جميلة هي، ذات شعر أسود طويل وعينين عسليتين تلمح بريقهما من بعيد. واقفة على حافة الرصيف طوال اليوم تنظر بشوق لنهاية الشارع.
توقف سائق سيارة الأجرة الصفراء ليسألها:
- أ ليس لديكِ نقود لتستقلِي سيارة أجرة وتغادري إلى وجهتكِ؟ هل أقلّكِ؟
بعزيمة وإصرار أجابته:
-ـ لا، شكرا لك. فأنا أنتظر حبيبي.
أردف السائق:
- لا أظنه سيأتي، منذ بداية دوامي قبل ساعات وأنتِ هنا.
قالت ونبرة الغضب ترافق صوتها:
-ـ لا، سيأتي. كان برفقتي إلى أن اتصلت والدته به لسبب ما وذهب، لكنه حتما سيعود. لن يتأخر أكثر. هو يحبني ويخاف عليّ، هذا دون أن أخبرك عن غيرته الشديدة عليّ. قد وعدني بأن لن يتركني يوماً.
طأطأ السائق رأسه ثم نظر إليها بابتسامة تخفي ملامح الشفقة قائلا:
-ـ عزيزتي، لا تنتظريه واذهبِي. فهو لن يعود.
بعد أن مضى صاحب السيارة في طريقه باحثا عن لقمة عيشه، استغربت الفتاة الجميلة منه وعبارات العتاب تجول في خاطرها:
-ـ "معتوه يظن أن حبيبي تركني. سخيف، طبعاً هو لا يعرف أنه لا ينام دون أن يغفو على صوتي، ولا يبدأ يومه إن لم نحتس القهوة سويا."
استمرت في انتظاره ليوم، ليومين، لأسبوع وبقيت تنتظر عند قارعة الطريق. لم تدرك أن صاحب سيارة الأجرة يعرف ذلك الحبيب أكثر منها.