استفاق أحمد مضطرب المزاج، مشوش الذهن.. حاول ان يطرد من رأسه أفكارا و هواجس ليبدأ نهاره كالمعتاد، لكن تأثير الصدمة كان أقوى .. فلم تفلح محاولاته الكثيرة للعثور على الكتاب..الكتاب الازرق او الصديق الوفي كما يحلو له ان يسميه..
لقد قضى البارحة يومه باحثا عنه ، لكن اجتهاده باء بالفشل..
الكتاب عنده بمنزلة الصديق..
اشتراه عندما كان طالبا في المستوى الاعدادي..
لازمه طيلة سنوات الدراسة، وكان فخوارا به بين زملائه..
بحث عنه وسط كومة كتب قديمة قل استعمالها، وداخل مجموعة أوراق ملقاة بأحد جوانب البيت.. وفكر ان يسأل زوجته في الموضوع لكنه تراجع عن الفكرة..
لهفته على الكتاب ليس لها حد، وفكرأن يسأل صديقه بشير الذي شاركه غرفة بالحي الجامعي أيام الدراسة فأجابه الصديق قائلا« ما عادت لي صلة بالكتب مثلما كنت يا صديقي..العمل في الادارة يأخذ كل وقتي..».
زوجته خديجة قالت له بلغة تغلب عليها الشفقة «أراك جادا في البحث عن كتاب قديم أكل الدهرعليه وشرب!..».
أجابها وهويتأمل أوراقا مبعثرة أمامه على المكتب «انه يختصر ذكريات تؤرخ لزمن ولى واندثر..»
واحتوته من جديد هواجس وتخيلات عن الكتاب الازرق وقال في نفسه« ان ضاع الكتاب، فقد ضاعت مني صفحات مكتوبة بمداد الألم والمعاناة..».
و عاد يبحث للمرة الألف في دولاب الكتب، لعله يعثر على ضالته المنشودة، ولكن بحزم أكبر هذه المرة.. وفي وسط كومة من الكتب القديمة موضوعة بشكل عشوائي في احد رفوف الدولاب، تراءى له كتاب بلون ازرق فاتح.. فتوقفت حركات احمد عن البحث..
كان الكتاب الازرق مختبئا وسط كومة من الكتب المتهالكة التي طواها النسيان .. حينذاك شعر أحمد بنوع من الارتياح والانفراج.. وطفق يتأمله بهدوء.. ونفض عنه ما علق به من غبار.. وفي رأسه كانت تتناسل الافكار والخواطر.. وصار الكتاب تحفة لا تفارقه على مكتبه المتواضع.