هل يمكن للإنسان أن يتأقلم مع الفشل، نعم وهذا هو الصواب، فاعتياده يفتح له باب الصبر والمثابرة، والمحاولة ولو كانت مئة مرة، فطالما هناك ليل هناك نهار، والأسود يليه الأبيض، وبدل أن تصبح سلاحا ذا حدين يتناوب حداه على انتزاع انسانيتك، لتصبح إنساناً عديم الضمير، أو مومياء.
حسنا إني أقبل أن أكون مغناطيس الفشل، لكن هل بهذه النتيجة انطوى كتاب الأقدار، لا وألف لا، ففكرة الفشل تُمررك لفشل آخر، لتصبح لاعباً احتياطياً في نزال غير متكافئ، متى مر الفشل أمامك، ورأى سُحنتك الخائفة استضافك على مائدته، ليهمس لك أن تستعد للفشل المقبل.
سفينة ستنقُل على متنها: " مُنكسر، مهمش، مُتألم، طفولي العواطف، مريض ..."، ومتجهة لميناء: الانكسار يليه النهوض، الألم يليه الاعتياد، فالنسيان، طفولي العواطف، يليه النضج، فالابتسام والتقدم. والمرض يليه الشفاء، ثم السعادة". سفينة ركِبها الانسان منذ البلوغ محملاً بحقائب من مختلف الأحجام، وعند كل ميناء يتخلص من حقيبة، فالبحر بدأت عواصفه تشتد، لذلك أصبح من الضروري التخلص من الحمولة الزائدة أو الإنسان، حياتك ثمينة فاختر حمولتك، قف بين الصفر والثمانية، هل تختار ربط العددين أو تظل عالقاً وسط الصفر.
الصفر فشلُك الذي وشموك به، وقالوا إنه نصيبك من ميراث الأرقام، وماذا تقول أنت؟ هل يمكن القول إن الفشل هو بداية لسلسلة متتالية من الانهزامات والانكسارات، أم مهدُ الإشارات البليدة، سيقولون مسكين بائس هذا مصيره، فهو خُلق لهذا المصير، أم أن الفشل أن تحمل صخرة سيزيف، و تظل مُعلقاً بين الأرض والسماء.
تولد بين أحضان الفرح، فأمك تنادي وأبوك ينادي، تتقاذفك مراحل العمر مع حلم يكبر يوما بعد يوم، بأنك ستكون ناجحاً وسعيداً، وتضع نقاطا ثلاثة، لم تفكر يوما أن تكتب إنساناً تعيساً، أبدا لا، لأن الأمل كان أكبر من انكساراتك، ما هو موقعك اليوم؟ هل من الفاشلين أم من الناجحين في امتحان الحياة؟ لكل شيء ضريبة. ضع استفساراً مع نفسك هل تريد أن تكون من الناجحين أم من الفاشلين؟ إن اخترت المرتبة الأولى فلن يكون لفشلك عنوان، ولا لوصولك ثمن.
الفشل مصطلح خلقناه من ضعف إيماننا، من نزول دمعتنا، لكن لم تُخلق الدموع إلا لتضيف بريقاً للعيون، سوف تنزل دمعة ثم دمعتان، فدموع، ستصرخ ستنكسر، وماذا بعد، الواقع أقوى منك ومنا جميعاً، تقول أُغلقت جميع الأبواب في وجهي، لكنك نسيت باب السماء.
يمكن أن تفشل في جميع المستويات، ويمكن أن تكتب على باب جبهتك كلمة " مرفوض"، قد يسلخون جلدك بلفظها، فتصبح هشاً، تتجمع حولك الطحالب، يحسنون عِلكك، تحُل بك الخيبات، لكنها ليست نهاية حياتك، ما دُمت في الحياة قاوم، واجه، اصبر، فالحياة لا تقبل الضعفاء.
الفشل مرض فتاك يجعلك مُعدي ثم منبوذ، يجعل الأخرين يقابِلونك بالخوف والازدراء، وعندما تصبح صدى قوسين أو أدنى، تضطر للمواجهة، إما الفشل أو المحاولة، ستفشل مئات المرات بل الآلاف ربما، لكن تذكّر دائما أنها البداية لنجاح ليس مُتوقعا، سيسأل عنك الأحباب والأعداء، ليس حباً وإنما شماتة.
تذكر أن يوما ما ستُمطر غيمة فشلك أمطار الخير والبركة، وينتهي موسم الجفاف، وتنبت السنابل بازغة عِيدانها إلى الأمام يوما بعد يوم، لتحصدها خُبزاً طريا يُلملم جوعك الذي بين الأضلاع.