هي:
تسحب رجليها بالكأد فوق الرصيف، على إيقاع لهاث خافت داخل زورها، تتخلله آهاتُ آلامٍ تتوقف عندها وتنحني عاصرة بطنها بكلتا يديها لحظة ثم تتابع المسير؛ آلام مزعجة! صارت تنتابها بين حين وآخر هذه الأيام، تنجح في إطفاء ثورتها بمسكناتٍ، لكن سرعان ما تعود اشتعالا؛ قد أقلقتها حتى باتت تقض مضجعها، ففكرت ـ أخيرا ـ في زيارة طبيبتها، لعلها تجد لها علاجا شافيا.
الطريق إلى الدكتورة، طريق طويل لا ملتو، بدا لها بداية بلا نهاية، وفشلها في استقلال سيارة أجرة زاده طولا. كثيرا، كثيراً ما سلكته؛ قادها إلى مدرستها وهي صغيرة، فيافعةٌ، ثم إلى العمل وهي شابة، بل أخذها إلى كل وُجهاتها، اليوم تعرف إنه يُيمم حتى.. إلى المقبرة! أحزنها الاكتشاف، وضاعف مما يثقل قلبها الكسير.
على حين غِرّة، هدأت ثورةُ آلامها، واعترت جسمها وروحها سكينة استعاد بينها المزاج القلق شيئا من انتظامه؛ وقدها كثيرا من اعتداله؛ لا شك أن سحر المسكنات التي أخذتها قبل الخروج قد حقق غايتها منها! فبدأت تدندن وتغني: أغنية لفيروز:
أأنت الذي يا حبيبي .. نقلت
لبيض العصافير أخبارنا ؟
فجاءت .. جموعاً جموعاً .. تدقُ
مناقيرها الحمر شباكنا
. . . . . . .. . . . . .
وهي منقطعة إلى اللحن الفيروزي محاكاةً والكلمات العذبة الرائقة من حلو الشعر تمثلاً، يطفو طيف أختها الصغرى من أعماقها، وهي تعاتبها كما اعتادت حين تراها هائمة في عالمها السحري الفريد، قائلة:
" من ما زال يسمع لمثل هاته الأغاني الكئيبة؟ ومن بقي يؤمن بالحب وتباريحه!؟ أفيقي من... أوهامك، قد ولى زمن الرومانسية.."
أحست لحظتها، وكأن مُدية انغرست في خاصرتها، أو كأن يقظة فجائية أخرجتها من غيمة حلم ناعم وزجت بها في عين كابوس مرعب! فتوقفت عن الغناء و المسير معا ، وحاولت أن تصرخ بملء فيها، علّ الصدى حين يجلجل داخلها يحررها مما يمور بين حنياها، أو يمحو ـ إن محا ـ كل ماضيها بما له، وما عليه، وما اجترت من خيبات، بيد أنها اقتنعت بالصمت شافيا وغمغمت:
" منذ أن بدا يغزو مفرقي الشيب، وغيرتم اسمي من فاطمة إلى لالّة فاطمة.. علمت إني كنت غارقة في الأوهام، و ضحية الأغاني الكئيبة، والرومانسية البلهاء، وجور الزمان..."
هي فاطمة.. امرأة في أواسط الأربعين، فائقة الجمال، حد الكمال، ورغم ذلك لم تتزوج، بل لم يطرق باب أهلها رجل خاطب، ولم تعرف الحب قط ولا عاشته كما تصوره الروايات والقصص.
كبرت قبل الوقت!.
لما مات أبوها هجرت الدراسة لتطعم من عرق جبينها أفواها جائعة، ولما لحقت به أمها ازداد الحمل حملين وصارت بمتابه والديْن؛ ورغم ذلك صبرت وصابرت، حتى كبر الإخوة والأخوات، وراح كل لحاله وظلت .. هي لحالها تأكلها الوحدة، وتلسعها برودة البيت؛ لا ذكرى جميلة تعوذ بها عزاءً إن جن اليأس في داخلها، ولا بصيص يوم جميل مكتمل يعن بين دياجير أيامها..!
