مازلت أذكر أني كنت أمشي ، حافية الحروف، يضيق صدري، تنتفخ أوردتي
و المعنى في زقاق الليل يغيب. ملثمة هي جروحي تتبرج كل غسق تشعل شموع الانتظار، الانتصار، تتعالى بصمتها ترسم امرأة تطرز أحلامها البكر على منديل الفرح، تعد بأصابعها أرقاما ، تغيب في بياض الحرير، تطل ابتسامة خجولة تبوح بكل ما لم تقله.
هكذا غردت بلابل العمر و حلقت تقطف ثمارا تبدو في غير نضوجها.
و تطل امرأة أخرى ملثمة بصروف الدهر، تحرك ذراعيها في الهواء.مرة تبدو هادئة و مرة تثور كبركان كان راكدا ثم استفاق. يجيء المساء، تلتف النسوة حول حناء الفرح تزغرد إحداهن لميلاد حياة.و يذرف البدر أولى زخاته ، رقص و غناء و فرح و حزن يتعانقن لحظتها في صورة سريالية تغيب فيها الوجوه و يحضر الفرح و الحزن.
أقبل الفجر متهاديا كسكير طوح به نبيذ الحانة الرخيص ، يعانق بياضها و يغيب وسط الحشود.
وحده المنديل الأبيض المطرز يعرف نهايته، وحدها النجوم تكتم صوت صراخها.
يطل الصباح و تطل النسوة خدود محمرة و عيون منتفخة تحكي كيف كان الليل طويلا .
و يأتي المنديل الأبيض المطرز يحمل بشارة الانتظار زغاريد تفتح أشرعة الصباح و أسارير تنطلق نحو الشمس تغسل سهر الليل و ترقب الإصباح
مثقلة بجروحها قامت تمشي تخط الخطوة الأولى ..الثانية لم تكن تدري
جسدها المنهك قد وشم مدى الدهر أنه ذات فرح غزاها فارس لا يجيد سوى لغة القتل .