بينما موسكو تشن حربها على أوكرانيا، يفكر قادة العالم في العقوبات التي يمكن أن يفرضوها لوقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن مساره.
ويمكن أن تشمل هذه العقوبات بحسب تقرير لموقع "سي إن بي سي" (CNBC) منع وصول روسيا إلى التقنيات الرئيسية مثل أشباه الموصلات وحتى خدمة المدفوعات سويفت (SWIFT) التي تشغل معظم التحويلات المالية الدولية.
ويمكن أن يكون لكل هذا عواقب وخيمة على الاقتصاد الروسي، فالرقائق هي شريان الحياة في العالم الحديث. وتُستخدم أشباه الموصلات في كل شيء من الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب إلى السيارات وأنظمة الصواريخ، وهي العقول التي تشغل الإلكترونيات اليوم.
ولا يمكن التقليل من أهميتها، فبدون الوصول إلى رقائق معينة، ستصاب شركات صناعة السيارات الروسية وشركات الدفاع بالشلل. تقول رئيسة الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين، اليوم الخميس، إن الاتحاد يخطط لتقديم حزمة من "العقوبات الجماعية والموجهة" إلى القادة الأوروبيين للموافقة عليها. وأضافت "سنستهدف القطاعات الإستراتيجية للاقتصاد الروسي من خلال منع وصولها إلى التقنيات والأسواق التي تعتبر أساسية بالنسبة لروسيا" وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي سيعمل على "الحد من قدرة روسيا على التحديث".
في غضون ذلك، وعد الرئيس الأميركي جو بايدن بمزيد من الإجراءات لضرب الاقتصاد الروسي بعد بدء الحرب. ووفقًا لمركز الأبحاث الأميركي ذي أتلانتيك كونسل (The Atlantic Council) قد تكون إحدى العقوبات الاقتصادية المحتملة هي قاعدة المنتج الأجنبي المباشر (FDPR) التي تركز على روسيا. وهي نفس القاعدة التي استخدمتها واشنطن لخنق شركة هواوي (Huawei) الصينية العملاقة للتكنولوجيا عام 2019، وستحد من قدرة روسيا على الحصول على أو استخدام التكنولوجيا الناشئة بالولايات المتحدة.
يقول أبيشور براكاش، المؤسس المشارك لمركز ابتكار المستقبل، وهي شركة استشارية، لشبكة "سي إن بي سي" عبر البريد الإلكتروني يوم الخميس "لدى الولايات المتحدة مجموعة كاملة من الخيارات عندما يتعلق الأمر بعقوبات التكنولوجيا". على سبيل المثال، قد تدفع الولايات المتحدة شركات التكنولوجيا التي لديها تمويل روسي، أو أعضاء مجلس إدارتها من الروس، لتغيير هيكلها. ومع ذلك، قد تقترح واشنطن شطب الشركات الروسية من أسواق الأسهم الأميركية. بالطبع، هناك خطوات أكثر جذرية يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة، مثل حظر تصدير برامج معينة (مثل أندرويد Android) إلى روسيا، لكن رد الفعل التجاري على الشركات الأميركية قد يردع واشنطن. وقال براكاش إن هناك احتمالا "كبيرا" أن يحاول الغرب منع وصول موسكو إلى الرقائق، مضيفا "منذ أن استهدفت الجولة الأولى من العقوبات القطاعات المالية في روسيا، فمن المرجح أن تستهدف الجولة التالية الجيش والاقتصاد الروسيين مما يضع أشباه الموصلات في مرمى النيران".
وتشمل الرقائق الأميركية ذات الوزن الثقيل نيفادا (Nvidia) وإنتل (Intel) وإيه إم دي (AMD) وغلوبال فوندريز (Global Foundries) بينما تشمل شركات تصنيع الرقائق الأوروبية أمثال أنفينيون (Infineon) وإس تي ميكرو (STMicro). وهناك أيضًا تي إس إم سي (TSMC) وسامسونغ (Samsung) في تايوان وكوريا الجنوبية على التوالي. وإذا كانت روسيا غير قادرة على استخدام المنتجات التي تصنعها هذه الشركات، فقد تضطر إلى اللجوء إلى صانعي الرقائق الصينيين مثل إس إم آي سي (SMIC) التي تتأخر أشباه الموصلات فيها عن الرقائق الأكثر تقدمًا في العالم. ويمكن لموسكو أيضًا أن تلحق الضرر بشركات أشباه الموصلات في الغرب التي تعتمد على مواد من روسيا لصنع منتجاتها. وعاد براكاش ليقول "المواد والمكونات شبه الموصلة التي تصدرها روسيا إلى الغرب قد تصبح مقيدة، مما يضع شركات التكنولوجيا الغربية في موقف صعب. سيؤدي هذا إلى إجبار الشركات على إعادة توجيه سلاسل التوريد الخاصة بها بسرعة، مما يهدد بانقسام العالم من الناحية التقنية لمعسكرين".
المدفوعات العالمية
وفيما يتعلق بالمدفوعات الدولية، قال الرئيس التشيكي ميلوس زيمان اليوم إنه يجب قطع شبكة المدفوعات الدولية سويفت (SWIFT) عن روسيا، مضيفًا أن هجومها على أوكرانيا كان "جريمة ضد السلام". وسويفت شبكة مراسلة تستخدمها المؤسسات المالية لنقل المعلومات والتعليمات بأمان. ومع ذلك، من غير المرجح أن يتخذ الاتحاد الأوروبي في هذه المرحلة خطوات لعزل روسيا عن نظام سويفت، حسبما ذكرت وكالة رويترز اليوم نقلاً عن مصادر مطلعة. يقول كريس ويفر، الرئيس التنفيذي لشركة ماكرو-إدفيسوري (Macro-Advisory)، ومقرها موسكو، إن التحرك لعزل روسيا عن نظام سويفت سيكون له تأثير "شديد للغاية وطويل الأمد" على الاقتصاد المحلي، ولكن سيكون له أيضًا عواقب سلبية على أوروبا. وأشار إلى أن الكرملين ربما يأمل أن يكون ذلك بمثابة رادع للقوى الغربية.