيز على السمات الشخصية النفسية ، والعقلية ، والفكرية .
_ حضور / غياب ضوابط لسانيات النص في الثقافة العربية .
يمكن رصد بعض ضوابط حضور لسانيات النص في الثقافة العربية من خلال الأسس البسيطة والواضحة التي تعتمد على الانتماء الثقافي الذي يوجهها ويقوي سلطانها بالإضافة إلى أنه يعد شعارها الأسمى . تمتزج هذه اللسانيات أحيانا في الثقافة العربية بالخطاب الديني ، وهذا ما يجعلها تبتعد عن رصد تداخل وازدواجية الخطابات السياسية ، والاقتصادية ، والعسكرية ، والمالية ، وفهم تياراتها ومدارسها المختلفة المعاصرة ( 6 ) . تعتمد هذه اللسانيات في منطلقها على انتماء ثقافي مرن واجتماعي واتصالي مرصوص ، ثم تصير بعد عملية الترسيخ قوية ، فتتفرد بخصائص ومكونات وعناصر متطورة ، ومتنامية .
تتطور لسانيات النص مثل سائر العلوم عن طريق الممارسة ، والمثاقفة ، والتداخل المنظم ، والتناص أو التجاذب gravitation، والمراجعة والتقويم من أجل توطيد وتكامل مكوناتها وعناصرها بكل علاقاتها ووظائفها . تتغير القوانين تبعا لطبيعة النصوص ، والعمل ، والسياقات الداخلية والخارجية . قد تتوزع القوانين العامة وتتفرع ، فتظهر فيها بعض الخصوصيات المتعلقة (( بأنحاء )) النصوص والمتلقين . يظهر ذلك على مراحل تراتبية ، ومتعاقبة :
أ _ التنوع ، والتنازع في العمل والإضمار والمعاملة الضرورية المرتبطة بالسياق الفعلي .
ب _ التمييز بين الأمور الخاصة والعامة .
ت _ الاتصال والتماسك بين النصوص والمتلقين .
قد تصاب لسانيات النص والثقافة عموما بالتعطيل أو (( إخصاء )) معاني ومقاصد الخطابات المتنوعة ، ونكران عمل المتلقين بسبب شيوع بعض النظريات الدخيلة والمتحذلقة والمترفة ، أو انتشار تجريدات متفرقة ، وغلو بعض المفكرين والمنظرين الذين تتنوع عقلياتهم ونزعاتهم وأهدافهم ( 7 ) . يتم ذلك من خلال:
1 _ سيطرة بعض النصوص والتفسيرات التي تعطل المعاني ومشاركة الآخرين.
2 _ إقصاء تعدد الأصوات ، والتلقي ، وشيوع التباعد والتنافر بين المكونات والعناصر الداخلية والخارجية .
3 _ شيوع اللحن والانزياح عن (( نحو النص )) text grammar ودور المتلقين.
لا تهتم بعض النصوص في هذا المستوى بتطوير وتفعيل خصائصها الجمالية ، والفكرية ، وتفسيرات المتلقين الشخصية ، بل تسعى لخلق (( البدعة المحدثة )) التي تبعد العمل عن جوهر الفكر المعروض وتطويره أو المساهمة في الانتماء الثقافي المتين ، وهو ما يقلص الأعمال والتداخلات المتنوعة ، ويكثر من التقسيمات والفروع النظرية المتعارضة .
لا يتم تحقيق هذه الوظائف العملية إلا بتحالف المساهمين وتفاعلهم الذي يحقق التماسك وينجز الأغراض الضرورية بدقة . يتنوع هذا التعامل على مستوى التراكيب ، والدلالات ، والمقامات ، فتتعدد الإحالات والاستبدالات للمواقع والسلطات ، وتغيب بعض الصيغ والعبارات لتحل محلها أخرى جديدة أكثر ملاءمة ودلالة واستشرافا ، وهو ما يفرض سيطرة نسق الانتماء الثقافي المشكل لكل هذه العوامل البانية .
يعد اشتغال النصوص الثقافية المتنوعة جوهريا ومقدسا في حياة الإنسان ، لأنها تخلق السعي الحثيث نحو التعمير ، والحركة ، والتداول ، والتفاعل ، والتنمية بالاعتماد على نسق الانتماء الثقافي الموجه الذي قد يكون مختلفا ، ومتفاوتا ، لأنه يخلق سلطات نصية تتحكم أو تتغلب على نصوص أخرى تنتمي للأجناس والنماذج نفسها . قد لا يخلق نسق الانتماء الثقافي نصوصا قوية ، لأن هذا الخلق لا يتم من خلال توظيف العناصر والعوامل القوية التي تتحكم في التراكيب ، والدلالات ، والمقامات ، المتداخلة ثقافيا مع بنى وصيغ أخرى . إن أي تقصير في التعامل مع نسق الانتماء الثقافي يخلق نصوصا ضعيفة ومفككة ، مما يقلل من انتشارها وعلو شأنها ، فتصبح مجرد نصوص فرعية تركز كثيرا على جهة ثقافية تكون معزولة عن غيرها ، وتنعت (( بالنصوص المعزولة )) .
لا يركز المتلقون للنصوص العربية كثيرا على طرائق تعمير دوالها ، وجمالها الشكلي ، وحسن عباراتها ، وكثرة المعلومات ، والمعارف التي تقدمها ، أو روعة كتابتها وجودة إلقائها ، أو قلة تنظيمها الفكري ، وإنما يركزون بالأحرى على الإضافات التي تقدمها إليهم ، وقوة الاشتغال ، والجمال الذي يخدم أغراضهم المختلفة .
يتجلى حسن اشتغال النصوص وجودتها من خلال خدمة مصالح المساهمين والمتلقين ، وهذا ما يجعل منها نصوصا حقيقية ؛ لأنها تحقق أغراضهم ، وتساير مشاعرهم وأفكارهم ومداركهم وقضاياهم ، فيندفعون إلى معانقتها بكل بشغف وولاء حميم .
يعايش هؤلاء المساهمون والمتلقون للنصوص الثقافية بكل قضاياها المتناغمة التي يتم عرضها بالاعتماد على صور ذهنية تناسب طاقاتهم ونفوذهم ومقاصدهم . تتحرك هذه النصوص الثقافية بين الناس بالاعتماد على عدة أسس ومبادئ مترابطة ، لكن نقيضها يزرع التفكك والفناء .
تخلق الدقة المفرطة في اتباع سنن الدوال والمدلولات النصية بعض الانحرافات والمغالاة والغموض ، وهو ما يفسد مسارها العام على مستوى الإبداع ، والتقنين ، والإنجاز . لذلك ، فإن النصوص الثقافية المتنوعة تختلف فيما يخص ضبط وتسيير هذه السنن والقواعد ، وإذاعتها بين الناس . يرتكز هذا التوجه على علامات بارزة :
أ _ تذبذب حقيقة بعض النصوص الثقافية من حيث استمرارية اشتغالها اللساني وصيانة نسقها الخاص وخلافتها النصية الدائمة في الكون .
ب _ غياب العقل الاتفاقي / الجمعي المنظم لحياة النصوص وتعميرها أو ديناميتها حسب الأغراض المتنوعة .
ج _ انعدام الاعتدال بين الدوال والمدلولات النصية .
تتجلى شروط اشتغال النصوص الثقافية بشكل متماسك على مستوى التراكيب ، والدلالات ، والمقاصد العملية عند توفر :
1 _ الاعتدال بين الدوال والسياقات والمقاصد المرصوصة .
2 _ التفاعل بين المدلولات الفكرية الجيدة .
3 _ التحديد المنهجي للموضوع .
4 _ سلامة ، ووجاهة الملفوظات .
5 _ نسق الانتماء الثقافي الحسن والهادف .
تسلك عدة مدارس ونظريات ومذاهب وتيارات وآراء خاصة اتجاهات متضاربة أو متكررة ، وربما سطحية تغشاها مغالطات ومغالاة ، وانتماءات فكرية كثيرة بالنسبة لتعريف مفهوم (( النص )) وتحديد عناصره ، واشتغاله ، ومقاصده ، ومقاماته . يمكن ترتيب هذه الاتجاهات تاريخيا كما يلي :
أ _ الشكلانية.