كانت أبدا تتذكر قول عرافة وهي تقرأ خطوط يدها:
" وحدتك طويلة، طويلة يا سيدتي، وربما لا قدر الله فهي أبدية، والحزن سيسكن عينيك، والدفء ربما لن يبارك قلبك الوديع، لكن.. أياك أن تيأسي.. حتماً يوماً ما قد تزهر رحابك رياحين وسوسنا، فالله كريم ! ولا ينسى عباده الطيبين... ابدا.
صدقت العرافة وكأنها تقرأ الغيب أو ينكشف عندها ما وراء المستقبل، فقد ظلت حياتها رتيبة، وحديقتها الخلفية جرداء، لا سرَ دفينُها! كل ما تملك عدا خيالات رجل، رجل واحد لا غير، كان يشاركها مسير طريقها، تلتقيه وهي ذاهبة إلى عملها، وتترقب مصادفته وهي راجعة،
منتظم الوقت كساعة إليكترونية، إن لم تبطئ أو تسرع تلقاه عند المعلم ذاته، يأتي مقبلا ناكس البصر، ما أن يقاربها حتى يرفع رأسه ويمسحها بعينيه.
سابقا، كانت نظراته جافة، باردة، ومع الأيام أخذت تتفتح كوردة أوركيديا، إذ أضحت ناعمة دافئة، فباسمة، فشاعرية!.
يوما لم تسَعِ الفرحة صدرها الصغير، قد تهيأ أنه ابتسم لها، أو ربما أشار لها بغمزة بريئة، شكها لم يجعلها ترقى السموات، قد ظلت واقعية، وصارت تنتظر منه مبادرة أكبر وأبين وأكثر نضجا، كأنْ يُصافحها او يسألها عن اسمها... أو يأخذها من يدها ويقول لها بكل احترام: " هل بالإمكان أن نمشي هذا المشوار سويا؟"
توالي الأيام لم يُغير شيئا، أدركت معه إنها كانت واهمةُ لا غير، فأخذت المبادرة من قبلها و صارت أكثر جرأة، إذ أضحت تحاذيه حتى تكاد تلامسه أذيالها، وتشهق بملء أنفها حتى تتشرب نكهة تبغه إن كان يدخن، وتسرق من ضوع عطره نسمات، لتشكل من الاثنين كوكتيلا تستعيده اجترارا ورأسها على وسادتها الباردة...
طال الأمد ولم تيأس، ظلت شمعة الأمل واقدة في قلبها، معتقدة أنه يوما سيكسر هذا السور الحائل بينهما ويأتي ليحملها على جواده، وازدادت يقينا حين فسرت لها صديقاتها سلوكه، ونظراته على أنها هيام بها، لكن فجأة أنطفأت الشمعة وخبت حين صادفته ذات صباح من أصباح الدخول المدرسي يرافق طفلة صغيرة تحمل محفظة؛ لم تعر الأمر اهتماما لكنْ حين صارت ترى الطفلة يوميا صحبته وقر في قرارها أنه مِلك سيدة أخرى.
حزنت كثيرا، حتى مرضت.
كانت حالتها أقرب إلى وحْمى تفاجئها التحاليل على أن اشتهاءها وما معه من أعراض كان خارجا عن حدود الحمل، بل حملا كاذبا وعدا وهم.
أسرتها في نفسها وهي كظيمة، فبات الممشى أبعد والرأس ناكسا والقلب مفطورا، ازداد حين لاحظت مَنْ بنَتْ عليه أبراج حلمها ،يصطحب بعد سنة طفلا آخر وبدايةَ دخول مدرسي ثان؛ دون أن تقف على تغير كثير في سلوكاته، إذ بقي على عهده: بيمناه الجريدة اليومية وبشماله مظلته السوداء حين يحضر الشتاء، مقبلا ناكس الرأس، وحالما يوازيها، يرميها بنظرته الغريبة.. التي أضحت أكثر حزنا، وارتباكا!
