افترقوا خلف أبواب العشرين يلتمسون رفاف الجناح , قاربت بينهم القصيدة وصفة لاجئ على وثيقة السفر, وباعدت بينهم أحلامهم المتباينة , حلم باسل باكتشاف العالم فتخرج من الأكاديمية البحرية كمساعد قبطان كي لا يرسو أبداً وحفر أحمد كل الأنفاق التي تفضي إلى الأضواء والنجومية وحمل شهاب معوله كي يهدم قبوه حالماً بصعود درجات الطوابق العليا ..
وبعد مرور عشرين عاماً التأموا مرة ثانية على متن يخت تعود ملكيته لشهاب الذي أصبح من حيتان البورصة , ومع قصائد أحمد الذي لمع نجمه وأصبح مذيعاً كبيراً بإحدى القنوات الفضائية المشهورة عبروا إلى العشرين على جناحي القصيدة ثم إنحنوا يلملمون صدف المحيطات الذي جمعه باسل بعد أن أصبح قبطاناً !!
وبين العشرين والأربعين رفعوا مساتر الفصول بحثاً عن قبعات الرمال لكنهم لم يجدوا سوى هياكل الأيام , أسدلت نظراتهم الحزينة ستائر الخيبة فوق الواجهة الجميلة التي أخفت تصدعات الفصول لبعض الوقت , قال باسل :
قطعتُ كل خطوط الطول والعرض , حملتُ بندقية القناص لكنني غالباً ما كنتُ الطريدة , صادقتُ الجثث وحلقتُ مع النوارس , مررتُ بفكتوريا عابراً الدانوب إلى قلعة عدن, , عريتُ كل الأشياء الممكنة حتى الرغاب لكن كل هذه الضوضاء أعقبها سكون هائل وتأملات موحشة.....,
كل الأشياء تتشابه , تتكرر , وجوه الجميلات ومنحنيات الدروب , بعض الفرح حين الصعود والكثير من الحزن حين السقوط , أنخاب الحياة بين الربح والخسارة وملامح الفصول التي تدور وتدور وتدور , الآن أريد أن أستريح من كل شيء في جزيرةٍ معزولة , أصطاد السمك لأرميه في النهر , أبتعد , أرسو , قد أفلح في إقتلاع ذاكرتي اللعينة ......,
توقف عن الحديث فقال أحمد :
لم أذهب إلى القصيدة ولكني عبرتها إلى ذاتي العُليا , استخدمتها أسوأ إستخدام فعشق الأضواء في دمي , كنتُ أعتقد أني سأصبح من السادة , لكنني تحولتُ إلى مطية للقطط السمان , وكان عليَِ أن أرضخ وأدفع ثمن نجوميتي , , تمكنتُ من نشر دواويني وسلطت الأضواء علىَ وأنا أصعد وأومض وأبرق , أصبحتُ إعلامياً كبيراًً, لم أختلف كثيراً عن أي فهلوي يجيد تسلق الأمواج والتلون كالحرباء كي يوائم المرحلة ......,
والآن .. أذهبُ متأخراً إلى القصيدة بعد فوات الآوان, لستُ سوى مدعٍ يجيد حياكة الأكاذيب واللعب بالورق , خذلتُ كل أزاهيري المحتضرة والبلهاء يصفقون لي , سأرمي نرجسيتي تحت حذاء بوهيميتي فقد تغفر لي القصيدة ..