ب _ البنيوية.
ت _ التوليدية .
ث _ التداولية .
ج _ التأويلية .
ح _ التفكيكية .
خ _ النصية .
تقوم النصوص الثقافية المتنوعة بتحديد عناصرها ، وإبراز عمل المساهمين ، ومختلف العوامل المقامية التي يكون بعضها رئيسيا ، وبعضها الآخر ثانويا أو تابعا . قد يطغى على بعضها التقليد ، والمظاهر الشكلية ، أو الرفض ، والتداخل ، والانحرافات ، والتشتت ، والوصف المفرط للخصوصيات المستهلكة ، والمفاضلات بين العناصر ...
ورغم ذلك ، فإن هذه النصوص تمثل القصد الطبيعي والغاية التامة بالنسبة لنسق الانتماء الثقافي الذي يجسد الصراعات المختلفة في الحياة ، حيث إن الخطابات الثقافية المتنوعة التي يستعملها المتلقون تقوم على هذا النسق ، ولا يمكن (( لدورة حياتها )) وتعميرها أن يستمرا دون وجوده الفعال .
يعد هذا النسق الثقافي ضروريا بالنسبة لحياة النصوص المتنوعة وتعميرها المستمر . يتجلى ذلك من خلال :
أ _ اكتمال اشتغال النصوص حسب ثقافة معينة ومدارك المساهمين ، وتطبيقهم لقوانينها وضوابطها .
ب _ ارتباط الخطاب بنسق الانتماء الثقافي المتحول باعتباره المطية لتحقيق النتائج .
ج _ دفاع المساهمين عن النصوص الثقافية المتنوعة وإتباع نسقها اللساني ، وابتعادهم عن الغموض في التراكيب والدلالات والمقامات .
د _ اعتماد المقاصد النصية على القول المقبول المترابط والمقتصد .
ه _ الابتعاد عن الفردية ، وعدم التفريط في قوانين النسق اللساني الموظف .
ي _ الإحاطة والمراجعة والتقويم المستمر للنصوص الثقافية المتنوعة .
تتماسك العناصر النصية وتتضافر من أجل العمل المشترك ، حيث تسلم لبعضها أمر النظر في (( الشأن النصي )) برمته ، لذلك تظهر ريادة بعضها وتبعية أخرى بغية تحقيق اشتغال قويم ودائم بالنسبة للنسق اللساني .
تمنح هذه الريادة أو التبعية المبررة النصوص المتنوعة مشروعيتها وتحقق لها مقاصد عميمة تجعلها سليمة على مستوى الدوال والمدلولات ، فيتم الإجماع عليها والتفويض ، والاصطفاء ، والامتثال ، والاجتهاد ، والعمر الطويل .
يتفق المساهمون في إنتاج النصوص الثقافية المتنوعة على تعمير نظامها التركيبي والدلالي والتداولي ، وهو ما يمنح هذا الاتفاق المتبع حجة قوية ومشروعية كبيرة عند الاستعمال والاشتغال والعيش الطويل ، كما أنه يدفع إلى مراجعتها وتقويمها باستمرار من أجل التطوير أو التغيير والتنمية . يتم إيثار بعض العناصر النصية على غيرها أثناء الإبداع ، والتقنين ، والإنجاز نظرا لقوة ملاءمتها ، وعمق عطائها ، وتأثيرها أثناء التداول ، والسياق العام . يسعى هذا العمل إلى تحري الدقة ، ومراعاة المناسبة اللغوية ، الثقافية ، الاجتماعية للتقليل من شأن الاختلافات ، والتجاوزات ، والضعف اللساني على مستوى التركيب ، والدلالة ، والمقام . لذلك ، فإن النصوص التي تحمل هذه السمات تعرف بالنصوص (( المعتدلة )) ، الحسنة الخصائص الجمالية ، والفكرية ، البعيدة النظر ، والتصورات . يؤثر الناس هذه النصوص الثقافية على غيرها ، ويتبعون سننها نظرا لبساطتها ، ودقتها ، وفعاليتها .