*******
تنفست الصعداء عند نهاية السلالم وزفرت زفيرا طويلا وهي تضغط الجرس، بعد حين فتحت لها مساعدة الطبيبة الباب وفسحت لها الطريق بالدخول.
لم يكن في قاعة الانتظار إلا امرأة واحدة في مقتبل العمر، تشد بكلتا يديها على طفلة تجلس في حجرها ـ ربما ـ حتى لا تحدث ضجيجا عند تحركها أولا تعبث بمزهرية ورد صناعي تتوسط مائدة زجاجية تناثرت فوقها مجلات وصحف عادية؛ جلست فاطمة قدام المرأة، فلاحظت عند استوائها أن الطفلة تطالعها وتحاول فك قبضة أمها عليها مع صراخ خفيف، استسلمت الأم للإصرار فاتحة يديها؛ فرصة استغلتها الصغيرة وانطلقت جارية ضاحكة نحو فاطمة و جلست قربها وصارت توزع نظراتها بين أمها وفاطمة وهي تبسم.
لم تدر فاطمة كيف مدت يديها وبقوة حملت الطفلة إلى حضنها وأفرغت على عنقها سيلا من القبل، عندئذ نودي على الأم فقامت وقالت لفاطمة:
ـ سأتركها في رعايتك، لن أتأخر، أنا هنا للمراجعة الطبيبة، فقط.
لم تهتم الطفلة بأمها ولم تبك لغيابها، بل مدت يدها الصغيرة حيث يظهر ملتقى النهدين، وأخذت تحاول ان تخرج واحدا.
أحست إثرها، فاطمة بدغدغة جميلة ما عرفت لها قبيلا، واعتراها إحساس لا توصيف له، إلا أنه.. رائع كصوت البحر، أوكزقزقة طير البراري، أو كحفيف الشجر. بل أكثر.. من همي شلال بارد في يوم مستعر!..
غاصت اليد الصغيرة بين النهدين واستقرت فوق حلمة واحد فتسامى ذاك الإحساس الجميل، وصار كانتشاء، خدّر جسمها كله و محا فيضُه كلَ آلامها وأحزانها. وجعلها تدفع برأس الطفلة برقة ليستقر تحت جيدها حتى تحس باندماجها معها وكأنهما جسم واحد.
غممت ودمعةُ ساخنة على خدها : "لا شك أن ذا هو الإحساس بالأمومة، الإحساس ألذي يذرع ربما جسم وقلب أي أنثى بعد الطلق، آه يا ابنتي، لو كنت لي لو ضعتك بين عينيّ، خلف حِمى رموشي.. متراسا" ومددت لك حياتي بساطا !."
شاردة في عالمها لم تشعر وأم الطفلة تربت على كتفها وبسمة عريضة على محياها قائلة لها :
ـ شكرا لك سيدتي كنت راعية مثالية، رعاك الله وحفظ خلَفك.
على مضض لا يبين سلمت الطفلة لأمها، وانساقت وراء مساعدة الطبيبة صوب قاعة الفحص، وعلى السرير تمددت.
بعد حين تدخل الطبية بهدوء وتغلق باب غرفة الفحص وراءها، وتشرع تقيس ضغط ونبض فاطمة وفي نفس الوقت تنخرط معها في أسئلة استقصائية:
ـ كيف الحال يا فاطمة؟ مم تشكوين ؟
ـ آلام تحت الصرة تمتد إلى أسفل الظهر، مع هبة حرارة تنبعث من أعماقي وتنفجر لهيبا بين وجنتي!
تهز الطبيبة رأسها و تتابع أسئلتها:
ـ وما أخبار العادة الشهرية؟
تدير فاطمة رأسها في أنحاء القاعة وكأنها تتذكر شيئا ما وترد:
ـ لم أرها منذ ستة أشهر تقريبا، بعدما صارت غير منتظمة كما هي عادتها.
ـ كم من الأولاد صار عندك؟
تنهدت فاطمة وردت بصوت متقطع:
لم يكتب لي نصيب في الزواج ... حتى الآن!
