تلك أول مرة.. فهي منذ زواجها الذي امتد عشر سنوات، لم تفكر في ذلك اليوم كعيد حقيقي، ولم يسبق أن تذكرته إلا حين تسمع الآخرين، وترى بعضهم يتبادلون الورود الحمر.
كانت في أعماقها تسخر من تحديد يوم للحب " ما معنى ذلك " ؟ وحين جاءها زوجها بوردة حمراء في السنة الأولى تقبلتها ببرود، وطلبت منه ألا يتصرف مرة أخرى كالمراهقين، فلم يكرر التجربة.
لكنها أخيرا قررت أن تفعل ذلك. ألحت عليها إحدى زميلاتها.قالت لها إنها لن تخسر شيئا، وإن زوجها ربما سيحب التجربة.. سيكون تغييرا على الأقل، وهوتغيير ليس ضارا بأي حال، ثم أخبرتها أنها سوف تتصل بها بعد ساعتين.
قبل أن تعبر الى محل بيع الزهور، فكرت في زوجها.. كيف سينظر إلى الأمر؟ وكيف سيتقبل وردتها بعد ما جرى من قبل؟.. ربما نسي الحادثة.. وحتى لو لم ينس، فإنه سيأخذ عامل الزمن في الاعتبار، وسيفرح لهذه المبادرة حتى وإن جاءت متأخرة، وربما يخرج في الحال ويشتري لها باقة كاملة، وربما يضع الوردة بين دفتي كتاب كي تجف وتبقى شاهدا على الحب.. ألم تر وردة حمراء جافة في كتاب استعاره من صديقه كما أخبرها ذات يوم؟
حين وجدت نفسها في الداخل بين الأزهار والورود الطازجة، أحست بمسامات جلدها تتفتح، وربما شعرت بشيء من الندم على استقبالها وردته بفظاظة قبل سنوات، وعلى عدم التفكير في الأمر بجدية حقيقية بعد ذلك.. لكنها ارتاحت قليلا وهي تتخيل نفسها بعد قليل تدخل المنزل، وتفاجئه بوردتها الحمراء …
كان بائع الزهور جارا ودودا، وغالبا ما تبادلت معه عبارات التحية، كما أنها وزوجها اعتادا شراء الزهور منه في مناسبات قليلة تخص الأصدقاء.
رحب بها بوده المألوف، وسألها عن مناسبة الباقة التي تريدها.
كانت تتلفت حولها بارتباك، وترى ذلك الألق الغريب على الوجوه، حينما يدخل البعض ويخرجون حاملين ورودهم، وتعجب لتلك المسحة السحرية التي تكتسبها الأشياء مع الزمن.. فالوردة وردة، لكن حمرتها منحتها تفوقا استثنائيا في ذلك اليوم!
أيقظها الرجل برقة، وسألها مرة أخرى، فشعرت بالحرج، وبخاصة وهي ترى غالبية الآخرين أصغر منها، وأكثر اندفاعا، حتى خطر لها أنهم يشبهون الأطفال في الأعياد الكبرى، وأنه ليس من الحكمة أن تبدو مثلهم.
أفاقت مرة أخرى على ابتسامة الرجل الرقيقة فازداد ارتباكها، وأخيرا أدارت وجهها جانبا وأخبرته بضعف أنها تريد وردة حمراء. وكما توقعت، فقد فوجيء الرجل تماما، ثم عبر عن عتب واضح وهو يقول:
ـ أخيرا يا مدام ؟
كادت تخبره أن هذا الأمر يخصها هي، وأنها هي الوحيدة التي تقرر ما تشاء حين تشاء، وأنه ليس من حق أحد أن يتدخل في هذا الشأن، ويبدو أن الرجل انتبه الى ملامحها التي تعكرت، فقال في ود:
ـ أخيرا تذكرت أنني أبيع الورود الحمر في عيد الحب؟
اغتاظت تماما، وقالت بانفعال وهي تفكر في الخروج:
ـ أرجوك، أنا حرة، ولا داعي لمزيد من الكلام.
فقال بود أكبر:
ـ يا مدام, أنا جاركم، وحق الجيرة كان يحتم عليك شراء ورودك الحمر مني، وليس من مكان آخر.
