وأنا بين الألحاد، أتنقل بين واحد وعشرين ميتا، ربما ازدادوا أكثر أو لم يعد منهم أحد.. أشكو لهم قلة حيلتي وهموما أثقلتني وأخرى كادت تقتلني...
من تحت التراب، صوت يجرح سكون الليل ويقتل نور القمر:
أخرجوني من عتمة البئر...
نظرت حولي وتفقدت كل الثقوب وجميع الجحور؛ فوجدتها خالية إلا من نسمات ليلية تنثر أوراق الخريف فوق الأحجار وعلى رؤوس أهل القبور.
عدت إلى تأملاتي وفكرت بحال المدافن:
لعلها تستجدي التفاتة. حدثت نفسي.
نزل أمامي بوسامته الثاقبة وهمس لي بصوت حازم:
لا تقتلوني مرتين...
تجمدت.. ثم تحركت بحذر شديد؛ فشحت ببصري حولي وحيالي فلم أر شيئا.
هي تهيؤاتك سيدي ليس إلا. حاولت إقناع نفسي.
أطرقت هنيهة، فسحبني شيء ما. قمت منتصبا من مدفني، ونفضت غبار الرمس عني، والتمست أثار شبح يسابق الزمن ويراوغ المكان حتى وقفت على قصر يوسف؛ فسجدت وبجانبي واحد وعشرون من إخوتي ربما أكثر أو لا أحد...