ترد الطبيبة عليها بتنهيدة أطول وتقول لها:
ـ في اختيارات القدر سر لا نعرف قيمته وغايته إلا بعد حين؛ إجمالا صحتك جيدة، النبض هائل، والضغط مضبوط، وحتى الفحص بالصدى لم يظهر عندك أي شذوذ في منطقة الحوض، كل ما في الأمر أن هناك اختلالا في الهورمونات تعلة ولوجك إلى سن اليأس ليس إلا! شيء عاد فذي أنا مثلك أعيشه بما عليه.. سأكتب لك بعض المسكنات ومقويات خذيها وعيشي حياتك كأن شيئا لم يحدث في جسمك.
نزلت السلالم كما صعدتها، وكأن الحمل صار حملين، كئيبة كسيرة، على خديها نهر منهمر، ما أن خرجت حتى نكست رأسها إخفاء لوجها وانطلقت شطر بيتها.
هو:
عائد من جولة تسكعية حاول إفراغ ما يثقل فؤاده من هموم وأحزان على مساراتها!
إنه لم يذهب اليوم إلى عمله كما اعتاد، بعدما أخبر إدارته؛ لقد أحس بتعب شديد يثنيه عن الصحو، فاستسلم لحاجته من الراحة، ولجزء كبير من النوم لم يحققه إثر سهاد ألم به،.
عند استيقاظه للمرة الثانية بعد الظهيرة صُدم وهو أمام المرآة عند رؤية رأسه وقد اشتعل شيبا؛ لم يكن يعرف إنه صار على هذا النحو المزري، رغم أن أول ما يصطبح به هو ابتسامة أو تكشيرة من وجهه على المرآة ، ونظرة شاملة يمسح بها خلقته! ..
وجد نفسه أنه كبِر على نحو مثير، وأن الزمان سرق أيامه في غفلة منه. بل وكأن مراتع الصبا، وشقاوة الطفولة لم يبارحها إلا البارحة فقط!
أبدا كان يرى أيام العمر كمنحنى قمته لحظات الشباب، واليوم مصدوما إذ بين عشية وضحاها يجد نفسه على منحدره المتجه نحو الهاوية!.. وحيدا منزلقا، خائبا، نادما على اختياراته الحياتية التي ظنها ثورية وأكثر اتساقا مع السجية!
مذ أن وعى بذاته واستقل ماديا صار يعيش لوحده، تستغرقه قراءة الكتب وساعات طويلة في مرسمه، لا وجود للمرأة في حياته، وما استسلم لواحدة وكأن قلبه بارد، رغم أن كثيرات استثرنه بتغنجهن وتبرجهن؛ معظم علاقاته كانت عابرة، عازفا كان عن الزواج حد التبتيل ... كل من يفاتحه في الأمر يرد عليه ضاحكا: " هذا ما جناه عليّ أبي وما جنيت على أحد".
لكن... طريقه، مشواره ساق له يوما امرأة داوم على ملاقاتها وهو في طريقه إلى عمله جعلته يغير أفكاره مئة وثمانون درجة، همّ بها حد الكلف. رغم أنه ما شاركها ولو كلمة واحدة!
كانت دقيقة الميقات كساعة إليكترونية، يصادفها كل يوم في النقطة ذاتها، فترميه بنظرة خاطفة ملأى حبا وإعجابا، ومرات أخرى تكون طويلة إذ تمسحه من رأسه حتى قدميه بكل رقة وكأنها تقول له: "لباس اليوم عليك لائق، أو كيف حالك يا عزيزي..."
.. يوما لم تسعٍ الفرحة قلبه وقد رآها تبتسم له، حاول أن يرد بالمثل لكن طبيعته الخجولة لم تساعده، ولما حاول ارتد ظنا منه أن يكون الأمر عدا تهيؤات لا غير، فتمنى لو كانت أكثر جسارة... و تسأله ـ مثلا ـ كم الساعة أو شيئا من هذا القبيل ليتخذه سبيلا يفصح لها من خلاله عن مشاعره نحوها، انتظر وانتظر لكن لم يظفر بشيء من هذا القبيل وإنما تفاجأ بعد أيام بتباعدها وجفائها، إذ أضحت لا تعيره اهتماما ولا ترميه بنظراتها إلا لماما. قدر أنها قد تزوجت فاحترم اختيارها وبادلها سلوكا مماثلا تقريبا!
