أمّ ربيحة التي لا يشقُّ لها في الحارةِ غبار، وقف شعرُ رأسِها، وقلبُها أصابه حريق، أمّ ربيحة التي تحلفُ في الشدائد بالطلاق؛ حملقت في مدخل الزقاق، لا تقدّم، ولا تؤخر، وعقلها صاح من فوق الرؤوس!
- ما الذي ... يحدثُ؟
تدافع المتجمهرون، وهوت أمّ ربيحة؛ لتدقَّ الأٌقدامُ غضاريفها .. ومن تحتهم تسمعَ فرقعة عظامها ..
- ملعون أبوكم!
.. غادرتها الأقدامُ؛ لكنها عاودتها في هرولة رجوع ...
وفي الضجيجِ وصلت أذنيها كلمات: أمسكوه .. بلطفٍ .. يا رجال .. لا تخيفوه .. من يقفل أنبوبة الغاز؟!
قامت، وقعت .. سبّت أبوهم .. وأبا الحارة .. وسبّت اليوم الذي سكنت فيه الزقاق .. غطاءُ شعرِ رأسِها صار في البعيد .. شعرُها الذي لم يره غريب؛ انكشف، بان طبق ليف ..!
عادت الأصوات: أخرجوا الصغار .. قبل كلّ شيءٍ الصغار ..!
من بين الأقدام ظهر لها ثوبُ زهيّة الممزق .. ورجفُ أخوتها جوارها!
صاحت: ابتعدوا يا كلاب .. أريد أن أقوم ..!
لكنّ أم ربيحة غابت .. غابت .. ولم تدرِ كم غابت .. عندما صَحَت؛ كانت ربيحةُ جوارَها .. تفرحُ لانفتاح عينيها، وتباغتها:
- أمسكوه يا أمي!
فتصيح هي مرتعشة: من .. من الذي أمسكوه!
- أبو تحسين طبعا!
- وما به أبو تحسين؟
جنّ يا أمّي .. زهيّة بكت، وهي تشكو فستانها؛ فهجم على أنبوبة الغاز؛ وفتحها ..
وأشاحت ربيحةُ بيدِها:
- يريدُ أن يحرقَ الحارة!