كَانَ هُنَاكْ !
بِوَجْهِهِ الْمُسَوَّرِ بِالسُّحُبْ .
كَانَ امْتِدَاداً لِأَسْوَارِ الْبَحْرِ ،
لِأَسَاطِيرِ الْحِكَايَاتْ ،
فَوْقَ رَأْسِهِ قَمَرٌ نَاعِمٌ ، بِعُيُونٍ غَجَرِيَةْ ،
وَقَطِيعٌ مِنَ النُّجُومِ الْمُتَثَائِبَةِ خَلْفَ الْغُيُومْ ،
مَجْرُوحاً بِوَحْدَتِهِ كَوَرَقَةٍ فِي الثَّلْجِ ،
مَحْرُوقاً بِوَجَعِ الْمَكَائِدْ .
جُنُونُهُ يَمْتَدُّ أَبْعَدَ مِنْ مَمْلَكَةِ النَّحْلْ ،
وَمِنْ أَرْدَانِ قُمْصَانِهِ الْمُهَلْهَلَةْ ،
تَخْرُجَ قُرَى مِنَ الْعَبِيدْ ،
وَطَوَابِيرٌ مِنَ النَّمْلْ ،
وَنِسَاءٌ سَبَايَا ،
وَعَنْ كَثَبٍ مِنْ حُزْنِهِ الْمُتَشَابِكِ كَسِيقَانِ الصُّبَّارْ ،
يَتَجَمَّعُ الْجُوعُ أَسْفَلَ الْأَكْوَاخْ ،
وَيَجْثُو لَيْلُ الْكَوَابِيسِ عَلَى الْمَعَابِدْ ،
وَيَتَسَّوَّرُ الْغَضَبُ لَحْمَ الْأَظَافِرْ ،
وَيَخْتَمِرُ الْخَوْفُ فِي الْعُيُونْ ،
وَالْأَبْوَابُ تَغِيبُ خَلْفَ خُيُوطِ الْأَوْحَالْ ،
كَانَ هُنَاكْ !
يَعْتَمِرُ قُبَّعَةَ الثَّلْجْ ،
يُثْقِلُ الْجَلِيدُ مِعْطَفَهُ الطَّوِيلْ ،
كَانَ مُكْتَئِباً ...وَكَانَ وَحِيداً،
كَوَرَقَةٍ فِي الثَّلْجْ