يتنوع إنتاج النصوص الثقافية تبعا لأغراض وقضايا المساهمين ، ونفسياتهم ، وثقافتهم . تتكفل العناصر النصية بتحديد وبلورة هذه الأغراض والقضايا بصور مختلفة تبعا لمسارات الإبداع ، والتقنين ، والإنجاز . يخلق ضعف هذه العناصر والمسارات (( وازعا نصيا )) جديدا بالنسبة للنسق القوي والانتماء الثقافي المسيطر الذي يرتضيه الناس والمجتمع ، وهو ما يقصي أمر الضعف واللحن اللسانيين ، والفرقة بين المساهمين والعناصر المشكلة ، ويقلل من شأن الاختلافات .
يختلف بناء النصوص الثقافية حسب الأزمنة ، وعقليات المساهمين ومداركهم وأغراضهم التداولية ، وهو ما يجعلها تتنوع تبعا للسياقات وظروف الإنتاج الزمكانية ، وتعدد العوامل المشاركة في التعمير ، وبروز سمات نسق الانتماء الثقافي ، والمآرب الخاصة ، ونماذج التقويم ، والقوانين الاتفاقية المعمول بها عند الجماعة.
يتضح من خلال ما سبق أن لسانيات النص تهدف إلى حفظ وتطوير وتنمية النصوص التراثية الحضارية بتوظيف طرائق جديدة تهتم بعمليات الاتصال الثقافي ، الشامل ، الشائع في المجتمعات المعاصرة والساعي إلى (( توليد )) ، وتربية (( أجيال ثقافية )) ، تنافسية ، استشرافية تستفز المعارف التداولية المختلفة وتخلخلها وتشغلها على الوجه الصحيح ، المتحضر ، المتأنق . يتطلب هذا العمل تحسين (( القصد الثقافي )) بالنسبة للمجتمعات الإنسانية الحالية ، والنأي عن فلسفة (( العبث واللامعقول )) ، والتطرف ، والإرهاب ، أو الطغيان الثقافي التفكيكي الذي (( يخصي )) معاني النصوص أو يعطلها .
تحتاج بعض النصوص الثقافية العربية المعاصرة إلى ضبط الجانب المنطقي والموضوعي عن طريق :
1 _ الابتعاد عن السطحية والهرطقة والفتنة والتفكك والاستلاب اللساني ، والثقافي .
2 _ التخلي عن فرض (( الوصاية )) بالنسبة لبعض الأغراض و الأجناس الفكرية .
3 _ كسر شوكة الاختلافات السطحية وتنمية روح الاجتهاد والخلق .
دور الجانب العلمي والتعليمي في (( تعمير )) النصوص
تشتمل النصوص الثقافية العربية على فكر متميز يحدد خصائصها وطرائق اشتغالها من خلال القياس والسماع ، والتبادل الموسع ، والإحالة المختلفة ، والاتفاق ، والإتباع ، والإبداع ، والاستشراف في إطار نسق لساني معين . يرسخ هذا الفكر الجانب العلمي ويوزع البنى النصية المختلفة تبعا لمدارك المنتجين وطبائعهم ومقاصدهم .
يتطلب الجانب العلمي والتعليمي بالنسبة لأي نص ثقافي وجود كفاية لسانية جامعة للقواعد والخصائص والتقسيمات النصية المتنوعة . تتوفر هذه الكفاية بقوة عند المنتج الضليع الذي يملك طاقات عقلية ونفسية مختلفة تمنحه الرغبة في العلم والتعلم ، مما يكشف عن بعض الاختلافات بين المنتجين عند بناء النصوص الثقافية أو (( تعميرها )) نظرا لاختلاف الاصطلاحات عند وضع التراكيب ، والدلالات ، والمقامات .
يرتبط الجانب العلمي والتعليمي بالنسبة للنصوص الثقافية المتنوعة ببعض الاصطلاحات والعلاقات البارزة :
أ _ ارتباط الاصطلاحات والعلاقات العلمية والتعليمية بالتراكيب المنجزة ، وتماثل صورة العلم عند سائر المنتجين .
