الكـَـرَعُ في رحيق السم الزعاف - قصة : الطاهر كردلاس

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
anfasse.orgما كان يخاله خطوطا حمراء لا تـُمَـس  اُختـُـِرق .. ما كان لديه سرا من الأسرار اْنْتهٍك ... ما كان مْعتبرا لديه رمزا للقوة الطاغية في لحظة الهيجان انطمس ..  أصيب في الفحولة .. في الأنا العليا والسفلى ..
 صْبرُ وصْبرٌ .. خمْر وخمْرُ .. لم يبق إلا الحشيش وجميع أصناف المخدرات كي يسكـّن ما ارتجّ في الدواخل ..
 سيكرع من السم الزعاف إن أمكن .. الموت أهون من الهُون ..
إذا لم يكن من الموت بد ** فمن العار أن تموت جبانا
 قرر بعد تفكير مُمِضّ ، أن يجعل حدا للحدود التي سيّجها حول نفسه ... صّبر نفسه مرارا على المرارة ..
ألهذا المدى انهزم التاريخ  ، وارتد منكـّسا آلاف السنين إلى الوراء  ؟؟ أينك يا بن  خلدون؟؟  لقد  تواريتَ .. ووارى الثرى ما خطـّته يمينك ..
نظرياتك  – يا بن خلدون ــ حول التقدم والعمران ، لم يصدُقْ منها إلا الاندحار في القعر..
 أنتَ من أمة ضحكت من جهلها الأمم  ... أما التقدم المزعوم فخرافة عربية ما لها من سند..
 التاريخ قلب الموازين .. زعزع جغرافية الطقوس الأبدية ..
 حتى الجينات العربية ، تخربت في أصل أصلها .. حِمْضها النووي ، افترعه فيروس إليكتروني خطير .. لم تـُجْدِ معه كل المضادات  الفيروسية .. الحـِمْض النووي تـكلـّس .. تمنـّع ضد الجودة والنوعية السوبيرمانية ..
استكان إلى العدمية المطلقة ..
الخطوط الحمراء اُختـُـِرقت .. ما كان مُودَعا في ذاكرته الموشومة بالتحصّن أصبح مكشوفا في العراء .. أصيب بالعُــنّــة..
العُــنـّّة اللعينة .. العُــنـّّة الفكرية والجسدية على السواء.. أصبح التاريخ العربي عِـنـّينا ..
من يصابُ بالــعــنّـة ، يمسي هو والأنثى سواء بسواء  .. هل الأنثى هي الأصل ؟؟  الفحولة ليست إلا صدى في قعر سحيق ..
فلماذا نتغنى بالمروءة ، والجسارة ، ورباطة الجأش ؟؟  الجنس الذكري في الحظيرة العربية أنثى مستكينة لقدرها المحتوم  أما  الفحولة  فهي كذبة عربية ..
أذم إلى هذا الزمان العربي  أهيله .. فأشجعهم قرد .. وأحزمهم وغد .. وأعلمهم فـَــدْمُ ُ.. وأشدهم فحولة غانية متبرجة على خشبة الركح العربي المهترئ..
المنبع هو الأنثى فليتأنـّثْ .. وليتخنـّثْ ، تماشيا مع الحضارة .. الحضارة هي الأنثى ..
 الثورة الجسدية ثارت في وجه التاريخ المحتشم .. تعرى الجسد .. ثارت ثائرته .. نـَشـَد الشبقية في أعلى هلوستها ..
 الجسد احترق ..  لكنه أحرق المقدس على معبد الرحم .. الرحم لم يعد مختبرا بيولوجيا يفرّخ الفراخ .. أضحى كهفا للذة الإيروتيكية التي لاتشبع .. التي لا ينطفئ لهيبها المستعر..
الفحل العربي جعل من النعومة والليونة والرهافة  ماكياجا ليتخفى من العدو المتربص .. النكبات والهزائم النفسية نكست علم الانتصاب ..
 أغمـدْ سيفك يا صلاح الدين .. أدخلـْه في رحم المآسي .. العُــنــّة تتربص في منتهى الطريق ..
 تساءل مع نفسه في لحظات الغضب الطافح :  لماذا  تسللت العـُـنة  اللعينة  لحظة انبثاق شبح الرغبة المنفجرة في خضم المضاجعة المحمومة إلى جسده الممتلئ يفاعة ونضجا ؟؟
أجابته النفس من وراء وراء  : ربما الواقع السياسي المليء بالدسائس .. المليئ بالتطاحن في سبيل احتلال المناصب بأي ثمن .. هو السبب فيما وصلت إليه .. الواقع السياسي ــ يارجل ــ  له تأثير خطير على النفس كما جاذبية القمر على نفسية البشر، رغم بعده بآلاف الأميال من الكيلوميترات .. الإنسان لايسلم من تأثير السياسة ولو كان أميا لايفقه من الأمور إلا سطحها ..
أجاب نفسه الناطقة : في ذروة التوهج،  أكون أبعَدَ  بُعدا ، لا بُعْـدَ بعْدَه عن السياسة.. فكيف تسللت من بين زحام العذابات
وفعلت فعلها السحري العجيب .. لا أظن .. لا أظن.. قولي شيئا غير هذا ..
أجابته النفس لعله الإرهاق .. لعله التشتت .. لعله الشروذ .. لعله الخيال الجانح ، في لحظة الانشطار .. لعلــ..
قاطعها : لعله التباكي على نضارة الأيام الخوالي في لحظات الانتكاس .. لعله  التحديق بحدة في إعصار الزمن الجارف..
لعله هذا الزمن الموحش  الذي اعتصر الأفئدة والعقول والأجساد .. لعله التلولب داخل دوامة الاندحار .. لعلها الفرحة المنكسرة المعطوبة لحظة التألق ..

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة