الجمر خليل الروح
وعيني خالية منك يا شاردةً
تسكن روحي
وشعابي ما عادت تثمر غير الريح
وأظل أظعن منك إليك
أبحث عنك في كل الفوانيس
الطريدهْ..
لا رجع منك، لا سنا
لا صدى قيتارهْ..
وأظمأ للعطر والرعد في شفتيك
أتوق لرملك المروي بجذوري
مختمر بلواعج أهلي وطيوري
أيا طنجة ما لعهدك يخبو
كلما حل المطر؟
ما لثغرك يحجب الومْض عني
كلما اعتذر القمر؟
وأظل أغازل ضوءك التائه
في كبد العراء..
وأراك وجها بلا عينين
وأراك ليلا بلا شطآن
***
أطنجة إني..
مذ تركت الدار صغيرا
لم أزل أنتعل الرحيلا
وحقائبي التي ما فترت
عن ذكرك حينا
شاخت وهي تلتمس إليك سبيلا
ومراكبي أفلت في ذيول الأطلس
بعد أن فقدت إليك الدليلا..
كل عهودك بارت في خرائب روحي
وما زلتِ تخلفين وعودا
أطنجة ..
إني ما وُلدت فيك غير مره
فلا تقتليني في اليوم ألف مره...
***
أنا ما سرقت النار من عينيك
لا، ولا سرقت الصخر من جوف
المغاره
وأراني أنوء بثقل الحجاره
كالرحى تطحنني
وتدك بقلبي كل بشاره
ألا يا سيدة الهجر والغوايه
بعيدا عنك أذوب
ها هنا
في ربى الأدغال في ضجرٍ
بلا قراره
ها هنا
لا نوارس تهفو، لا أطيار
لا رجع قيتاره
إلا صخورا تحمحم
ونسورا تنهش في جوفي
بلا هواده..
وهرقلُك ما عاد يشق صخورا
وهرقلك ما عاد يبيد نسورا..
***
كل الحدود تهرب عن أشكالها
كل القيود تسرق من القمر نارا
تملأ في الكف كأسا من جفاف
وثغرك على عهد الحسن باقٍ
يواري جنون سدوم في عينيك
وأنت على عهدك ..
تحرمين الأبناء
وتأنسين بقرب الغرباء
لمّاحة أنت
في صحائف الغابرين
مختالة أنت
في خرائط السائحين
ووجهك في مرآتي أغبر
وجرحك كالشعلة
ما بارحت جفني
فاسبحي وامرحي في ثناياه
واغتسلي
من دمي كلما حلّ السحر
وخذي من أعين الديك سحابة
ووترْ..
لعلّك يوما تغسلين رموش النهارْ...
***
لك الدنيا
ولي أيام أعدّدها
وساعات أجاريها، وأفديها
أتأمل صفحات عينيك
أتصفح دفاتر بحريك
ولا أراني هناك..
أيا روضة الآهات والمُهج الدفينه
يا سنا الأشياء والأطياف السجينه
سجنوا أفياءك عني
سجنوا السحائب والغدائر
سجنوا حتى الزنازن..
وأظل أبارز سوطك
في شغف النشوان
وتبخسين...
والبون ناء
بيننا
مدن، صحارى من هجير
وتبخسين
ألا خبريني
ما لون البحر حين أغيب؟
ما شكل الفجر والجسر وجفون المغيب؟؟
***
إسمك غيمة من تنهد أضلعي
طيفك شمخٌ
ما بين أهداب عيني وعيني
وثغرك آية هذا العشق المكابر
وأنت على عهدك..
تسبحين في تِرعي
وتسقيني جفاءً وهجيرْ
آه...
ولولا الصغار
لطردتك من جرحي
كما تطردين نوارسي كلما
عانقَتِ البحار
ولولا الصغار
لصار الرحيل إليك هباءً وبوارْ
ولولا السمّان في مقل الصغار
لحفرت بالأطلس الشامخ قبري
وطويتك في صدف المحارْ...