ب _ اعتماد توسع العلم ، والتعليم على توسع (( تعمير النصوص )) ، ونقصها يسلك السبيل نفسه .
ج _ تنوع العقل والنقل في النصوص الثقافية ، وكثرة المناظرات والمفاوضات ، وأنواع التعليم الموظف .
د _ تأثير الثقافة / الحضارة في تعمير النصوص وارتباطها بالعقل ، والنفس ، وآداب ، وأنماط العيش ، والحياة .
يتم ترتيب الصيغ النصية بإحكام لكي تعانق نفسيات المنتجين ، كما أيضا يتم قبول صيغ أخرى تستقر في العقل عن طريق الإدراك . تنسج المعارف عدة صيغ وتراكيب بالاعتماد على تعليم مختلف المعجمات كأسماء الحيوانات ، والمواشي ، والطيور ، والأسماك ، والزواحف ، والفلسفة ، وعلم الكلام ، والمعتقدات ، وأنواع السلوك ، والمعاملات الاجتماعية ، وغيرها .
تعتمد النصوص الجيدة على تنوع الجانب العلمي الذي يثري (( تعميرها )) ويطور مستواها الثقافي أو الحضاري . يتنوع هذا الجانب من خلال تجليات الفرع العقلي والنقلي داخل النصوص .
يرتكز تحليل النصوص الثقافية المتنوعة على ضبط عملية التلقي من خلال:
1 _ الإلمام بالنسق اللساني الموظف .
2 _ الإنجاز الدقيق للأساليب ، والمقاصد .
3 _ الموضوعية ، والالتزام ، والاختلاف الصحي .
يتم توظيف عدة مفاهيم ومصطلحات أثناء عملية التلقي لتصبح متداولة وعملية بالنسبة لتأويل النصوص الثقافية المعاصرة ، كما يتم أيضا استخدام عدة تقسيمات وتصنيفات لهذا الغرض من أجل ضبط بعض التنوعات والاختلافات اللسانية ، وسيطرة المظاهر الاتفاقية الخاصة (( بنحو النص )) text grammar ، والتجاذب النصي والتضمين ، وتعدد القراءات والمقاربات ، ومستويات الإبداع والإتباع . تتنوع عملية التلقي حسب تنوع ثقافة المساهمين ومداركهم ومقاصدهم ، وهو ما قد يرفع من قيمة هذه العملية أو يحط من قيمتها . مع العلم أنها تتطلب معرفة جيدة بالتعمير التركيبي ، والدلالي ، والمقامي للنصوص وضبط منابعه وإحالاته ومتونه ، لذلك نجد تفاوتا كبيرا بين المحللين والمفسرين بالنسبة لهذه العملية .
يحتاج تحليل النصوص الثقافية إلى استعمال عملية الترجيح تبعا للوقائع المتجددة والمشابهة ، واستعمال القياس والاستنباط ، والفهم ، والاتفاق ، والاجتهاد ، والمناظرة القويمة ، والمراجعة المتكررة ، والتقويم الجيد ، والقرار السليم .
تعمير النصوص العربية وتغير العناصر والسياقات
في البدء كانت النصوص الثقافية المتنوعة ، إذ ظهرت مدعمة بتعميرها أو ديناميتها المختلفة التي كانت تتنامى وتتطور وتتغير عبر مراحل التاريخ والظروف والمقاصد بناء على تطور وتغير عناصرها وسياقاتها المختلفة .
يبرز (( التعمير النصي الكلي )) عند ميلاد نص معين ، حيث تعقبه مكونات وعناصر (( التعمير النصي الفرعي )) لإتمام سلطة النص الكامل .
