يفسح״ ميشيل״ كلبه ״ البيرجي ״ على رصيف الشارع الرئيسي . ودون سابق إنذار يرفع الكلب إحدى رجليه .
شرْ رْ رْ رْ !! ينساب الماء بين قدمي نصب الزعيم٬٬ يفيق الرئيس مذعورا يظن أن الأمر يتعلق بمحاولة للإطاحة بعرشه٬
يركل الكلب ..إبن الكلب ..تطوح الركلة ب״ المجحوم״ عاليا !..عاليا !.. تتلقفه أحضان الإسفلت ..لكن بدون برد ولا سلام .
يحاول أن يحتج ٬ يطالعه وجه الرئيس غاضبا٬ يغص حلقه بالنباح كما غصت حلوق ملايين رعايا الرئيس بالإحتجاج في حياته .
يعود الزعيم إلى وقفته المهيبة ممتشقا سيفه الملطخ بدماء أبرياء شعبه .
العابرون في الشارع الرئيسي- الذي هو بإسم الرئيس- يمشون مطرقين ٬ غير آبهين بما يفعله كلب״ ميشيل״ في الشارع
الرئيسي ٬ يستغرقهم التفكير في كيفية تحصيل المواد الأساسية في ظل إرتفاع أثمنتها . لكن في آخر الشارع ينتصب
المختار״ لقرع ״ بائع النقانق خلف عربته ٬لا تبدو منه إلا رأسه المليئة بالمقالب ...يحك فروتها تتطاير القشرة منها ٬يتابع المختار
كلب ״ المسيو ميشيل ״ الذي يمر أمام عربته مجرورا من طرف صاحبه . يخرج المختار عن صمته حينما يتجاوزه الكلب
وصاحبه ״ آه ! الكلب أكبر من مولاه!! ״ .
نادرة هي الحالات التي ترى فيها ״ إميليا " إبنة ميشيل بصحبة كلب والدها ٬ فهي لا تزور والدها إلا في صيف كل سنة . يقال
أنها تقيم في العاصمة الفرنسية هي ووالدتها المطلقة من" ميشيل ״ ٬ بينما يقيم ميشيل مغتربا في هذه المدينة ٬ يفسح كلبه على
رصيف الشارع الرئيسي ثم يعود ليراود خادمته" فاطمة ״عن نفسها . هكذا يقولون في هذه المدينة٬ والله أعلم بما يفعله هذا الرومي
حين يغلق خلفه باب" فيلاه ״ الموجودة في حي راق في العاصمة ٬ حي ٬لا يسكنه إلا الأعيان ويقول سكان الأحياء الشعبية عن
زوجات هؤلاء الأعيان٬ أشياء قبيحة ٬ لكن ألسنة الناس في هذه المدينة أطول من أذر عهم .
تمر إميليا برصيف مقهى ״ VUE BELLE LA " نهداها يقفزان كأرنبين تحت قميصها البرتقالي ..يوصي" مسعود ״٬
جرسون المقهى خيراً بفنجان قهوته ..نص ..نص ٬التي إعتاد أن يطلبها كل مساء ليدفع بها״ هم هذا العالم״ كما يقول .
يهش״ الرداد״ الذباب عن الفنجان إن وجد وقتا لذلك أو يدفع عنه المجانين الذين يقتحمون المقهى فجأة فيفرغون
محتويات الفناجين التي غفل عنها أصحابها ٬ في حلوقهم .... يقتفي مسعود أثر״ إميليا " ״رجله على رجلها" كما يقولون يلتهم
ردفيها بعينيه ٬ يأخده الحنين إلى جسد إمرأة ٬ يرشق״ إميليا " بكلمات فاجرة ٬ يظنها إطراء لإكتناز ردفيها . تصرخ في وجهه .
salaud ; fils de pute !!
يعود ״مسعود " بعد أن ييأس من ملاحقة ״إميليا " .. يستقبله علال - عامل متقاعد – خمسيني٬ لكن بنيته قوية ٬ صلب كجدار برلين
يحافظ على سواد شعره بالصباغة . ينخرط مسعود وعلال في حل الكلمات المتقاطعة ٬ لا يحكي مسعود لعلال عن مغامراته مع ״إميليا״
عندما ينتهيان من حل الكلمات المتقاطعة ٬ ينخرطان في شتم الحكومة ٬ ينال كل وزير نصيبه من السب ٬ يمنيان نفسيهما بالهجرة خارج الوطن
ولو على ظهر قوارب الموت .
المختار الأقرع حذر مسعوداً غيرما مرة من الهجرة خارج الوطن .
- الخذمة ٬ موجودة هنا في البلاد ! غير اللي كان فنيان و خاري !! هكذا خاطب المختار مسعوداً ليثنيه عن الهجرة خارج الوطن .
المختار لم يكن فنيانا ٬ فقد " دبر على نفسه ״ كما يزعم مسعود .
حين فكر مسعود في كتابة قصة ״إميليا ذات العينين البحريتين والفم الكرزي ״ كانت إميليا قد إختفت ولم تزر والدها ذلك الصيف .
كتب مسعود‹‹صيف هذا السنة ٬ قاس وجارح . لقد إختفت إميليا ٬ ولم تزر والدها...كما أن والدها أصبح يذرع الشارع
الرئيسي وحيدا بدون كلبه ٬ يبدو من إشاراته أنه يكلم شخصاً لا وجود له ..المختار لم يكف عن حك فروة رأسه ٬ إلا أنه كفَ عن الشكوى
من غلاء أثمنة السلعة – السلعة غاليا - يبدو أنه وضع يديه على" البيرجي ״ بمساعدة فاطمة خادمة ميشيل . هذا ما يروجونه في هذه المدينة ٬
إلا أن البعض ينفي أن يكون للمختار وفاطمة يد في إختفاء" المجحوم ״ ويزعم هؤلاء أن إختفاء البيرجي لم يخرج عن دائرة رجال الزعيم
الدين دبروا إختطافه واغتياله لأنه شرشر على قدمي الزعيم ›› .
بوتالوحت أحماد – المغرب -