نامت تتوسده. لم يكن معها لكنه يعيش في مخدتها، ويضع كل يوم زهرا، و نوارا، و نيلوفرا، ونيرولي، و قشور برتقال، ...عطور الشرق ... بخورا......
فتحت درجها، و أخرجت لفائف الرسائل التي وصلتها الأسبوع الماضي، بعد أن وضعت صورتها وعنوانها في ركن التعارف و الصداقة على جريدة اليوم.... كانت الرسائل من كل مكان .الجزائر،...مصر،...قطر،...عمان،......كانت أختها الصغرى تسخر منها . كانت تقول لها أنت من زمن الورق القديم ....ألا زلت تستعملين الرسائل العادية....تنفقين مما يعطيك أبوك الطوابع و الأوراق ....أما تزالين في زمن الحفر بالفؤوس؟....كانت تضحك ولا ترد....كانت تحب أن تكتب على الورق
و تحب القلم....كانت تمضي الساعات الطويلة في كتابة رسالة واحدة إلى أصدقاء كثيرين يحبون التعارف. ظلَّ ساعي البريد يمر كل صباح، وهو يكاد يسقط من الدراجة. كان المنزل في أعلى الهضبة الشمالية للقرية ... كانت تبعد حوالي خمسة أميال عن مركز البريد...كان شابا قويا ، حسن الملمح ،مغرما بتصفيف شعره .... كان لا يتكلم إلا لِمامًا و يده تمر على التصفيف يتعهد زواياه و يسوِّيه.... كانت تراه ينظر إلى المرآة العاكسة ليرى ماذا فعلت الريح بشعره.اعتادت أن تنتظِره كل صباح و تعد له بعض الحلْوى و عصير برتقال .كان يأخذه على عجل .وهو يسلمها الرسائل .كان يصيح في لعب هذه الجزائر ..هذه السودان ..هذه سوريا.. وبلاد أخرى كثيرة لا تعلميها....كان يضحك ثم يمضي.
انتظرت في ذلك الصباح مجيئه .لكنه لم يأت .انتصف النهار ...همت أن تذهب إلى مركز البريد لتتفقده... لكنها لم تكن تستطيع الخروج....كان الغداء على النار و موعد رجوع أبيها من العمل قد اقترب....أحست بانقباض... بدا عليها التوتر وهي تنادي أختها هل شاهدت ساعي البريد يأتي بالرسائل....كانت تعرف الإجابة لكنها كانت تريد أن تتكلم مع أحد....أخذت رسائل البارحة، لكنها لم تستطع أن تقرأها أو تعيد أي حرف فيها ...كانت تحس توترا كبيرا و تحس أن اليوم طويل.
دخلت إلى حجرتها بكت...كانت تحبه وكانت ترسل صورها إلى ركن التعارف في جريدة اليوم لكي يأتي إليها كل يوم ليشرب العصير.كانت تحبه.نامت لتقول له أحبك.لم يكن معها. لكنها كانت تبحث عن اسم يناديه ليها.نامت،...كان إسمه على مخدتها تطريزٌا من خيط مذهب، خاطته بحروف اكتشفتها هي و لا يعرف قراءتها إلا هي.
ذهبت في الصباح الباكر تسأل عن الرسائل في مكتب البريد. كان عم حمادي رئيس المكتب يجلس وراء البلور الفاصل، وهو يصرف المعاشات ويضحك في ابتسامته العادية.اقتربت منه .سألته عن رسائلها فدعاها للانتظار قليلا، ثم دخل غرفة مكتبه ودعاها للحاق به. دخلت إلى مكتبه، كانت تريد أن تسأله عن سامي ساعي البريد .لكنه سبقها .... مد لها لفافة من الرسائل كانت كبيرة ...فجاءتها الكمية....كانت لفافة كبيرة . لكنه قال بصوت خافت .... وجدنا كل هذه الرسائل في درجه الخاص عن طريق الصدفة ....أنا آسف يا صغيرتي ..تحدثت مع أعرافي وصدر أمر بإيقافه عن العمل و تحويله إلى التحقيق. لم تتكلم ....لم تستطع أن تنبس ببنت شفة.أخذتها الغِرة فلم تقل شيئا....أخذت الرسائل ووقعت على وصل الاستلام ....عادت إلى المنزل رمت الرسائل...كانت تريد أن تعرف لماذا خباها عنها ....هل كان يريد أن يطلع عليها ....عادت إلى الرسائل لترى التواريخ،... لكنها لم تكن بعيدة .....لماذا فعل هذا؟ ... .لم تفهم لكنها أرادت أن تقول لرئيس مكتب البريد أنها سامحته،... و أنها لا ترى ضيرا من أن يحتفظ بها عنده .....أرادت أن تكذب أن تقول أنها طلبت منه أن يحتفظ بها....لكنها لم تستطع.... كان رئيس المكتب زوج عمتها.
دخلت إلى حجرتها بكت...كانت تحبه وكانت ترسل صورها إلى ركن التعارف في جريدة اليوم لكي يأتي إليها كل يوم ليشرب العصير....كانت تحبه... زادت اليوم شوقا إليه....نامت تتوسد الرسائل التي أخفاها عنها و تغطيها منه يده الصغيرة التي كانت تتحسسها و هو يعطيها الرسائل وعينه السابحة في لون شعرها... كانت تعرف انه يختلس إليها النظر ... كانت تعرف انه كان يتظاهر بترتيب شعره في المرآة العاكسة لينظر إليها.....نامت يَتخَطَّفها الشوقُ إليه.
