كدأبها جاءت
لافحة كأنها انبعثت للتو من نارها..
هزعة الليل جاءت
تحمل لي قدرا ودخانْ
وذبالة شاردةً
ومكانا بلا زمانْ..
جاءت كعادتها تراودني
تبتز أركاني
كشفت صدرها وعوت كالإعصار
نزعت ستائرها وهوت
تنهشني كماردة من نار..
تَلعق من صدري كل الأطيار
وتبيح من جسدي كل الأسرار
وأنا عالق في شرك نزوتها
كزهر الصبار!..
...
هدأت لما ارتوت، ثم قالت:
" خذلتك الشمس؟!
لم تدر أنك شبق الأحرار..
خذلتك الريح؟!
لم تدر أنك مهد الأطيار..
بيْد أني يا سيدي
آنست منك خلودي
فرسمت بعينيك حدودي..
عيناك عنوان لعراء المجهول
وأنا ظرف يحمل عنوان المجهول.
علمتني عيناك ألا أرى ضوء القمر
علمتني عيناك ألا أعشق لون السحر
علمتني..
أن أزرع في أحداقك أرزا
وأعد الثواني بدقات رموشك
وعلمتني صحائف الأحقاب
ألا أترك رجلا يروي فجوري..
إني فتشت في كل الأحقاب
عن رجل يرضي غروري
فرست بعينيك قيودي!...
كل الذين أحببتهم بادوا
سحقتهم طواحين الأحقاب..
وحدك يا خليلي ما زلت
تعاقر هذا الزمن المكابر
تعشق هذا النهد المحفوف بأعقاب
السجائر!!
...
هجرتك الأنوار
لم تدر أنك وهج الأسرار..
هجرتك الأزهار والأنهار والأمطار.
لكنني أعلم أنك أشهى الأوتار
رأيتك في كل الأمصار
تنسج حلما للأقمار..
وسمعتك في كل الأقطار
تسكب من جرحك أحلى الأشعار..
وعشقتك عشق الأقدار
فآويت فيك شرودي..
وطنت فيك صروحي
ورويت منك جموحي..
فكيف تريد سراحي؟؟!
...
أبدا..
لن أبيح سراحي
أنت أمسي وصباحي
أنت حلمي وجراحي..
لونت بشعرك أحلك صفحاتي
ورسمت بدمعك أجمل ضحكاتي..
إني خولتك أشهى نزواتي
ومنحتك أعتى حرماتي..
فكيف تريد سراحي؟؟!
...
يحق لك الذكرى
ولي ما دون ذكراك ألف قيد ووحل..
عبثا يا خليلي تحاول ستر الوحل!!
تعب العنكبوت قبلك
من ستر المحالْ..."