" أحمق .. يظن أن الناس كلهم يفعلون ذلك ".. قالت بارتياح:
ـ أعدك أنني لن أشتري وردة حمراء بعد الآن إلا منك.
قال الرجل ضاحكا:
ـ اعذريني يا مدام إذا قلت إن زوجك يحفظ حق الجيرة أكثر.
نظرت إليه باستفهام ، فأضاف:
ـ حقا.. فهو منذ خمس سنوات لا يشتري وردته الحمراء من مكان آخر.
سقطت وردة من يدها إثر رجفة طارئة، لكنها تماسكت قدر استطاعتها، ثم ضحكت، وأخبرته أنها تريد خمس وردات حمر!
فكرت بعد خروجها في إلقاء الوردات على الرصيف، أو تحت عجلات سيارة عابرة، لكنها قررت أخيرا أن تضع واحدة في مزهرية صغيرة على مكتب زوجها في البيت.
كان الأمر محيرا، فهي لا تعرف لماذا تقرر ذلك، ولا تدرك كنه مشاعرها في تلك اللحظة.. لا تعرف إن كان عليها أن تقابله بغضب، أو تعاتبه، أو تسأله. وهي لا تفكر في امرأة أخرى على الاطلاق، ولا تفكر فيما يمكن أن يكون جرى بينهما طوال السنوات الخمس. أخفت الوردات في حقيبتها وعبرت إلى المنزل. تناولت الغداء معه، ثم نهضت وأخبرته أنها ستنام، ثم أوصته ألا يوقظها لأي سبب كان، ومضت إلى غرفة النوم.
ذهب الى مكتبه وجلس يتصفح مجلة جديدة، ثم رن جرس الهاتف.
ـ ألو
ـ مرحبا أستاذ
ـ أهلا
ـ أنا عايدة، زميلة المدام
ـ أهلا
ـ ممكن أحكي مع سهيلة ؟
ـ سهيلة نائمة
ـ ماذا؟ تنام في مثل هذا الوقت؟
ـ إنها تفعل ذلك يوميا بعد عودتها من المكتب
ـ أعرف، ولكن اليوم.. ظننت أنها لن تفعل ذلك!
ـ ولماذا اليوم؟
ـ يعني.. أنت تعرف.. الفلنتاين ..
ضحك بهدوء، فقالت باندفاع:
ـ على أي حال، كيف الوردة؟
أجاب باستغراب:
ـ أي وردة ؟
قالت بمرح:
ـ ولو يا أستاذ، هل أصبحت الوردة سرا ؟
ارتبك تماما. خفت صوته، وقال بضعف وهو ينظر إلى باب غرفة النوم:
ـ أرجوك .. أرجوك ..
قالت بدهشة:
ـ لماذا تخفض صوتك؟
قال بضعف أكبر:
ـ أرجوك، فهذا الأمر لا يحتمل المزاح أو اللعب ..
قالت بانفعال:
ـ أي لعب؟ أنا لا ألعب معك أو مع أحد آخر. أنا أسألك عن الوردة التي اشترتها لك زوجتك اليوم .. باي ..
ظلت سماعة الهاتف في قبضته التي تشنجت عليها، لكنه بعد لحظات ألقى بها كيفما اتفق، واندفع هائجا الى غرفة النوم!
كان بائع الزهور جارا ودودا، وغالبا ما تبادلت معه عبارات التحية، كما أنها وزوجها اعتادا شراء الزهور منه في مناسبات قليلة تخص الأصدقاء.
رحب بها بوده المألوف، وسألها عن مناسبة الباقة التي تريدها.
كانت تتلفت حولها بارتباك، وترى ذلك الألق الغريب على الوجوه، حينما يدخل البعض ويخرجون حاملين ورودهم، وتعجب لتلك المسحة السحرية التي تكتسبها الأشياء مع الزمن.. فالوردة وردة، لكن حمرتها منحتها تفوقا استثنائيا في ذلك اليوم!
أيقظها الرجل برقة، وسألها مرة أخرى، فشعرت بالحرج، وبخاصة وهي ترى غالبية الآخرين أصغر منها، وأكثر اندفاعا، حتى خطر لها أنهم يشبهون الأطفال في الأعياد الكبرى، وأنه ليس من الحكمة أن تبدو مثلهم.