هما معا:
صار الجو فجأة باردا وغائما أطبق بظلمته على الأجواء، يمزق سترها بين حين وآخر وميض برق متبوع بهمهمات رعد بالكاد تسمع.
لم يهتم للأحوال وإنما كان ناكس الرأس، يمشي الهوينى وينقر بين الخطوة، والخطوة دون وعي بمسار مطريته على بلاط الرصيف.
ما زال الرأس، رأسُه مشتعلا والقلب كسيرا، فالتسكع لم يمح مما يعتمل في الأعماق!.
على الممشى ذاته كانت فاطمة تسرع الخطى حتى لا تفاجئها الأمطار وهي في طريق العودة، فجأة زلت قدمها وكادت أن تسقط لولا أن أحدا تلقفها وحماها من الوقوع، رفعت رأسها لتشكره لكنها لم تفعل قد ظلت فاغرة فاها، ثم شهقت قائلة:
سي أحمد...!
يتساءل كيف عرفت يا الله اسمه وفي نفس الوقت يرد على السلوك بذاته وكأنها أعْدَتْه :
لالة فاطمة، أجمل به من يوم هذا!
لأول مرة يجدان نفسيهما وجها لوجه!
هو ألفاها أجمل مما كان يتصور، ووجدته هي شيئا ما مختلفا، فما كانت تعرف أن رأسه قد اشتعل شيبا وغضونا عميقة حول عينه وأخرى ترتسم جانب شفتيه، رغم ذلك استلطفت شكله ومعه كلمة (لالة فاطمة) البغيضة التي كثيرا ما آلمتها وحسستها أنها كبرت وشاخت، وكأنها جملة موسيقية رائعة تولد لأول مرة بين شفتيه!
سوت رجلها في حذائها ثم شكرته وهمت بمتابعة الطريق، لكن بكل رفق أمسك بها وقال لها:
ـ لالة فاطمة... أنا رجل برغماتي صريح، لا أحب المقدمات، من زمان وأنا أحاول أن أصارحك بحبي ورغبتي في الزواج منك، هل تتزوجني إن كنت غير مرتبطة؟
تضحك ضحكا خفيفا وترد بحدة بادية:
ـ وماذا عن زوجتك وأولادك؟
متسائلا مستغربا يرد:
أي ولدين؟
ـ اللذين كنت تصاحبهما إلى المدرسة.
يضحك بصوت عال، ويجيبها:
أه، ذان ولدا أختي الصغرى، أقامت معي زمنا حين اعترضت حياتها بعض المشاكل المادية، والآن... هل بالإمكان أن نمشي هذا المشوار سويا؟
تمد يدها، وبرفق يسحبها ويسلكان معا جادة فرعية.
أحست بدم ساخن يجري في عروقها، يمسح كل آلامها ويمحي كل أحزانها، وتهيأ لها وكأن كل ما حولها صار له شكل ثان، وطعم جديد أو كأنها مولودة جديدة في عالم جديد،
أما هو فكان سعيدا كطير أسير فكت كبوله، حتى أنه لم يشعر وهو يمد يده دون تحفظ ويطوق خصرها،.
لا تقاوم هي بل ترد بكل أريحية واضعة رأسها كل كتفه، لحظتها تشرع زخات المطر تهمي، يفتح لها مطريته الكبيرة ويشرع يغني على لحن عبد الوهاب الدكالي أغنية وشاية:
ومن قال للورد حتى تدلى،
يزركش بالنور جدراننا.
ومن قص قصتنا للفراش؟
فراح يلاحق آثارنا.
سيفضحنا يا حبيبي العبير،
فقد عرف الطيب ميعادنا.