نظر إليهما شهاب وقال في شجن :
كم عُذبت وأنا في قبوي أتأمل سكان الطوابق العلوية , أردت أن أتخلص من شعوري بالدونية فعملتُ في التجارة بين عدة عواصم , لكني كنت أصعد الدرجات ببطءٍ شديد والزمن يتسرب من بين أصابعي كالرمل , وكما فاوست الذي باع نفسه للشيطان , تاجرتُ في الأسلحة فحققتُ ثروة طائلة .....,
أصبحتُ حوتاً يلتهم الأسماك الصغيرة , كنت أدعسُ آدميتي ولا أحفل بصراخها فتحولتُ إلى شبحٍ لعين تطاردني الكوابيس ووجوه الضحايا ونيران أسلحتي , الآن أبحث عن البراءة , أريد أن أصبح بريئاً , أن أغسل شراييني أو أذيب نافوخي في الأسيد ......,
عند باب المطار عانقوا بعضهم في شجن , ومع جدول الرحلات الدولية وصوت المضيفة الجوية صعد باسل سلم الطائرة الكوبية حالماً بأن يرسو في هافانا ويغسل شرايينه من الملح , ولوح أحمد بيده مودعاً وراحلاً إلى بوهيميته المتأخرة , وعاد شهاب إلى عشرينه ليفتح بقالته العتيقة المتواضعة وقد عزم على إلقاء كل دنانيره الملوثة ..
كل الأشياء تتشابه , تتكرر , وجوه الجميلات ومنحنيات الدروب , بعض الفرح حين الصعود والكثير من الحزن حين السقوط , أنخاب الحياة بين الربح والخسارة وملامح الفصول التي تدور وتدور وتدور , الآن أريد أن أستريح من كل شيء في جزيرةٍ معزولة , أصطاد السمك لأرميه في النهر , أبتعد , أرسو , قد أفلح في إقتلاع ذاكرتي اللعينة ......,
توقف عن الحديث فقال أحمد :
لم أذهب إلى القصيدة ولكني عبرتها إلى ذاتي العُليا , استخدمتها أسوأ إستخدام فعشق الأضواء في دمي , كنتُ أعتقد أني سأصبح من السادة , لكنني تحولتُ إلى مطية للقطط السمان , وكان عليَِ أن أرضخ وأدفع ثمن نجوميتي , , تمكنتُ من نشر دواويني وسلطت الأضواء علىَ وأنا أصعد وأومض وأبرق , أصبحتُ إعلامياً كبيراًً, لم أختلف كثيراً عن أي فهلوي يجيد تسلق الأمواج والتلون كالحرباء كي يوائم المرحلة ......,
والآن .. أذهبُ متأخراً إلى القصيدة بعد فوات الآوان, لستُ سوى مدعٍ يجيد حياكة الأكاذيب واللعب بالورق , خذلتُ كل أزاهيري المحتضرة والبلهاء يصفقون لي , سأرمي نرجسيتي تحت حذاء بوهيميتي فقد تغفر لي القصيدة ..
نظر إليهما شهاب وقال في شجن :
كم عُذبت وأنا في قبوي أتأمل سكان الطوابق العلوية , أردت أن أتخلص من شعوري بالدونية فعملتُ في التجارة بين عدة عواصم , لكني كنت أصعد الدرجات ببطءٍ شديد والزمن يتسرب من بين أصابعي كالرمل , وكما فاوست الذي باع نفسه للشيطان , تاجرتُ في الأسلحة فحققتُ ثروة طائلة .....,
أصبحتُ حوتاً يلتهم الأسماك الصغيرة , كنت أدعسُ آدميتي ولا أحفل بصراخها فتحولتُ إلى شبحٍ لعين تطاردني الكوابيس ووجوه الضحايا ونيران أسلحتي , الآن أبحث عن البراءة , أريد أن أصبح بريئاً , أن أغسل شراييني أو أذيب نافوخي في الأسيد ......,
عند باب المطار عانقوا بعضهم في شجن , ومع جدول الرحلات الدولية وصوت المضيفة الجوية صعد باسل سلم الطائرة الكوبية حالماً بأن يرسو في هافانا ويغسل شرايينه من الملح , ولوح أحمد بيده مودعاً وراحلاً إلى بوهيميته المتأخرة , وعاد شهاب إلى عشرينه ليفتح بقالته العتيقة المتواضعة وقد عزم على إلقاء كل دنانيره الملوثة ..