يعتمد هذا (( التعمير )) على (( تخطيط نصي )) هادف ، يستند إلى ثقافة معينة يفرضها النسق اللغوي ، والاستقرار الفكري والنفسي والاجتماعي والاقتصادي عند المبدع . يستطيع سائر المتلقين التعامل مع المكونات والعناصر النصية الثقافية بالاعتماد على أبنيتها المختلفة التي تحتاج إلى تضافر جهود المساهمين في الإنتاج وتعاونهم . تفرض هذه النصوص الثقافية على المساهمين اتباع القواعد الاتفاقية العامة بغية تحقيق المقاصد المطلوبة والأهداف المرسومة . لابد من تحديد خصائص العناصر النصية و(( تخطيط النص )) كليا وفرعيا ، لأن وضوح العلاقات والوظائف المعتمدة على السياق يجعل عملية (( التعمير النصي )) فعالة ومنفتحة ، كما أنه يوسع طريقة الاشتغال من خلال هذا التخطيط الذي يؤدي إلى تعدد وتنوع (( المسافات اللغوية )) والفضاء الزمكاني للنص . أما إذا كان (( التعمير النصي )) ضعيف المقولات ، قصير التراكيب والدلالات والسياقات والمقاصد ، فإن النصوص المعنية لا تشتغل جيدا ، وتزول بسرعة وتفنى .
إن فناء النصوص الثقافية يترك وراءه بعض (( الأطراف المتبقية )) أو الجوانب العالقة التي كانت تجاور وتعانق البنى النصية القديمة الفانية ، إذ يتم تضمينها ،أو التجاذب معها ضمن نصوص محدثة ومتغيرة تتجاوز (( السياج النصي )) القديم المتهدم . نسمي هذه النصوص المحدثة (( بالنصوص الممتدة )) ، لأنها تصنع (( الوجود النصي )) الجديد وتحيي (( التعمير النصي )) بشكل متطور . تتغير العناصر والعوامل بدوالها ومدلولاتها ، حيث تسود سياقات مختلفة وعوامل لغوية جديدة تهدف إلى التماسك ، واختيار المقامات الواضحة التي تناسب المنتجين والمتلقين .
يتم ضبط عملية (( تعمير النصوص الممتدة )) بمختلف عناصرها وسياقاتها بناء على مظاهر بارزة :
أ _ ربط النصوص بعناصرها من خلال العلاقات والوظائف .
ب _ اعتماد العناصر الأساسية على نصوص ثقافية كبرى .
ج _ عدم انفراد البنى الكبرى بإنشاء وحدات هذه النصوص الثقافية .
د _ إتباع (( نحو النص )) من أجل طمس اللحن والانزياح عن الاتفاق اللساني العام .
ه _ توفر (( الإمداد النصي )) والدعم الدائم .
_ اختلاف التعمير وتحديد المقاصد .
يتنوع تعمير النصوص الثقافية تبعا لتنوع ثقافة ومدارك ومقاصد المساهمين في إنتاجها ، وهو ما يربط عملية الاشتغال بالمستوى العقلي والنفسي لكل مساهم ، ومدى رسوخ هذين المستويين أثناء الممارسة والإنجاز . تتوقف قوة ودقة هذا التعمير على الكفايات اللسانية النصية التي يتم ترسيخها بالاعتماد على طول العمل واستمراره ، وكثرة التمرن على الإبداع وتهذيبه . تظهر قوة وفعالية هذه النصوص تبعا لنوع أسس التعمير وأساليبه ، وهو ما يؤدي أيضا إلى تنوع وتميز السياقات و(( الكون النصي )) ، وطرائق الإبداع ، والتقنين ، والإنجاز .
يتم تعمير النصوص الثقافية العربية المعاصرة وتحدد مقاصدها بدقة من خلال مراعاة العناصر التالية :
1 _ وجود عملية التوازن والتكامل بين المساهمين وجودة الكفايات اللسانية النصية.
2 _ مراعاة عملية المثاقفة وتكامل النصوص بشكل هادف غير ذي عوج.
3 _ إقصاء المذاهب والاختلاف وكثرة الانزياحات واللغو .
4 _ اعتماد النسق العربي الأصيل وإيثار عمل المساهم بالنسبة لتعمير النصوص وتحديد مقاصدها .
تستفيد لسانيات النص المعاصرة من عدة قضايا وموضوعات قديمة تمت معالجتها عبر مسيرة الثقافة العربية بمنهجيات وطرائق محدودة وظرفية كانت تراعي (( قضية الساعة )) أو (( القطب الثقافي )) المسيطر آنذاك . نجد هذه اللسانيات تعانق بعص الأعمال والقضايا المسيطرة على النحو العربي القديم ، وفقه اللغة العربية وعلومها ، والبلاغة بكل أقسامها ، والأدب القديم والحديث بكل أجناسه ، من خلال اهتمامها بالمتواليات الكبرى وترابطها ، والقصد المتنوع والاتصال الشامل ، والجانب الاتصالي وغيرها ...
يتغير تعمير النصوص وسياقاتها ومقاصدها بتغير الكفايات اللسانية الخاصة بها التي تصطبغ بثقافة المساهمين ، وأعمارهم ، وفضاءاتهم الزمكانية . يتطلب هذا العمل معرفة بالقوانين الضابطة ، والفهم الجيد ، و الذوق الأصيل ، مما قد يجعله يتحقق فعليا عن طريق الممارسة المتأنية ، وتنمية المهارات ، والكفايات الخاصة بهذا العمل .
تختلف قوة وجودة عمل المساهمين في النصوص الثقافية العربية تبعا لاختلاف الأجناس الأدبية التي تؤسسها ، وهو ما يميز كل جنس عن الآخر من خلال أسسه وأساليبه الخاصة ، ومقاصده إذ يتم التركيز دائما على الخصائص الجمالية والفكرية بنسب متفاوتة ، كما أن الكفاية النصية تتطور تبعا لنوع الممارسة وجودة الإبداع والاستمرار والتكرار ، لذلك فإن النصوص الثقافية تختلف عن بعضها من خلال عمليات الإبداع ، والاتباع ، والتقليد ، والتوليد .
يفضل بعض المساهمين إنتاج نصوص محددة تنتمي إلى جنس أدبي معين دون غيره ، ويعزفون عن قبول نصوص أخرى ، مما يفرض (( نزعة التخصص )) عند الإنتاج والتلقي .
الغموض وتشظي المفاهيم وتفجر الدلالات
تنتشر بين طيات بعض النصوص الثقافية المعاصرة آيات متنوعة من الغموض نظرا للبهرجة السطحية وعدم الالتزام (( بنحو النص )) ، وكثرة التناقض ، والتجريد ، والتنظير المترف والمتعجرف ، والتأويلات المغرضة ، وتشظي المصطلحات والمفاهيم الدخيلة أثناء الممارسة النصية ، وتعدد طرائق توظيفها ، مما يفضح ضحالتها وتفككها وتقوقعها .
يتطلب هذا الأمر أثناء الممارسة مراعاة طرائق اشتغال (( نحو النص )) الثقافي المقصود ، وتوليده بشكل متميز على المستوى الجمالي ، والفكري ، والمقامي لإقصاء أي قصور أو جهل بالنسبة لعملية التعمير . لا بد عند توليد النصوص و (( تغذيتها )) أو (( تخصيبها )) من الاهتمام بالجوانب التالية لإقصاء كل أنواع الغموض أو التشظي ، والتفكك ، والتقوقع ( 8 ) :
1 _ تصوير الحقائق ، والمعارف بشكل جيد ، وإثبات عوارضها أو نفيها .
2 _ صقل الأفكار وتصحيحها .
3 _ ربط التراكيب بالدلالات .
4 _ استنباط الموضوعات المتنوعة وضبط عناصرها المكونة .
5 _ توخي الفائدة المشتركة .
6 _ تقويم ، ومراجعة مستمرة للنصوص .
7 _ تقسيم جيد لهذه النصوص واجتناب نواقصها ، ونقائصها .
8 _ اعتماد الأصول ، وتطويرها عند توظيفها داخل كل نص ثقافي جديد.
9 _ استغلال العناصر الضرورية ، واجتناب التكرار ، والاهتمام بالمقام والقصد في النص المعني .