أفاقت مرة أخرى على ابتسامة الرجل الرقيقة فازداد ارتباكها، وأخيرا أدارت وجهها جانبا وأخبرته بضعف أنها تريد وردة حمراء. وكما توقعت، فقد فوجيء الرجل تماما، ثم عبر عن عتب واضح وهو يقول:
ـ أخيرا يا مدام ؟
كادت تخبره أن هذا الأمر يخصها هي، وأنها هي الوحيدة التي تقرر ما تشاء حين تشاء، وأنه ليس من حق أحد أن يتدخل في هذا الشأن، ويبدو أن الرجل انتبه الى ملامحها التي تعكرت، فقال في ود:
ـ أخيرا تذكرت أنني أبيع الورود الحمر في عيد الحب؟
اغتاظت تماما، وقالت بانفعال وهي تفكر في الخروج:
ـ أرجوك، أنا حرة، ولا داعي لمزيد من الكلام.
فقال بود أكبر:
ـ يا مدام, أنا جاركم، وحق الجيرة كان يحتم عليك شراء ورودك الحمر مني، وليس من مكان آخر.
" أحمق .. يظن أن الناس كلهم يفعلون ذلك ".. قالت بارتياح:
ـ أعدك أنني لن أشتري وردة حمراء بعد الآن إلا منك.
قال الرجل ضاحكا:
ـ اعذريني يا مدام إذا قلت إن زوجك يحفظ حق الجيرة أكثر.
نظرت إليه باستفهام ، فأضاف:
ـ حقا.. فهو منذ خمس سنوات لا يشتري وردته الحمراء من مكان آخر.
سقطت وردة من يدها إثر رجفة طارئة، لكنها تماسكت قدر استطاعتها، ثم ضحكت، وأخبرته أنها تريد خمس وردات حمر!
فكرت بعد خروجها في إلقاء الوردات على الرصيف، أو تحت عجلات سيارة عابرة، لكنها قررت أخيرا أن تضع واحدة في مزهرية صغيرة على مكتب زوجها في البيت.
كان الأمر محيرا، فهي لا تعرف لماذا تقرر ذلك، ولا تدرك كنه مشاعرها في تلك اللحظة.. لا تعرف إن كان عليها أن تقابله بغضب، أو تعاتبه، أو تسأله. وهي لا تفكر في امرأة أخرى على الاطلاق، ولا تفكر فيما يمكن أن يكون جرى بينهما طوال السنوات الخمس. أخفت الوردات في حقيبتها وعبرت إلى المنزل. تناولت الغداء معه، ثم نهضت وأخبرته أنها ستنام، ثم أوصته ألا يوقظها لأي سبب كان، ومضت إلى غرفة النوم.
ذهب الى مكتبه وجلس يتصفح مجلة جديدة، ثم رن جرس الهاتف.
ـ ألو
ـ مرحبا أستاذ
ـ أهلا
ـ أنا عايدة، زميلة المدام
ـ أهلا
ـ ممكن أحكي مع سهيلة ؟
ـ سهيلة نائمة
ـ ماذا؟ تنام في مثل هذا الوقت؟
ـ إنها تفعل ذلك يوميا بعد عودتها من المكتب
ـ أعرف، ولكن اليوم.. ظننت أنها لن تفعل ذلك!
ـ ولماذا اليوم؟
ـ يعني.. أنت تعرف.. الفلنتاين ..
ضحك بهدوء، فقالت باندفاع:
ـ على أي حال، كيف الوردة؟
أجاب باستغراب:
ـ أي وردة ؟
قالت بمرح:
ـ ولو يا أستاذ، هل أصبحت الوردة سرا ؟
ارتبك تماما. خفت صوته، وقال بضعف وهو ينظر إلى باب غرفة النوم:
ـ أرجوك .. أرجوك ..
قالت بدهشة:
ـ لماذا تخفض صوتك؟
قال بضعف أكبر:
ـ أرجوك، فهذا الأمر لا يحتمل المزاح أو اللعب ..
قالت بانفعال:
ـ أي لعب؟ أنا لا ألعب معك أو مع أحد آخر. أنا أسألك عن الوردة التي اشترتها لك زوجتك اليوم .. باي ..
ظلت سماعة الهاتف في قبضته التي تشنجت عليها، لكنه بعد لحظات ألقى بها كيفما اتفق، واندفع هائجا الى غرفة النوم!