قبل أن أخلد إلى النوم، كان المذيع يعلن بنبرة صارمة محذرة :
"سيستمر تساقط الثلوج ، وسيبقى الجو شديد البرودة إلى نهاية الأسبوع. "…
في لحظة ما من الليل ، التقطت أذناي صوتا غريبا منبثقا من عمق الظلمة الحالكة...
مكرها، غير مدرك لما يجري، أخرجت جسدي المتعب من السرير، ورحت كالأعمى أتلمس طريقي في الظلام، بحثا عن زر النور...
يقودني الصوت المستغيث بعد أن صرت أتبين طبيعته ومصدره ، كنت أسمع صوت شخص حاصرته الثلوج في الهزيع الأخير من الليل، وأحس ألم من يطلب النجدة بيأس وكأنه موشك على الهلاك...
بالموقد جمرات تنبعث منها بقايا لهب متوهج ،تضفي على المكان والأثات ألوانا بعضها أحمر و بعضها الآخر أرجواني...
جفناي مثقلان من أثر النوم ، كنت أغلقهما مكرها وأتابع سيري نائما ، وأتحرك في فضاء المنزل نحو المدخل بشكل سليم، بحكم العادة...
لامست أصابعي مفتاح الباب ...فتحت عيني جراء البرودة...
رأيت شخصا متقوقعا بالعتبة ، يحاول اتقاء هبات الصقيع قدر ما يستطيع ...تزايد أنينه بمجرد رؤيتي ، وكأنه يعاتبني على تأخري في الاستجابة لاستغاثته ....
فجأة وبدون استئذان قفز مسرعا إلى داخل البيت واقترب من الموقد طلبا للدفء....
قبل إغلاق، الباب تنهدت عميقا وسرت بكل أطرافي قشعريرة لذيذة...
ولسبب ما ألقيت نظرة على كل الأنحاء التي غلفها البياض ...
أضواء مشعة لامعة...
روائح أعشاب عطرية ندية...
سماء رصاصية ثقيلة...
غلاف بلوري يغلف الأشياء والنبات...
وبقدر انبهاري بما رأيت، أحسست بدوار وخدر لطيف، وبجسدي يتهاوى ...
نجوم عمت المكان....
أغمضت عيني أستمتع بدفء السرير ونعومة أغطية تلف جسدي برفق....
أغمضت عيني مرة أخرى يغمرني هدوء لذيذ...
وكأنني أهوي في يم عميق...