حاولت أن تعرف مصيره و أن تستفسر عنه لكن الإجابات. كانت دائما مبهمة ...حتى الساعي الجديد لم يكن يكثر الكلام كان يرجع إلى طريقه كأنه يفر...كان زوج عمتها يقول دائما أنَّه في العاصمة ينتظر اللجنة. توقَّفت عن كتابة الرسائل و لم تعد تضع إسمها في بريد التعارف ...لم تعد تشتري جريدة اليوم....لكنها أرسلت رسالة بعنوان وهمي قالت له فيها أنها تحبه....لم تره منذ ذلك الحين لكنها لم تنسه.
نامت لتقول ،أحبك. و تقلِب قلبها على الشوقْ .نامت. لم تنمْ، و رأت في نومها البحر ورأت حمرة المرجان، وتمنت أن يكون مخدتها....مازالت تنتظر ساعي البريد كل صباح لتقول له صباح الخير وهي تمضي بابنتها الصغيرة إلى البستان، لتقطف زهرة ثم تذروها في ريح الشمال التي كانت تهب بين الفينة و الأخرى في غير انتظام وتنادي ابنتها.
هل رأيت يا سامية كيف تطير الزهور؟
سعيف علي الظريف
دخلت إلى حجرتها بكت...كانت تحبه وكانت ترسل صورها إلى ركن التعارف في جريدة اليوم لكي يأتي إليها كل يوم ليشرب العصير.كانت تحبه.نامت لتقول له أحبك.لم يكن معها. لكنها كانت تبحث عن اسم يناديه ليها.نامت،...كان إسمه على مخدتها تطريزٌا من خيط مذهب، خاطته بحروف اكتشفتها هي و لا يعرف قراءتها إلا هي.
ذهبت في الصباح الباكر تسأل عن الرسائل في مكتب البريد. كان عم حمادي رئيس المكتب يجلس وراء البلور الفاصل، وهو يصرف المعاشات ويضحك في ابتسامته العادية.اقتربت منه .سألته عن رسائلها فدعاها للانتظار قليلا، ثم دخل غرفة مكتبه ودعاها للحاق به. دخلت إلى مكتبه، كانت تريد أن تسأله عن سامي ساعي البريد .لكنه سبقها .... مد لها لفافة من الرسائل كانت كبيرة ...فجاءتها الكمية....كانت لفافة كبيرة . لكنه قال بصوت خافت .... وجدنا كل هذه الرسائل في درجه الخاص عن طريق الصدفة ....أنا آسف يا صغيرتي ..تحدثت مع أعرافي وصدر أمر بإيقافه عن العمل و تحويله إلى التحقيق. لم تتكلم ....لم تستطع أن تنبس ببنت شفة.أخذتها الغِرة فلم تقل شيئا....أخذت الرسائل ووقعت على وصل الاستلام ....عادت إلى المنزل رمت الرسائل...كانت تريد أن تعرف لماذا خباها عنها ....هل كان يريد أن يطلع عليها ....عادت إلى الرسائل لترى التواريخ،... لكنها لم تكن بعيدة .....لماذا فعل هذا؟ ... .لم تفهم لكنها أرادت أن تقول لرئيس مكتب البريد أنها سامحته،... و أنها لا ترى ضيرا من أن يحتفظ بها عنده .....أرادت أن تكذب أن تقول أنها طلبت منه أن يحتفظ بها....لكنها لم تستطع.... كان رئيس المكتب زوج عمتها.
دخلت إلى حجرتها بكت...كانت تحبه وكانت ترسل صورها إلى ركن التعارف في جريدة اليوم لكي يأتي إليها كل يوم ليشرب العصير....كانت تحبه... زادت اليوم شوقا إليه....نامت تتوسد الرسائل التي أخفاها عنها و تغطيها منه يده الصغيرة التي كانت تتحسسها و هو يعطيها الرسائل وعينه السابحة في لون شعرها... كانت تعرف انه يختلس إليها النظر ... كانت تعرف انه كان يتظاهر بترتيب شعره في المرآة العاكسة لينظر إليها.....نامت يَتخَطَّفها الشوقُ إليه.
حاولت أن تعرف مصيره و أن تستفسر عنه لكن الإجابات. كانت دائما مبهمة ...حتى الساعي الجديد لم يكن يكثر الكلام كان يرجع إلى طريقه كأنه يفر...كان زوج عمتها يقول دائما أنَّه في العاصمة ينتظر اللجنة. توقَّفت عن كتابة الرسائل و لم تعد تضع إسمها في بريد التعارف ...لم تعد تشتري جريدة اليوم....لكنها أرسلت رسالة بعنوان وهمي قالت له فيها أنها تحبه....لم تره منذ ذلك الحين لكنها لم تنسه.
نامت لتقول ،أحبك. و تقلِب قلبها على الشوقْ .نامت. لم تنمْ، و رأت في نومها البحر ورأت حمرة المرجان، وتمنت أن يكون مخدتها....مازالت تنتظر ساعي البريد كل صباح لتقول له صباح الخير وهي تمضي بابنتها الصغيرة إلى البستان، لتقطف زهرة ثم تذروها في ريح الشمال التي كانت تهب بين الفينة و الأخرى في غير انتظام وتنادي ابنتها.
هل رأيت يا سامية كيف تطير الزهور؟
سعيف علي الظريف