هذا الصباح استيقظت على غير العادة، بألام قوية في الرأس مع دوخة شديدة مفزعة، كانت غرفة نومي مظلمة، وعندما رفعت يدا ثقيلة لأزيح الغطاء علي لمست شيئا-ماهذا ؟ سألت نفسي باستغراب- هل هذا جسد؟ تحسست الجسم الغريب قربي، بدءا من الرأس حاولت البحث عن ملامح وجه ما . اما الشعر فكان قصيرا مربوطا بغير هدى، نزلت يدي بوجل الى الرقبة هذه سلسلة يجتمع طرفاها بخرص صغير. فركت عيني لارى ولكن بدون جدوى، لم أرد أن أستمر في مغامرة التحسس هاته، لكنني كنت مضطرا، من الظهر العريض وصولا الى ... لا يعقل هل هذا جسد امرأة؟ وماذا تفعل امرأة في غرفة نومي؟ لم تدخل امرأة غرفة نومي منذ اتفقنا انا و"العالية" على ان نكون لبعضنا البعض ودائما، و ماذا سيحصل لو علمت ''العالية'' ان بغرفة نومي امرأة أخرى سواها؟ ستقتلني.. أنا اتذكر كلامها يوم قالت لي بهدوء ونحن نجتمع حول طاولة في مقهى داخل هذا "الفيلاج" الصغير.
- اذا خنتني سأقلتك وبعد ذلك نفترق .
العالية لا منطق لها، أعرف كل الميتات المحتملة على يدها، ستتسمر لي في ناصية الشارع وتطلق علي النار من ''الخماسية'' التي يملك والدها، والتي يستعملها أحيانا لطرد "الحلوف" من الحقول الشاسعة التي يملكها، تخيلت نفسي وانا أطلق صرختي الاخيرة فتخرج مكتومة أشبه بحشرجة خنزير-العالية أنا مظلوم- ستعانقني وتقول هي أيضا - انا مظلومة مثلك- وانا حذرتك- اذا خنتني سأقتلك- ولكنني لا أعرف هذه المرأة . يا العالية لا تتسرعي، في النهاية سأحاول ان أتفادى رصاصتك فالرصاصة قد تصيب وقد لا تصيب ،قد تتذاكى العالية و تستدعيني بعد ثلاثة أيام من علمها بالخبر وتدس لي السم في فنجان قهوتي، بعد ان ترسلني لجلب ''الحرشة'' من البقال القريب، قد أموت بعد أربعة أيام بعد أن ألتقي الكثير من الناس، حتى يلتبس موتي على المحققين حيث لن تكون هي في موضع الشك، ولكن يا العالية انا أعلم بكل خططك ولن أطلب فنجان قهوتي الاعتيادي. قبل أن أسألك اذا ما كنت تريدين '' الحرشة" مدهونة بالسمن البلدي أولا. ولكن ماذا لو قررت العالية ان تقتلني بعد أن نكون قد مارسنا الحب معا، هكذا بكل بساطة بعد ان يكون الجسد قد أعطى وأخذ، تنتظر نومي ليصبح عميقا وتضع الوسادة على وجهي وتخنقني, العالية فلاحة ويداها قويتان. ولكن تذكري يا العالية سأصمد. رئتاي قويتان وسأصمد ولكن لم التسرع يا العالية ؟ ماذاستخسرين لو سألتني وقلت لك أنني لا أعرف هاته المرأة التي يتمدد جسدها قربي الان .كان كابوسي قد أصبح حقيقيا، أنزلت قدماي المرتجفتان من السرير واتجهت نحو كابس الضوء، جائني الشعاع قويا نظرت مباشرة الى السرير، كانت أمرأة تشبه العالية بجسد جميل ممتلئ وعلى طول الكتف وشم لعروسة بحر بألوان حمراء وزرقاء. كان شعرها قصيرا مثيرا،أحسست بالرهبة هل هي ميتة أم على قيد الحياة؟ من هي هذه المرأة؟ ومن اتى بها الى غرفة نومي؟ كانت المسافة بيني وبين جسد الغريبة شاقة ورهيبة، اتجهت نحوها، وضعت يدي على كتفها وهززتها بقوة
-هيه
تحرك الجسد ببطء وتثاقل، نظرت نحوي - وأحسست بالذهول وقلت بدهشة :
-من؟ العالية ؟ كانت هي و كان في ذهني ألف سؤال ، ثم أضفت :
_ العالية متى وصلت؟ وماذا فعلت بنفسك وشعرك و ما هذا الوشم ؟
أطلقت ابتسامة عريضة وقالت :
-لم أفعل شيئا قصصت شعري الطويل على سبيل التغيير ووضعت رسما على جسدي، لا تقلق انه ليس وشما. وسأزيله الان. هل زالت الحرارة من على جسدك ؟
-أية حرارة ؟
- البارحة اتصلت بي وكنت تهذي، وعندما وصلت كانت حرارتك مرتفعة جدا. قلقت عليك.
تحسست جبهتي كانت حرارتي عادية و أجبتها :
-انا بخير
نظرت الى ساعة هاتفها ثم نهضت بسرعة وقالت لي:
جهز نفسك سنذهب اليوم لنساعد أبي في طرد الخنزير من الحقول
لابد أن هواجسي أصبحت حقيقية. ماذا تقولين؟ انا مريض أحس بتوعك . أجابتني بشكل حاسم
- لا تتمارض. - بلعت ريقي وسألتها
- يا العالية هل نطقت بتفاهات أثناء هذياني ليلة أمس ؟
أجابتني:
الكثير ولا شيئ محدد.
رددت عليها بنفس اللهجة:
- هل تعدينني يا العالية ان تتريثي ولا تتسرعي مهما يحدث من سوء تفاهم بيننا؟
لم يبد عليها ان كانت قد فهمت قصدي. نظرت الي من بعيد بطرف عينيها نظرة تساؤل وشك وقالت:
-لم أفهم ؟
- أنا ايضا لم أفهم- و تابعت:
- ماذا سيحدث يا العالية لو وجدت امرأة أخرى في سريري، أمرأة أخرى لا أعرفها؟
- سأطلق عليك النار بدون تردد.
ولكن يا العالية أطلب منك قبل ان تفعلي ان تشعلي الضوء وتهزي جسدها وتتأكدي. لا تبني موقفك من الامر فقط بالتحسس.فقد تكون المرأة الاخرى هي أنت . وماذا سيحدث لو صحوت ذات يوم بوشم جميل وشعر قصير ولم تعرفي نفسك ؟