فركت عيني عدة مرات لكي أتأكد من الأمر! لقد تسربت قصصي على شبكة الأنترنت قبل موعد صدورها بأسبوع ! كما تناقلتها مواقع التباعد الاجتماعي بكثافة !...غريب ؟ منذ متى و هناك مهتمون بقصصي ؟ فكرت مليا في هذا الموضوع و قررت الخروج من المنزل و الذهاب للمطبعة لأبحث عن سبب التسريبات. لم أبتعد عن منزلي كثيرا حتى أوقفني شاب في مقتبل العمر سائلا: هل أنت الكاتب توفيق أبو النجاح ؟ فأجبته باستغراب: أجل ، فأمطرني بعد ذلك بوابل من عبارات الإعجاب و المدح ، لم أصدق نفسي في تلك اللحظة. فرغم أنني أصدرت عدة كتب إلا أنني أعلم أن القليل فقط من يقرأها. و لأول مرة يحدث هذا الأمر العجيب معي.
و لم أكد أستيقظ من هذه الصدمة حتى رنّ هاتفي ! و إذا به صديقي محسن يعلمني بخبر غريب! فقد قال لي أن مبيعات كتابي قد وصلت لمليون نسخة ! وتساءلت في داخلي مجددا: كل هؤلاء المهتمين بما أكتب ؟ ! رغم أنه عند صدور الكتاب قبل شهر بيعت منه نسخة واحدة فقط في اليوم الأول و تمت إعادتها في اليوم الموالي !
يبدو أن الكل أصبح يقرأ في هذه البلاد، لقد أصبح لكتاباتي جمهور عريض بعد أن كنت أحلم بقارئ واحد فقط. لا أصدق هذا الأمر !تكاد الدموع أن تنزل من عيني ! و أشعر بأنني أريد أن أقفز فرحا في هذا الفضاء الواسع. لا بد أنه حلم... لا يمكن أن يحدث هذا !لا أخفيكم سرا أنني جربت أن أحلم بهذه الأحلام عند النوم لكنني لم أفلح أبدا. قرصت نفسي عدة مرات لكي أتأكد أنني لا أحلم ، يبدو أن الأمر حقيقي هذه المرة ... لقد هرمت من أجل هذه اللحظة !ما أحلى أن تعيش هذه التجربة على أرض الواقع !
واصلت المشي، وحاولت أن أسأل بعض الناس حول الموضوع و لكنهم كانوا مشغولين بقراءة كتبهم، حتى إن العديد من المقاهي و المطاعم في الطريق قد اختفت و ظهرت مكانها مجموعة من المكتبات ! وما إن وصلت إلى المطبعة حتى تجمع حولي مجموعة من الناس الفرحين الذين يريدون أخد توقيعي !كما أخذوا يسألونني عن جديدي و اصداراتي. مستحيل ! لقد أصبحت أشهر من المغنيين و الراقصين و الممثلين !
يجب أن أعرف سر هذا التغير في البلاد، ترى ما الذي جعل كل شيء يتغير في ليلة و ضحاها ؟ ! مضيت في الطريق أكثر رغبة في فهم ما يحدث ، حتى فاجأني إعلان كبير معلق في إحدى البنايات ! هل هذا معقول ؟ غذا ستحتفل بلادنا بآخر شخص أمي تعلم القراءة و الكتابة!
توت تووت ... رصيدكم من الخيال لا يكفي لإتمام هذه القصة... المرجو إعادة المحاولة لاحقا !