إن كثرة الاختصار الذي يسيطر على بعض النصوص الثقافية يمكن أن يخلَّ بالجوانب الإبداعية والعلمية والتعليمية ، مما يفسد الإنجاز ويطمس المقاصد ، وينشر الغموض والسطحية على مستوى الدوال والمدلولات . يصعب على نصوص ثقافية من هذا القبيل أن تقدم فائدة تعليمية متماسكة الجوانب بالنسبة للمتلقي ، إذ يسود الخلط أثناء التعامل معها ، فتتعقد الأمور نظرا للاختزال أو الغموض في الأقوال البانية ، كما يقل الفهم وتتداخل المعاني ، وهذا قد يخلف عواقب وخيمة على عقل المتلقي .
تتميز هذه النصوص الثقافية بالسمات التالية :
أ _ كثرة التكرار .
ب _ ضعف الملكة وضيقها .
ج _ تفشي نزعة الحفظ .
د _ شيوع التعقيدات والصعوبات .
ه _ قلة تحصيل المعرفة المفيدة وعدم ترسيخها .
و _ انتشار اللحن والزلل .
المراجع
1 _ حافظ اسماعيلي ، اللسانيات في الثقافة العربية المعاصرة ، دار الكتاب الجديد المتحدة ، 2009 ، ص 87 ، وما بعدها .
2 _ محمد الأخضر الصبيحي ، مدخل إلى علم النص ومجالات تطبيقه ، الدار العربية للعلوم ، منشورات الاختلاف ، 2008 ، ص 115 .
3 _ صلاح فضل ، بلاغة الخطاب وعلم النص ، سلسلة عالم المعرفة ، العدد 164 ، الكويت ، 1992 ، ص . 109
4 _ آدم كوبر ، الثقافة ، التفسير الأنثروبولوجي ، ترجمة ليلى الموسوي ، سلسلة عالم المعرفة ، العدد 349 ، الكويت 2008 ، ص 66 ، وما بعدها .
5 _ ج . براون . ج . يول ، تحليل الخطاب ، ترجمة محمد الزليطني ، منير التريكي ، نشر جامعة الملك سعود ، الرياض 1997 ، ص 256 .
6 _ جوليا كريستيفا ، علم النص ، ترجمة فريد الزاهي ، دار توبقال ، ط 1 ، 1991 ، ص 56 ، وما بعدها .
7 _ روبرت دي بوجراند ، النص والخطاب ، ترجمة تمام حسان ، عالم الكتب ، ط 1 ، 1998 ، ص 89 .
8 _ نشرنا باكورة مشروعنا اللساني بجريدة العلم الثقافي ، والاتحاد الاشتراكي ، وأنوال ، وكان المثقفون الأنداد ورفاق الدرب ، الشهداء على هذه المناظرات والحوارات هم : عبد الجبار السحيمي ، مصطفى غلفان ، عبد الغني أبو العزم ، نجاة المريني ، الطايع الحداوي ، عبد الرحيم جيران ، إدريس الناقوري ، محمد الوالي ، محمد العلمي ، العياشي أبو الشتاء ، محمد غرناط ، وغيرهم من المساهمين في المشهد الثقافي المغربي ساعتئذ بكليات الآداب والعلوم الإنسانية ( عين الشق ، ابن امسيك سيدي عثمان ، المحمدية ، الرباط ، مراكش ...) . ينظر في هذا الصدد أيضا جريدة العلم الثقافي ، السبت 9 يناير ، 1985 ، العدد 728 . السنة 15 . وكذلك بعض أعمالنا المتخصصة بمجلة ( الرافد ) بحكومة الشارقة ، ومجلة ( نزوى ) بسلطنة عمان ، ومجلة ( الآداب ) بلبنان ، ومجلة ( العربي ) بالكويت ، ومجلة ( علامات ) بالسعودية ، وصحيفة اتحاد كتاب العرب بدمشق ( الأسبوع الأدبي ) ومجلتيه المتخصصتين ( الموقف الأدبي ، التراث العربي ) ، ومجلة ( طنجة الأدبية ) ، وبعض المجلات والصحف الليبية ، والمواقع الالكترونية.